حركة ملاحية وتجارية نشطة بعد طرد «القاعدة»
استقرار حضرموت.. ينعش ميناء المكلا
يواصل ميناء المكلا، أحد الموانئ المهمة في اليمن، نشاطه الاقتصادي بوتيرة عالية، بعد أن ظل هذا المرفق الحيوي على مدى عام كامل تحت سيطرة تنظيم القاعدة الذي استحوذ على موارد الميناء وسخرها لصالحه وللعمليات التي يقوم بها حتى استعادت القوات الحكومية السيطرة على ساحل حضرموت بإسناد من قوات التحالف العربي في أبريل (نيسان) الماضي.
وأعاد استقرار محافظة حضرموت، جنوب شرق اليمن، حركة الملاحة البحرية من جديد إلى هذا الميناء، ويجب على الجهات الحكومية ذات العلاقة سرعة القيام بتوسعات إسعافية عاجلة من أرصفة وساحات في الميناء، إلى جانب رفده بالآليات والمعدات الحديثة، من أجل تلبية احتياجات الازدهار الكبير للحركة الملاحية والاقتصادية التي تشهدها المحافظة حالياً.
أرقام متصاعدة
تنامت حركة الملاحة البحرية في ميناء المكلا بحسب ما أكده رئيس مجلس مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، المهندس سالم علي باسمير.
وأضاف باسمير أن أعداد البواخر والناقلات الواصلة إلى ميناء المكلا ارتفعت بشكل ملحوظ، مقارنة مع الفترات السابقة التي شهدت أوضاعاً مضطربة في البلد، وذلك في ظل الاحتياجات المتزايدة التي يتطلبها السوق المحلي من واردات قادمة من دول مختلفة.
وأشار إلى أن المؤشرات لحركة نشاط ميناء المكلا من يناير إلى يونيو من العام 2016م تؤكد الارتفاع الملحوظ في تداول الحاويات مقارنة بالأعوام السابقة، حيث استقبل الميناء (209) بواخر تجارية، و(240) سفينة خشبية، وبلغ إجمالي حركة البضائع المتداولة بالبواخر والسفن الخشبية (1.410.478) طناً، وبلغت الحاويات الواردة (7.040) حاوية، والصادرة (6.240) حاوية، والبضائع الصادرة بالبواخر (11.644) طناً، والصادرة بالسفن الخشبية (5.014) طناً، بينما حجم الواردات للميناء من الرؤوس الحية (المواشي) بلغ (4.367) طناً.
خط عالمي
في أكتوبر الماضي عزز الخط الملاحي العالمي (MSC) من نشاطه إلى ميناء المكلا، وهذا يعد مؤشراً إيجابياً يدل على مستوى النمو المتزايد للحركة الملاحية والتجارية بمحافظة حضرموت وبقية المحافظات المجاورة، في حين بدأ خط الحاويات العالمي كوسكو (COSCO ) التواصل مع مؤسسة موانئ البحر العربي لإمكانية تسيير رحلات تجارية منتظمة ببواخرها إلى أرصفة الميناء.
وأكد عبدالسلام الشرفي، مندوب شركة (MSC) في المكلا، أن الخط الملاحي سوف يواصل نشاطه إلى ميناء المكلا بوتيرة عالية من دول عدة، بمعدل أربع بواخر في الشهر الواحد، وهذا العدد مرشح للارتفاع نتيجة زيادة طلبات التجار ورجال الأعمال والمواطنين على الشحن بواسطة الخط الملاحي العالمي الوحيد الناقل إلى ميناء المكلا.
وأكد الشرفي أن هذه النجاحات هي ثمرة التعاون المشترك بين الخط الملاحي ومؤسسة موانئ البحر العربي وجمرك ميناء المكلا وجهات أخرى.
وأوضح رئيس مجلس إدارة مؤسسة موانئ البحر العربي، المهندس سالم علي باسمير، لـ«الاتحاد»، أن أرصفة ميناء المكلا تشهد نشاطاً ملاحياً وتجارياً متزايداً منذ تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة إذ ازدادت الحركة اليومية للبواخر والناقلات والسفن المحملة بالمواد الغذائية والمشتقات النفطية والإسمنت والمعدات.
وأضاف أن المؤسسة حرصت على إعادة الثقة بمستوى خدمات وجاهزية الميناء، وقدمت التسهيلات اللازمة إلى التجار والمستثمرين ورجال الأعمال والوكالات الملاحية بما يضمن استمرار النشاط التمويني للمحافظة في ظل الظروف الاستثنائية الصعبة، وتولت التنسيق المشترك بين المرافق الخدمية الموجودة بالميناء ما ساهم في تحسين النشاطين الملاحي والتجاري.
الإمارات أول الواصلين
عقب تحرير الميناء في أبريل رسا في أرصفة الميناء الكثير من بواخر الإغاثة التابعة لدول التحالف العربي، وعلى رأسها دولة الإمارات التي سيرت العشرات من السفن الإغاثية المحملة بالمواد الغذائية والمساعدات المتنوعة الرامية إلى تطبيع الأوضاع المتعلقة بجملة من المشاريع التنموية التي أعادت الأمل لعدد من المؤسسات الخدمية الأساسية في قطاعات الأمن والكهرباء والمياه والبنية التحتية.
وأكد نائب رئيس مجلس مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، فؤاد تيسير الرباكي، أن الميناء شهد نشاطاً ملحوظاً في يونيو (حزيران) الماضي ومطلع الشهر الحالي، حيث وصلت الحركة الملاحية إلى ذروتها ما أسهم في تشغيل أيد عاملة، لافتاً إلى التعاون والتنسيق الدائم مع السلطة المحلية بمحافظة حضرموت ممثلة في اللواء أحمد سعيد بن بريك، الذي يولي ميناء المكلا اهتماماً كبيراً؛ لكون الميناء يشكل عصب الحياة، ويعتبر بوابة حضرموت البحرية الوحيدة، وتعتمد عليه معظم المحافظات المجاورة، وتعمل السلطة المحلية جاهدة على استمرار عمل الميناء على مدار الساعة؛ لضمان الاستقرار التمويني للمحافظة والمحافظات المجاورة.
الإمارات أول الداعمين
وتقدم الإمارات كل المساعدات والعون من أجل النهوض بمحافظة حضرموت نحو الأفضل وإعادة الأمل عقب تحرر المحافظة من سيطرة تنظيم القاعدة.
وحظي ميناء المكلا كغيره من القطاعات الأساسية بمساعدات عاجلة تضمنت قاطرة بحرية حديثة (Towing Boat) أدخلت في أكتوبر الماضي للعمل في الخدمة الملاحية في الميناء كحدث تاريخي لطالما تمناه العاملون في الميناء عقب توقف إحدى القاطرتين الأساسيتين وبقاء الميناء بقاطرة واحدة للقطر والإنقاذ، وهي مهددة بالتوقف في أي لحظة.
وأشار نائب رئيس مجلس مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية، فؤاد الرباكي، إلى أن القاطرة تلعب حالياً دوراً كبيراً في نشاط ميناء المكلا، لافتاً إلى أن الدعم المقدم من الإمارات ساهم في تفعيل كفاءة الميناء ورفع قدراته وتطويره أمام الحركة المتزايدة، حيث مثل وصول القاطرة في هذا الوقت إحدى الركائز المهمة في الميناء.
وأضاف: «إن الميناء عانى لسنوات صعوبات وتحديات كبيرة بوجود قاطرة بحرية بمحرك واحد، إلا أن حلم الحصول على أخرى كان مستحيلاً حتى سعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية إلى تحقيق هذا الحلم وإسعاف الميناء بتوريد القاطرة من أجل إعادة الحياة إليه».
وأشار الرباكي إلى أن جهود ومساعي هيئة الهلال الأحمر الإماراتية حاضرة في جميع الجوانب الإنسانية بمحافظة حضرموت، وهذا يدل على عمق روح الإخاء بين أبناء البلدين الشقيقين.
دعوة إلى توسعة الميناء
ودعا الجهات الحكومية في المحافظة إلى الاهتمام بالميناء بوصفه النافذة البحرية الوحيدة التي تربط المحافظات الشرقية بالعالم، والإسراع في تحسينه وتطويره وتأهيل أرصفته وتعزيزه بالآليات الحديثة وتوريد قاطرات بحرية جديدة، بعد أن خرجت إحدى القاطرتين من الخدمة، إلى جانب توريد معدات وآليات شحن وتفريغ جديدة، والسعي إلى إنشاء موانئ مستقبلية في محافظة حضرموت تتمتع بمواصفات عالمية لاستقبال البواخر العملاقة حتى تواكب حجم النشاط المتزايد في المنطقة الشرقية.
وأوضحت قيادة المؤسسة أن الخطوط الملاحية العالمية الناقلة للحاويات أبدت رغبتها في إعادة تسيير رحلات تجارية منتظمة مباشرة ببواخرها من شرق آسيا إلى ميناء المكلا، وهذا سيشكل إضافة نوعية كبيرة إلى الحركة الاقتصادية، وربط محافظة حضرموت بالعالم الخارجي بأكثر من خط ملاحي عالمي، مما سيساعد بشكل رئيس على نمو التجارة والاستثمار في المنطقة الشرقية.
وأكدت المؤسسة أنها تسعى إلى بذل جهودها وقدراتها وإمكانياتها المتاحة كافة من أجل استيعاب الميناء للازدياد الملحوظ في النشاط الملاحي للبواخر المتنوعة وناقلات المشتقات النفطية (ديزل وبترول) والسفن الخشبية، حيث إن الضغوط ازدادت على الرصيفين التجاريين الموجودين بالميناء ومع توقف عملية تفريغ ناقلات النفط في البويا العائمة الموجودة خارج الميناء جراء الرياح الموسمية وهياج البحر ومخاطر الرسو في تلك المنطقة، الأمر الذي تسبب في ازدحام واختناقات بعملية تفريغ ناقلات المشتقات والبواخر التجارية الأخرى.
ميناء مستقبلي استراتيجي
وتعمل الحكومة اليمنية على إقامة ميناء مستقبلي واستراتيجي لمحافظة حضرموت، في منطقة بروم التي تبعد 22 كيلومتراً عن مدينة المكلا لما تتمتع به طبيعة الموقع من تضاريس ومزايا تؤهلها لتكون ميناء محمياً طبيعياً من اضطراب البحر والرياح.
وتعزم الحكومة اليمنية على إقامة الميناء المستقبلي بمساحة وأعماق وأرصفة كبيرة تواكب حجم التبادل التجاري والاستثماري المتنامي، بحسب ما أكده وزير النقل مراد الحالمي أثناء زيارته الأخيرة إلى موقع الميناء في منطقة بروم.
وأكد وزير النقل أن موقع الميناء المستقبلي الاستراتيجي لمحافظة حضرموت سيكون في منطقة بروم التي تبعد 22 كيلومتراً عن مركز مدينة المكلا، لما تتمتع به المنطقة من طبيعة وموقع وتضاريس تؤهلها لتكون أفضل موقع استراتيجي وطبيعي لإقامة الميناء، مشيراً إلى أن هناك دراسات فنية ومالية سابقة أعدتها الشركات الاستشارية بإنشاء الميناء الجديد والذي تبلغ تكلفته الاستثمارية أكثر من 120 مليون دولار كمرحلة أولية، وسيتضمن إنشاء رصيفين وكاسر أمواج ومساحة خلفية على أن تستكمل المراحل الأخرى بعد ذلك.
قال وزير النقل مراد الحالمي: «إن حضرموت تعتبر البوابة الرئيسة للمحافظات الشرقية بالجمهورية اليمنية، وميناؤها الحالي بمحدودية أرصفته ومساحاته وأعماقه لن يكون قادراً على استيعاب النمو المتزايد»، مضيفاً أن المحافظة بحاجة ماسة إلى ميناء يليق بمكانتها وحجم التبادل التجاري والاستثماري المتزايد الذي تشهده حالياً والمرشح للنمو بمستويات أعلى خلال السنوات القادمة.