تطورات اقليمية
"أول ضربات جوية منذ 2022 وتوقع ضحايا"..
قصف الحلفاء.. الغارات السعودية تفتح باب أزمة جديدة في الجنوب
حضرموت على مفترق طرق بعد الغارات السعودية
قال الباحث الصحفي إياد الشعيبي إن السعودية ترتكب، بتورطها العسكري في الشأن الجنوبي المحلي، خطأً فادحًا يدفع بالوضع نحو مزيد من التصعيد والفوضى، ويقوّض الأسس الهشة للسلام والأمن التي يسعى الجنوبيون إلى ترسيخها في مناطقهم.
وأضاف الشعيبي أن ما جرى صباح اليوم يُعد، في المفهوم الوطني، اعتداءً سافرًا على سيادة الجنوب، واستهدافًا مباشرًا لقوات أمن جنوبية حضرمية رسمية، وللإنسان الجنوبي الحضرمي، من قبل دولة خارجية دون أي مسوغ قانوني أو مبرر أخلاقي.
وأشار إلى أن الضربات الجوية تمثّل انقلابًا صريحًا على البيانات والمواقف المعلنة سابقًا من الرياض، وفتحًا لباب خصومة لا يريدها الجنوبيون ولا يسعون إليها، محذرًا من أن هذا المسار يهدد بإعادة إنتاج صراعات داخلية وإقليمية في محافظة ظلت حتى وقت قريب خارج دائرة الاستهداف.
وأكد الشعيبي أن ما حدث يعزز من أهمية إقدام رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي على إعلان دولة الجنوب المستقلة، باعتباره خيارًا ضروريًا لحماية الأمن القومي الجنوبي، وصون المشروع الوطني، ووضع حدٍّ لحالة الوصاية والتدخل الخارجي.
وختم بالقول إن ما وقع صباح اليوم يفضح تناقضًا أخلاقيًا وسياسيًا صارخًا في الخطاب الداعم لقضية الجنوب، معتبرًا أنه لا يمكن الجمع بين ادعاء الدعم واستهداف الجنوبيين في الوقت ذاته، مضيفًا أن ما حدث يشكّل انتهاكًا للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، وسابقة خطيرة في السياق العربي.
من ناحية أخرى، قالت مصادر ميدانية إن قوات النخبة الحكومية أحكمت، الجمعة، سيطرتها الكاملة على جميع المعاقل في وادي نحب بمحافظة حضرموت، عقب عمليات ميدانية متواصلة، واشتباكات محدودة انتهت بانسحاب الجماعات المسلحة من مواقعها.
وأضافت المصادر أن القوات باشرت تنفيذ إجراءات التمشيط والتثبيت في الوادي والمناطق المحيطة، بهدف تأمين المواقع ومنع أي محاولات لإعادة التمركز، وسط متابعة ميدانية حثيثة للتطورات الأمنية.
وفي تطور لافت، نفذ الطيران السعودي ضربات جوية على مواقع في حضرموت، في ما وصفته مصادر عسكرية بأنها أولى الغارات من نوعها منذ توقف العمليات العسكرية في اليمن عام 2022، وهو ما مثّل تصعيدًا غير مسبوق في المحافظة التي ظلت بعيدة عن الضربات الجوية خلال السنوات الأخيرة.
وقالت مصادر عسكرية إن الغارات استهدفت قواعد ومواقع لقوات النخبة الحضرمية، وهي قوات أمنية حكومية رسمية تتبع وزارة الدفاع اليمنية، وتعمل ضمن نطاق المنطقة العسكرية الثانية، ومهمتها حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب في ساحل ووادي حضرموت.
وبحسب المصادر، أسفر القصف عن استشهاد جندي وإصابة 12 آخرين بجراح بليغة، جرى نقلهم إلى مستشفيات محلية، مؤكدة أن المواقع المستهدفة كانت معسكرات قائمة منذ عام 2015، تاريخ انطلاق عملية عاصفة الحزم.
ويأتي القصف الجوي بعد ساعات فقط من كمين مسلح تعرضت له قوات النخبة الحضرمية في منطقة قريبة من الوادي، نُسب إلى تنظيم القاعدة، وأسفر عن مقتل جنديين أثناء تنفيذ مهام أمنية روتينية، في إطار عمليات ملاحقة خلايا التنظيم.
وأثار القصف السعودي موجة غضب واسعة في الأوساط الجنوبية والحضرمية، خصوصًا مع انتشار مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، توثق لحظة الغارات وآثارها، وسط اتهامات مباشرة للرياض باستهداف قوات أمنية حكومية ومدنيين في مناطق قريبة من مواقع القصف.
وقال ناشطون وسياسيون جنوبيون إن الهجوم الجوي لا يستند إلى أي مسوغ قانوني أو مبرر أخلاقي، معتبرين أن استهداف قوات حكومية تقاتل تنظيم القاعدة يمثّل تناقضًا صارخًا مع الأهداف المعلنة للتحالف.
وفي المقابل، قالت مصادر محلية إن الضربات الجوية جاءت في ظل وجود حالة التفاف شعبي جنوبي واسع حول القضية الجنوبية، معتبرة أن القصف عزز القناعة بأن أمن الجنوب وسيادته لم يعودا قابلين للرهن أو التأجيل.
ولم يصدر حتى لحظة إعداد هذا التقرير أي تعليق رسمي من السعودية يوضح أسباب الغارات أو طبيعة الأهداف، كما لم تعلّق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا على التطورات.