تطورات اقليمية
إيران بين العزلة الدبلوماسية والاحتجاجات الداخلية..
تهديد الخارج وترويع الداخل: ملامح خطاب النظام الإيراني عشية الذكرى الثالثة لانتفاضة 2022
الانهيار البطيء للنظام الإيراني: من مشروع التوسع الإقليمي إلى مواجهة نار الداخل
يغلب على الخطاب الحالي السائد من جانب القادة والمسٶولين في النظام الإيراني، طابع يغلب عليه التشدد المشبع بالتهديد مع ترکيز ملفت للنظر على إستعادة النظام لقواه وإضافته لعناصر جديدة بهذا السياق.
هذا الخطاب الذي يحاول النظام من خلاله إستعادة رباطة جأشه بعد حالة التضعضع والتراجع غير المسبوق لمشروعه المشبوه في بلدان المنطقة، ولعل من أبرز ما يميز محاولته هذه هو إنه يحاول من خلال العزف على الوترين العربي والاسلامي أن يطرح نفسه کطود نجاة لبلدان المنطقة في مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها وأن يضع نفسه برسم الخدمة، ولاسيما بعد الضربة الاسرائيلية الاخيرة التي تم توجيهها لقطر، بيد إنه وفي نفس الوقت يجب أن لا ننسى إن النظام في خطابه الحالي لا يرکز على إعادة نفوذه وهيمنته في بلدان المنطقة الى ما کانت عليه قبل عام 2023.
وبنفس السياق، يحاول النظام أن يعيد ترتيب علاقته مع بلدان الترويکا الأوروبية من أجل الحيلولة دون تفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات الدولية والملفت للنظر إنه وعلى الرغم من الضجة الحاصلة في داخل النظام والصراع والاختلاف بين أجنحته بسبب إتفاق القاهرة، لکن الذي يلفت النظر أکثر هو صمت الولي الفقيه تجاه هذا الموضوع الحساس، والذي من غير الممکن حدوثه دون موافقة أو ضوء أخضر من جانبه.
الملاحظة الاخرى على الخطاب الحالي السائد في طهران، هو نبرة تتسم بالتهديد للشعب الإيراني من عواقب التحرك ضد النظام، وإن تزايد الممارسات القمعية وتنفيذ أحکام الاعدامات، رسالة واضحة المعالم بهذا الصدد، رغم إن النظام يعلم جيدا بأنه من الصعب جدا التمکن من السيطرة على الوضع الداخلي لکنه وبحکم الدافع الغريزي وحب البقاء لا يجد نفسه إلا مضطرا لذلك.
ولو قمنا بعملية جمع لما ذکرناه آنفا "في ضوء خطاب النظام السائد حلايا"، وقمنا بتمحيصه ومعرفة ما يريد النظام أن يحققه، لوجدنا إنه خطاب هدفه الآني والمستعجل، المحافظة على النظام ودرأ التحديات والتهديدات التي تقوده بإتجاه الهاوية، وکما هو مألوف وسائد دائما من جانب هذا النظام في الاوضاع التي يجد فيها نفسه مهددا بالسقوط، فإنه ومع إستخدامه لخطاب متشدد تجاه المنطقة والعالم، إلا إنه وضمن سياق الاساسي، هو مجرد فبرکة إنشائية هدفها ذر الغبار في الاعين عن التودد والتزلف السائد في الخطاب، بيد إن طابع التهديد والويل والثبور للشعب من مغبة مواجهة النظام، هو الواقع والحقيقة الملموسة بهذا الصدد، حيث إن النظام وقد إستقبل بمنتهى الخوف والحذر الذکرى السنوية الثالثة لإنتفاضة عام 2022، يعلم جيدا بأن النار الداخلية فقط هي الکفيلة بحرقه ولذلك يريد أن يضمن نفسه إقليميا ودوليًا کي يتفرغ للداخل، ولکن هل سيتمکن من ذلك؟ هذا هو السٶال الذي يقض مضجع خامنئي قبل قادة النظام!
وضع إيران من داخل السلطة الحاكمة
إن الواقع الحالي للمجتمع الإيراني جليّ في جميع جوانبه. على سبيل المثال، يقول أحد الخبراء في ما يسمى بجبهة الإصلاحيين، ويدعى عباس عبدي، عن رئيس النظام مسعود بزشكيان:
"بزشكيان يتحدث عن المشاكل فقط ولا يملك حلولاً لها... ولن تُحل أي من مشاكل البلاد المهمة، بل ستسوء ولن تتحسن." ويشير عبدي بوضوح إلى جذر الأزمة قائلاً: "السكين بيد شخص، ومقبضها بيد شخص آخر!" (موقع عصر إيران، 13 سبتمبر 2025).
كما تعترف وسائل الإعلام الحكومية الأخرى بأن "مشاكل إيران ليس لها حلول فنية أو جزئية؛ فالمشكلة تكمن في السياسات الكلية وهيكل احتكار السلطة". بمعنى آخر، فإن هيكل ولاية الفقيه وتركيز السلطة في أيدي أقلية صغيرة هو السبب وراء الجمود الشامل الذي يواجهه البلد وهو خلاصة أداء هذا النظام.
إن تداعيات هذه الأزمة واضحة في مختلف المجالات. ففي الاقتصاد: هناك بطالة واسعة النطاق، ركود في الإنتاج، فساد ممنهج وهروب لرؤوس الأموال، وهي كلها مؤشرات واضحة على الانهيار. وفي المجتمع: هناك انقسام عميق بين جيل الشباب والسلطة الحاكمة، ومقاطعة واسعة للانتخابات، واستمرار للاحتجاجات المهنية، مما يدل على أن الشعب قد تجاوز النظام برمته. وفي السياسة الخارجية: مشاريع خامنئي الإقليمية تواجه الجمود والفشل، كما أن العزلة الدبلوماسية للنظام على الصعيد العالمي أكثر وضوحاً من أي وقت مضى.
وضع إيران على لسان المقاومة
ختاماً، إن انتفاضة عام 2022 قد أطلقت مساراً لا يزال مستمراً، ويجعل أسس الحكم أضعف يوماً بعد يوم. يسعى خامنئي وعملاؤه إلى إخفاء هذه الحقيقة الواضحة، لكن الانهيار من الداخل والعجز عن إدارة البلاد هما من الحقائق التي لا يمكن إنكارها في إيران اليوم.
واحتجاجاً على الوضع الراهن والجمود الذي تسبب فيه النظام، ينظم الإيرانيون في الخارج مظاهرة في يومي 23 و 24 سبتمبر في نيويورك، بالتزامن مع حضور رئيس النظام في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي هذا اليوم، سنشهد صيحات الإيرانيين المطالبة بإسقاط النظام بكامله والاعتراف ببديله الحقيقي، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.