برعاية قطرية..
تحليل: الحوثيون وإخوان اليمن.. تحالف متجدد يخدم من؟
أواخر العام 2014م، وقبل الانقلاب على الحكومة الشرعية في، ومن على متن طائرة عسكرية ترجلت قيادة جماعة الإخوان في اليمن والمعروفة سياسيا بتنظيم حزب الاصلاح اليمني (الذي انشأه صالح عام 1990)، في الطريق الى الكهف الذي يختبئ فيه زعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي، قبل أشهر من تدشين الانقلاب من قبل حلفاء إيران ضد الحكومة الشرعية المنتخبة التي يرأسها عبدربه منصور هادي الذي انتخب توافقيا عقب اجبار الخليج صالح على تسليم السلطة وانهاء نحو ثلاثة عقود من الحرب والقتل والمجاعة، كما يقول يمنيون.
احتفل الحوثيون والإخوان وحتى اتباع المخلوع صالح بالتصالح والتحالف بين الإصلاح والحوثيين، والتي جاءت تحت شعار "طي صفحة الماضي"، في حين أن الهدف من ذلك هو طي صفحة الرئيس التوافقي هادي واقتراب تسليم اليمن لإيران لتهديد دول الجوار.
فسر سياسيون حينها هدف زيارة وفد الاصلاح الى مران واللقاء بزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، بأنها كانت خطوة الهدف منها الاتفاق على ما تخطط له إيران، فالإخوان الذين صنفتهم السعودية حينها كجماعة إرهابية تسعى للانتقام من الرياض بالوقوف في صف إيران التي كشفت عن مطامعها في اليمن.
"ليس على الإصلاح والمؤتمر والحوثيين إلا التحالف لمواجهة عبث هادي" تحت هذا العنوان نشرت وسائل الإعلام الرسمية لحزب الإصلاح (إخوان اليمن)، حينها باهتمام تفاصيل التحالف الإخواني الحوثي, عقب ساعات من ذهاب زعماء حزب الإصلاح على متن طائرة عسكرية إلى بلدة مران في صعدة شمال اليمن للقاء عبدالملك الحوثي.
وقد رحب المخلوع صالح حينها بتحالف صالح والحوثيين، حيث عبر المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي العام في تصريح نشره موقع المؤتمر الرسمي حينها "بالتحالف بين الاصلاح والحوثيين، واصفا الزيارة الإخوانية الى صعدة بالتاريخية.
اعطاء الإخوان الضوء الأخضر للحوثيين بالانقلاب على الرئيس هادي، حيث بدأت المليشيات وقوات صالح بالهجوم على القصر الجمهوري في صنعاء، ومحاصرة الحكومة قبل ان يقدم هادي استقالته احتجاجا على الانقلاب على اتفاق السلم والشراكة الذي وقعه الرئيس مع المتمردين في محاولة لتجنيب البلاد الحرب.
كان الحوثيون وقوات المخلوع صالح تحاصر هادي في منزل بشارع الستين في صنعاء، فيما كان الإخوان وقيادات موالية لصالح والحوثيين تتحاور في احد فنادق العاصمة صنعاء للوصول الى تسوية بشأن تقاسم السلطة بين الاطراف الثلاثة والاتفاق على رئيس هو محمد سالم باسندوة الذي كان قد قدم استقالته للحوثيين الذين كانوا قد أحكموا قبضتهم على صنعاء يوم الـ21 من سبتمبر (أيلول) 2014م.
وقالت وسائل إعلام موالية للإخوان إن باسندوة وجه اتهامات للرئيس هادي بالتفرد بالسلطة، فيما كشفت مصادر مقربة "إن الاطراف الثلاثة (الحوثي والإصلاح وصالح)، وصلت الى اجماع بأن يرأس باسندوة اليمن كرئيس شكلي يعمل تحت اشراف مجلس رئاسي مكون من الثلاثة الاطراف المتحالفة.
وعلى الرغم من نجاح الرئيس هادي من الافلات من قبضة الحوثيين والوصول الى عاصمة الجنوب السابقة عدن واعلانها عاصمة مؤقتة وسحب قرار الاستقالة الذي كان قد تقدم به، الا ان الإخوان ظلوا على موقفهم المساند للحوثيين الذين كانوا قد حشدوا قواتهم صوب الجنوب للسيطرة على عدن وباب المندب واستكمال المخطط الإيراني.
وفيما كان مقاتلون جنوبيون يقاومون العدوان الجديد، انطلقت عاصفة الحزم لإيقاف تمدد الحوثيين وصالح صوب الجنوب، لينتقل الإخوان من موقف المساندة الى الحياد، وبعد ان وصولوا الى قناعة بهزيمة الانقلابيين في الجنوب وتحديد بعد عشرة ايام من انطلاق عاصفة الحزم اعلن الإخوان في بيان لهم تأييدهم لعاصفة الحزم وانتقلت قيادات الإخوان وساسة الجماعة الى العواصم العربية والأوروبية للتنظير والتعليق على الحرب من خلف الشاشات.
وعلى الرغم من اعلان الاصلاح (الإخوان) وقوفهم الى جانب الحكومة الشرعية الا ان العديد من عناصر حزبهم ظلت تقاتل في صفوف الانقلابيين، حيث وثقت القوات الحكومية وجود قتلى من عناصر الإخوان قتلوا وهم يقاتلون في صفوف المليشيات الانقلابية في محافظة البيضاء وبلدة البقع بصعدة وكذا في جبهة نهم التي قتل فيها شقيق أحد القيادات الإخوانية البارز وهو يقاتل في صفوف الحوثيين.
اليوم وبعد مرور أكثر من عامين على الحرب في اليمن، ونتيجة للمقاطعة الخليجية والعربية لدولة قطر المتمرد اعلن الإخوان في اليمن وبرعاية إيرانية عن اعادة احياء التحالف السابق بينهم وبين جماعة الحوثيين الانقلابيين، لتأكيد التقارب بين الدوحة وطهران.
برعاية قطرية إيرانية، أصبح الإخوان او عادوا من جديد للتحالف مرة أخرى، فقد أعلنت قيادات حوثية عن بدء خطوة التقارب مع الإصلاح، لكنها ربطت ذلك التحالف بانه نكاية بالرئيس اليمني المخلوع الذي تقول مصادر مقربة في صنعاء "إنه بات لا يقدر على عمل اي شيء واذعن للحوثيين بعد ان هددوا باعتقاله او قتله".
وعلق خبراء وسياسيون على خطوة التحالف الجديد بين الإخوان والحوثيين، معدين ذلك بانها خطوة ليست مستغربة.
وقال محمد الدليمي الكاتب والباحث السياسي الخليجي "إنه ليس غريبا على حزب الاصلاح ( الحركة الاخوانية في اليمن ) ان تبرم صفقة مع ميلشيا الحوثي وقد سبق لهذا الحزب بالتحالف مع علي عبدالله صالح في حربه ضد اهلنا في الجنوب عام 1994م ومن ثم انقلبوا عليه في عام 2011 م وهم من حطموا مؤسسات الدولة حتى تمكنت ميلشيا الحوثي من السيطرة على صنعاء".
وأضاف الدليمي في حديث خاص "لا يخفى على اي متابع انتهازية واساليب حزب الاصلاح في المراوغة واللعب في الساحات الملتهبة من اجل مكاسب يحصلون عليها".
وقال "من المعروف له ارتباط مباشر مع ايران هي من تدعم وتمول الاخوان".. مضيفا "اعتقد بل اجزم بأن صنعاء لن تحرر في ظل وجود حزب الاصلاح في المعادلة هم يراهنون على الوقت لتحقيق اهدافهم بالوصل للحكم".
وقال الدليمي في معرض حديثه ان "تواصلت حملات الإخوان المسعورة على التحالف العربي ومحاولة النفي بأن ليس هناك صفقة مع الحوثين فهذا ليس جديدا، الصفقة قد ابرمت في عام 2014 في جبال مران قبل سقوط صنعاء وبمباركة ايرانية عليها".
من جهته، قال السياسي اليمني الجنوبي أحمد عمر بن فريد "شخصيا لا استغرب ابدا من الانتهازية السياسية التي يمارسها إخوان اليمن، لأن تاريخهم حافل بذلك ومليء بالمتناقضات فلا زلت أتذكر خطابهم التحريضي - التكفيري ضد الحزب الاشتراكي قبل وأثناء وبعد حرب ١٩٩٤ م وتحالفهم مع صالح ضد الجنوب ، وفي ذلك السياق جاءت فتوى وزير العدل في حكومة تحالف صالح والإخوان الشهيرة التي أجاز فيها قتل الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين في عدن لأنهم بحسب فتواه كانوا بمثابة المتارس لمن وصفوهم بالكفار حينها".
وأضاف بن فريد في حديث لـ(اليوم الثامن)"لأن الانتهازية السياسية مبدأ لديهم فلم نستغرب أن يتحالفوا بعد ذلك مع الحزب الإشتراكي نفسه الذي كفروه في إطار ما سمي بأحزاب اللقاء المشترك! وعلى هذا المنوال ذهبوا إلى صعدة التحالف مع الحوثي قبل دخولهم صنعاء وقبل عاصفة الحزم ولا عجب ابدا ان يجددوا تحالفهم مرة أخرى مع الحوثي لان الانتهازية السياسية باتت كما قلت مبدأ لهم".
وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني نبيل عبدالله العوذلي "إن جماعة الاخوان وجماعة الحوثي جماعات دينية متطرفة يشكلان تهددا للسلام الوطني والاجتماعي وتهديد للسلم الاقليمي والدولي".
وأضاف العوذلي "الجماعتان لهما مشاريع مختلفة ومتعارضة ولا يمكنهم التعايش فيما بينهما او التعايش مع الاخرين، الجماعتان لن يتفقا الا على محاربة خصم مشترك وقد جمعتهما ساحة واحدة في ما تسمى ثورة 11 فبراير ويمكن ان تجمعهما اي عمل مشترك يستهدف مهمة التحالف في اليمن لكونهما يران ان دول التحالف تستهدف طموحاتهما ومشاريعهما التدميرية والإرهابية وتقف في مواجهة الدول التي تدعم انشطتهم كقطر وايران ".
وقال "ان لم يجمع الجماعتين هدف تدميري ذهبا لتدمير انفسهم واشعال صراعات طائفية وها نحن نرى كيف ان الجماعات الموالية لقطر وايران تتقاتلان في سوريا واضرا بالثورة السورية وفي ظل كل هذا الدمار نرى قوة التحالف والعلاقة القطرية والايرانية ، وعلى هذا المقياس سيتفق الاخوان والحوثيين سواء قبل دخول صنعاء او بعد انطلاق عمليات التحالف" .