مصر وتونس والمغرب وليبيا..

تقرير: كيف خيَّب “الإسلام السياسي” الطموح الأمريكي؟

عام الثورات العربية التي اندلعت في 2011

واشنطن

لم يكن ظهور جماعات الإسلام السياسي خلال السنوات التالية على عام الثورات العربية التي اندلعت في 2011، واستحواذها على صدارة المشهد السياسي العربي بمثابة المفاجأة؛ إذ إن الأمر كان معدًّا بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، التي صرَّحت وزيرة خارجيتها في عام 2005، بأن بلادها لا تعارض الأحزاب الإسلامية ما دامت وصلت إلى الحكم بأساليب ديمقراطية. ثم جاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعد أربع سنوات، ليؤكد انفتاح الولايات المتحدة على الحركات الإسلامية، عندما قال، خلال كلمته في جامعة القاهرة، إن أمريكا سوف تُرَحِّب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة، حتى لو كانت آراؤها تخالف بلاده.

وحسب ما أكده الدكتور أيمن السيسي، في كتابه “أمريكا وحركات الإسلام السياسي منذ سبتمبر 2011″؛ فإن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدَّت إلى ثورة في المفاهيم والأفكار الخاصة بالواقع الأمني الجديد للولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ شكَّلت تلك الأحداث نقطة تحوُّل في العلاقة بين أمريكا وجماعات الإسلام السياسي؛ بحيث لم تعد رافضة لوجوده، بقدر ما تبحث عن مصالحها، فضلًا عن الترحيب بأن يتم إنجاز هذه المصالح عبر جماعات الإسلام السياسي التي تملك قاعدة جماهيرية في بلدان العالم الثالث.

الإسلام الديمقراطي

وهكذا، تخلَّت أمريكا عن سياستها الرافضة والمعادية للإسلام السياسي، ووضعت خطة استراتيجية لتغيير الواقع داخل العالم الإسلامي من خلال ما يُسمى بالأفكار الإسلامية المعتدلة أو ما وصفه مؤلف الكتاب بـ”الإسلام الديمقراطي”؛ حيث تبنَّت الولايات المتحدة مفهوم أن الحل الوحيد للسيطرة وتمرير المصالح في منطقة الشرق الأوسط هو خلق مفهوم جديد اسمه “الإسلام الليبرالي” في مواجهة الإسلام الراديكالي.

ويؤكد الكتاب أن موقف جماعات الإسلام السياسي كان مرحبًا: “أيقنت الحركات الإسلامية أن هناك فرصًا متعددة لدمج الإسلاميين في الحياة السياسية؛ منها موقف دولي جديد ينادي بقبول الإسلاميين بشروط وحالات معينة، وأيضًا يتزامن مع هذه الرؤية ضعف النظام السياسي العربي وعدم قدرته على تجديد شرعيته ومؤسساته”. يقول الدكتور أيمن السيسي.

الإخوان في مصر وتونس

وأوضح الكتاب أن أمريكا كانت تتابع عن كثب، تحركات جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، حيث أسهم الدعم السياسي الأمريكي لتونس في إنجاح ثورتها التي استغلتها جماعة الإخوان لتمسك بمقاليد الحكم، وفي مصر تكرر الأمر تمامًا كما حدث في تونس، ونجحت الجماعة في السيطرة على الحكم، وفي دولة مثل ليبيا نجحت الولايات المتحدة في تعزيز حالة الفوضى هناك من خلال جماعات ضغط إسلامية تحاول تمرير المصالح الأمريكية بأية وسيلة ممكنة؛ فضلًا عن تنامي الدور السياسي لتلك الجماعات اليمينية في المغرب والجزائر.

صدام مُحتمل بسبب “حماس”

يرى الكتاب أن معطيات الواقع تفرض احتمال أن يقع صدام بين الحركات الإسلامية والولايات المتحدة؛ خصوصًا “الإخوان المسلمين” التي تتوافق فكريًّا مع حركة حماس، وكذلك مع إخوان تونس؛ حيث يفرض السؤال نفسه حول قدرة الإخوان على تحقيق المعادلة مع “حماس” في ما يتعلق بالعمليات المسلحة ضد إسرائيل، حيث لا ترحب أمريكا على الإطلاق بأية ممارسات ضد الجانب الإسرائيلي؛ وبالتالي فإن الارتباط بين الإخوان في مصر وتونس بحركة حماس لابد أن تنتج عنه أمور جديدة من شأنها ضرب العلاقة الأمريكية بالجماعات الإسلامية في مقتل.

المصالحة في المغرب

أما في الحالة المغربية؛ فإن الجهود الأمريكية تسير بنجاح، ولكن على مهل؛ إذ تسعى أمريكا للمصالحة بين ملك المغرب والحركات الإسلامية؛ لدمجها في العمل السياسي. وترى أمريكا حزب العدالة والتنمية المغربي حزبًا معتدلًا، والأكثر تفتُّحًا والتزامًا، والأهم من ذلك أنه بعيد جغرافيًّا عن إسرائيل، ولا يمكن له أن ينخرط في تسليح جماعة ما تعمل ضدها.

فشل الولايات المتحدة

ويؤكد السيسي أن قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ سياساتها وتمرير مصالحها في الشرق الأوسط باتت محدودة؛ بسبب فشل الجماعات الإسلامية في الحكم، إذ لم تستوعب تلك الجماعات طبيعة اللحظة التي انتقلت فيها من المعارضة إلى الحكم، وظلت تنظر إلى نفسها على أنها ضحية للمؤامرات والقوى الخارجية والإعلام، وارتكبت عددًا رهيبًا من الأخطاء السياسية الجسيمة. ولكن تبقى الأزمة بالنسبة إلى الولايات المتحدة هي أنها مرتبطة، قسريًّا، بتلك الجماعات؛ لأنها الأقرب لتنفيذ مصالحها، وفي نفس اللحظة هي وليدة الفكر الأمريكي؛ غير أن الإخفاقات المستمرة لها على الصعيد السياسي وضعت الدولة الأقوى في العالم حاليًّا في أزمة لا تعرف كيف ستتعامل معها.

Qposts