دوري الأبطال..
المدرب كلوب نجح في فك نحسه مع المباريات النهائية

فرحة البطل القاري
تقر أغلب آراء المحللين بأن نسخة 2019 من مسابقة دوري أبطال أوروبا ستظل عالقة في الأذهان لأعوام طويلة، باستثناء مباراتها النهائية، ذلك أن الأداء فيها جاء رتيبا منح ليفربول الإنكليزي لقبه السادس بثنائية على حساب مواطنه توتنهام، عوّضه تكتيك المدرب الألماني يورغن كلوب ونجاعة النجم المصري محمد صلاح.
شهدت النسخة الحالية “ريمونتادا” تلو الأخرى، فسقط باريس سان جرمان الفرنسي المدجج بالنجوم على أرضه أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي المأزوم، قلب البرتغالي كريستيانو رونالدو الطاولة مع يوفنتوس الإيطالي على أتلتيكو مدريد الإسباني في ثمن النهائي، قبل أن تشهد مباراتا نصف النهائي ملحمتين لليفربول وتوتنهام ضد برشلونة الإسباني وأياكس أمستردام الهولندي.
لكن نهائي مدريد جاء مخالفا للتمنيات، ولم يعوض الآلاف من الدولارات التي أنفقها البعض في السوق السوداء لشراء تذاكره، فحسمه ليفربول بتكتيك مدربه “الصبور” كلوب وواقعية صلاح أفضل لاعب أفريقي.
ولم تكد تمر دقيقة واحدة حتى انتهت المباراة منطقيا السبت، حيث بحثت الكرة عن يد الفرنسي موسى سيسوكو وأجبرت الحكم السلوفيني دامير سكومينا على احتساب ركلة جزاء، كان صلاح جاهزا نفسيا لترجمتها على غرار ركلة ضد الكونغو أوصلت بلاده إلى مونديال 2018 بعد غياب 28 عاما.
وأثبت صلاح أحقيته بترجمة الركلة الأسرع في تاريخ المباريات النهائية للمسابقة، متوجا موسما جيدا بدأه ببطء قبل أن يحرز لقب هداف الدوري المحلي “بريميرليغ” للعام الثاني تواليا، تشاركا مع سانيه والغابوني بيار-إيمريك أوباميانغ.
وقال صلاح “سنسعى لإحراز البطولة في الموسم المقبل”، لكن هل سيبقى لاعب روما الإيطالي السابق في لندن، أم يتجه نحو عملاق القارة ريال مدريد؟ وهذا الهدف الخاطف وعد بالكثير، لكن الحسابات جاءت مختلفة، رضي ليفربول بنسبة 35 بالمئة من الاستحواذ، تاركا الساحة للاعبي المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو.
لكن أبناء شمال لندن عجزوا عن الوصول إلى منطقة الحارس البرازيلي أليسون بيكر الذي بقي ضيف شرف في الشوط الأول، ولم يكن هدافهم هاري كاين العائد من إصابة طويلة سوى ضيف شرف أيضا على النهائي الإنكليزي الثاني في تاريخ المسابقة.
فرص قليلة واختراقات نادرة وتسديدات شبه معدومة، قبل دقائق أخيرة شهدت فرص رفع العتب من توتنهام شبه المستسلم والخاضع لهيمنة ليفربول المعنوية والفنية.
بدا الفريقان غير آبهين بالأداء، ليفربول يفكر في تتويج سادس في تاريخه وأول منذ 2005، وتوتنهام بباكورة ألقابه في هذه المسابقة، ففرضت الترشيحات نفسها، ولعبت خبرة كلوب “أخيرا” دورها في المباريات النهائية بعد سداسية منحوسة لمدرب بوروسيا دورتموند السابق.
“طبق ليفربول جيدا الأمور البشعة” بحسب مدرب بيرنلي الإنكليزي شون دايتش، فيما قال هداف ليفربول السابق مايكل أوين “من يأبه إذا لعبوا جيدا أو بشكل سيء؟ يعيش هذا الفريق دورة رائعة ويتعين عليه الفوز بالألقاب، ولماذا لا يبدأون في المسابقة الكبرى؟”.
وترجم كلوب فرحه في تشكيلة ليفربول “هذه أفضل ليلة في مسيراتنا الاحترافية (..) عادة بعد مرور 20 دقيقة على بداية المباراة أكون ثملا. لكن حتى الآن لم أشرب سوى الماء!”.
بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من إحراز لقب الدوري الإنكليزي للمرة الأولى منذ 1990، وإنهائه الموسم متخلفا بفارق نقطة واحدة فقط عن مانشستر سيتي، نفض ليفربول غبار فترة طويلة من قحط الألقاب الكبرى، وأعلن عن نفسه قوة ضاربة بين كبار القارة العجوز.
ودخل مدربه كلوب الباسم دوما نادي الكبار فيما ينتظر فرعونه صلاح التتويج في كأس أمم أفريقيا المقبلة على أرضه، ليصبح أقوى المرشحين في منح العرب أول كرة ذهبية في تاريخهم لأفضل لاعب في العالم.
ونجح كلوب (51 عاما) في فك نحسه مع المباريات النهائية محققا أول فوز في سبع مناسبات. وعوض كلوب الذي يشرف على ليفربول منذ العام 2015، آخر نهائي خسره الموسم الماضي مع الفريق الأحمر في المسابقة القارية الأولى أمام ريال مدريد الإسباني (1-3).
وبدوره، ثأر صلاح لخروجه مصابا في نهائي النسخة الماضية، عندما تعرض لإصابة قوية بكتفه بعد تدخل من مدافع ريال مدريد سيرجيو راموس، وسجل نقاطا هامة في سباق المنافسة على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم.
وقال صلاح لقناة “بي.تي” البريطانية “الجميع سعيد الآن، أنا سعيد لأنني خضت النهائي الثاني تواليا وتمكنت من لعب 90 دقيقة. الجميع قدموا أفضل ما لديهم الآن، لا يوجد أداء فردي اليوم، كل الفريق كان مذهلا”. وأضاف “لقد ضحيت بالكثير من أجل مسيرتي، أن آتي من قرية (نجريج) وأنتقل إلى القاهرة، وأن أصبح مصريا على هذا المستوى هو أمر لا يصدق بالنسبة إلي”.
وفي المقابل تعهد البرازيلي لوكاس مورا مهاجم توتنهام في حديث صحافي، بأن يعود فريقه أقوى في الموسم المقبل. وكان مورا بطل التأهل إلى نهائي المسابقة للمرة الأولى في تاريخ توتنهام، بفضل ثلاثيته في ذهاب الدور نصف النهائي أمام أياكس أمستردام الهولندي 3-2 بعد الخسارة 0-1 في لندن ذهابا. لكن البرازيلي الذي بدأ مباراة السبت على مقاعد البدلاء، أكد أنه يحترم قرار مدربه الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو الذي فضل الدفع من البداية بالمهاجم العائد من الإصابة هاري كاين.
وقال مورا حول الدموع التي كان يذرفها بسبب الخسارة “نعم، كنت حزينا جدا. هو أمر طبيعي، كنت أريد أن أفوز واعتقدت أن الأمر ممكن. أنا حزين ولكني فخور جدا بزملائي وفريقي. أعتقد أننا خضنا موسما رائعا. ليس من السهل الوصول إلى المباراة النهائية. يجب أن نرفع رأسنا مجددا ولعبنا ضد فريق كبير مثل ليفربول. برأيي خضنا مباراة جيدة، وحصلنا على فرص، ولكن لسوء الحظ لم نستغلها للتسجيل. هذه هي كرة القدم، عندما لا تسجل، تدفع الثمن. علينا التطلع إلى الأمام حاليا”.