رعاية التنظيمات الشيعية..
تقرير: دور الإخوان السوريون المنبطحون أمام تركيا

الاخوان المسلمين
في 28 فبراير2019 أصدرت جماعة الاخوان المسلمين السورية بيانا تحت عنوان “دور الجار التركي المأمول بين الحق والواجب” طالبوا فيه الدولة التركية بالتدخل واحتلال المنطقة الشمالية لسوريا، المعروفة إعلاميا بالمنطقة الآمنة، وتقع تحديداً شرقي الفرات، وتشكلت بعد إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا مؤخراً، والتي وافقت عليها أنقرة، للحد من تداعيات قرار سحب القوات من شمال سوريا. قال البيان “إن المنطقة الآمنة لن تكون آمنة، ما لم تتم رعايتها من الدولة التي كانت منذ انطلاقة ثورة الحرية والكرامة السند والردء والعضد لكل المستضعفين والخائفين من رجال ونساء وأطفال. لقد كفلت الدولة التركية خلال سني الحرب، لكل السوريين الذين لاذوا بها، كل ما تقتضيه وثائق حقوق الإنسان المدنية، وقيم الأخوة الإسلامية، ومقتضيات حسن الجوار”. كما ناشد الاخوان الرئيس التركي بالتدخل زاعمين أنه واجبه، حيث جاء في البيان “نتوجه إلى جوارنا التاريخي الجيوسياسي في تركيا وإلى الرئيس رجب طيب أردوغان؛ أن يمضوا على طريقهم في نصرتهم لشعب مظلوم مخذول أطبقت عليه قوى الشر العالمي وما تزال تلاحقه بشرها ومكرها وكيدها حلقة بعد حلقة، ان المنطقة الأمنة بغير رعايتكم الإنسانية الحكيمة والكريمة لن تكون آمنة”.
إن الورقة الإخوانية السورية ليست الوحيدة في يد تركيا، لكنها الورقة المضمونة فتركيا التي توغلت في الأراضي السورية تحت زعم محاربة “إرهاب” الأكراد، تحتاج الى مساندة من جماعة الإخوان المسلمين السورية، عبر مناشدتهم لتركيا بالتدخل، هذه المناشدة توفر غطاء شعبيا لتدخلها العسكري في المنطقة الأمنة، حتى باتت فعليا تسيطر على أرض دولة عربية وتهدد بالتدخل في العراق وتهدد العرب بالتحالف مع إيران.
كما يكشف بيان الإخوان أن ثمة عرقلة تركية مقصودة للمفاوضات الجارية بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتي يغلب على تكوينها عناصر من تنظيم “وحدات حماية الشعب” (YPG) الكردي، فتركيا تخشى الفراغ العسكري الناجم عن رحيل القوات الامريكية وانحسار داعش، وتمدد الذراع العسكري لحزب العمال الكردستاني سواء في فرعه التركي ( PKK ) او السوري (PYD ) لذا تحاول السيطرة على تلك المنطقة، من اجل منع الاكراد من إقامة منطقة حكم ذاتي.
تبدأ قصة المناطق الآمنة عندما وقعت كل من روسيا وتركيا وإيران في مايو 2017 بالأستانا، مذكرة تقضي بإنشاء مناطق أطلقوا عليها «مناطق تخفيف التصعيد» أو ما عرف بـالمناطق الآمنة في سوريا، كان الغرض منها خفض التوترات العسكرية بين الأطراف المتناحرة وحماية المدنيين المقيمين فيها.
وفي ظل السيولة الأمنية والعسكرية، خصوصا بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، بدا أن الأكراد عازمون على إقامة منطقة مستقلة في شمال سوريا، وهو ما ترفضه تركيا بشدة، وعندما أعلن الأكراد في شهر مارس عام 2016، عن إنشاء منطقة فيدرالية خاصة بهم في شمال سوريا، كانت أنقرة من أوائل المعارضين لهذه الخطوة، وتصاعد القلق التركي، خاصة بعد أن شرع الأكراد بدعم من واشنطن في توسيع مناطق نفوذهم، من خلال الاستيلاء على الأراضي السورية التي تمكنوا من استعادتها من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وعندما سيطر الأكراد بشكل كامل تقريباً على جميع المناطق السورية الواقعة شرق نهر الفرات بما في ذلك الرقة «عاصمة» تنظيم داعش، قام الجيش التركي بتنفيذ عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» العسكريتين، الأولى كانت في أغسطس 2016 وطالت مناطق واسعة بريف محافظة حلب بينهما مدينتا جرابلس والباب. والثانية في 20 يناير 2018، ونجحت من خلالهما أنقرة في السيطرة على منطقة عفرين التابعة لحلب والتي يزعم المراقبون أن وحدات من تنظيم الإخوان المسلمين السوري المسلح شاركت إلى جانب القوات التركية ضد القوات الكردية السورية، ففي يناير 2018 أعلنت جماعة الإخوان السورية تأييدها قرار مشاركة الفصائل المسلحة في عملية “غصن الزيتون” التي بدأتها تركيا ضدّ الكرد في عفرين، مؤيدة “اتخاذها الخطوات اللازمة للدفاع عن أمنها القومي”.
توظف تركيا جماعة الإخوان المسلمين سواء الفرع السوري أو فلول الجماعة الأم المصرية، لاستنساخ استراتيجية طهران في رعاية التنظيمات الشيعية، حزبية كانت أو عسكرية، من أجل خدمة نفوذها الإقليمي، وتمدد قواتها العسكرية خارج حدودها الجغرافية. وهذا ما أكده مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ياسين أكطاي، عندما قال علنا “ان إسقاط الخلافة تسبب في فراغ سياسي في المنطقة، وقد سعى تنظيم الإخوان لأن يكون ممثلا سياسيا في العالم نيابة عن الأمة، مؤكدا أن لجماعة الإخوان “فروعها الخاصة وفقهها الخاص، وهي تمثل اليوم ذراع للقوة الناعمة لتركيا في العالم العربي، فهذه الجماعة ترحب بالدور التركي في المنطقة. وهم بالتالي ينظرون إلى الدور التركي على أنه النائب للخلافة الإسلامية”.
إن فهم العلاقة التركية الإخوانية، يبدأ بفهم المشروع التركي في المنطقة، حيث يرغب الأتراك في استعادت نفوذهم بالمنطقة، عبر مساندة جماعة الإخوان للوصول إلى الحكم في أكثر من دولة عربية، لتصبح هذه الدولة بعد ذلك تابعة للدولة التركية، لهذا فتحت أنقرة أراضيها لتصبح منطلقا لتحرك المعارضة السورية، سواء المعارضة المدنية أو المسلحة، وفي طليعتها جماعة الإخوان المسلمين، وظفتها عسكريا من خلال عملياتها العسكرية في الميدان السوري، وهى استراتيجية سبق أن اختبرتها في العراق، عبر قوات “الحشد الوطني” التي ضمنت من خلال علاقاتها معها ذريعة البقاء في مخيم بعشيقة في مدينة الموصل، لم يكن لتركيا ان تقم بكل تلك المهام ما لم يكن لها ظهيرا شعبيا عربيا يساندها في احتلال الاراضي العربية، فلم تجد تركيا أفضل من الاخوان المسلمين للقيام بتلك المهمة.، وبيان الاخوان المسلمين السوريين يؤكد هذا.