الحرب في اليمن..
تقرير: بعد قطع ذراعه اليمني.. عبد الملك الحوثي وحيداً
وزعمت الجماعة الحوثية بأن إبراهيم تعرض للاغتيال من قبل "أيادي الغدر" وتشير بذلك إلى قوات التحالف، فيما أوضحت مصادر أنه تعرض لتصفية ضمن صراع متصاعد بين أجنحة الجماعة.
ويمثل مصرع إبراهيم الحوثي، الشقيق الأصغر لعبد الملك الحوثي، اختراقاً أمنياً كبيراً للميليشيات -التي تفرض قبضة حديدية على العاصمة صنعاء منذ الانقلاب- وضربة قوية لرعاياها ومموليها الأبرز إيران وقطر.
من هو إبراهيم الحوثي؟
إبراهيم بدر الدين الحوثي من مواليد 1978 في محافظة صعدة شمال اليمن، كان والده أحد كبار المرجعيات الدينية للطائفة الزيدية المنتشرة في اليمن، ويعد أحد قادة جماعة الحوثي، التي أسسها أخوه الأكبر حسين بدر الدين الحوثي، الذي كان في حينه عضواً في البرلمان اليمني.
ويعتقد أن عبد الملك الحوثي كان يعتمد بشكل كبير على شقيقه إبراهيم، وخاصة في العمليات العسكرية التي تنفذ حول صعدة باتجاه الحدود السعودية.
كما أن هناك تقارير تتحدث عن مشاركته بشكل مباشر في عملية اقتحام الحوثيين لصنعاء والسيطرة عليها في عام 2014، فضلاً عن مشاركته في العمليات التي انتهت بوأد انتفاضة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر(كانون الأول) 2017.
اغتيال حوثي
وسط ظروف غامضة وغير مؤكدة، اعترفت الميليشيات الحوثية رسمياً بمقتل القيادي فيها إبراهيم بدر الدين الحوثي، شقيق زعيمها عبد الملك بدر الدين الحوثي أمس، ليلتحق برئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد، القيادي الحوثي الذي قتل في أبريل(نيسان) 2018.
ويعد إبراهيم الحوثي أحد الأذرع الأمنية لشقيقه عبد الملك، ونادراً ما يظهر إعلامياً هو ومن تبقى من أشقائه على قيد الحياة البالغ عددهم 17 شقيقاً من 4 أمهات، بعد أن كان لقي 3 منهم مصرعهم خلال الحروب التي قادتها الجماعة ضد السلطات الحكومية بين عامي 2004 - 2010.
ولمح بيان داخلية الانقلاب التي يقودها عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي، ضمناً إلى أن إبراهيم الحوثي تم اغتياله، متوعداً بملاحقة من قاموا بتنفيذ العملية التي وصفها بـ"الإجرامية"، ويرجح المراقبون أن تصفية إبراهيم ستنعكس أمنياً على الترتيبات المتبعة لتحركات قادة الميليشيات ما يجعلهم يتخذون تدابير أكثر حذراً خشية الاستهداف.
تضارب الأنباء
قال مصدر أمني: إنه "تم العثور على جثة الصريع إبراهيم بدر الدين الحوثي في أحد المنازل بمدينة حدة في العاصمة صنعاء"، وأضاف أن أجهزة الأمن الحوثية باشرت التحقيق لمعرفة ملابسات مصرع إبراهيم الحوثي، مشيراً إلى أن الميليشيا أعلنت حالة الطوارئ بصنعاء.
وزعمت مصادر أخرى أن الصراع بين الميليشيات وصل إلى حد تصفية أقرب المقربين لزعيم التمرد، مشيرة إلى أن الخلافات على تقاسم الأموال المنهوبة والنفوذ في مناطق سيطرة الأجنة بين الحوثيين كانت من أهم الأسباب التي ساهمت في لجوء بعض المتمردين إلى الاغتيالات.
وذكرت مصادر يمنية في صنعاء، أن إبراهيم الحوثي قتل على يد أحد العناصر الحوثية المتمردة، والتي وقعت ضحية شبكة الدعارة، لافتة إلى أنه أعدم برصاص مسلحين خلال اجتماع عقده مع زعماء قبائل في صنعاء، فيما ذهبت مصادر أخرى إلى أنّ الحوثي قُتل على يد مسلح بتهمة أخلاقية.
وقال مصدر يمني: "إبراهيم الحوثي قُتل في شقة بصنعاء، على الأرجح تعرّض للتصفية من قبل مسلحين اتهموه بقتل أقرباء لهم، وأنه دعاهم للتفاوض"، مشيراً إلى أن 4 من مرافقي الحوثي قتلوا في الحادثة.
وأكد مصدر آخر أن الحديث الأكثر تداولاً في صنعاء، أن إبراهيم الحوثي تورّط في علاقة جنسية مع فتيات في صنعاء داخل شقة دعارة، وأنه قام بتجنيد عناصر نسائية حوثية يطلق عليهن "الزينبيّات"، لجلب فتيات في العاصمة للدعارة، وهو الأمر الذي قوبل برفض من أهالي بعض الفتيات الذين اتهموا الميليشيات بتجنيد فتياتهم للدعارة واستغلال الحالة المادية للكثير من الأسر.
ورجّحت المصادر أن إبراهيم الحوثي كان يشرف بشكل شخصي على قادة الميليشيات في صنعاء، وأنه المسؤول عن إقامة شبكة الدعارة التي يهدف من خلالها للإيقاع بالعناصر المتمردة في صفوف الميليشيات.
وأكدت أن "إبراهيم الحوثي يرجح أنه قتل على يد أحد العناصر الحوثية المتمردة، والتي وقعت ضحية شبكة الدعارة، حيث وجه لهذا العنصر دعوة للمثول أمامه، لاستجوابه حول رفضه أوامر مشرفي الجماعة في صنعاء، قبل أن يهدده بفضحه بالفيديو الذي تم تسجيله له أثناء ممارسته علاقة جنسية مع إحدى فتيات شبكة الدعارة، الأمر الذي دفع هذا العنصر إلى الغضب وإطلاق النار على إبراهيم الحوثي وقتله مع مرافقيه".
وأشارت إلى أن هذه الرواية هي الأرجح، لكنها لا تستبعد أن يكون إبراهيم الحوثي قتل برصاص مسلح قبلي، خاصة أن شقيق زعيم الحوثيين متورط في قتل وسحل زعماء قبائل.
صراع داخلي
في الآونة الأخيرة، خرجت صراعات الأجنحة داخل الحوثيين إلى العلن، حيث اتسعت الخلافات بين "جناح صنعاء" والمحافظات الأخرى من جهة، وجناح المشرفين الحوثيين القادمين من محافظة صعدة، لكن الصراعات هذه المرة وصلت إلى أشدها وانتهت باغتيال شقيق زعيمهم.
وكشفت تقارير إخبارية يمنية أن صراعاً داخلياً بين قيادات في ميليشيا الحوثي كان السبب وراء مقتل شقيق زعيمهم عبدالملك الحوثي، وقالت مصادر يمنية إن "صراعات وخلافات داخل صفوف الميليشيات الحوثية قد تكون هي التي أدت إلى تصفية شقيق زعيمهم".
وبدوره، قال العميد طارق صالح في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أمس: "خلافات وتصفيات فيما بينهم تعصف بهم، بداية النهاية لهذه الميليشيات الكهنوتية"، على حد تعبيره.
ومن جهته، نفى الكاتب الصحافي اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الحوثية، عبد الفتاح الحكيمي، الأنباء الحوثية التي تقول إن إبراهيم الحوثي لقي مصرعه في ضربة لطيران التحالف، مؤكداً أنه تلقى عدة طلقات في الرأس والصدر في إحدى الفلل السكنية بحي حدة في صنعاء بمسدس كاتم للصوت.
وعن الأسباب الرئيسية التي دفعت ميليشيا الحوثي لتصفيته، أضاف الكاتب لموقع "مأرب برس" بأن الخلافات والتنافس الشخصي على زعامة وقيادة الجماعة مع أخيه عبدالملك بدر الدين هي الدافع الرئيسي.
ضربة موجعة
قال الخبير الأمني اليمني محمد جواس لموقع "الحرة" الإخباري، إن "اغتيال إبراهيم الحوثي يعد ضربة موجعة للمتمردين الحوثيين، من خلال استهداف الدائرة الضيقة لزعيمهم عبد الملك"، وأضاف أن "الحلقة بدأت تضيق على أسرة الحوثي، وهذا معناه وجود اختراق كبير في الدائرة المقربة للحوثي المحاطة بحماية أمنية ضخمة".
وأكد أن إبراهيم كان من العناصر المقربة لمراكز القرار في صفوف الحوثيين، وخاصة في المسائل الأمنية والعسكرية والاستراتيجية، مشيراً إلى أنه كان يشرف أمنياً على مناطق صنعاء وعمران وصعدة التي تنتشر فيها الصورايخ البالستية وقواعد الطائرات المسيرة التي تستهدف الدول المجاورة.
ويتوقع المراقبون ألا يمر هذا الحدث دون سلسلة انتقامات وتصفيات منتظرة، وخصوصاً أن الأمر لم يعد يعطي الزعيم الإرهابي عبدالملك مرجعية حقيقية في ظل تلك الأسماء القوية في الحركة التابعة للإرهاب الإيراني.
وذكرت التقارير أن الوضع متوتر للغاية في ظل اختفاء عبدالملك الحوثي في جبال صنعاء، بحسب العديد من وسائل الإعلام المحلية.
استنفار أمني
أفادت مصادر يمنية في العاصمة صنعاء، بأن ميليشيات الحوثي وضعت عناصرها في حالة استنفار بعد مقتل إبراهيم الحوثي في ظروف غامضة.
وذكرت أن الميليشيا وعناصر جهاز الأمن الوقائي التابعين استحدثوا عدداً من نقاط التفتيش في شوارع منطقة مُسيك وسعوان والزبيري والخمسين وشوارع أخرى.
وأشارت إلى أن المسلحين الحوثيين تمركزوا في هذه النقاط رفقة أطقم مسلحة وعربات مدرعة، حيث قام المتمردون بعمليات تفتيش دقيقة وغير مسبوقة لمركبات المواطنين وفحصوا بطاقات الهوية للسائقين.
كسر العظام
يمثل مقتل إبراهيم بدر الدين الحوثي تطوراً لافتاً في معركة كسر العظام، التي تدور داخل أجنحة الميليشيا الانقلابية منذ أشهر.
فمنذ بدء انقلاب الميليشيات الحوثية على الحكومة الشرعية في 2014، أحاط زعيمها عبد الملك الحوثي تحركاته وتحركات أشقائه بالمزيد من السرية والتخفي فيما دفع بالآلاف من أتباعه ومن زعماء القبائل الموالين له إلى الموت في جبهات القتال المختلفة، ويعد شقيقه إبراهيم أبرز أقاربه الذين سقطوا حتى الآن منذ الانقلاب.
ويتوقع متابعون أن تكون لرحيل شقيق الجماعة استتباعات سلبية على الوضع العسكري والأمني للمتمردين، خاصة مع تبادل الاتهامات بخصوص ظروف وفاته التي مازالت غامضة.