المصالح تحكم..
تقرير: تشرد "الإخوان" بعد زوال البيت التركي

جماعة الاخوان
لم تزل قضية الإرهابي المصري، «محمد عبدالحفيظ» المرحّل من تركيا، في 18 يناير الماضي، على خلفية حكم إعدام صادر ضده في مصر، مثار جدال خطير، إذ يحمّل مراقبون واقعة تسليم تركيا المعروفة بعدائها للدولة المصرية، إخوانيًّا متورطًا في قضية اغتيال النائب العام، تأويلات، تذهب أغلبها إلى تراجع تركي عن السياسات الداعمة للإخوان. واستندوا في ذلك إلى تضارب الروايات التركية والإخوانية حول كواليس عملية الترحيل.
روايات و تفاسير
بداية الأمر كانت مما نشرته أنقرة رسميًّا عن كون الإرهابي المصري غير حاصل على لجوء سياسي من تركيا؛ لكنها أوضحت طبقًا لرواية نشرتها صحيفة «ميللي غازيته» التركية، أنه تقدم في وقت سابق على طلب للحصول على لجوء سياسي، وبعد فحص أوراقه رفض أنقرة منحه اللجوء، ومن ثم كان خيار ترحيله منطقيًّا، ولاحق هذه الرواية تأكيدٌ تركيٌ على عدم علم السلطات بانتماء الإرهابي لجماعة الإخوان، أو أنه يواجه حكمًا قضائيًّا بالإعدام.
بالتوازي مع ذلك، يحل التضارب الإخواني حول الواقعة، إذ تبنت الجماعة الإرهابية حديث القيادي فيها، «صابر أبو الفتوح»، الذي قال إنه تعاون مع الإرهابي المحتجز وحاول التوسط له لدى السلطات؛ لكن لم يفلح في الحول دون الترحيل، فيما ظهر مقطع صوتي للقيادي نفسه وهو يقول إن قيادات الجماعة اعتقدوا أن الإرهابي غير منتم للجماعة، وتابع لتنظيم «الجهاد» ومن ثم لم تتحرك لاحتواء مشكلته.
آثار الترحيل
تسببت هذه الروايات في شق صف المنتمين للجماعة والمقربين منها في تركيا، إذ بدأت مجموعة من الشباب الإخواني وغير الإخواني الهاربين في تركيا، موجة هجوم عنيفة على الجماعة وقياداتها مؤكدة الرواية الواردة على لسان «أبو الفتوح»، التي أقر فيها بعدم تدخل الجماعة في قضية «عبدالحفيظ» لعدم انتمائه للجماعة.
فيما اعتبر المهاجمون أن مثل هذا التصرف يعبر عن انعدام المبادئ التي طالما رفعتها جماعة الإخوان، وعبّر آخرون عن نيتهم الفعلية في مغادرة تركيا بعدما تأكدوا على مدار سنوات إقامتهم في تركيا على فشل المشروع الإخواني وفساد النوايا.
وقال الإعلامي في قناة «الشرق» الإخوانية، طارق قاسم، عبر حسابه الشخصي على «فيس بوك» إن أعدادًا «خرافية» بحسب تعبيره، من الهاربين المصريين في إسطنبول، يتهيؤون الآن لمغادرة تركيا لأماكن غير محددة، بعدما تيقنوا من حقيقة قياداتهم، وأنهم علقوا حياتهم ومستقبلهم على رهان خاسر اسمه الإخوان.
حيث اتهم قاسم، الذي هرب إلى تركيا قبل أربعة أعوام من مصر للعمل في قناة «مكملين»، قيادات الجماعة ببيع «الوهم الكاذب» للشباب، وتاجروا أمامهم بالمبادئ، فيما أثبتت الممارسة عكس ذلك.
يشار إلى أن «قاسم» كتب قبل عشرة أشهر، عن من صدم فيهم بتركيا، واصفًا إياهم بقوله: «سفراء للحيرة، ووكلاء حصريون للكذب والتدليس والادعاء، ونخاسون للأفكار، وقوادون للقيم بضاعتهم الزور وتجارة المواقف».
عواقب كشف المشهد
مع الشرخ الذي حل في صفوف الجماعة الإرهابية بتركيا، يميل المراقبون إلى أن هذا الوضع قد يدفع الدول الداعمة للإخوان وعلى رأسها قطر وتركيا، للابتعاد ولو قليلًًا عن منطقة الدعم المطلق للجماعة.
واستندوا في ذلك على كون المصالح هي ما كانت تحكم علاقة التفاهم بين الإخوان وأعوانهم، وبعدما فشلت الجماعة في إدارة المشهد بل فقدت مؤيديها من خارجها، بات الحديث عن التخلي عنها منطقي، في وجهة نظرهم.
وتعتبر تقارير خبراء أن أول الدولة المرشحة للتخلي عن الجماعة تركيا، إذ كانت تراهن بطموحاتها العثمانية على الجماعة لتحقيق حلم الخلافة، وبعدما ثبت فشل الجماعة قد تتراجع عن الدعم.
ويفتح ذلك الباب أن تكهنات بموجة سفر عكسية للإخوان والمتعاونين معهم من تركيا، إذ سيبدأوا في البحث عن دول جديدة، يشار إلى أن قطر والسودان سبق لهم التخلي عن الجماعة، بعدما طالبت كلًّا من الدولتين قيادات إخوانية فيها بمغادرة أراضيها، وذلك بعد اكتشاف أن الثمن الذي يدفعونه مقابل دعم الإخوان باهظًا.