أحبط مراهانات تمزيق الشرعية..

بن دغر يستهل عودته إلى عدن بتفقد مشاريع خدمية

رئيس الوزراء اليمني بن دغر لدى تفقده مشروعاً كهربائياً في عدن

وكالات (لندن)

باشرت الحكومة اليمنية أمس، غداة عودة رئيسها أحمد عبيد بن دغر إلى العاصمة عدن، نشاطها بتفقد منظومة الكهرباء، وسط تفاؤل في الشارع اليمني بأن تشكل عودتها استكمالاً لجهودها في تثبيت الأمن والاستقرار ومواصلة حل المشكلات الخدمية وإعادة بناء الهيكل المؤسسي للدولة وإنعاش الاقتصاد الوطني، بالتزامن مع تكثيف الجهود إلى جانب تحالف دعم الشرعية لهزيمة الانقلاب الحوثي ووأد الأطماع الإيرانية في المنطقة.

وفي أول تصريح لبن دغر، عقب العودة لعدن، دعا جميع فئات الشعب إلى مساندة الحكومة والمشروع الوطني الذي تقوده الشرعية بدعم من التحالف لاستعادة الدولة والقضاء على المشروع الإيراني في المنطقة، كما أكد التزام حكومته بأداء أفضل على صعيد معالجة كل الملفات المطروحة على جدول أعمالها.

وعدّ مواطنون في عدن تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» عودة بن دغر ووزرائه إلى العاصمة المؤقتة دليلاً على حرص دول التحالف بقيادة السعودية على إنجاح خطط الحكومة الشرعية في إدارة المناطق المحررة وتوفير جميع سبل الدعم لها.

وأشاروا في حديثهم إلى أن عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، ستشكل - من وجهة نظرهم - «ضربة موجعة لكل القوى الداخلية والخارجية التي كانت تراهن على تمزيق صف الشرعية اليمنية وإضعافها وضرب علاقتها المتينة بالتحالف».

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر حكومية مطلعة أن قيادة التحالف الداعم للشرعية تمكنت من تذليل كل الصعاب والإشكاليات التي كانت تحول دون عودة الحكومة ورئيسها بن دغر إلى عدن، خصوصاً فيما يتعلق بجسر هوة الخلاف الحاصل بين الحكومة ومعارضيها في المجلس الانتقالي الجنوبي، والتوصل إلى تفاهمات غير معلنة في هذا الشأن، ركزت على منح الأولوية في الوقت الراهن لحسم المعركة مع الانقلابيين الحوثيين».

وكان رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، أكد في مقابلة سابقة مع «الشرق الأوسط»، أن تصريحات بعض المسؤولين في حكومته بشأن العلاقة مع دول التحالف، تعد تعبيراً عن أشخاصهم وليس عن رأي الحكومة ومواقفها، كما أشار إلى أن عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن مسألة متاحة وممكنة في أي وقت.

وغادر أحمد عبيد بن دغر العاصمة المؤقتة عدن قبل نحو شهرين إلى الرياض، بناء على طلب من الرئيس هادي ولإجراء نقاشات مع عدد من السفراء الغربيين قبل أن يتوجه للعلاج في القاهرة، ويعود مجدداً إلى الرياض لاستكمال التنسيق مع الرئيس هادي والمسؤولين في التحالف بشأن عدد من الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وغداة عودة بن دغر ومعه نحو 7 من الوزراء في حكومته، أدى أمس صلاة الجمعة في مسجد حقات في منطقة معاشيق، حيث القصر الرئاسي الذي تتخذ منه الحكومة مقراً لإدارة شؤون المناطق المحررة، وقام بزيارة تفقدية إلى محطة الحسوة الكهروحرارية، مشدداً على ضرورة إنجاز أعمال الصيانة في المولدات الكهربائية في جميع محطات التوليد في العاصمة المؤقتة عدن في أسرع وقت ممكن قبل دخول شهر رمضان المبارك.

واطلع رئيس الحكومة اليمنية على أعمال الصيانة في المحطة التي تقوم بها إحدى الشركات الأجنبية، واستمع إلى شرح عن سير العمل ونسبة الإنجاز الذي تحقق لإعادة تشغيل المحطة بعد الانتهاء من صيانتها في سياق المشروع الذي تبنته الحكومة بتمويل بلغ نحو 31 مليون دولار.

وعقد بن دغر، اجتماعاً موسعاً ضم عدداً من الوزراء والقائم بأعمال محافظ عدن ومسؤولي وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة للكهرباء، ووقف على أهم التحديات والصعوبات التي تواجه الكهرباء وإيجاد حلول عاجلة لرفع القدرة المولدة لمواجهة الصيف المقبل.

وحض رئيس الوزراء اليمني جميع المسؤولين على تحمل مسؤولياتهم لتخفيف معاناة المواطنين. وقال إن حكومته لن تقبل أي تخاذل أو تقصير في العمل، خصوصاً بعد أن وفرت الدعم الكامل لمحطات التوليد وأنفقت مئات الملايين من الدولارات على الكهرباء، على حد قوله، مشدداً على أن يكون هذا الصيف في عدن دون انقطاعات في التيار الكهربائي. ووعد في الاجتماع، بإيجاد الحلول الدائمة والمستدامة لتوفير احتياجات المواطنين وتخفيف معاناتهم، وقال «إن المقبل سيكون أفضل».

ويأتي تصريح رئيس الحكومة اليمنية المتفائل، عطفاً على تصريحاته السابقة أول من أمس بعد عودته إلى العاصمة المؤقتة، إذ أكد أن العام الحالي «سيكون عام الانتصار الكبير لليمن الاتحادي ورفع المظالم والتقدم نحو حلول عادلة للقضايا الوطنية، ومنها القضية الجنوبية وتحقيق حلم الشعب اليمني على امتداد الوطن، بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة الشرعية، وطي صفحة الاختلالات الأمنية والخدمية التي سادت خلال الفترة الماضية في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة».

وقال إن الحكومة وقيادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي، والتحالف بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية، «ماضون جميعاً بثبات نحو القضاء على مشروع إيران في اليمن الذي تنفذه الميليشيا الحوثية الانقلابية بالوكالة، والمضي في معالجة جميع الأوضاع الأمنية والخدمية في العاصمة المؤقتة والمحافظات المحررة».

وتعهد بن دغر في التصريحات الرسمية التي أطلقها عقب عودته بوضع حلول ناجعة ومستدامة لجميع الملفات الخدمية في عدن والمحافظات المحررة، بما يجعل المقبل أفضل. وقال: «قدرنا ومسؤوليتنا تحتم علينا فِي هذه المرحلة الصعبة وعلى الرغم من كل التحديات والتعقيدات، أن نضع خدمة المواطن في مقدمة أولوياتنا وواجبنا، فقد عانى شعبنا بما فيه الكفاية من التنازع والحروب الأهلية، والفوضى، ولقد حان الوقت لتتكاتف جميع الجهود الرسمية والشعبية على وقف وإزالة جميع الاختلالات وتحقيق الأمن والاستقرار وتحسين مستوى الحياة المعيشية اليومية في جميع الجوانب».

وعد بن دغر، مسألة الاصطفاف إلى جانب الشرعية ومشروعها الوطني، من كل فئات الشعب اليمني، «طوق النجاة الوحيد لإخراج اليمن من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام، وتأسيس يمن اتحادي جديد يرتكز على قيم العدالة والمساواة والحكم الرشيد».

ودان رئيس الحكومة اليمنية الهجمات الصاروخية الباليستية الحوثية على المملكة العربية السعودية، وحذر من مغبة السكوت عما يجري في المناطق المحتلة من قبل الميليشيات. وقال إن «الاستهداف المتكرر من ميليشيا الحوثي للأراضي السعودية بناءً على أوامر مموليها في إيران الذين يواجهون عزلة دولية تمثل خطراً على أمن المنطقة وتهديداً للأمن الدولي».

وعبر في تصريحه عن «شكره الجزيل لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجميع دول التحالف، لدورهم الفعال ومساندتهم التاريخية لليمن وشعبها لدحر الانقلاب وخوض المعركة حتى تحقيق النصر، وحماية اليمن من الأطماع الإيرانية والهيمنة على المنطقة».

ورافق بن دغر في عودته إلى العاصمة المؤقتة عدد من وزرائه؛ هم وزير الثروة السمكية فهد كفاين، ووزير الأوقاف أحمد عطية، ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح، ووزير الشؤون القانونية نهال العولقي، ووزير السياحة محمد القباطي، ووزير حقوق الإنسان محمد عسكر، ووزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى محمد الحميري، إضافة إلى عدد من المسؤولين في حكومته.

وكان الخلاف بين الحكومة الشرعية ومعارضيها في المجلس الانتقالي الجنوبي، تطور أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى مواجهات مسلحة امتدت في مناطق مدينة عدن، لمدة 3 أيام، مسفرة عن مقتل وجرح العشرات، قبل أن يتدخل تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية لنزع فتيل الأزمة وإعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة المحررة.

وتبدو مهمة الحكومة الشرعية التي يقودها بن دغر - طبقاً لمراقبين - في غاية الصعوبة لجهة الدمار الذي ألحقه الانقلابيون الحوثيون بمؤسسات الدولة ومقدراتها ومواردها المالية، إضافة إلى حجم التحديات الخدمية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها، بما فيها توفير رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين، وإعادة تأهيل البنى التحتية والاقتصاد الوطني.

وسبقت عودة بن دغر إلى عدن، بيوم واحد، عودة محافظ البنك المركزي الجديد، محمد زمام، الذي يواجه مهمة إعادة الاستقرار إلى سعر العملة المحلية (الريال) وإعادة استئناف وظيفة البنك المركزي في ضبط النشاط المالي والمصرفي، وإنعاش الحركة التجارية، بالاستفادة من الوديعة السعودية الأخيرة، وكذا من الدعم الفني الذي تقدمه المؤسسات المالية في المملكة، إضافة إلى جوانب المساندة الدولية الأخرى الرامية إلى إنجاح المهمة الصعبة التي تولاها المحافظ الجديد.

وكانت حكومة بن دغر، قطعت شوطاً مهماً في إعادة تطبيع الأوضاع في مدينة عدن والمحافظات المحررة الأخرى، وتمكنت من وضع ميزانية للدولة لأول مرة منذ انقلاب الحوثي، خصصتها لدفع لرواتب العسكريين والمدنيين والإنفاق على الخدمات وإعادة بناء المؤسسات.