أمريكا
إدارة أوباما تسجل حضورها الشكلي باليمن
قلّلت دوائر سياسية يمنية من دعوة الولايات المتحدة لحكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إلى الموافقة على خارطة الطريق التي أعدتها الأمم المتحدة من أجل إنهاء الصراع في البلد، معتبرة أنّ تلك الدعوة الصادرة عن إدارة الرئيس باراك أوباما أسابيع قليلة قبل مغادرتها البيت الأبيض، لا تتعدّى كونها تسجيل حضور في الملف اليمني الذي خرج من يدها على غرار الملفات الأخرى مثل الملف السوري، وغدت عاجزة عن إحداث أي تغييرات فيها.
وقالت ذات الدوائر إنّ تلك الدعوة لا ترتقي إلى مستوى الضغط على حكومة الرئيس هادي التي سبق أن عبّرت عن رفضها لخارطة الطريق المذكورة معتبرة أنها تنطوي على مخالفات للقرارات الدولية بشأن اليمن، وأنّها بمثابة جائزة للمتمرّدين الحوثيين وسببا لتواصل الصراع بدل حلّه.
وقال معلّق سياسي يمني إنّ الارتباك الشديد الذي ميّز سياسات ومواقف إدارة أوباما في الفترة الأخيرة، خصوصا بعد أن بعثر فوز دونالد ترامب بالرئاسة كلّ أوراقها، شمل بشكل واضح الملف اليمني، وتجلّى في إعلان وزير الخارجية جون كيري قبل أسابيع عن هدنة لم تعلم بها أغلب أطراف الصراع.
كما أكّد المعلّق ذاته دخول الملف اليمني -رغم ما يبدو من تحركات المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد- إلى حالة جمود قد تستمر لأشهر بانتظار أن تستلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها وترسم معالم وأولويات سياستها الخارجية، بما في ذلك ما يتعلّق بالمنطقة العربية ومن ضمنها اليمن.
وأضاف أن البلد مقدم خلال تلك الفترة على تصعيد كبير في المواجهات العسكرية رغبة من كل طرف في تحسين مواقعه استعدادا لعودة محتملة لجهود السلام.
وكثّفت السلطات الشرعية اليمنية خلال الفترة الأخيرة من التلويح بخيار الحسم العسكري ضدّ المتمرّدين في ظل انسداد أفق الحلّ السياسي. واستندت في ذلك إلى تقدم ملحوظ لقواتها المدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في عدّة جبهات من تعز جنوبا إلى نهم على التخوم الشرقية للعاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة المتمرّدين وصولا إلى محافظة صعدة بالشمال التي تعتبر المركز الرئيسي لجماعة الحوثي، فالجوف بالشمال الغربي على الحدود مع السعودية.
ملف السلام اليمني مقبل على حالة جمود بانتظار أن تستلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها وتحدد أولويات سياستها الخارجية
وفي المقابل يواجه المترّدون مصاعب على الأرض بفعل حالة الإنهاك اللوجستي وكذلك المالي بفعل رقابة التحالف العربي الصارمة على طرق إمدادهم بالسلاح الإيراني المهرّب.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، قال في موجز صحافي أدلى به في مقر الوزارة بواشنطن “ندعو الحكومة اليمنية إلى قبول خارطة الطريق الأممية”.
وأضاف “ندرك أن الخارطة تتضمن خيارات صعبة ونؤكد أن التسويات والتنازلات ستكون ضرورية لجميع الأطراف من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مستديمة”.
وأشار إلى أن بلاده “تشعر بخيبة أمل لرد فعل الحكومة اليمنية على خارطة الطريق التي صاغتها الأمم المتحدة”. ولفت المتحدث الأميركي إلى أن الخطة الموضوعة من قبل المنظمة الدولية “لم تكن مشروع اتفاق سلام نهائي، لكنها على أي حال، تطرح إطارَ عملٍ صلبًا لإنهاء الصراع وعودة الأمن والاستقرار إلى اليمن”.
وشدّد على أهمية دعم جميع الأطراف لخارطة الطريق “على أنها أساس للتفاوض والبدء المباشر للمفاوضات لتحقيق اتفاق سلام شامل ينهي الصراع ويسمح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى اليمنيين”.
كما أكد تورنر أن وزير الخارجية جون كيري “يشترك في تكريس الجهود من أجل التوصل إلى تسوية صالحة وحل سياسي برعاية الأمم المتحدة من أجل تحقيق وقف مستديم للأعمال العدائية وتخفيف التوتر وإنهاء الصراع هناك في آخر المطاف”.
وجاء الموقف الأميركي ردا على رفض الحكومة الشرعية اليمنية خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، التي تنص على انسحاب مسلحي جماعة أنصار الله الحوثية وحلفائها من أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح من صنعاء فقط، بشكل أولي، قبيل تشكيل حكومة وحدة وطنية يشاركون فيها، ومن ثم الانتقال إلى بند تسليم السلاح.
كما تتضمن تعيين نائب جديد لرئيس جمهورية بالتوافق، يكون المخوّل بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتشكيل لجان عسكرية للإشراف على انسحاب المسلحين من المدن وتسليم السلاح، وإحلال قوات الجيش محلها، مما يعني تحوّل الرئيس عبدربه منصور هادي إلى رئيس بلا صلاحيات.
واعتبر الرئيس هادي في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن، الأربعاء، أن خارطة الطريق “تمنح الحوثيين وصالح، حوافز بلا مقابل، وتشرعن التمرد الذي يقومون به”.
وحددت الرسالة عدة شروط لإنهاء الصراع، بينها مغادرة صالح، وزعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي وعائلاتهما أراضي اليمن إلى منفى اختياري لمدة 10 سنوات على الأقل.