تحت عناوين مختلفة..

تقرير: هل تنجح محاولات التشويش على القمة العربية؟

أصابع الاتهام موجهة إلى النهضة

آمنة جبران

دعت أطراف تونسية إلى تنظيم وقفة احتجاجية اليوم السبت، ترفع في ظاهرها شعار الاحتفال بيوم الأرض، لكنها تضمر تحويل الأمر إلى احتجاجات للتشويش على سير القمة العربية التي تحتضنها تونس.

ويقول مراقبون إن هناك أطرافا تسعى إلى التشويش على القمة العربية تحت عناوين مختلفة، مشيرين إلى أن هناك تحركات مشبوهة تدفع إليها جهات محسوبة على قطر وإيران تستهدف أساسا زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهي التي كانت وراء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ويقول هؤلاء المراقبون إن هذه الأطراف لا يمكن أن تتحرك لوحدها بل هي تمثل الواجهة التي تختفي خلفها حركة النهضة، التي ترى أنها لن تجني شيئا من القمة ولا من زيارة العاهل السعودي إلى تونس، بل بالعكس قد يخصم نجاح الزيارة كما نجاح القمة من رصيدها.

وتربك القمة العربية العادية في دورتها الثلاثين تيار الإسلام السياسي في المنطقة العربية أمام مزاج دولي تدعمه الدول العربية الفاعلة إقليميّا وهي السعودية، لم يعد مرحبا بتيار الإسلام السياسي لشبهات تورطه في الإرهاب وتقويضه جهود الاستقرار.

ويقول المراقبون إن التشويش على القمة يخدم مصلحة الدول المتهمة برعاية الإرهاب في العالم، وهي إيران ثم قطر المعزولة خليجيا نتيجة دعمها للدور التخريبي الذي ينتهجه النظام الإيراني في المنطقة المحرض على إشعال الفتن وعرقلة مساعي السلام في الحروب المفتوحة في أكثر من واجهة بسوريا والعراق واليمن وليبيا.

وتريد كل من إيران وقطر عبر وكلائها في المنطقة عرقلة جهود السعودية القوة الإقليمية التي تلعب دورا محوريا في حماية الأمن القومي لدول خليج والمنطقة العربية، من بلورة موقف عربي موحد ضد التهديدات الإيرانية وكل مشاكل الإرهاب.

زيارة الرئيس المصري ستزيد من انتقادات المقربين للنهضة، بما أن هذا الحزب تربطه علاقات تاريخية مع حركة الإخوان المسلمين في مصر

وتؤيد ليلي الهمامي المرشحة الرئاسية للسباق الانتخابي في تونس المزمع إجراؤه في نوفمبر القادم هذه القراءات. وتشير الهمامي في تصريح لـ”العرب”، “هذا صحيح لأن السياسية الخارجية التونسية خاصة على صعيد عربي شهدت انحرافات عديدة في عهد الترويكا (الائتلاف الحاكم في تونس بين 2011 و2014 بقيادة النهضة)، حيث اعتقد البعض أنه من المناسب إعطاء الدروس في إطار وهم تصدير الثورة.

وتضيف “جرّاء هذا السلوك غير المسؤول تكبّدت تونس خسائر سياسية على مستوى علاقاتها مع دول عربية شقيقة”. وتؤكد أن تونس وهي تستقبل الدول العربية بمناسبة أشغال القمة تحترم سيادتها وترفض التدخل في شؤونها وبالمثل لا تقبل سياسة الإملاء آو تهديد استقلاليتها.

ودعت 12 منظمة حقوقية ونقابية في تونس إلى التعبئة والاحتجاج يوم انعقاد القمة للدفاع عن الحق في التعبير وعن حقوق المرأة في دول العالم العربي.

وأكدت السلطات التونسية السماح بالتظاهر كحق مكتسب في تونس الديمقراطية الناشئة. ويشير المراقبون إلى أن تونس تضمن حرية التعبير لكنها تعمل على إنجاح القمة التي تتطلع إليها الشعوب العربية بأمل رغم الضغوط الإقليمية.

ويستبعد الصحبي بن فرج النائب بكتلة الائتلاف الوطني في تصريح لـ”العرب” أن يتصرف التونسيون خارج آداب الضيافة، وأن تونس حريصة على إنجاح القمة خاصة على مستوى تنظيمي.

وبدوره، يستبعد الدبلوماسي والسفير التونسي السابق محمد الحرايصي في تصريح لـ”العرب” أن “تؤثر هذه التحركات في مسار القمة”. ويعتقد الحرايصي أن هذه التحركات خاسرة وليست الرابحة لان هذه التحركات لن تكون لها نتيجة وغير مجدية في مثل هذه المرحلة التي نمر بها”. ويتابع بقوله “المرحلة بالذات تقتضي توحيد الصف العربي لأجل مواجهة الصعوبات التي تتعرض لها المنطقة”.

وإيران التي تقتات على الفوضى ليس من مصلحتها أن توحد القمة الصفوف العربية، خاصة مع تحركات سعودية لإيجاد تسوية سياسية تنهي أزمات المنطقة. ويشير المراقبون إلى الدور التركي الذي يستفيد من ضعف الدور العربي لتحقيق حلم رئيسه رجب طيب أردوغان في التوسع واسترجاع أمجاد أجداده العثمانيين. ويرى هؤلاء أن الأحزاب الإسلامية هي أدوات أردوغان لتنفيذ أجنداته في المنطقة.

ويعتقد المحلل السياسي فريد العليبي في تصريح لـ”العرب” أن مثل هذه التحركات غير بريئة. ويقول “يفهم رد فعل بعض الأطراف السياسية مثل حركة النهضة التي تحاول استثمار وجودها السياسي في السلطة أنها تحاول وضع عراقيل أمام الدور السعودي لصالح قطر ومن وراءها وهي تركيا أردوغان لعرقلة الدور السعودي أساسا”.

ويذهب بعض المراقبين للاعتقاد بأن زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لأول مرة إلى تونس تحرج حركة النهضة. ويرى الخبير في العلاقات الدولية يوسف الشريف أن زيارة الرئيس المصري ستزيد من انتقادات المقربين للنهضة، بما أن هذا الحزب تربطه علاقات تاريخية مع حركة الإخوان المسلمين في مصر.

ويتسق رأي الشريف مع رأي العليبي الذي يصف علاقة النظام المصري بالإخوان في أسوأ حالاتها، وهو ما يربك النهضة التي تريد أن تسوق للعالم أنها تطورت وتحررت من الإرث الأيديولوجي وباتت مدنية.

وحسب العليبي ما يؤزم علاقة الرئيس المصري بالحركات الإسلامية أن “السيسي يشعر آن الإسلام السياسي يريد إظهاره بشكل المنقلب على الديمقراطية والشرعية”.

ورغم محاولات تركيا وإيران عرقلة الجهود السعودية والتونسية لاستعادة وحدة الصف العربي يؤكد خبراء أن تجاوز الخلافات والتناقضات التي تشق المنطقة هو الحل لعودة الثقة في وحدة عربية.

ويقول عبداللطيف الحناشي الأكاديمي والمحلل السياسي لـ”العرب” إن القمة يجب أن تأخذ قرارات حاسمة كما يجب تخفيف الخلافات العربية والتفكير ببراغماتية وعقلانية لحماية مصالحهم المشتركة. وتوافقه الرأي ليلى الهمامي التي ترى أنه رغم تأزم المنتدى العربي يجب الحفاظ عليه داعية إلى ضرورة النظر بزاوية جديدة، من خلال إرساء برلمان عربي منتخب من الشعوب العربية ومن وحي مشاغله.

ويؤكد الدبلوماسي التونسي محمد الحصايري أن القمة حدث مهم جدا تونسيا وعربيا وبالنسبة لتونس هي أول قمة تنعقد بعد 14 يناير 2011 وهو حدث مهم لأنه يشير إلى انتعاش الدبلوماسية التونسية.

ويخلص بقوله “قمة تونس ستكون لها دور في الخروج من الوضع الصعب الذي تمر به المنطقة من خلال إعادة قراءة الواقع العربي والخروج برؤية جديدة للواقع والمستقبل يفتح الباب لمرحلة جديدة”.