محاولة خلط أوراق مجددا

ابين.. هل تكرر جماعات (صالح) سيناريو 2011؟

قوات عسكرية خلال استعراض عسكري في لودر

جعفر عاتق (عدن)

في الساعات الأولى من فجر السبت هاجم مسلحون من تنظيم القاعدة مدينة لودر كبرى مدن المنطقة الوسطى في محافظة أبين بهدف السيطرة عليها بعد أيام من انسحاب قوات الحزام الأمني من المدينة وضواحيها.

وقال سكان " هاجم المسلحون إدارة أمن مديرية لودر وعدد من المرافق الأمنية حيث يتمركز بعض الأفراد من الحزام الأمني من أبناء لودر والذين تصدوا باستبسال لعناصر القاعدة فيما خرج العشرات من أبناء القبائل لدعم أفراد الحزام الأمني ودحر عناصر القاعدة من مدينة لودر.

ومُني تنظيم القاعدة بخسارة كبيرة بعد ساعات من الاشتباكات في مدينة لودر حيث تقول المصادر أن 13 عنصر من القاعدة قد قتلوا وأُصيب العشرات في المواجهات التي استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

وتملك مدينة لودر سجل حافل في مواجهة التنظيم فهي أول مدينة في أبين طردت عناصر القاعدة بعد سيطرتهم على أغلب المحافظة صيف العام 2011، وقد عاود التنظيم شن هجمات على مدينة لودر لعل تلك التي أعقبت طردهم من المدينة والتي استمرت لأيام عديدة لم يتمكن خلالها التنظيم من السيطرة على المدينة بعد أن قابله صمود واستبسال من اللجان الشعبية المشكلة من قبل أبناء لودر.

وبعد الحرب الأخيرة التي شنتها مليشيات الحوثي وصالح على أبين ومحافظات الجنوب في العام 2015 شهدت المحافظة فراغ أمني كبير أدى إلى سيطرة عناصر القاعدة على أجزاء واسعة من المحافظة بعد أن تم تهميش اللجان الشعبية التي طردت عناصر التنظيم من المحافظة في صيف العام 2012 وعملت على حفظ الأمن بالمحافظة للفترة التي تلت ذلك.

وعملت قيادات أمنية بابين وبالتنسيق مع قوات التحالف العربي وفي مقدمتهم دولة الإمارات العربية المتحدة على تكيل وحشد قوات أمنية لشن حملة على المحافظة بهدف طرد عناصر القاعدة منها وإعادة المحافظة إلى حضن الدولة، ورغم عمليات القصور التي شابت عملية تشكيل قوات الحزام الأمني إلا أنها تمكنت من دخول من دخول المحافظة وبسط السيطرة عليها بعد معارك محدودة مع مسلحي التنظيم.

 وشهدت محافظة أبين هدوء نسبيا بعد دخول أفراد الحزام الأمني إلى مدن المحافظة وبدأت عجلة التنمية في الدوران قبل أن تبدأ المشاكل الأمنية في الظهور مجدداً، حيث نشط عناصر التنظيم وهاجموا حواجز ونقاط الحزام الأمني في عدد من مديريات المحافظة ولعل أهمهما سيارة مفخخة هاجمت مبنى محكمة الوضيع مسقط رأس الرئيس هادي في ال11 من سبتمبر من العام الماضي والتي يتمركز فيها أفراد الحزام الأمني بالمديرية وأسفرت عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح من أفراد الحزام.

وتوالت بعدها هجمات القاعدة على أفراد الحزام وشهدت المنطقة الوسطى بابين اشتباكات وتفجيرات راح ضحيتها العشرات من أفراد الحزام وفي مقابل ذلك شكا أفراد الحزام من قلة الإسناد من قبل قياداتهم وضعف جانب المخابرات.

ويقول أفراد الحزام الأمني بأنهم وخلال الأشهر الأربعة الماضية لم يستلموا رواتبهم، إضافة إلى غياب الإسناد والدعم ونقص في الذخيرة قابلة وعود لم تنفذ من قبل قياداتهم.

قادة عسكريون قالوا بأن صمود أفراد الحزام في مواقعهم برغم غياب الإسناد وقلة الدعم ونقص الذخيرة ومع هجمات القاعدة عليهم وبشكل شبه يومي يعبر عن مدى صدق أفراد الحزام في الثبات والدفاع عن أرضهم وهو ما كان غائب في كل القوات العسكرية التي تمركزت في أبين من قبل ولعل ما حدث في العام 2011 من تسليم المحافظة إلى عناصر القاعدة خير شاهد على ذلك.

يرى مراقبون ان تهميش اللجان الشعبية التي شكلها الشهيد توفيق حوس بالعام 2011 لمواجهة القاعدة يعد أحد الأسباب في فشل الحزام الأمني لكون أفراد اللجان لديهم الخبرة الكافية أمام عناصر القاعدة إضافة إلى تمكنهم القتالي.

ويقول المراقبون أن العديد أفراد الحزام من صغار السن الذين لا يمتلكوا الخبرة القتالية الكافية لمواجهة عناصر القاعدة إضافة إلى تجاوز إلى ظهور بعض السن القانونية للالتحاق بالقوات الأمنية والعسكرية.

وأوضح نشطاء من الحراك الجنوبي بالمحافظة  أن عدم كفاءة اختيار قيادات الحزام الأمني وتهميش بعض القيادات الأمنية والعسكرية في أبين أدى إلى ظهور العناصر التخريبية مرة أخرى في بعض مدن المحافظة.

وأضافوا أن أبين تتعرض إلى مؤامرات كثيرة ومن أطراف عدة لكونها تمثل الخاصرة المهمة للجنوب وهي البوابة الشرقية للعاصمة عدن.

ويرى بعض المهتمون بشأن أبين أن إرسال أبناء المحافظة ليُقاتلوا في جبهات أخرى مثل البقع في صعدة والمخا على الساحل الغربي لتعز في ظل الظروف التي تعاني منها أبين زاد من تأزم الوضع وانتشار الجماعات الإرهابية.

ويتخوف أهالي محافظة أبين من سيطرة عناصر التنظيم على محافظتهم بعد أن عانوا من السيطرة السابقة للتنظيم ما بين عامي 2011-2012 وما تخللها من موجات نزوح للمواطنين من المحافظة.

يقول المواطن أحمد شيخ (52) سنة، من بلدة شقرة الساحلية انهُ عانى كثيرا بعد سيطرة تنظيم القاعدة على بلدته بالعام 2011 حيث ذاق ويلات النزوح والهروب من جحيم الحرب وتنقل مع أسرته بين مدارس محافظة عدن.

ويشكي الحاج عبدالله سكروب من سكان مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين عن عدم استلامه مبالغ التعويض بعد تدمير منزله في قصف للطيران في العام 2011 أبان سيطرة القاعدة على المدينة، ويتسأل من سيعوضنا ويهتم بأمرنا هذه المرة في إطار اللادولة بعد أن أهملنا عندما كانت الدولة قائمة وقوية.

وفيما يرى آخرون أن المحافظة لم تسقط بعد بيد القاعدة ويأملون أن تتحرك الحكومة والتحالف لدعم الشباب الصامدون في لودر وغيرها من مدن ومناطق محافظة أبين.

كما ينشد البعض أن تُبعث تجربة اللجان الشعبية من جديد في المحافظة فأبناء المحافظة هم الضامن الحقيقي للحفاظ على أمنها واستقرارها.

فهل نرى دعم لصمود أبناء لودر خاصة وأبين عامة أو سيستمر التخاذل حتى تسقط المحافظة في وحل الفوضى والخراب وعندها قد لا ينفع الندم.

هل نحن أمام محاولة خلط أوراق شبيهة بالعام 2011 ؟

في العام 2011 وعقب احتجاجات غاضبة ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لجأ صالح ومن معه إلى إسقاط أبين بيد الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة .

كان الهدف من ذلك إضعاف حركة الاحتجاجات التي ناوئت نظامه يومها واليوم وبعد مرور أكثر 7 سنوات على تلك الاحتجاجات يعتقد مراقبون ان التحركات الأخيرة ومحاولة سيطرة الجماعات المسلحة على بعض أنحاء أبين الهدف منه خلط الأوراق مجددا خصوصا مع تزايد الضغوط على قوات صالح والحوثيين في المخا والمناطق المجاورة .