عرض الصحف العربية..

تقرير: "زلزال ظريف".. كيف ضرب النظام الإيراني

صحف

24

أهتمت الصحف العربية الصادرة اليوم باستقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ووصفتها بعض الصحف بـ"الزلزال السياسي" الحاد الذي يضرب إيران.

ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الأربعاء، فإن هذه الاستقالة تعكس صراعاً قوياً بين أجنحة النظام، فيما ستقلص بالتأكيد من حجم المناورات السياسية لإيران في المستقبل في ظل التحديات السياسية التي تواجهها.

فشل ظريف
البداية من صحيفة "العرب"، والتي أشارت أن استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، كشفت عن حجم النفوذ الذي تمتلكه مؤسسة الحرس الثوري وسيطرتها على الخارجية، بالإضافة إلى تحكمها في الملفات الحساسة في مختلف القضايا بما في ذلك الملف الدبلوماسي.

وأوضحت الصحيفة أن الحرس الثوري يهيمن على الخارجية الإيرانية، خاصة ما يتعلق بالقضايا الإقليمية التي يحتكر إدارتها قائد فيلق القدس بالحرس الثوري قاسم سليماني.

وأشار مراقبون سياسيون في حديثهم للصحيفة إلى وجود ما اسموه "جهاز ظل لإدارة الملفات الإقليمية في وزارة الخارجية الإيرانية"، وهو الجهاز الذي يضعف مواقف دول أوروبية لا تزال تتمسك بالحوار مع طهران وجذبها إلى المجتمع الدولي.

وأوضح المراقبون إن "خطوة ظريف ستخدم استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تدفع نحو مواجهة إيران لتطويق دورها الإقليمي، الذي يهدد مصالح دول الجوار ومصالح الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

زلزال ظريف
وصفت صحيفة "الرؤية" الإماراتية استقالة ظريف بالزلزال الذي يضرب إيران، وقال مدير المركز العراقي للإعلام المستقل في لندن صادق الموسوي، وفقاً للصحيفة إن أحد أبرز أسباب استقالة ظريف "يتعلق بالصراعات بين الأجنحة المتنفذة في إيران، خصوصاً مع الحرس الثوري".

وكشف الموسوي عن وجود "خلافات بين ظريف والحرس الثوري الإيراني"، المتشدد بمواقفه تجاه الولايات المتحدة، على العكس من وزير الخارجية الذي يرى "ضرورة التعامل مع واشنطن".

من جانبه رأى رئيس وحدة الدراسات الإيرانية بمركز الإمارات للسياسات محمد الزغول أن تقديم وزير الخارجية الإيرانية استقالته جاء نتيجة شعوره بالتهميش في منصبه، بعد أن أضحى مسؤولاً في وزارة سيادية بلا صلاحيات.

وأكد الزغول وفقاً للصحيفة أن كل الملفات الخارجية يتحكم بزمامها المرشد الإيراني والحرس الثوري، وأن ظريف أصبح مجرد موظف عندهما، موضحاً أن اليد العليا في العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي لطهران نفوذ فيها، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، بيد قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، وهو صاحب القرار النافذ في تسيير العمل الدبلوماسي، لدرجة أن السفير الإيراني في العراق إيراج مسجدي معروف بولائه لسليماني، وليس للخارجية.

صراع الأجنحة
صحيفة "انديبندنت"، عربية بدورها أشارت إلى أن استقالة ظريف جاءت طبيعية في ظل صراع الأجنحة وسيطرة جهات نافذة في إيران على الخارجية.

وقالت الصحيفة أن الكثير من التحركات الخارجية الإيرانية لم يكن ظريف على علم بها، مثل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لطهران، فضلاً عن الكثير من الملفات السياسية الأخرى التي لم يكن ظريف على علم بها بالمرة.

وكشفت الصحيفة أن "التيار المحافظ المتشدد في إيران لم يكن وداً لوزير الخارجية المستقيل، ولا يتفق مع سياساته"، خاصة بعد انسحاب أمريكا من الصفقة النووية مع طهران، والتي اعتبرت نجاحاً لوزير الخارجية، الذي كان أثناء محادثات فيينا كبير المفاوضين الإيرانيين، واستطاع بشكل لافت بناء علاقات وثيقة مع عدد من المسؤولين الغربيين.

وقال متابعون للشأن الإيراني وفقاً للصحيفة إن "الصراع بين أجنحة النظام الإيراني كان له دور كبير في تهميش متعمد لدور المؤسسة الرسمية المعنية بالسياسات الخارجية"، وهي وزارة الخارجية التي يقودها ظريف، حيث يعتقد الكثير من الإصلاحيين أن "هناك ما يشبه "التيار الموازي" داخل الخارجية، وهو تيار مرتبط مباشرة بالمرشد الإيراني الأعلى، ويقوده وزير الخارجية الإيراني الأسبق علي أكبر ولايتي المقرب من المرشد"، ويرى البعض أن هذا التيار يعمل على العكس من إرادة ظريف في الخارجية، دون أن يتمكن ظريف من التصدي له بسبب الغطاء الذي يقدمه له المرشد علي خامنئي.

إفلاس إيران
بدوره قال المحلل السياسي اللبناني خير الله خير الله في مقال له بصحيفة الرأي الكويتية إن "ظريف ذهب ضحيّة لعبة لم يدرك حدودها اسمها لعبة التذاكي في وقت تبدو إيران مقبلة على أحداث كبيرة".

وأضاف أن استقالة ظريف لا تعتبر استقالة لوزير خارجية عادي، بمقدار ما أنّها هزيمة لخط سياسي جمع بين وزير الخارجية ورئيس الجمهورية.

وقال خير الله إن "ظريف دفع ثمن الاعتقاد أن السياسة يمكن أن تمارس عن طريق الألعاب البهلوانية والعلاقات العامة وتوزيع الابتسامات والتظاهر بالبراءة". وأضاف "خلط عملياً بين الدبلوماسية والبهلوانيات". ذهب ضحيّة هذا الخلط بعدما ظنّ أن الولايات المتحدة هي باراك أوباما وأن باراك أوباما هو الولايات المتحدة، وأنّ الرهان على خداع العالم والبناء على الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني الذي تمّ التوصل إليه صيف العام 2015 يمكن أن يستمرّ إلى ما لا نهاية.

وأختتم خيرالله مقاله بالقول إن "أخطر ما في الأمر أنّ هامش المناورة لدى إيران لم يعد واسعاً. وصار عليها العمل في الهامش الضيّق المتاح مع ما يمكن أن يؤدي إليه من تصعيد في ظلّ المعرفة التامة بأن الخروج من سوريا هو خروج من طهران". فبداية خروج الأسد الابن من دمشق بدأت مع خروجه العسكري من لبنان.