تحليلات

(مجلة بريم) تحصل على معلومات حصرية لم تُنشر من قبل..

تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.. قراءة في أكبر شحنة مضبوطة قبالة سواحل اليمن

صورة للسفينة المضبوطة نشرها الإعلام العسكري لقوات المقاومة الوطنية اليمنية (الإعلام العسكري اليمني)

مدخل: أعلنت المقاومة الوطنية اليمنية، بقيادة العميد طارق محمد صالح، منتصف يوليو/ تموز 2025م، تنفيذ عملية بحرية نوعية أسفرت عن ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة الاستراتيجية كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي.

وأكد العميد طارق صالح، عبر منصة "إكس"، أن قواته البحرية، "وبناء على معلومات استخباراتية دقيقة، اعترضت قارب صيد تقليدي يُعرف محلياً بـ(جلبة)، كان يعبر أحد المسارات الملاحية الدولية في البحر الأحمر، وعلى متنه نحو 750 طناً من الأسلحة النوعية"، بحسب ما أوردته وزارة الخارجية اليمنية[1] على شبكة الانترنت.

وأضاف أن الشحنة تضم "أنظمة صواريخ بحرية وجوية، منظومات دفاع جوي، رادارات متقدمة، طائرات مسيّرة، أجهزة تنصّت، صواريخ مضادة للدروع، مدافع من نوع (بي-10)، عدسات تتبع، قناصات، وذخائر متنوعة".

وشدد على أن العملية تمثل إنجازًا استخباريًا ولوجستيًا كبيرًا، موجهًا التحية لقواته التي "أثبتت مرة أخرى قدرتها على حماية السيادة اليمنية والتصدي لمشروع الحرس الثوري الإيراني الهادف إلى تحويل اليمن إلى قاعدة متقدمة في مشروع الهيمنة الإقليمية لطهران".

من جانبه، أشاد الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)[2]، بجهود قوات المقاومة الوطنية، قائلاً: "نثني على قوات الحكومة الشرعية اليمنية التي تواصل اعتراض تدفق الذخائر الإيرانية المتجهة إلى الحوثيين".

وأضاف: "إحباط هذه الشحنة الإيرانية الضخمة يُظهر أن إيران لا تزال الجهة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة. إن الحد من التدفق الحر للدعم الإيراني للحوثيين أمر بالغ الأهمية لأمن واستقرار المنطقة ولحرية الملاحة".

 

مقدمة

 

تمثل عملية ضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى جماعة الحوثيين في يونيو 2025 حدثًا مفصليًا يكشف عن أبعاد جديدة في مسار الصراع اليمني والإقليمي. فالشحنة التي تجاوز وزنها 750 طنًا، لم تكن مجرد إمداد تقليدي بالسلاح، بل احتوت على أنظمة صاروخية متقدمة، وطائرات مسيّرة، ومعدات تجسسية ذات طبيعة حساسة، ما يعكس تصميم طهران على تعزيز قدرات الحوثيين النوعية كجزء من استراتيجيتها لفرض معادلات ردع جديدة في البحر الأحمر وتهديد خطوط الملاحة الدولية.

لا تقتصر أهمية هذه العملية على حجم الترسانة المضبوطة أو خطورتها العسكرية، بل تتعداها إلى رسائل سياسية وأمنية واسعة النطاق: فهي تؤكد استمرار إيران في خرق قرارات مجلس الأمن، وتكشف عن هشاشة منظومة الرقابة البحرية رغم الجهود الدولية، كما تفضح ادعاءات الحوثيين بشأن "الاكتفاء الذاتي العسكري". في الوقت نفسه، تطرح العملية تساؤلات جدية حول موازين القوى الإقليمية، واحتمالات التصعيد الأمريكي–الإيراني، وانعكاسات استمرار تدفق السلاح على مسار الحرب والوضع الإنساني في اليمن.

انطلاقًا من هذه المعطيات، يسعى هذا التحليل إلى قراءة أبعاد العملية في ثلاثة مستويات متداخلة: الأمني–العسكري بما يحمله من تحوّل في قدرات الحوثيين، الإقليمي–الدولي بما يكشفه من توازنات جديدة في البحر الأحمر، والمجتمعي–الإنساني باعتبار أن استمرار تهريب السلاح لا يعني فقط تهديد الأمن، بل إطالة أمد المأساة اليمنية.

 

معلومات حصرية تكشفها مجلة بريم

 

حصلت مجلة بريم، المتخصصة في قضايا البحر الأحمر وخليج عدن[3]، على معلومات حصرية تتعلق بالشحنة الأضخم من نوعها التي ضبطتها قوات المقاومة الوطنية اليمنية في السابع والعشرين من يونيو/حزيران 2025 قبالة سواحل المخا. ووفقاً لهذه المعلومات، فإن الشحنة لم تكن مجرد أسلحة تقليدية بل احتوت على مزيج معقد من الأنظمة الصاروخية المتقدمة والمعدات الاستخباراتية، ما يؤكد أن إيران تعمل على إمداد الحوثيين بأحدث ترسانتها العسكرية في إطار مشروع استراتيجي يهدف إلى إحداث تحوّل نوعي في قدراتهم القتالية.

الشحنة التي خرجت من ميناء رأس عباس في إيران جرى تمويهها داخل مولدات كهرباء وبطاريات وأجهزة خاصة بتوليد الطاقة. وبعد اعتراضها، تم تفريغ محتوياتها في مخازن سرية ودراسة القطع التي تبين أنها تكفي لتجميع ما لا يقل عن اثني عشر صاروخاً من الأنواع التي اعتادت الجماعة تقديمها للرأي العام على أنها "صناعة محلية".

 

النتائج الأولية أظهرت أن الشحنة ضمت رؤوساً وأجزاء من الصاروخ البحري الإيراني "قدر 380" بمدى يصل إلى ألف كيلومتر، وثلاثة أجزاء من صاروخ الدفاع الجوي "طائر 3" الذي يطلق عليه الحوثيون اسم "برق 3"، بمدى يتراوح بين مائة ومائتي كيلومتر وقدرة على بلوغ ارتفاع سبعة وعشرين كيلومتراً. كما شملت قطعاً من صاروخ "غدير" المعروف في الأدبيات الحوثية باسم "مندب 2" بمدى يصل إلى ثلاثمائة كيلومتر، وأجزاء من صاروخ "صقر 358" المضاد للطائرات، إلى جانب صواريخ دفاع جوي قصيرة المدى من نوع "ستريلا 2". ولم يقتصر الأمر على ذلك، إذ احتوت الشحنة على صاروخ "جنيحات زعانف" الفرط صوتي الذي تطلق عليه الجماعة "فلسطين 2"، وصاروخ كروز المجنح "ياعلي" المسمى حوثياً "سجيل"، ومحركات صواريخ "سومر 10" التي يصل مداها إلى ألف كيلومتر والمعروفة لدى الحوثيين باسم "قدس".

كما ضمت الشحنة مكونات لصاروخ "قاسم" أرض–أرض، وصاروخ "دهلاوية" المضاد للدروع بمدى يتراوح بين خمسة وخمسة ونصف كيلومتر، إلى جانب بواحث توجيه صواريخ متقدمة. وفي جانب الطائرات المسيرة، تم العثور على مسيرات انتحارية من طراز "معراج 532" بمدى يصل إلى خمسمائة كيلومتر، وطائرات استطلاع من نوع "FPT"، ومحركات متعددة القوة، وكاميرات حرارية وليزرية متخصصة بكشف الطيران المسيّر. وإلى جانب ذلك احتوت الشحنة على أجهزة لفحص المواد الكيميائية، ومدفع "بي 10" المضاد للدروع، وأجزاء من قناصة "AM-50"، ونواظير، ومعدات لمحاكاة التدريبات العسكرية، فضلاً عن أسلحة وذخائر متنوعة.

المفاجأة التي أثارت الانتباه تمثلت في العثور على جهاز تجسس إسرائيلي الصنع من شركة "سيلبيريت"، صُمم لسحب البيانات والمعلومات والتجسس على الخصوصيات الفردية، إلى جانب كاميرات تجسس صغيرة الحجم، وجهاز لكشف الكذب، وكمبيوتر محمّل بتطبيقات متعددة. هذا الكشف يعكس إما تداخلات معقدة في شبكات السوق السوداء للأسلحة والاستخبارات أو محاولات لاختراق البنية الحوثية بأدوات ذات طابع مزدوج.

وأظهرت التحقيقات مع طاقم السفينة أن هذه العملية تمثل الشحنة الثالثة عشرة التي تهرَّب للحوثيين خلال عشرة أشهر فقط، وأنها جزء من منظومة تهريب واسعة تديرها ثماني مجموعات، إحداها يقودها القيادي المصنف إرهابياً محمد أحمد الطالبي المعروف بـ"أبو جعفر الطالبي". ولا تزال هناك قطع ومكونات لم تُحدد طبيعتها، فيما ترجّح مصادر أن الحوثيين يسعون، بدعم إيراني مباشر، إلى تطوير أسلحة بيولوجية. وتشير تقديرات خاصة حصلت عليها المجلة إلى أن بعض محتويات الشحنة ربما ترتبط ببرامج إيرانية خطيرة ذات صلة بالمسار النووي، الأمر الذي يرفع من خطورة ما تم ضبطه إلى مستوى تهديد يتجاوز اليمن والمنطقة إلى الأمن والسلم الدوليين.

 

تصريحات المتحدث العسكري باسم المقاومة الوطنية

 

من جانبه، تحدث المتحدث باسم قوات المقاومة الوطنية العميد صادق دويد[4] إلى وسائل إعلام محلية في اليمن عن تفاصيل الشحنة، موضحًا أن ما جرى ضبطه في السابع والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي يمثل الشحنة الثالثة عشرة التي كانت في طريقها إلى الحوثيين خلال أقل من عام، ما يعكس حجم الانخراط الإيراني في تزويد الجماعة بالسلاح. وأشار دويد إلى أن عملية التهريب جرى تمريرها عبر كيان متخصص يديره القيادي الحوثي المصنف إرهابياً محمد أحمد الطالبي المكنى "أبو جعفر الطالبي"، وأن الأسلحة كانت مخبأة بعناية داخل معدات مدنية تستخدم في قطاع الكهرباء والطاقة لتضليل عمليات التفتيش والمراقبة.

وأكد أن التحقيقات الأولية أظهرت أن مكونات الشحنة تكفي لتجميع ما لا يقل عن اثني عشر صاروخاً متنوع الاستخدامات، إلى جانب منظومات دفاع جوي ومعدات متقدمة ما تزال قيد الدراسة. وبحسب دويد، فإن الشحنة احتوت على أجزاء من صواريخ بعيدة المدى مثل "قدر 380" الذي يصل مداه إلى ألف كيلومتر، وقطع لصاروخ "غدير" المعروف لدى الحوثيين باسم "مندب 2" بمدى يصل إلى ثلاثمائة كيلومتر، إضافة إلى محركات صواريخ "سومر 10" التي تطلق عليها الجماعة اسم "قدس" ويصل مداها إلى ألف كيلومتر. كما تضمنت الشحنة أنظمة دفاع جوي متطورة من بينها صاروخ "طائر 3" الذي يسميه الحوثيون "برق 3" بمدى يتراوح بين مائة ومائتي كيلومتر وارتفاع يصل إلى سبعة وعشرين كيلومتراً، وصواريخ مضادة للطائرات من طراز "صقر 358" أو ما يعرف بـ"صقر 2"، إلى جانب صواريخ "ستريلا 2" قصيرة المدى[5].

ولم تقتصر المضبوطات على ذلك، إذ وُجدت أيضاً مكونات لصواريخ "قاسم" أرض-أرض، وصاروخ "دهلاوية" المضاد للدروع بمدى يتجاوز خمسة كيلومترات، فضلًا عن صاروخ "ياعلي" أو "سجيل" وهو من فئة صواريخ الكروز المجنحة، إضافة إلى صاروخ "جنيحات زعانف" الذي يطلق عليه الحوثيون "فلسطين 2". وتوسع نطاق الشحنة ليشمل الطائرات المسيّرة، حيث ضُبطت مسيرات إيرانية انتحارية من طراز "معراج 532" يصل مداها إلى خمسمائة كيلومتر، وطائرات استطلاع من نوع "FPT"، فضلًا عن محركات متعددة القوة وكاميرات حرارية وليزرية عالية الدقة مخصصة لتعقب الطيران المسيّر. كما احتوت على أجهزة متقدمة لفحص المواد الكيميائية، إلى جانب معدات عسكرية متنوعة من بينها مدفع "بي 10" المضاد للدروع، وأجزاء من قناصة إيرانية الصنع من طراز AM-50، ونواظير متطورة، وأجهزة لمحاكاة التدريبات العسكرية، وأجزاء من أسلحة مختلفة العيارات وذخائر متنوعة.

وأشار دويد إلى أن ما أثار صدمة فرق الفحص هو العثور على جهاز تجسس إسرائيلي الصنع تابع لشركة "سيلبيريت"، صُمم لسحب المعلومات والبيانات واختراق خصوصيات المواطنين، إضافة إلى كاميرات تجسس صغيرة الحجم، وجهاز لكشف الكذب، وكمبيوتر محمّل بتطبيقات خاصة. واعتبر أن هذه المضبوطات تقدم تصوراً واضحاً لحجم التهديد الإيراني وخطورته، ليس على اليمن فحسب، بل على أمن الإقليم والملاحة الدولية والسلام العالمي، مؤكداً أن العملية الأخيرة تدحض بشكل قاطع الادعاءات الحوثية بشأن امتلاكهم قدرات تصنيع عسكرية محلية.

 

عملية ميناء عدن.. ضبط شحنة تجسس وطائرات مسيّرة وسط تناقضات رسمية

 

في الخامس من أغسطس/آب 2025، شهد ميناء عدن واحدة من أبرز العمليات الأمنية، حين أعلنت السلطات عن ضبط شحنة مشبوهة تضمنت أجهزة تجسس وطائرات مسيّرة، كانت مخبأة داخل حاويات دخلت الميناء دون وثائق رسمية تفصح عن مصدرها أو وجهتها[6]. المهمة، التي شاركت فيها أجهزة أمنية وقضائية ولجنة تابعة للرئاسة اليمنية، جاءت بعد بلاغ تقدمت به إدارة أمن المنطقة الحرة إلى النيابة العامة، لتتولى التحقيق والنزول إلى الموقع برفقة قوة من جهاز مكافحة الإرهاب.

المصادر المحلية أكدت أن الشحنة احتوت على معدات ومكونات كاملة لتجميع طائرات مسيّرة متكاملة، بالإضافة إلى أجهزة نفاثة متطورة، جرى تمويهها في صناديق حاويات تجارية. وقد أثار الأمر شبهات واسعة حول محاولات تمريرها بطرق رسمية عبر تزوير الوثائق والإجراءات، قبل أن تكشفها يقظة أحد الجنود العاملين في الميناء أثناء تفتيش روتيني، وهو ما حال دون خروجها من الميناء إلى وجهتها النهائية التي يُرجّح أنها كانت جماعة الحوثي.

محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس قام بزيارة تفقدية لميناء الحاويات عقب الإعلان عن العملية[7]، حيث التقى بقيادة الجمارك والأمن في المنطقة الحرة، واطلع على الإجراءات الأمنية والرقابية المتبعة. وأكد خلال الزيارة أن الميناء يمثل مرفقًا سياديًا واستراتيجيًا، وأن أي خلل أو عبث به ينعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي للبلاد. وشدد على ضرورة التنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية والجمركية لضمان استقرار الميناء وتعزيز ثقة المتعاملين به، معلنًا صرف مكافأة للجندي الذي اكتشف الشحنة تقديرًا ليقظته وحسه الأمني العالي.

لكن في مقابل هذا الموقف، أثار بيان جهاز مكافحة الإرهاب جدلاً واسعًا بعد أن قدّم رواية مغايرة للوقائع، إذ زعم أن العملية جاءت نتيجة "معلومات استخباراتية دقيقة" أشارت إلى وجود حاويات مشبوهة على متن سفينة قادمة من الصين، وأن السفينة كانت متجهة إلى ميناء الحديدة قبل أن تغيّر مسارها إلى ميناء عدن بسبب قصف الميناء وخروجه عن الخدمة. هذه الرواية قوبلت بتساؤلات وانتقادات عديدة، إذ إن خروج ميناء الحديدة عن الخدمة كان في ديسمبر 2024، أي قبل تسعة أشهر من الواقعة، ما يجعل فرضية تغيّر المسار مفاجئًا غير منطقية.

 كما أن تضارب البيان مع تصريحات المحافظ لملس – الذي أكد أن الشحنة اكتشفت بفضل يقظة جندي داخل الميناء لا نتيجة عملية استخباراتية مسبقة – وضع الجهاز في موضع التشكيك.

النقاد اعتبروا أن بيان جهاز مكافحة الإرهاب وقع في عدة تناقضات، أبرزها المبالغة في الادعاء بقدرة الجهاز على تتبع السفينة منذ إبحارها من الصين مرورًا بالمحيطات وصولاً إلى عدن، في حين أن الرواية الواقعية تشير إلى اكتشافها بشكل عرضي داخل الميناء. كما أثار البيان تساؤلات حول مصير السفينة التي حملت الشحنة، والجهات التي تقف خلفها، ومدى جدية التحقيقات التي اقتصرت – حتى الآن – على الشحنة المضبوطة دون إعلان عن توقيف متورطين مباشرين.

العملية في ميناء عدن، رغم ما أحاط بها من تناقضات، أكدت مرة أخرى أن الموانئ اليمنية ليست فقط منافذ تجارية واقتصادية، بل ساحات مفتوحة لمحاولات التهريب المعقدة، وأن يقظة الأجهزة الأمنية المحلية تبقى عاملاً حاسمًا في منع مرور شحنات خطيرة كان من شأنها أن تغيّر ميزان الصراع. وفي ظل غياب الشفافية في بعض البيانات الرسمية، تظل هذه الحادثة مؤشراً على حجم التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه اليمن، وحجم التشابك بين مصالح محلية وإقليمية في ملف التهريب عبر الموانئ.

 

دلالات ضبط 750 طناً من الأسلحة الإيرانية في طريقها للحوثيين

 

 

عملية ضبط قوات المقاومة الوطنية لشحنة أسلحة إيرانية ضخمة تزن نحو 750 طناً في السابع والعشرين من يونيو/حزيران 2025، تمثل واحدة من أضخم عمليات الاعتراض البحري منذ اندلاع الحرب اليمنية.

 ما كشفته هذه العملية لا يقتصر على حجم الترسانة المضبوطة – التي شملت صواريخ بحرية وجوية[8]، منظومات دفاع جوي، رادارات حديثة، طائرات مسيّرة، أجهزة تنصت، وصواريخ مضادة للدروع – بل يتجاوز ذلك إلى دحض المزاعم الحوثية المتكررة حول "الاكتفاء الذاتي" والتصنيع العسكري المحلي.

ووصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، العملية بأنها "دليل على حجم التدخل الإيراني السافر في الشأن اليمني"، وهنأ قوات المقاومة الوطنية على ما سماه "إنجازاً نوعياً يضيف إلى الجهود الوطنية في حماية الأمن القومي وردع الأنشطة التخريبية". بالنسبة للحكومة اليمنية، مثلت العملية دليلاً عملياً على استمرار مشروع إيران في اليمن، وتأكيداً على أن المعركة مع الحوثيين ليست داخلية بقدر ما هي انعكاس لصراع إقليمي أوسع.

دبلوماسيون غربيون وصفوا العملية بأنها "انتهاك صارخ لحظر الأسلحة الأممي"، معتبرين أن استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية يقوّض جهود السلام ويؤجج عدم الاستقرار الإقليمي. أحد الدبلوماسيين أكد أن الحوثيين "يعطون الأولوية للأسلحة والعنف على حساب الخدمات والرواتب والغذاء"، وهو ما يضاعف من المعاناة الإنسانية لليمنيين.

من جانبها، ثمّنت الولايات المتحدة العملية بشكل واضح. الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، قال: "نُثني على قوات الحكومة الشرعية اليمنية التي تواصل اعتراض تدفق الذخائر الإيرانية"، معتبراً أن هذه العملية تظهر أن إيران لا تزال "الجهة الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة". كما أكدت السفارة الأميركية في اليمن أن العملية أبرزت الدور الحيوي لليمن في مواجهة تدفق الأسلحة الإيرانية.

وامتدت الإشادة إلى أروقة الأمم المتحدة. ففي جلسة مجلس الأمن المخصصة للأمن الدولي واليمن، أشادت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بالعملية التي نجحت خلالها المقاومة الوطنية في اعتراض نحو 750 طناً من الأسلحة الإيرانية كانت في طريقها إلى ميليشيا الحوثي عبر البحر الأحمر.

وأكدت غرينفيلد أن ما جرى يمثل دليلاً إضافياً على أن إيران ما زالت تنتهك قرارات مجلس الأمن المتعلقة بحظر توريد السلاح إلى الحوثيين، داعية إلى موقف أكثر حزماً لوقف هذه الانتهاكات وحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر. واعتبرت أن دعم الشعب اليمني وتشجيعه على مواجهة التدخلات الخارجية يظل مسؤولية دولية لا تقل أهمية عن التصدي المباشر لشبكات التهريب.

من جانبه، قدّم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ إحاطة أمام المجلس، أشار فيها إلى أن نجاح عمليات الضبط يمثل إنجازاً في مسار الجهود الرامية إلى وقف تهريب السلاح، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن استمرار الانتهاكات الإيرانية يُظهر الحاجة إلى تعزيز آليات الرقابة والتنفيذ، والانتقال من القرارات النظرية إلى تطبيق عملي يضمن الالتزام الفعلي بحظر السلاح.

هذا الموقف الأممي–الأمريكي يضع العملية في إطار يتجاوز بعدها العسكري والأمني المباشر، ليكشف عن رسالة سياسية مزدوجة: أولاً، تأكيد استمرار إيران في خرق القرارات الدولية ودعم الحوثيين، وثانياً، دعوة المجتمع الدولي لتحويل الإشادة إلى خطوات عملية تمنع تكرار مثل هذه الشحنات.

أما بريطانيا، فقد ربطت العملية بجهودها السابقة في دعم خفر السواحل اليمنية بالقوارب والتدريب، معتبرة أن الضبط الأخير دليل على فاعلية التعاون الدولي في تعزيز قدرات اليمن الدفاعية والرقابية.

إن العملية أثبتت أن إيران مستمرة في تزويد الحوثيين بأحدث الأسلحة، ما يقوض أي ادعاء بوجود مسار مستقل للتصنيع العسكري. ثانيًا، حملت رسالة مباشرة بأن الحوثيين يستعدون لمرحلة تصعيد جديدة، خصوصًا مع شمول الشحنة على منظومات صاروخية ورادارية تهدد أمن البحر الأحمر والممرات الدولية. ثالثًا، كشفت العملية عن حجم الانخراط الدولي في الملف اليمني، حيث لم يقتصر الأمر على إشادة سياسية، بل برز دعم لوجستي وعسكري غربي لتعزيز الرقابة البحرية.

إن ضبط 750 طناً من الأسلحة الإيرانية ليس مجرد عملية بحرية ناجحة، بل محطة مفصلية في مسار الحرب اليمنية والإقليمية. فهي تكشف بوضوح أن إيران ماضية في استخدام الحوثيين كورقة استراتيجية لتهديد الملاحة والأمن الإقليمي، وتثبت في الوقت ذاته أن الجهود اليمنية والدولية المشتركة قادرة – عند تفعيلها – على كبح جماح هذا المشروع. وبينما يرى المراقبون أن العملية أفسدت سردية الحوثيين حول "الاستقلال العسكري"، فإنها تضع على المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة للانتقال من الاكتفاء بالإشادة إلى بناء منظومة ردع دائمة ضد شبكات التهريب الإيرانية في البحر الأحمر وخليج عدن.

شبكة التهريب الحوثية–القاعدية.. تحالف انتهازي يهدد البحر الأحمر والقرن الأفريقي

 

كشف تقرير أممي حديث، قدّمه فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات إلى مجلس الأمن في يوليو/تموز 2025، عن نشوء شبكة تهريب أسلحة سرّية تنشط بين اليمن وشرق أفريقيا، لصالح الجماعة الحوثية في اليمن وتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب وحركة «الشباب» الصومالية. هذه الشبكة، التي وصفها التقرير بأنها حلقة متنامية من «التحالف الانتهازي»، تسلط الضوء على تداخل مصالح جماعات متناقضة ظاهريًا لكنها تتقاطع في حاجتها لتبادل السلاح والخبرة.

بحسب التقرير، يبرز اسم عبد الرزاق حسن يوسف، وهو صومالي الجنسية، بوصفه أحد أبرز المسهلين لنقل الأسلحة بين الحوثيين وحركة «الشباب». ويتعاون يوسف مع مهرب أسلحة يمني يُعرف بـ«أبو كمّام»، الموالي للجماعة الحوثية، لتأمين خطوط الإمداد عبر البحر. ويشير التقرير إلى أن حركة «الشباب» خصصت ما يقارب ربع ميزانيتها التشغيلية للحصول على الأسلحة من الحوثيين وتنظيم القاعدة في اليمن، في حين قام الحوثيون بتدريب عناصر من الحركة، في مقابل حصولهم على أسلحة وتمويل.

ولم يقتصر الأمر على هذا المسار، إذ كشف التقرير عن استمرار تهريب وتبادل الأسلحة بين الحوثيين وتنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، عبر تاجر الأسلحة المعروف «أبو صالح العبيدي». يُعد العبيدي أحد أبرز ناقلي الطائرات المسيّرة والمعدات القتالية بين الطرفين، حيث يستخدم طرق التهريب الممتدة عبر المهرة ومأرب وصولًا إلى الجوف، وهي مساحات صحراوية نائية تفتقر إلى السيطرة الأمنية، ما يجعلها بيئة مثالية لنشاط القاعدة وعمليات التهريب الحوثية.

ويضيف التقرير شخصية أخرى مؤثرة هي «أبو سلمان المصري»، الذي يتولى إدارة عمليات التهريب البحري المشتركة بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، ما يعكس اتساع نطاق هذه الشبكة من البر إلى البحر. وبرغم العداء المعلن بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، فإن العلاقة القائمة بينهما تستند إلى ما وصفه التقرير بـ«التحالف الانتهازي»، الذي يتيح لكل طرف الاستفادة من الآخر عبر وسطاء محليين، سواء في التمويل أو التسليح أو التدريب.

التقرير أشار كذلك إلى الأمير الجديد لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، سعد بن عاطف العولقي، الذي تولى القيادة في مارس 2024، وعمل على إعادة هيكلة التنظيم وتحسين ظروف مقاتليه والحد من الاختراقات الأمنية. هذا أعاد للتنظيم قدراً من التماسك، مكّنه من استعادة نشاطه والاستعداد لعمليات خارجية، في ظل تحسن مالي طفيف ناجم عن دعم حركة الشباب الصومالية، وعمليات خطف، واستثمارات محلية تتم عبر شبكات قبلية.

وحذّر الفريق الأممي من أن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً خطيراً على أمن واستقرار المنطقة، مشيرًا إلى أنه استغل الحرب الإسرائيلية في غزة لتوسيع دائرة التجنيد تحت شعار «الطريق إلى تحرير فلسطين».

 

 

موازين القوى في البحر الأحمر واحتمالات التصعيد الأمريكي–الإيراني

 

تشير عملية ضبط الشحنة الإيرانية الضخمة، التي كانت في طريقها إلى الحوثيين قبالة سواحل المخا، إلى أن ميزان القوى في البحر الأحمر لا يزال هشّاً ومتقلباً[9]

فلو نجحت تلك الشحنة – التي ضمّت أنظمة صاروخية متقدمة، رادارات، طائرات مسيّرة، ومعدات استخباراتية – في الوصول، لكانت قد منحت الحوثيين قدرة نوعية على فرض معادلة "منع الوصول/منع المناورة" (A2/AD) في البحر الأحمر. هذه القدرة تعني ببساطة رفع كلفة المرور الآمن في الممر البحري الدولي الأهم، بما يشمل السفن التجارية والقطع البحرية العسكرية على السواء.

إجهاض العملية مثّل مكسباً مزدوجاً[10]: من جهة حرم الحوثيين من قفزة عسكرية كان من شأنها تغيير معادلة الردع البحري، ومن جهة أخرى وفّر مادة استخباراتية بالغة الأهمية لتفكيك شبكات التهريب الإيرانية.

 لكن رغم هذا النجاح، يبقى التهديد قائماً، فالمسألة ليست مرتبطة بشحنة واحدة، بل بمنظومة إمداد واسعة ومتعددة القنوات نجحت مراراً في إيصال الأسلحة خلال السنوات الماضية[11].

على الصعيد العملي، انعكست عودة الهجمات الحوثية في يوليو 2025 على حركة الملاحة والتأمين البحري بشكل مباشر؛ إذ دفعت العديد من السفن إلى الالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح، ما يعني زمناً أطول وتكاليف تشغيلية أكبر، فضلاً عن المخاطر المستمرة التي تهدد حياة الطواقم[12]. ورغم الجهود الدولية المتنامية، سواء عبر عملية "أسبيدس" الأوروبية أو "حُرّاس الازدهار" بقيادة الولايات المتحدة، إلا أن كثافة الهجمات واتساع مداها يخلقان ثغرات يصعب سدها بشكل كامل، خصوصاً عند تبدّل قواعد الاشتباك أو تراجع التنسيق بين الحلفاء[13].

في البُعد الاستراتيجي، يحمل هذا الملف بعدين متوازيين: فمن جهة، تمثل إيران استمراراً في تسليح الحوثيين بأحدث أدواتها، في إطار مشروعها لاستخدام الجماعة كورقة ضغط على خطوط التجارة الدولية. ومن جهة أخرى، يضع ذلك الولايات المتحدة وحلفاءها أمام تحدي إبقاء الردع في مستوى فعّال، من دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة واسعة مع طهران.

إحتمالات التصعيد في المرحلة القادمة تتوزع على ثلاثة مستويات، الأول تصعيد غير مباشر عبر البحر الأحمر، من خلال اعتراضات متكررة وعمليات تهريب جديدة يقابلها ردع بحري غربي، وهو الاحتمال الأرجح خلال الأشهر المقبلة، والثاني تصعيد حلقي بين إسرائيل والحوثيين، قد يتسع ليجرّ واشنطن إذا أصابت هجمات الحوثيين أصولاً أمريكية أو سفناً حليفة بشكل فادح، وهو احتمال متوسط القوة لكنه قائم في أي لحظة.

مواجهة أمريكية–إيرانية مباشرة، تظل احتمالاتها محدودة في المدى المنظور، إذ تفضل طهران إنكار الدور المباشر والاكتفاء بالوكلاء، فيما تميل واشنطن إلى تجنّب حرب إقليمية شاملة.

في ضوء ذلك، يمكن القول إن البحر الأحمر[14] يقف اليوم على خط تماس متحرك: أي شحنة نوعية تنجح إيران في تمريرها قد تعيد الكفّة لصالح الحوثيين، وأي سلسلة اعتراضات متواصلة قد تعيد ميزان الردع لصالح القوى البحرية الغربية. وبين هذين الاحتمالين، ستبقى المنطقة محكومة بمعادلة تصعيد منخفض الكثافة، لكنه كافٍ لرفع كلفة الملاحة الدولية وتهديد استقرار الممرات الاستراتيجية.

الأثر المجتمعي لشحنات الأسلحة المهربة إلى الحوثيين

 

لا تقتصر خطورة الشحنات الإيرانية التي تُهرَّب إلى الحوثيين على بعدها العسكري [15]أو الأمني فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى إحداث تأثير مباشر وعميق على المجتمع اليمني المنهك منذ سنوات الحرب.

إن كل شحنة تصل تعني ببساطة جولة جديدة من التصعيد. فإمداد الحوثيين بأسلحة متطورة يزيد من قدرتهم على مواصلة القتال، ويمنحهم شعورًا بتفوق ميداني يضعف حوافز الدخول في تسوية سياسية. وبذلك، تتحول كل عملية تهريب ناجحة إلى عامل مباشر في تمديد الحرب وإطالة معاناة المدنيين.

عندما تُستخدم الموانئ والمسارات البحرية للتهريب، تصبح ممرات الإغاثة عرضة للتهديد أو التفتيش المشدد. هذا يؤدي إلى تأخير وصول المساعدات، ورفع تكاليف النقل، وتراجع قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الفئات الأشد ضعفًا. ومع ازدياد استهداف السفن في البحر الأحمر، تتضاعف هذه التحديات، ما يفاقم انعدام الأمن الغذائي في بلد يعيش فيه أكثر من ثلثي السكان على المساعدات.

إن شحنات الأسلحة لا تُهرَّب بمعزل عن شبكات تهريب أخرى تشمل الوقود والمواد الممنوعة. هذه الشبكات تضعف الاقتصاد الرسمي، وتخلق اقتصادًا موازيًا تتحكم فيه جماعات مسلحة، فتتراجع قدرة الدولة على ضبط الإيرادات، ويزداد اعتماد المواطنين على السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

ونتيجة مباشرة لاستمرار تدفق السلاح هي استمرار القصف والمعارك الداخلية، ما يعني مزيدًا من النزوح الداخلي، وانقطاع التعليم، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. ويجد المواطن اليمني نفسه بين مطرقة الحرب وسندان الجوع، بينما تتجه الموارد إلى السلاح بدلًا من الصحة والخدمات الأساسية.

كل شحنة سلاح لا تعني فقط صاروخًا جديدًا أو طائرة مسيرة إضافية، بل تعني شهرًا إضافيًا من المعاناة الإنسانية، ومستشفى بلا دواء، ومدرسة بلا طلاب، وأسرة جديدة تنزح من منزلها. تهريب الأسلحة إلى اليمن هو بحد ذاته شكل من أشكال الحرب على المجتمع، لأنه يضمن أن تظل الأزمة الإنسانية الأكبر في العالم مفتوحة بلا أفق للحل.

الخلاصة

أثبتت عملية ضبط الشحنة أن إيران لا تزال المزوّد الرئيسي للحوثيين بأحدث ترسانتها العسكرية، بما يدحض بشكل قاطع مزاعم "الاكتفاء الذاتي" أو التصنيع المحلي. فالأسلحة المضبوطة، خصوصًا الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة، كانت ستمنح الحوثيين قدرة أكبر على تهديد الملاحة الدولية وفرض معادلة "منع الوصول/منع المناورة" في البحر الأحمر.

كما أن احتواء الشحنة على أنظمة صاروخية متقدمة وأجهزة تجسس حساسة يرفع مستوى التهديد من اليمن إلى الإقليم بأكمله، بل إلى الأمن والسلم الدوليين. ويُشتبه أن بعض المكونات ترتبط ببرامج إيرانية حساسة (نووية أو بيولوجية)، ما يوسّع نطاق المخاطر إلى مستويات غير تقليدية.

لقد فشلت الأذرع الإيرانية في اليمن في إخفاء حقيقة الدعم الخارجي، إذ دحضت العملية بشكل نهائي السردية الحوثية بشأن التصنيع المحلي، وأظهرت التبعية المطلقة لإيران عسكريًا ولوجستيًا.

العملية جذبت اهتمامًا دوليًا واسعًا، خصوصًا من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وبريطانيا، وأكدت أن البحر الأحمر بات ساحة مواجهة مفتوحة تستدعي تعزيز التعاون الدولي. ومع أن نجاحها أعاق الحوثيين من تحقيق قفزة نوعية في قدراتهم البحرية والجوية، فإنه كشف أيضًا هشاشة خطوط الإمداد البحرية وخطورة استمرار التهريب.

إن استمرار تدفق السلاح لا يعني فقط إطالة أمد الحرب وتعطيل جهود السلام، بل يهدد كذلك مسارات الإغاثة ويضاعف الأزمة الإنسانية عبر تكريس اقتصاد موازٍ تتحكم فيه الجماعة وشبكات التهريب.

التوصيات

 

تتطلب مواجهة مخاطر استمرار تدفق السلاح الإيراني إلى الحوثيين جملة من الإجراءات المتكاملة على المستويين المحلي والدولي. فعلى الصعيد الوطني، ينبغي للحكومة اليمنية أن تعمل على تعزيز الرقابة البحرية عبر تطوير قدرات خفر السواحل وتوسيع نطاق الدوريات في الساحل الغربي وخليج عدن، مع ضرورة دمج الجهود الاستخباراتية بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية لضمان الرصد المبكر لخطوط التهريب، والتصدي لشبكات الاقتصاد الموازي التي تمثل شريان تمويل رئيسي للجماعة. كما تبرز أهمية توظيف العملية إعلاميًا وسياسيًا لتعريه الحوثيين أمام الرأي العام المحلي وكشف تبعيتهم المطلقة لإيران.

أما على مستوى التحالف العربي، فإن الحاجة ملحّة لتوسيع منظومة المراقبة المشتركة في البحر الأحمر وخليج عدن، مستفيدًا من التكنولوجيا الحديثة كالأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، مع توحيد قواعد الاشتباك في مواجهة التهريب والهجمات البحرية لتقليل الثغرات التي يستغلها المهربون، فضلًا عن تعزيز الشراكة مع المقاومة الوطنية والقوات المحلية التي أثبتت فاعلية ميدانية في اعتراض الشحنات الأخيرة.

وعلى المستوى الدولي، تبرز ضرورة الانتقال من الإدانة إلى الفعل عبر تفعيل قرارات مجلس الأمن الخاصة بحظر توريد السلاح إلى الحوثيين بآليات تنفيذ أكثر صرامة، وإشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في منظومة مراقبة دائمة للبحر الأحمر مع تقديم الدعم اللوجستي والتقني لليمن. كما يُعد من الأهمية بمكان العمل على تصنيف شبكات التهريب والقيادات المرتبطة بها ككيانات إرهابية وفرض عقوبات اقتصادية على داعميها، بالتوازي مع إبراز البعد الإنساني لتهريب السلاح، حيث إن استمراره يعني إطالة الحرب وتعميق المأساة الإنسانية، وهو ما قد يشكل ورقة ضغط إضافية على المجتمع الدولي للحد من التدخلات الإيرانية.

 المصادر والهوامش 

تصريحات رسمية يمنية:

  • تصريح العميد طارق محمد صالح (قائد المقاومة الوطنية) عبر منصة "إكس".
  • تصريح العميد صادق دويد (المتحدث باسم المقاومة الوطنية).
  • تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
  • تصريح محافظ عدن أحمد حامد لملس.

تصريحات أمريكية ودولية:

  • الجنرال مايكل كوريلا (قائد القيادة المركزية الأمريكية – سنتكوم).
  • السفارة الأمريكية في اليمن.
  • المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد.
  • المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ.

تقارير أممية:

  • تقرير فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات (المقدم لمجلس الأمن في يوليو/تموز 2025) بشأن تنظيمي القاعدة وداعش.
  • المعلومات الحصرية لمجلة بريم
  • تفاصيل حول طبيعة الأسلحة المضبوطة (قدر 380، طائر 3، معراج 532… إلخ)
  • الإشارة إلى جهاز تجسس إسرائيلي الصنع ضمن الشحنة.
  • تقديرات خاصة بشأن ارتباط بعض المكونات ببرامج إيرانية حساسة.

مصادر محلية وإعلامية:

  • بيانات أمنية متعلقة بعملية ميناء عدن.
  • بلاغ إدارة أمن المنطقة الحرة إلى النيابة العامة.

[1] المقاومة الوطنية تضبط شحنة اسلحة استراتيجية إيرانية كانت في طريقها للميليشيات الحوثية رابط https://www.mofa-ye.org/Pages/33188

[2] صحيفة الوطن الإماراتية ووكالة الأنباء الألمانية وسائل إعلام خليجية

[3] معلومات حصرية حصلت عليها مجلة بريم الصادرة عن مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

[4] تصريح ادلى بها المتحدث باسم المقاومة الوطنية اليمنية العميد صادق دويد لوسائل إعلام محلية في اليمن، وفيه معلومات تشير إلى جزء مما حصلت عليه مجلة بريم 

[5] اليمن.. تفاصيل عملية ضبط سفينة أسلحة إيرانية موجهة للحوثيين – سكاي نيوز عربية 

[6] وسائل إعلام محلية نشرت اخبارا عن توتر في ميناء عدن قبل ان تظهر للعلن عملية الضبط التي اكتشفت بالصدفة.

[7] تصريح صحفي وزع على وسائل الإعلام ونشرت جزء منه مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات على منصاتها الإلكترونية 

[8] صحيفة الشرق الأوسط السعودية تتحدث عن ضبط المقاومة الوطنية 750 طناً من الأسلحة الإيرانية في طريقها للحوثيين

[9] US military says Yemeni force seized Iranian arms shipment bound for Houthis

By Reuters

[10] U.S. Central Command - Yemeni Partners Successfully Interdict Massive Iranian Weapons Shipment Bound for the Houthis

[11] .securitycouncilreport.org/monthly-forecast/2025-08/yemen-81

[12] economist.com/europe/2025/07/20/the-houthis-shatter-european-pretensions-to-naval-power

[13] Red Sea marine traffic up 60% after Houthis narrowed targets, EU commander says By Charlie Devereux - reuters

[14] Ship attacked in the Red Sea after a bulk carrier sinking claimed by Yemen’s Houthi rebels - apnews.com

[15] https://rasanah-iiis.org/%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d9%88%d8%b9-%d9%85%d9%86-14-20-%d8%a3%d8%ba%d8%b3%d8%b7%d8%b3-2025%d9%85/

إيران بين صراعات الداخل وضغوط الخارج.. اقتصادٌ يترنّح ووكلاء تحت النار


الحوثيون بين الضغط الداخلي والتصعيد العسكري: قراءة في خريطة الجبهات الجديدة


إيران أمام آلية الزناد: هل تسقط أوراق خامنئي تحت العقوبات والانتفاضات؟


من برلمان البعث إلى برلمان الشرع: قطيعة سياسية أم إعادة إنتاج للسلطة؟