ترجمة..
تقرير: خلافة داعش استحالت دخانًا كثيفًا وجثثًا ملقاة

في ذروة صعوده استقطب التنظيم مائة ألف مقاتل على مساحة جغرافية بحجم بريطانيا
شارك مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد، يوم السبت الماضي، في موكب للاحتفال بالقرب من حقل عمر النفطي في محافظة دير الزور بشرق سوريا؛ وذلك بعد إعلانهم القضاء التام على آخر معقل لتنظيم “داعش”، وبذلك وضعت حدًّا للتجربة المتوحشة التي قدمها “داعش” للعالم وأسهمت في استقطاب مقاتلين من جميع أنحاء العالم؛ ملحقةً معاناة لا يمكن تخيُّلها للشعب المحاصر داخل عنف التيارات المتطرفة في العراق وسوريا.
قوات سوريا الديمقراطية، حسب تحقيق لـ”الواشنطن بوست”، رفعت علمها باللون الأصفر فوق مبنى شوهته طلقات الرصاص في قرية باغوز شرق سوريا؛ ليحل في إشارة رمزية مكان العلم الأسود لـ”داعش” في أرض قاتل عليها مسلحو “داعش” لآخر رمق.
على حسابه في منصة “تويتر”، أعلن المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، “القضاء التام” على سيطرة تنظيم داعش على أرض الخلافة المزعومة بعد مرور أربع سنوات على اجتياح التنظيم للعراق وسوريا؛ مما دفع الولايات المتحدة إلى إعلان الحرب عليها.
نهاية الخلافة لا تعني بحال نهاية تنظيم داعش، وهو الأمر الذي حذَّر منه المحللون في ملف الإرهاب، إضافة إلى مسؤولين رفيعي المستوى في الولايات المتحدة. ومع اقتراب الهزيمة لـ”داعش” في الإقليم، قام كوادر التنظيم بإعادة ترتيب صفوفهم مجددًا؛ للتحول إلى استراتيجية التمرد غير المرتبطة بالأرض؛ مما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المناطق التي تركوها.
ورغم الخوف من بقاء التنظيم؛ فإن طرده من المناطق التي سيطر عليها يعد لحظة تاريخية فاصلة، تمت بشق الأنفس وبأثمان باهظة؛ حيث فقد عشرات الآلاف من الأشخاص أرواحهم في المذابح وعمليات الإعدام التي ارتكبها مقاتلو “داعش”، كما تم استعباد الآلاف من النساء المنتميات لليزيدية، الأقلية الدينية التي لا يزال عدد من أفرادها في حكم المفقودين حتى الآن.
ووَفقًا لتقرير “الواشنطن بوست“؛ فإن المعضلة الحقيقية في عدم قدرة ضحايا تنظيم داعش على التخلص من أهوال التجربة القاسية التي تعرضوا لها؛ فمهدية، 28 عامًا، التي تنتمي إلى الأقلية اليزيدية، عاشت خمس سنوات كاملة كمستعبدة، تقول: “لا يمكنني أن أصدق أن كابوس (داعش) قد انتهى بعد كل جرائم القتل التي شهدتها؛ إنهم يأتون في أحلامي بمجرد أن أغمض عينَيَّ”، فالداعشيون، حسب تعبيرها، “أخذوا منَّا الكثير لدرجة أنني بت أتساءل: هل سأشعر بالحرية مجددًا؟!”.
حسب “البنتاغون” كما جاء في التقرير؛ فإن الحرب على الإرهاب، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، كلفتها ما يزيد على 28.5 مليار دولار، كما قُتل قرابة 16 جنديًّا أمريكيًّا في العمليات.
خسارات تنظيم داعش لأرض الخلافة التي أعلنها تعد ضربة ساحقة لكل طموحاته التي بلغت ذروتها حين سيطر على أراضٍ شاسعة بحجم بريطانيا، وبجيش من المقاتلين بلغ مائة ألف مقاتل، وبأحلام عريضة للخليفة البغدادي الذي قال لأتباعه في يوليو 2014: “سوف نغزو روما ونسيطر على العالم”، ودشَّن في خطبته تلك بمسجد النوري في الموصل دولة الخلافة التي لم يتبقَّ منها الآن سوى سحب الدخان والخيام الممزقة، والعربات التي تم تفجيرها، وعدد كبير من الجثث المتناثرة في حقول باغوز، وَفقًا للقطات الصحفيين الذين رافقوا قوات الدفاع، حسب “الواشنطن بوست“.
حمى معارك القضاء على “داعش” كانت أكثر صعوبة مما توقعه الجيش الأمريكي، ويشير التقرير إلى أن مسؤولين في “البنتاغون” قدروا وجود 2000 مقاتل في قرية باغوز؛ إلا أن قوات سوريا الديمقراطية قالت إنها قتلت 12000 واحتجزت أكثر من 500 مقاتل، وبالإضافة إلى ذلك يُعتقد أن أكثر من 72 ألف نزحوا من المنطقة، وهو ما نسبته تزيد على 10% من توقعات المنظمات الإغاثية.
وقدَّر الجيش الأمريكي، من جهته، قتل 70 ألفًا من بين نحو 100 ألف من مقاتلي “داعش”، وهناك، حسب تقديرات تقرير “الواشنطن بوست”، 30 ألفًا لا يزالون يتربصون الاشتباك مع القوات في المناطق المحررة. ورغم كل هذه التقديرات التقريبية؛ فإنه من المؤكد أن تنظيم داعش لا يزال رغم كل شيء يشكل تهديدًا قويًّا لاستقرار العراق وسوريا.
Qposts