إحالة بن دغر لتحقيق..
اليمن: إعادة هيكلة مؤسسات الشرعية بقرار رئاسي
كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” عن مشاورات تجري في كواليس الحكومة اليمنية لإصدار سلسلة من القرارات التكميلية التي من المفترض أن تخرج للعلن خلال الأيام المقبلة في إطار ما يمكن وصفه بسياسة إعادة هيكلة مؤسسات الشرعية التي يقوم بها الرئيس عبدربه منصور هادي والتي قد تتضمن، بحسب المصادر، تعيين نائب للرئيس.
وأشارت مصادر “العرب” إلى أن قرار إقالة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر والذي يأتي وفقا لبيان الإقالة في سياق معالجة الإخفاقات الإدارية والاقتصادية، يمكن أن يشهد نموذجا مشابها قد يطال المسؤول الأول عن الملف العسكري في الشرعية، بالنظر إلى حالة الجمود في المسار العسكري وتعثر الجبهات.
وتوقعت المصادر عقد جلسة مرتقبة لمجلس النواب اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بهدف تفعيل واحدة من المؤسسات السيادية في اليمن والتي ظلت خارج إطار الصراع بين الشرعية والانقلاب.
وربطت المصادر بين تعيين الرئيس هادي لمعين عبدالملك رئيسا للوزراء والذي ينحدر من محافظة تعز وبين رغبة هادي في الدفع باتجاه تمكين أحد المقربين منه وهو محمد علي الشدادي (من محافظة أبين) رئيسا لمجلس النواب وقطع الطريق على القيادي في حزب المؤتمر سلطان البركاني أحد أبرز المرشحين لهذا المنصب، على اعتبار أنه من غير المنطقي أن تذهب رئاسة المؤسستين التشريعية والتنفيذية لشخصين من ذات المحافظة.
وأقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، الاثنين، وعين وزير الأشغال العامة والطرق معين عبدالملك بدلا عنه، كما عين محافظ حضرموت الأسبق سالم الخنبشي نائبا لرئيس الوزراء مع الإبقاء على أعضاء الحكومة في مناصبهم.
وينتمي رئيس الوزراء الجديد معين عبدالملك سعيد إلى تيار “الربيع العربي” في اليمن، حيث كان أحد قادة الاحتجاجات في العام 2011، وقد مثل “شباب الثورة” في مؤتمر الحوار الوطني في العام 2013 في أول مشاركة سياسية له، قبل أن يتم تعيينه عضوا في عدد من اللجان المنبثقة عن مؤتمر الحوار مثل لجنة الدستور ولجنة الأقاليم، وكان أول منصب رسمي يعمل فيه نائبا لوزير الأشغال العامة والطرق، ثم وزيرا للأشغال العامة والطرق.
ويرى العديد من المراقبين أن تعيين عبدالملك الحاصل على دكتوراه في فلسفة العمارة مؤشر على إصرار تيار قوي ونافذ محيط بالرئيس هادي يقوده سفير اليمن في واشنطن أحمد عوض بن مبارك على المضي قدما في تغيير بنية الدولة في اليمن والإطاحة برموز النظام السابق.
ونص القرار على إحالة رئيس الحكومة المقال على التحقيق في سابقة غير معهودة في تاريخ السياسة اليمنية الحديثة.
ووصفت مصادر مطلعة قرار إقالة بن دغر بأنه لم يكن مفاجئا، غير أنها أشارت إلى أن الشخص الذي تم تعيينه رئيسا للحكومة، إضافة إلى صيغة قرار الإقالة أمران لم يكونا في الحسبان.
وأرجعت المصادر تضمّن القرار إشارة إلى إحالة بن دغر على التحقيق وتحميله الفشل في إدارة الحكومة، إلى أنها محاولة للحيلولة دون قيام الرجل بأي دور سياسي في المستقبل، بالنظر للحديث الذي يدور منذ فترة عن إمكانية قيام بن دغر بدور مهم في إعادة إحياء حزب المؤتمر وإمكانية توليه منصبا رفيعا في الحزب.
وسارع رئيس الوزراء المقال لتهنئة خلفه، لكنه لم يعلق على قرار إحالته على التحقيق، غير أن مصادر سياسية توقعت أن ينعكس هذا الأمر على علاقة بن دغر بالرئيس هادي ويعقّد مساعي توحيد حزب المؤتمر تحت قيادة هادي نظرا للمكانة التي يتمتع بها رئيس الوزراء المقال بين قيادات الحزب سواء في جناح هادي أو جناح الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” أن هادي استبق مشاورات كانت تدور لإعادة تعيين رئيس الوزراء السابق خالد بحاح إلى منصبه كجزء من تسوية سياسية بين الشرعية والمجلس الانتقالي، إضافة إلى محاولة تقديم بن دغر ككبش فداء لكل الأخطاء التي رافقت عمل الشرعية خلال السنوات الماضية.
واعتبر مراقبون أن إقالة رئيس الحكومة والإبقاء على أعضائها لن ينعكسا بصورة حقيقية على أداء الحكومة وقدرتها على مواجهة الأعباء والتحديات السياسية والاقتصادية، في حال لم يعد تشكيل الحكومة بطريقة تجعلها قادرة على مجابهة تحديات الحرب ومعالجة التداعيات الاقتصادية.
واعتبر الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي أن الأمر الجيد الوحيد في تغيير رئيس الحكومة هو أن رئيس الوزراء الجديد من الوجوه الشابة.
واستدرك البخيتي في تصريح لـ”العرب” أن هذا القرار لن يكون مفيدا إذا لم يترافق مع منح صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء تمكنه من إحداث إصلاحات هائلة داخل منظومة الوظيفة الحكومية والتي تعمل في غالبها من خارج الوطن والتي تضخمت بحيث باتت تشكل عبئا كبيرا على الموازنة وعلى العملة الصعبة التي تستنزف من خلال تعيين المئات إن لم يكن الآلاف في مناصب لا ضرورة لها وفي ملحقيات وسفارات ووزارات لا تعمل في الداخل.
ولفت البخيتي إلى ضرورة أن يشرع رئيس الحكومة في القيام بإصلاحات ومكافحة الفساد عبر البدء بتقليل أعضاء الحكومة للحدّ الأدنى حتى يعرف اليمنيون من يتحمل المسؤولية وليتمكن رئيس الوزراء من مراقبة أداء الحكومة.