عملية السلام..

تقرير: بماذا ينبئ مسار المفاوضات "الفلسطينية الإسرائيلية"؟

9 محطات في تاريخ الوساطة الأمريكية لعملية السلام

احتكرت الولايات المتحدة الإمريكية إدارة عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ أكثر من 20 عامًا. ومع ذلك، لم يتحقق السلام بعد، بل كان مرور الوقت في صالح طرف على حساب آخر، واليوم تجد السلطة الفلسطينية نفسها مجبرة على التعاطي مع الرئيس الأمريكي الأكثر سوءاً من بين 4 رؤساء حاولوا السباحة في بحر حلول لأعقد صراع .. لكن عادوا بلا نتيجة.

وبتتبع مسار عملية السلام، فإن تصور الحل في الظروف الحالية التي يحيكها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يدفع إلى التفاؤل بالنسبة للفلسطينيين، خاصة وأن تسريبات المعالم الأولية للخطة المتوقع طرحها مطلع 2018 تضرب بالحد الأدنى الفلسطيني عرض الحائط، وتتفق مع رؤية الحكومة اليمينية الإسرائيلية.

بدأت أولى تحركات البحث عن حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عقب انتهاء حرب 1967، باعتماد الأمم المتحدة قرار 242 الذي يقضي بانسحاب إسرائيل من “أراضٍ احتلتها” في ذلك العام. استغلت الأخيرة غموض صياغة القرار وقالت بأنه أشار إلى “أراضٍ” والمقصود ليس كل الأراضي المحتلة. في حين، أصر الفلسطينيون على الانسحاب من كافة الأراضي منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، مع بعض التنازلات المتعلقة بتبادل طفيف للأراضي.

اتفاقية كامب ديفيد

على الرغم من عدم مشاركة الفلسطينيين كطرف في هذا الاتفاق، إلا أنه كان أول الاتفاقات التي طرقت باب عملية السلام في الشرق الأوسط.

عام 1977 وصل الرئيس المصري آنذاك محمد أنور السادات إلى إسرائيل، ووقّع اتفاقاً برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، تضمن إنشاء “سلطة حكم ذاتي” في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تتبع لاحقاً “بمحادثات الوضع النهائي”.

 

مؤتمر مدريد 1991 وأوسلو 

استكمالاً لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد، شكّل مؤتمر مدريد خطوة أخرى إلى الأمام نحو قبول إسرائيل من طرف الدول العربية، وبالنسبة للفلسطينيين، كان خطوة للخلف؛ بسبب تبدل الموقف العربي، وعدم بقاء أية قاعدة انطلاق أمامهم لمواجهة الاحتلال.

عقد المؤتمر برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وأدى إلى توقيع اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية عام 1994.

قبل ذلك بعام، كانت القيادة الفلسطينية قد توجّت مفاوضات أوسلو السرية باتفاق تاريخي وقعه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في النرويج. نص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل، وإنشاء سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة لمرحلة انتقالية تستغرق 5 سنوات يتم فيها التوصل إلى تسوية دائمة على أساس حدود 1967.

شكّل اتفاق أوسلو بداية مسلسل المفاوضات الطويل، والمستمرة أجزاؤه حتى يومنا هذا دون معالم واضحة لنهاية قريبة. فمنذ توقيع الاتفاق ودخول السلطة الفلسطينية إلى مدينة رام الله، لم يتبقّ شيء من بنوده، واندلعت انتفاضة فلسطينية وسادت حالة عدم استقرار دائمة.

 

كامب ديفيد 2000

خلال الفترة ما بين عامي 1993 و2000، بذل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون جهودًا لمعالجة ملفات الوضع النهائي التي وضعت للنقاش ضمن المرحلة الانتقالية، إلا أن الجهود تعثّرت.

وفي تموز من عام 2000، جرت مفاوضات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إيهود باراك، وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، قدم فيها باراك عرضًا تضمن الانسحاب من قطاع غزة والتنازل عن أجزاء واسعة من الضفة الغربية، إضافة إلى منح أراضٍ إضافية من صحراء النقب إلى الفلسطينيين، على أن تحتفظ إسرائيل بالمستوطنات الرئيسة، ومعظم أجزاء القدس الشرقية. كما اقترحت إسرائيل إشرافًا فلسطينينًا على الأماكن المقدسة في القدس القديمة والمساهمة في صندوق خاص باللاجئين الفلسطينيين.

إلا أن هذا العرض لم يرقَ للحد الأدنى الفلسطيني ورفضه عرفات، لتندلع الانتفاضة الثانية بعد عام واحد.

 

طابا 2001

قاد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون محاولات إنعاش الوضع المتأزم بين الفلسطينيين وإسرائيل، عبر مباحثات عقدت في منطقة طابا المصرية، إلا أنها فشلت مجدداً في التوصل إلى نتائج ملموسة.

 

مبادرة السلام العربية 2002

في ذلك العام، قّدمت السعودية مبادرة بإجماع من الدول العربية تقوم على أساس انسحاب إسرائيل من أراضي الدولة الفلسطينية المفترضة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مقابل تطبيعٍ عربيٍ شاملٍ مع إسرائيل. وحتى يومنا هذا، تتمسك السلطة الفلسطينية بهذه المبادرة التي تحظى بدعم المجتمع الدولي، إلا أن الرفض الاسرائيلي المتكرر لم يصل بها إلى حد التطبيق.

 

خارطة الطريق 2003

انتهى عهد كلينتون وجاء جورج بوش الابن خلفًا له، ليضع ما أطلق عليها في حينه “خارطة الطريق”، وهي خطة سلام أعدتها اللجنة الرباعية التي تضم: الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. هذه الخطة لا تحمل تفاصيلاً بشأن تسوية نهائية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بقدر ما تبحث عن طرق التوصل إلى الحل، إلا أنها فشلت هي الأخرى ولم تستمر لأكثر من سنة.

 

أنابوليس 2007

في ولايته الثانية، عقد الرئيس الأمريكي بوش مؤتمرًا في القاعدة البحرية أنابوليس بماريلاند لاستئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

شارك رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس في المحادثات، إلى جانب مسؤولين من اللجنة الرباعية وممثلين عن بلدان عربية عديدة منها المملكة العربية السعودية وسوريا.

وعقدت اجتماعات منتظمة بين أولمرت وعباس. وراجت حينها أنباء عن أنها حققت تقدمًا بخصوص قضايا الحدود، لكنها فشلت؛ إثر بدء الحرب الإسرائيلية على غزة أواخر 2008.

 

أوباما وفشل السنوات الثماني

لم يستطع الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما التوصل لحل خلال سنوات حكمه الثماني، رغم أنه أطلق في 2 سبتمبر 2010 محادثات مباشرة في البيت الأبيض جمعت الرئيس محمود عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لكن انتهاء التجميد الجزئي للاستيطان في 26 سبتمبر أدى إلى انهيار المفاوضات.

ومرت 5 سنوات بعدها من المحاولات الأمريكية بقيادة أوباما ووزير خارجيته جون كيري، إلا أن الجهود اصطدمت بالرفض الإسرائيلي لفكرة حل الدولتين في كامل بنودها ومقتضياتها.

وقبيل مغادرة البيت الأبيض، خرج كيري بخطاب في الوقت الضائع أكد فيه على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للتوصل إلى السلام. وكانت الولايات المتحدة قبل ذلك بفترة قصيرة قد امتنعت عن استخدام الفيتو ضد قرار أممي يدين الاستيطان في الضفة الغربية، مما أثار موجة غضب حكومية إسرائيلية عارمة ضد إدارة أوباما.

 

ترامب وعاصفة صفقة القرن 

تلقّت السلطة الفلسطينية الصدمة بفوز ترامب برئاسة أمريكا، وذلك لكونه صرح مسبقًا في دعايته الانتخابية عن دعمه الكامل لإسرائيل وانسياقه مع مواقفها من عملية السلام.

وعند تسلمه الحكم كشف عن نيته عقد صفقة سلام نهائية بين طرفي الصراع، فيما لم تتضح معالمها بعد.

وبعد حوالي 10 أشهر من الحديث عن الصفقة، يبدو أن ترامب بدأ الضغط الفعلي على السلطة الفلسطينية لقبول الصفقة، من خلال قرار إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، فهل تحمل الأيام القادمة مفاجآت للفلسطينيين؟

المصدر