تطورات اقليمية
العلاقات الإيرانية-التركية..
تركيا تعيد ترتيب المشهد السوري: إيران بين الضغوط الإقليمية والعزلة الدولية
لا يزال الرئيس السوري بشار الأسد في موقف حرج بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا على شمال سوريا. ومع اقتصار تصريحاته على التمسك بالصمود والتلويح باستعادة الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة، يترقب الأسد دعمًا حقيقيًا من حلفائه، وفي مقدمتهم إيران، التي تواجه هي الأخرى تعقيدات متزايدة.
تتعرض إيران لضغوط مزدوجة نتيجة الهجوم، حيث يهدد وجودها في سوريا، ويأتي بدعم من دول كانت تُعتبر حليفة مثل قطر وتركيا. إلا أن طهران تحاول تجنب الخوض في اتهامات مباشرة لهذه الأطراف، مفضلة إلقاء اللوم على "المؤامرات الإسرائيلية".
في مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد الأسد أن الهجوم يسعى إلى تقسيم المنطقة وإعادة رسم خرائطها، مشددًا على أن التصعيد سيزيد سوريا إصرارًا على المواجهة. ومع ذلك، تظل مشكلة الأسد في غياب الدعم الإيراني الفعّال لمواجهة التحركات التي تقودها الدوحة وأنقرة.
تتفادى إيران توجيه اللوم لقطر وتركيا بشكل مباشر، رغم إدراكها لدورهما في تحريك المعارضة السورية. يعود ذلك إلى حرص طهران على الحفاظ على التحالفات الإقليمية التي ساعدتها في كسر عزلتها الدولية، خصوصًا مع قطر، التي سعت لتعزيز العلاقات الدبلوماسية معها، كما ساهم الإعلام القطري في دعم صورة إيران الإقليمية.
هذا التوازن الحذر يعكس الصدمة الإيرانية من مواقف الحلفاء المفترضين، حيث اكتفى الرئيس الإيراني في مكالمته مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بالتأكيد على ضرورة التعاون لمواجهة الانفلات الأمني والإرهاب، دون توجيه اتهامات مباشرة.
تُظهر العلاقات الإيرانية-التركية تعقيدًا ملحوظًا، إذ تفضل طهران الحذر في التعامل مع أنقرة، التي تستغل الوضع لفرض شروط جديدة. وخلال زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى أنقرة، أكد على أهمية التشاور مع تركيا لضمان الاستقرار في سوريا والحفاظ على مكتسبات مسار أستانة.
بالمقابل، استغل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الموقف لربط وقف الهجمات بمصالحة الأسد مع المعارضة، وهو شرط يهدد مكاسب إيران في سوريا، مثل إبقاء الأسد في السلطة وتعزيز السيطرة الأمنية عبر الوكلاء، وخاصة حزب الله.
تواجه إيران تضييقًا متزايدًا على دخول الميليشيات عبر العراق، إلى جانب مخاوف الحكومة العراقية من ردود إسرائيلية محتملة. هذا الوضع يقلص هامش المناورة الإيرانية ويضع مكاسبها الاستراتيجية في خطر، خاصة إذا نجحت تركيا وقطر في الدفع نحو تسويات دولية تستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، ما قد يؤدي إلى إعادة ترتيب الأوراق في سوريا بطريقة تضعف النفوذ الإيراني.