الصراع يسير باتجاه الحسم العسكري..

تقرير: ضعف احتمالات الحل السياسي في اليمن

الوية العمالقة الجنوبية

عمر الرداد

تتسارع التطورات في الحديدة اليمنية؛ حيث أشاعت جهود المبعوث الأممي لليمن في صنعاء ومباحثاته مع الحوثيين حول إيجاد مخرج لقضية إنهاء الاحتلال الحوثي لمدينة الحديدة، أجواءً تشير إلى إمكانية التوصل إلى حلّ بتسليم المدينة لقوات الشرعية اليمنية، دون خوض معارك طاحنة فيها، إلّا أنّ تصلب مواقف المستوى العسكري المرتبط بالقيادة الإيرانية، وخلافاته مع المستوى السياسي داخل جماعة الحوثي، أطاحت بتلك الجهود، رغم تصريحات الرئيس الإيراني، التي أكدت خلال اتصاله مع أمير قطر قبل أيام، أنّ الحل في اليمن يجب أن يكون سياسياً وليس عسكرياً.
المعركة واستراتيجية المدينة 
تدلّ معطيات المعارك على الأرض أنّ مجريات الصراع في الحديدة تسير باتجاه الحسم العسكري، مقابل ضعف احتمالات التوصل إلى حلول سلمية، خاصة بعد وصول قوات التحالف العربي إلى مطار المدينة، فمسألة تحرير المدينة تبدو مسألة وقت لا أكثر، تتطلبها مقتضيات إدارة الحرب في ظلّ استخدام الحوثيين المواطنين اليمنيين دروعاً بشرية، كما هو الحال في صنعاء وغيرها من المدن، وهو ما تحاول قوات التحالف مراعاته، في ظل إدراك لخطط الحوثيين، وحملتهم الإعلامية التي ترتكز أساساً على ادعاءات بالانتهاكات المرتبطة بمنظومات حقوق الإنسان، وأنّ الحصار سبب بوادر المجاعة والأمراض في اليمن، إضافة إلى مزاعم بأنّ قوات أمريكية وأوروبية تخوض معارك الحديدة، وفي اليمن، إلى جانب قوات الشرعية.
الحسم العسكري 

يبدو أنّ الحسم العسكري أصبح وشيكاً في اليمن، في ظلّ تقدم قوات الشرعية في جبهات القتال، وحصار الحوثي في معاقله في صعدة وصنعاء، وغيرها من المناطق والمحافظات، وأنّ كثيراً من القبائل اليمنية، خاصة في طوق صنعاء وقوات الحرس الجمهوري المنشقة إلى جانب الحوثي، أدركت مخططات الحوثي المرتبطة بإيران، وهو ما يتطلب، وفق كثير من الخبراء العسكريين، ضرورة فتح جبهات قتال أخرى بالتزامن مع جبهة الحديدة لاستنزاف قوات الحوثي، وفيما يبدو أنّه استجابة للضغوط الدولية بترك الباب مفتوحاً من قبل قوات التحالف العربي أمام إمكانية إبقاء المفاوضات جارية للتوصل إلى حلّ سياسي لكلّ اليمن.
 فالمعارك التي تشهدها الحديدة تسير بحذر شديد، رغم أنّ معركة الحديدة واستعادتها تشكل أهم مفاصل الحرب اليمنية، في ظلّ الأهمية الإستراتيجية للمدينة ومينائها، الذي يشكل أهم معبر لدخول الأسلحة الإيرانية وشحنات الغذاء والدواء، إضافة إلى أهمية المدينة التي تعدّ ثاني المدن بعد صنعاء، وأنّ نتائج المعارك فيها ستنعكس على بقية ساحات المعارك.

إنّ الحديث عن حلول سياسية في اليمن، التي تطرح من قبل المبعوث الأممي، وفي أوساط دولية ومن قبل القيادة الإيرانية، والتجاوب معها من قبل قيادة التحالف العربي، يبدو حديثاً سابقاً لأوانه، حيث سيعطي جماعة الحوثي فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة تجميع قواتها، بعد الضربات والخسائر التي تلقتها على مدى الأشهر الماضية، إضافة إلى أنّ هذه الجماعة، لأسباب عقائدية، لا تؤمن إلا بالحرب وسيلة لحسم الصراع، علاوة على أنّ قرار قيادة الحوثي مرتبط بإيران، وتحديداً قيادة الحرس الثوري الإيراني، لذا فإنّ إنهاء معارك الحديدة بغير الحسم العسكري سيصبّ في مصلحة الحوثي، الذي سينظر إليه الحوثيون على أنّه تراجع خطوة للتقدم خطوات.
المشروع الإيراني
أهمية معركة الحديدة تكمن في العديد من الأسباب، فإضافة إلى أهميتها الإستراتيجية، فإن الطريقة التي سيتم من خلالها إنهاء احتلال الحوثي للحديدة، سواء من خلال استمرار المعارك وحسمها عسكرياً، أو باتفاق على تسليم المدينة لقوات الشرعية، ستكون نموذجاً يعتمد في معارك صنعاء القادمة وصعدة وغيرها من المناطق، التي ستكون أكثر ضراوة، وهو ما يعني، في النهاية، بداية هزيمة المشروع الإيراني في اليمن، رغم أنّ النهاية التي ستؤول إليها معركة الحديدة ستمنح الحوثيين فرصة للتفاوض من موقع أقوى، مع استمرار الاحتفاظ بالجزء الأكبر من أسلحتهم، واستمرار الدعم الإيراني لهم، والدخول في متاهات المفاوضات مجدداً والاشتراطات والمماطلة، وتكرار نموذج حزب الله في لبنان، بنسخة يمنية، سيحاول الحوثي من خلالها فرض إرادة (5 %) من اليمنيين، وهي نسبة الحوثيين في اليمن على كلّ اليمن، من هنا فإنّ أهمية معركة الحديدة وحسمها لصالح قوات التحالف العربي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشروع الإيراني، ووضع نهاية له في اليمن، كمحطة أولى في هذا المشروع على طريق تحرير سوريا والعراق، خاصة أنّ هناك إجماعاً دولياً على إدانة إيران وسلوكها في المنطقة، بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، وما تبعه من عقوبات اقتصادية صارمة ضدّ الحرس الثوري، والاتفاق بين كوريا الشمالية وأمريكا، وتعهدات كوريا بنزع كامل لأسلحتها النووية، وهو ما يجعل إيران دولة وحيدة في محور الشرّ، حسب التصنيفات الأمريكية.