تطورات اقليمية

مقايضة جديدة في الأفق..

ترمب في كوريا الجنوبية.. عودة الرجل المثير للصفقات إلى مسرح آسيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال لقائهما في هانوي - 28 فبراير 2019 - REUTERS

كان لقاءٌ غير متوقع جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في بانمونجوم عام 2019، حيث عبَّرا عن رغبتهما في استئناف المفاوضات النووية. لكن تلك المفاوضات ظلت متعثِّرة بسبب خلافات جوهرية حول العقوبات الأميركية ونزع السلاح، ما يعني أن أي استئناف للحوار سيكون معقَّداً. اليوم، ومع استعداد ترمب لزيارة كوريا الجنوبية (بعد ماليزيا واليابان) لحضور قمة “APEC” المقررة نهاية أكتوبر 2025، تثار تكهنات حول احتمال لقاء جديد مع كيم، وهو ما قد يمثل أول قمة بينهما منذ مؤتمر بانمونجوم 2019.

السياق الرسمي والدبلوماسي

جولة آسيوية مهمة: غادر ترمب واشنطن لجولة تمتد إلى ماليزيا واليابان ثم كوريا الجنوبية، حيث يشارك في قمة “منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ” (APEC) في 31 أكتوبر–1 نوفمبر 2025. وقد أُشير إلى استعداد البيت الأبيض لمقابلة هوك زعيم كوريا الشمالية حتى في هامش القمة. ويتزامن لقاء ترمب المرتقب مع حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ أيضاً لقمة APEC، مما يفتح الباب أمام لقاءات ثنائية متعددة (من ضمنها لقاء محتمل بين ترمب وشي).

مواقف ترمب وكيم من الحوار: كرر ترمب مراراً ترحيبه بالحوار مع كيم واصفاً إياه بأنّه “رجل ذكي” وذكر أن علاقتهما الشخصية جيدة. من جهته، أكد كيم أخيراً أنه يَحمل “ذكريات شخصية جيدة” عن ترمب وأشار إلى استعداده لاستئناف المفاوضات إذا تخلّت واشنطن عن “هوسها الوهمي” بإنهاء برنامج بيونج يانج النووي. لكن كيم جدد رفضه التخلي عن ترسانته النووية، قائلاً إنه لن يتخلى عنها مطلقاً مقابل رفع العقوبات.

تعليق الجانب الكوري الجنوبي: رغم التحفظات، دعا وزير شؤون الوحدة الكورية الجنوبية تشونج دونج يونج ترمب لاستغلال هذه الزيارة النادرة لتحقيق تقدم في الملف الكوري الشمالي. وقال إن لقاء ترمب وكيم قد يكون “فرصة من السماء” لتعزيز السلام والأمن، ودعا القيادتين إلى اتخاذ “قرار جريء” وعدم تفويت هذه الفرصة. مع ذلك، فإن مسؤولين آخرين، بما فيهم الرئيس الجديد لي جاي ميونغ، يبدون تشككاً بأن يتم اللقاء قريباً رغم ترحيبهم بأي اختراق دبلوماسي.

المحللون والمتغيرات الرئيسية

احتمالات اللقاء المباشر: يرون معظم الخبراء أن احتمال لقاء “مفاجئ” جديد عند الحدود بين الكوريتين ضعيف هذه المرة. يشير تقرير الأسوشيتد برس إلى أن جدول ترمب المزدحم وقصر الوقت يجعل من لقاء مع كيم أمرًا صعبًا. ومع ذلك، يتوقع البعض أن يتم عقد جولة محادثات مستقبلية في الأشهر المقبلة. وقال بان كيل جو من الأكاديمية الكورية للدبلوماسية إن تعليق الرحلات السياحية إلى بانمونجوم وتصريحات كيم توحيان بأن “فرص اللقاء زادت” بعض الشيء.

الضغوط على بيونج يانج: منذ انهيار جولات التفاوض السابقة، سرّع كيم تطوير برنامجه النووي والصاروخي. أطلقت كوريا الشمالية صواريخ باليستية قصيرة المدى في 22 أكتوبر 2025، أي قبل أيام من قمة APEC، في تصعيد عسكري استفزازي. وقد اعتُبر ذلك رسالة تؤكد تصميم بيونج يانج على وضعها النووي وتحدي العقوبات. كما عززت كوريا الشمالية تحالفها مع روسيا؛ حيث أفاد وزير الدفاع الكوري الجنوبي أن بيونج يانج تلقت “مختلف التقنيات” من روسيا لتطوير غواصات وصواريخ باليستية. وفي سبتمبر 2025، أعلنت “وكالة الأنباء المركزية الكورية” عن قمة كيم بشي خلال احتفالات تأسيس الحزب الحاكم، وأكد أنه سيعزز العلاقات مع الصين “بشكل أشد”.

توازن القوى وتغير النفوذ: مع ترسانة نووية أوسع ودعم دبلوماسي قوي من موسكو وبكين، بات كيم في وضع أفضل للتفاوض. فهو يطالب الآن باعتراف الولايات المتحدة رسمياً بكوريا الشمالية كدولة نووية أسوة بباكستان والهند، وهو ما يرفضه ترمب وحلفاؤه ما لم تتخلى بيونج يانج تماماً عن ترسانتها. وقد تساءل الخبير تشونج جين يونج إن كان لدى ترمب ما يمكنه تقديمه فعلاً مقابل تنازلات كيم. ويرى كو يو هوان أنّ أي لقاء حول قمة APEC لن يُنتج نتائج ملموسة ما لم يحضر ترمب عرضاً مغرياً يدفع كيم للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

السيناريوهات المحتملة والتداعيات

السيناريو الإيجابي (صفقة شاملة): في أفضل الأحوال، قد يقود الاجتماع إلى تجميد مؤقت للبرنامج الصاروخي الكوري الشمالي مقابل تخفيف للعقوبات. لكن الكثير من المراقبين ينبهون إلى أن مثل هذا الاتفاق الجزئي سيترك شمال كوريا محتفظاً بصواريخ نووية قصيرة المدى قادرة على تهديد كوريا الجنوبية. وقد يؤدي تخفيف العقوبات الجزئي إلى دعوات في طوكيو وسيول بامتلاك قدرات نووية مماثلة كردّ فعل.

السيناريو التشاؤمي (غياب التقدم): إن لم تُقدم واشنطن حوافز مقنعة، قد تنتهي المحادثات دون تحقيق اختراق يذكر. في هذه الحالة، سيكتسب كيم حججاً أقوى لاحتفاظه بالأسلحة النووية، خاصة إذا وُجد دعم دولي واضح لرفع العقوبات دون نزع السلاح. ويشير بعض الخبراء إلى أن استئناف الدبلوماسية يحتاج إلى تقييم جديد من قبل بيونج يانج، ربما بعد انتهاء الحرب الروسية-الأوكرانية.

المسار الكوري الجنوبي: على الجانب الجنوبي، يقول كيم تاي وو (أستاذ سابق) إن “مثل هذه الصفقة الصغيرة” قد تكون مفيدة أمنياً لكوريا الجنوبية إلى حدّ ما، لأنها تعترف بالفشل المستمر لمفاوضات نزع السلاح منذ عقود. ولكن معظم المحللين يتفقون على أن شبه الجزيرة الكورية ستبقى تحت وطأة التهديد النووي إذا بقيت واشنطن تُصرّ على موقفها التقليدي.

الخلاصة

تُظهر التطورات الأخيرة أن لقاء ترمب وكيم ليس محسوماً، وأن أي تقدم سيتوقف على توازن المصالح والتنازلات المتبادلة. فبينما يرى كيم في ترمب زعيماً أميركياً نادراً قد يمنحه اعترافاً نووياً كاملاً، يسعى ترمب إلى إنجاز دبلوماسي يرفع من مكانته الدولية. ويظل التحدي الأكبر هو كيفية التوفيق بين المطلب الأميركي بإخلاء شبه جزيرة كوريا من الأسلحة النووية وبين طموحات بيونج يانج الأمنية والسياسية. وبغض النظر عن مصير أي لقاء محتمل في الأيام المقبلة، فإن مشكلات الصواريخ النووية الكورية تتطلب حلولاً معقدة وتحالفات دولية متينة، فضلاً عن تفاهم واضح حول الجدول الزمني والتدابير الأمنية المتبادلة

دراسة حديثة: اختلاف كبير في التأثيرات الجسدية لمضادات الاكتئاب


من مهر إلى مذبح: النظام الإيراني يضاعف الإعدامات 7 مرات خلال 4 أعوام


خطاب التحدي أم إعلان الضعف؟.. خامنئي يعود بعد صمتٍ طويل بلهجةٍ يائسة


تنظيم القاعدة ينفّذ هجومًا مركّبًا في أبين.. وقوات الجيش تتصدى وتقتل سبعة من المهاجمين