على حساب دول كبرى..
ما حقيقة الحلف «القطري- الإيراني» لزعزعة استقرار المنطقة

تميم وروحاني
«لا نملك أن نغير الجغرافية».. بتلك العبارة رد وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، على سؤال حول علاقة بلاده بدولة إيران، الأربعاء الماضي، في جلسة حوارية على هامش المنتدى الرابع للحوار المتوسط بالعاصمة الإيطالية روما.
العبارة التي افتتح بها «ابن عبدالرحمن» الرد، جاءت لتشير إلى ديمومة العلاقة القطرية بإيران، فطالما أنها لا تملك تغيير الجغرافية فستحافظ على الحليف الطبيعي «وفق العقلية القطرية»، التي يتشارك معها في «حقل غاز ضخم»، لكن الأهم من ذلك ما أشار إليه لاحقًا؛ حيث قال: «نستخدم المجال الجوي الإيراني الذي يُعد المجال الوحيد المفتوح أمامنا بعد الحصار العربي».
وتشهد العلاقات القطرية مع إيران، أخيرًا، مراحل أكثر حيوية وتعاون، وفيما تحاول الدولة القطرية ارتداء ثوب «المضطر» في علاقتها بطهران، في ظلِّ غياب الخيارات المتعددة حول التجارة أو المجال الجوي بعد قرار الرباعي العربي «مصر، السعودية، الإمارات، البحرين»، قطع علاقته مع النظام القطري، يكشف تتبع العلاقات «الإيرانية – القطرية» الراسخة قبل سنوات من القرار، عن حقيقة الحلف «القطري- الإيراني»؛ لهدم دول وزعزعة استقرار المنطقة؛ بحثًا عن أدوار إقليمية، وأملًا في زعامة على حساب دول كبرى في المنطقة.
دعم الإرهاب
التعاون بين الدوحة وطهران، هدفه دعم الجماعات الإرهابية؛ من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة، سواء من خلال جماعة الإخوان في مصر، أو الحوثي في اليمن، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية.
وفي الوقت الذي حاولت فيه الدول العربية تحجيم الأطماع الإيرانية في المنطقة بالضغط على العنصر العربي «قطر» لتعديل سياساته، جاء رد الفعل القطري مرسخًا لعلاقاته أكثر بالحليف الإيراني.
ويُشار إلى أن قطر كانت تستخدم علاقتها بإيران قبل قرار المقاطعة؛ بحثًا عن أدوار في المنطقة؛ إذ حملت الدعوة إلى حوار «خليجي – إيراني» على مدى سنوات ما قبل الأزمة، ويقول الباحث في العلوم السياسية في جامعة الإسكندرية «أحمد أمين عبدالعال» في دراسة حديثة حول العلاقات «القطرية - الإيرانية» (صادرة عن المركز الديمقراطي العربي للدراسات): إن «قطر تصدرت في لعب دور الوسيط بين دول الخليج وإيران، وهو ما أكدته القيادة القطرية أكثر من مرة، سواء في مجلس التعاون الخليجي أو في جامعة الدول العربية أو في الأمم المتحدة؛ حيث طالبت ببدء حوار بين دول الخليج وإيران؛ بهدف حل الأزمة طويلة الأجل في المنطقة».
وتابع: ومن ثم فإنه يمكن القول: إن السبب الرئيسي لتعزيز قطر العلاقات السياسية مع إيران يتمثل في رغبة الدوحة الدائمة في إثبات وجودها الإقليمي ومواجهة الضغوط الخليجية، وامتلاك أداة سياسية متمثلة في تحالف إقليمي بينها وتركيا وإيران؛ بهدف دفع دول المقاطعة للتراجع عن قراراتها بخصوص المقاطعة.
كما رصدت الدراسة نفسها، تعميق العلاقات القطرية مع إيران على مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية، عقب قرار المقاطعة العربي.
وبذلك يخلو تاريخ العلاقات بين البلدين «قطر وإيران» من أي توترات سوى «قرار الدوحة مطلع العام 2016 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وسحبت سفيرها على خلفية أحداث اقتحام السفارة السعودية في طهران؛ سعيًّا منها لتخفيف الضغوط الخليجية عليها»، وعقب أقل من عامين عادت العلاقات الدبلوماسية في أغسطس 2017، أي بعد نحو شهرين من قرار المقاطعة العربي، في تحدٍّ لافتٍ.
تعاون اقتصادي عسكري
وتبرز العلاقات الاقتصادية ضمن محاور الطفرات التي تشهدها العلاقات بين البلدين، ويوضح «عبدالعال»، أن إيران استغلت حالة المقاطعة التي منيت بها الدوحة؛ لتقوم بزيادة صادراتها إليها؛ ليزداد حجم التبادل التجاري ما بين البلدين بنحو 2.5%؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 250 مليون دولار مع نهاية السنة المالية الإيرانية، شهر مارس الماضي، وعلى الجانب الآخر شارك نحو 15 شركة إيرانية في معرض قطر الدولي الزراعي الذي استضافته الدوحة أخيرًا؛ ما يدل على مدى تطور العلاقات الاقتصادية ما بين البلدين.
وعسكريًّا، تشهد العلاقات تطورات أخرى، وفيما كان التعاون العسكري يتم في السابق في الخفاء، بات محورًا آخرَ في التحدي القطري لدول التحالف، وكانت الدوحة استضافت في -مارس الماضي- وفدًا من القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني، برئاسة نائب القوة البحرية بالحرس العميد «علي رضا تنكسيري»، وذلك على هامش المعرض الدولي السادس للدفاع البحري «ديمكس 2018» الذي انعقد بقطر؛ وقال حينها: إن «بلاده تعتزم استعراض أسلحة إيرانية في المعرض مستقبلاً»، وفق الدراسة.
وفيما تبدو العلاقات متناغمة بين قطر وإيران، فإنها لا تخلو من التحديات، فمن جهة استمرار المقاطعة العربية لقطر، ومن أخرى احتمالات الصدام مع الحليف الأمريكي لقطر؛ إذ تقبع قطر حاليًّا بين قوتين متصارعتين «أمريكا وإيران»، وباتت الدوحة مهددة بفرض عقوبات أمريكية عليها في ظلِّ عدم التزامها بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بعد إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للاتفاق النووي مع إيران في مايو الماضي.