حروب البادية..

تقرير: مرحلة متوقعة لـ«داعش» بعد الباغوز

تنظيم داعش

وكالات

في كل مرة يخسر فيها تنظيم «داعش» الإرهابي قطعة أرض، يكون التساؤل عن مصير التنظيم عقب هذه الخسائر الأكثر طرحًا، وتبدو الأمور استثنائية هذه المرة، إذ تتوالي الأخبار من بلدة «الباغوز» شرقي سوريا، مؤكدة خسارة التنظيم آخر رقعة أرض كان يقيم عليها دولته المزعومة، قبل أربعة أعوام، ما يعني انتظار التنظيم لهزيمة وشيكة تقضي علي وجوده نهائيًا.

ووفقًا لآخر ما نشرته قوات سوريا الديمقراطية، المعروفى بــ«قسد» (الطرف المواجه لتنظيم داعش في الباغوز)، فإن ثلاثة آلاف داعشي وعائلاتهم سلموا أنفسهم، الثلاثاء 12 مارس 2019، فيما تؤكد قوات حماية الشعب الكردية أنه بمجرد انتهاء عمليات الاستسلام في صفوف التنظيم الإرهابي، ستبدأ عملية عسكرية تستهدف المتبقي من عناصر التنظيم المختبئين والمصرّين على حمل السلاح.

وفي تقديره لحجم هؤلاء المتمسكين بخيار البقاء في «الباغوز»، حددهم التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بزعامة الولايات المتحدة في «بضع مئات»، فيما نشرت قوات سوريا الديمقراطية، اعترافات أحد الدواعش المقبوض عليهم، والتى أكد فيها أن عدد الموجودين في «الباغوز»، يصل لـ500 عنصر.

وبينما تكشف الأخبار تفضيل أعداد كبيرة من عناصر «داعش» لخيار الاستسلام وتسليم السلاح، مقابل السماح لهم وعوائلهم بالخروج سالمين من «الباغوز»، يواصل التنظيم الإرهابي إنتاج مواد إعلامية (مرئية، وصوتية)، تحث عناصره على التمسك بخيار المواجهة، فقد حملت إحدى التسجيلات التي نشرها التنظيم، مساء الإثنين 11 مارس2019، عبر منابره الإعلامية، عنوان «معاني الثبات من الباغوز»، مستندًا فيها إلى خطاب عاطفي يتعهد بنصر قريب.

يذكر أن التقارير تقول إن نحو ستين ألفًا خرجوا من معاقل «داعش» بشرق الفرات، منذ الأول من  ديسمبر 2018، وحتى الآن.

ما بعد الباغوز

وفي سياق التصريحات التي تتردد من وقت لآخر حول حسم المعركة، حتى أن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، كينو جبريل، قال في تصريحات إعلامية إن «العملية انتهت أو كادت تنتهي، لكنها تتطلب مزيدًا من الوقت لاستكمالها على أرض الواقع»، يتجدد السؤال حول استراتيجيات «داعش» ما بعد «الباغوز»، وهل تعني خسارته لآخر معاقله إن التنظيم يتخذ خطواته فعلًا إلى الزوال؟.

صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في تقرير لها عن مصير تنظيم «داعش»، استبعدت القضاء على التنظيم الإرهابي، حتى لو فقد جُل أراضيه، قائلة: إنه أمام المساحات الشاسعة التي خسرها التنظيم في السنوات القليلة الماضية، تبقى مساحة واحدة مازال يحتفظ بها، وهي شبكة الإنترنت، في إشارة إلى أفكاره التي مازال يطرحها التنظيم عبر معرفاته الإلكترونية.

من جانبه رأى اللواء المتقاعد، عماد علو، مستشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في دراسة بعنوان «ما بعد الباغوز: سيناريوهات العمليات القتالية ضد تنظيم داعش»، أن المرحلة المقبلة من حروب «داعش» ستكون حروب البادية، نافيًا خيار زوال التنظيم بفقد المساحات التي كانت يسيطر عليها.

واستند «علو» في قراءته إلى الأنباء التي تؤكدها مصادر سورية، وتشير إلى أن أعدادًا من عناصر تنظيم داعش لايزالون يتوزعون على شكل مجموعات في مناطق غير «الباغوز» مثل؛ شرقي تدمر، وبعض مناطق القلمون الشرقي، بالقرب من منطقة تلول الصفا، والتي فيها تقريبًا 120 عنصرًا، وكذلك شرق وجنوب السخنة، حيث يوجد هناك نحو 150 عنصرًا.

ولفت إلى أن ذلك جاء بفعل الطبيعة الصحراوية لهذه المناطق، فالتنظيم يحاول الاستفادة من طبيعة الجغرافية للاحتماء بعيدًا عن الرصد والمطاردة ونيران أسلحة الطائرات العراقية وطائرات التحالف الدولي، متابعًا: «تعتبر منطقة صحراء البادية الغربية، الشاسعة والوعرة تضاريسًا والمعقدة مناخيًا والتي تعد جزءاً وامتدادًا لهضبة الجزيرة العربية، منطقة صالحة للتحصن والاختباء».

ويوضح «علو» أن تنظيم داعش يمتلك بالفعل عددًا من المعسكرات والمقرات في صحراء البادية الغربية، جرى إعدادها عقب تأسيسه لدولته المزعومة، مشيرًا إلى أن أبرزها: الموجود في وادي غدق ووادي الحسينية وصحراء بلدة راوه.

ويضيف: إن «هذه المخيمات أو القواعد أكثر القواعد أمنًا ومحصنة لقادة وعناصر عصابات داعش الإرهابية، وتشمل هذه المعسكرات على منشئات تحت أرضية وأنفاق تشبه مدن النمل، وهي تمثل أكبر قواعد لتنظيم داعش  في الشرق الأوسط».

 وبناء على ذلك يعتبر مستشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن هذه القواعد تعتبر أفضل خيار للهاربين من الباغوز ودير الزور، مشيرًا إلى أن الفارين من سوريا إلى العراق سيجدون ترحيبًا واسعًا وفرصًا للعمل داخل هذه القواعد.

ورغم أن الدراسة دعمت الاحتمال بكون الفترة المقبلة ستشهد ظهور «داعش» في شكل جديد وهي حروب الصحراء، ومن ثم ستجد الجيوش النظامية وتحديدًا الجيش العراقي صعوبة في تعقب عناصر التنظيم، إلا أن ذلك لا يعني أن التنظيم يمر بمرحلة جيدة، إذ نشر موقع «سايت» المتخصص في متابعة أخبار التنظيمات الإرهابية، إحصاء لعدد عمليات التنظيم في الفترة من نهاية فبراير وحتى أول مارس 2019، ليعلق الموقع عليها بأنها الأقل في عدد الضحايا على مدار الثمانية أشهر الأخيرة، ما يعني فقد التنظيم لجزء من كفاءته.