تصاعد حذر..

تقرير: هل يحسم حفتر الوضع الليبي عسكريًا؟

المشير خليفة حفتر

محمود رشدي

تسير الأحداث في ليبيا بوتيرة متسارعة عقب إعلان المشير خليفة حفتر تحركه نحو العاصمة طرابلس، وتكاثرت التصريحات بشأن تفضيل الحسم العسكري لحل الأزمة الليبية، وإيداع السلطة السياسية بيد رجل واحد بدلاً من الحكومات المتناقضة والتي لا تزيد الوضع إلا فوضى، وذهب آخرون بضرورة تمكين الحل السياسي في ليبيا بهدف تلاشي الدخول في مغبة الحرب الأهلية المنتظرة ولاسيما عقب وصول حفتر لأعتاب العاصمة والتي تحوي كتائب حكومة الوفاق المعترف بها دوليا مثل كتائب مصراتة وثوار طرابلس .

لا يمكن التوقع بنتائج الأوضاع الملتهبة الحالية في مسار الصراع الليبي؛ الذي وصل لنهايته لتتم المواجهة بين القوى الرئيسية الكبرى، والتي يمكن اعتبارها بمثابة المباراة النهائية على الحلبة الليبية، والفائز ستكون له اليد العليا على الأراضي الليبية.

أعلن الإعلام الحربي للقوات المسلحة الليبية دخول وحدات عسكرية إلى العاصمة طرابلس من جميع المحاور، . وذكر أن وحدات عسكرية سيطرت على قرية سوق الخميس التي تبعد نحو، 40 كيلومترا جنوبي طرابلس. 

من جانبها، تعهدت الميليشيات التابعة للحكومة الليبية المعترف بها دوليا بالدفاع عن العاصمة طرابلس، وغيرها من المناطق في غرب البلاد، ضد الهجوم الذي تشنه قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، المتمركزة في شرق البلاد. وتعتمد حكومة الوفاق الوطني، التي أُعلنت في مارس 2016 ويقودها فايز السراج، على مجموعة ميليشيات من أجل الحماية وضبط الأمن.

من في مواجهة حفتر؟

تتعدد المليشيات المسلحة في طرابلس، كما تتنوع مرجعيتها الفكرية؛ السبب الذي جعلها تتناحر فيما بينها لمحاولة السيطرة على العاصمة،ويشكل بعضها دعمًا عسكريًا لحكومة الوفاق. أكثر تلك المليشيات عدائاً لخليفة حفتر يتمثل في كتائب مصراتة؛ ويرجع لها السيطرة على غالبية جغرافية العاصمة، بالإضافة لانتصارها على تنظيم داعش في سرت، ناهيك عن مليشيات التوجهات المتعدد مثل كتيبة ثوار طرابلس، والتي قاتلت نظام القذافي، ولواء  أسامة الجويلي( عسكري ليبي سابق)، وغيرها من التنظيمات المسلحة. وأهم الكتائب المواجهة لحفتر تتمثل في:

كتيبة ثوار طرابلس

يقودها هيثم التاجوري أحد أبرز قادة المليشيات التي قاتلت قوات القذافي، ثم اقتتلت مع المليشيات الأخرى وهو متعدد الولاءات وليس له أيدولوجية فكرية محددة. اختلف مع فجر ليبيا بعد أن كان حليفا لها وخطف عددا من قياداتها وكان أحد ضباط الشرطة في عهد القذافي ومن أوائل المنشقين عنه.

لواء النواصي

أحد أكبر وأهم المليشيات المسلحة الذي ينتمي للحركات الجهادية، وتم دمجه مع قوات المؤتمر الوطني الليبي الذي كان يسيطر على الحكم حتى عام 2014. وبعد  دخول فايز السراج العاصمة على فرقاطة إيطالية بات ولاؤه لحكومة الوفاق الوطني الليبي ويؤمن شمال العاصمة الليبية طرابلس وقاعدة بوستة العسكرية حيث يقيم السراج، وقد تم إلحاق مدنيين به ممن قاتلوا ضد الزعيم الليبيب الراحل معمر القذافي وحصلوا على رتب عسكرية.

كتائب مصراتة

فصائل نافذة في مصراتة الواقعة في منتصف الطريق بين مدينتي طرابلس وسرت، وهي معادية للمشير خليفة حفتر ومنقسمة بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الوفاق الوطني. والمعارضة منها متحالفة مع فصائل إسلامية موالية للمفتي صادق الغرياني ولخليفة الغويل. وتتواجد بعض هذه الفصائل كذلك في العاصمة. وتسيطر مجموعات من مصراتة على سرت ومحيطها، وتمكنت من تحرير سرت من تنظيم الدولة الإسلامية في نهاية 2016.


الحل السياسي ؟

دعى عدد من الأطراف الدولي لتهدئة الأوضاع في ليبيا وتجنب الدخول في مواجهات عسكرية، وبرغم لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس لحفتر اليوم في مدينة بنغازي الليبية، إلا أن الأخير صمم على الحسم العسكري في مقابل الحل السياسي الذي وضعته الأمم المتحدة، عبر مندوبها الحالي في ليبيا غسان سلامة. 

وأمس أعلن عدد من الدول في بيان مشترك ضم كل من بريطانيا وفرنسا والإمارات وإيطاليا وأمريكا لضبط النفس في ليبيا، واليوم تجري دعوة لجلسة طارئة بشأن الوضع لم تعقد بعد حتى لحظة كتابة تلك السطور ولم تضع مخرجاتها النهائية بعد. ولكن هل ستؤثر الجلسة على تقدم قوات حفتر نحو طرابلس؟.

من الصعب التنبؤ بمخرجات جلسة مجلس الأمن، ولكن من الممكن القول أن لحفتر داعمين أساسيين لهما حق الفيتو وهما روسيا وفرنسا، وفي أصعب الأمور قد تستخدم أحداهما الفيتو ضد أي قرار يدعو لتدخل عسكري أممي في ليبيا ضد حفتر، أو قرارات أخرى تعوق تقدم الأخير نحو طرابلس، إلا إذا كانت تلك التحركات العسكرية كانت ضد رغبات أو بدون تنسيق معها.
 
من الممكن أن يحسم حفتر الأمر في طرابلس عسكرياً وإحكام قبضة الحكم الليبي في يده إذا ما حاول كسب تأييد عدد من الميليشيات المسلحة داخل العاصمة، والاعتماد على سياسة التفريق فيما بينهم؛ إذ تعد ثغرة تعدد أيدلوجيا ميليشيا طرابلس فرصة لحفتر في الاقتحام، وسياسة إرضاء والتوفيق مع عدد من الكتائب قد تمثل نقطة ناجحة لحفتر في خطته للاستيلاء على طرابلس.

يعتمد الوضع في ليبيا بالوقت الراهن على مدى تماسك الخطة العسكرية لحفتر وصلابتها، إضافة للتنسيق مع الدول الإقليمية لتأمين الحدود الليبية ضد أي مساعدات خارجية لمليشيا العاصمة، كما قد يسبق الدعم الإقليمي التنديدات الخارجية أو الهجوم الأممي، ولذا قد ينجح حفتر في حسم الأمر عسكرياً إذا ما كانت خطته في الاستيلاء سريعة وناجحة بقدر الإمكان.