اثارت الفوضى ودعم الحوثيين..
تقرير: تعز.. المدينة التائهة في مركب إخوان اليمن
لم تلقَ مدينة يمنية ما لاقته مدينة تعز، المدينة الكائنة الى الشمال الغربي في اليمن والممزقة في صراعات سياسية مُنهكة، القت على عاتق المدينة مزيداً من المعاناة، وأخرت من انتصارها ضد المليشيات الحوثية، وباتت المدينة تشبه المقاطعة الخاصة بالإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح)، الأمر الذي أدخلها في متاهات ضاعفت الأوضاع المأساوية للسكان في المدينة وأعطت المليشيات الحوثية جو هادئاً للبقاء في تخوم المدينة والاستمرار بحصارها وقصفها بشكل شبه يومي.
يستفرد حزب الإصلاح في السيطرة على المساحة المحررة من المدينة، الى جانب تشكيلات عسكرية بسيطة من "كتائب أبي العباس" التابعة للواء 35مدرع، وهي كتائب تواجه مضايقات شبه يومية من قبل قوى الإصلاح في المدينة لمحاولة طردها والتربع على كامل المشهد، خاصة وأن الجماعة تتوجس من بقاء أي قوات لا تتبعها الى جوارها لتستمر في تنفيذ مخططاتها في المدينة لصالح مطامح خارجية تصدر أوامرها من قطر وتركيا عبر أدوات في الداخل تنفذ الأوامر حرفياً وتتلقى حيال ذلك دعماً كبيراً.
لا يبدى سكان المدينة أي تفاءل من وضعهم الداخلي، بعد اقتتال دامٍ شهدته المدينة قبل شهر على الأقل، وأوقع العشرات من القتلى والجرحى، في آخر محاولات الاصلاح لإقصاء "شركاء المقاومة" من المدينة، وهو مخطط إصلاحي باء بالفشل مؤخراً بعد تدخل التحالف العربي لتحقيق الاستتباب في المدينة وإنهاء واقع الاقتتال، وإرساله لجنة عسكرية يرأسها نائب رئيس هيئة الأركان العمامة اللواء الركن صالح حسن، والتي ظلت في المدينة حتى إنهاء التوتر وإعادة الوضع الى سابقه.
قبل أيام، هاجمت قوات أمنية تابعة للإصلاح مقر محافظ تعز المؤقت في شارع جمال، وباشرت بإطلاق أعيرة نارية في المكان، الأمر الذي أدى في نهايته الى سقوط قتيلان وانسحاب المهاجمين أمام تدخل القوات الخاصة التي كانت تتواجد في المكان، واستطاعت صد الهجوم الذي قاده مدير قسم شرطة الجديري شائف الصغير بمساعدة مسلحين شاركوه في إطلاق النيران على المحافظة. غير أن الحادث هذا لم يكن الأول، فأحداث مشابهة شهدتها المحافظة كان ضمنها حادثة اطلاق مقذوفات على المكان دون أن تحدث أضرار.
وطبقاً لمصدر عسكري مقرب من دائرة القرار في تعز، فإن حزب الإصلاح لديه أجنحة عسكرية متعددة في المدينة، وهو أيضاً يملك القرار الأول في تحريك التوجهات داخل قيادة محور تعز، وذلك عبر القيادي الإصلاحي المعروف بـ‘‘سالم‘‘ والذي حصل على قرار رئاسي بتعيينه مستشارً لقائد المحور، بإيعاز من نائب الرئيس، علي محسن الأحمر، والذي كان يقتصر دوره سابقاً في تمويل العمليات القتالية بشكل سري.
يضيف المصدر متحفظاً عن ذكر اسمه لـ(اليوم الثامن):" هذه التشكيلات العسكرية التي تتبع الإصلاح بشكل مباشر تعمل بشكل مموه على أنها ضمن القوات الشرعية، الا أنها تخدم في الأساس أجندة الحزب في المحافظة، وهي تمارس قلاقل أمنية وتشتت العمل العسكري في المحافظة في إطار الأهداف التي يرغب الحزب في تنفيذها، وبالعادة تكون تبعات هذه الأهداف سلبية بالنسبة على المدنيين".
ودأبت التشكيلات المسلحة في تعز على مقارعة القوات الأخرى، ولم تكن أي قوة على الأرض تتعرض له كتائب اللواء 35مدرع، وهي كتائب سلفية يرغب الإصلاح في كسر أي نفوذ لها في مدينة تعز وينفذ كل الطرق والأساليب التي تتيح له الوصول الى هدفه، حتى وإن كانت هذه الخطوات تخدم المليشيات الحوثية، والحالة الأخيرة هذه اتضحت مؤخراً خلال احتدام القتال في جبهة الكدحة بين كتائب أبي العباس والمليشيات الحوثية.
تفيد مصادر موثوقة أن القوات العسكرية التابعة للإصلاح والمنضوية في إطار اللواء 17مشاة، فتحت الطريق أمام المليشيات الحوثية القادمة من البرح حتى منطقة الكدحة أثناء دفع المليشيات بتعزيزات لمقاتليها المحاصرين في الكدحة. مشيراً الى أن أطقم وعتاد عسكري استقدمته المليشيات عبر مناطق ‘‘الطوير‘‘ و‘‘جبل الحمام‘‘ دون أن يتعرض لأي استهداف من قبل قوات اللواء 17المتمركزة في الجبال المطلة.
مراقبون يرون أن المساعي التي يحشد لها حزب الإصلاح في مدينة تعز، تسقط في كل مرة في الخط الموازي لمصالحه، ذلك يعود بحسب قولهم الى الخطوات الانفرادية التي ينتهجها الحزب خارج إطار القرار السياسي الجامع لباقي الأطراف السياسية، والسلطات المحلية في المحافظات التي يملك فيها نفوذ، وبالذات محافظتي تعز ومأرب.