وتمثل جماعة أنصار الشريعة في اليمن جزءاً من إعادة صياغة تنظيم القاعدة "في شبه الجزيرة العربية"، وارتبط تأسيس تنظيم "أنصار الشريعة" بالتحركات الشبابية في العالم العربي منذ نهاية 2010 حيث أطاحت بعدد من رؤساء دول عربية في تونس، ومصر، وليبيا، وحركت التظاهرات في دول أخرى من المنطقة.
ولا يمكن الحديث عن بذور التطرف الديني من دون ذكر المنظر الديني لتنظيم القاعدة الشيخ أبو زبير عادل بن عبد الله العباب الذي بدأ في بدايات العام 2011 يروج لتأسيس "أنصار الشريعة" في اليمن وبشكل خاص في المنطقة الجنوبية من البلاد، في تسجيل صوتي نشرته منتديات متشددة على الإننترنت.
وفي مقدمة الأهداف التي حددتها التسجيلات الصوتية للمنظر الديني للقاعدة، إقامة "إمارة إسلامية" جديدة في محافظة حضرموت، في محاولة من عناصر التنظيم لفرض مفهومهم المتشدد للشريعة الإسلامية على أجزاء من المحافظة التي كانت تعاني ضعف السيطرة الحكومية عليها آنذاك، وتوفر تضاريسها الكثير من المخابئ لعناصر الفرع اليمني للتنظيم.
ولعل أبرز دور لتنظيم الإخوان الإرهابي في اليمن، يتضح عبر اتخاذه معبراً للتنظيمات الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة.
وكانت الولايات المتحدة، بحسب بيانات الكونغرس، فرضت في 2004 عقوبات على الشيخ عبد المجيد الزنداني، زعيم حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان، بعد أن تبين مسيرته الواسعة بالعمل مع زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
ومع ذلك، بحلول 2017، عانى التنظيم من اجتياح العديد من مناطقه الآمنة سابقاً من خلال جهود مكافحة الإرهاب المستمرة المدعومة إماراتياً، ولا سيما مديريات دوعن بحضرموت، وعزان بشبوة، والمحفد بأبين، وعلى الرغم من هذا التقهقر والخسائر الاستراتيجية، وجد تقرير لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في يناير (كانون الثاني) 2018 أن القاعدة بقيت تشن ما يعادل هجوماً واحداً كل يومين حتى 2017، معظمها في محافظات البيضاء وأبين وحضرموت، ومع ذلك، فإن التركيز العملياتي للتنظيم تحول خلال العام التالي، فثلاثة أرباع عمليات القاعدة المشتبه بها خلال الأشهر الستة الأولى من 2017، بحسب مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية".
ومع انشغال القوات المسلحة في الدفاع عن البلاد بوجه الانقلابيين، استغل تنظيما القاعدة والإخوان الاضطرابات السياسية في تعظيم نفوذهما ووجودهما في العديد من المدن اليمنية، خاصة في المحافظات الجنوبية، حيث حاول الإخوان المشاركة في الثورة من أجل كسب تعاطف الثوار اليمنيين.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، تكشفت بعض معالم المؤامرة الإخوانية ضد الجنوبيين واليمنيين بشكل عام، لاسيما بعد الاجتماعات الثنائية بين قادة "الإصلاح" و"القاعدة" في صنعاء بدعم وتنسيق قطري؛ من أجل زعزعة استقرار المحافظات المحررة، وخاصة في الجنوب اليمني.
ولفتت المعلومات إلى أن الاجتماع بحث تنفيذ خطة عاجلة قائمة على زعزعة الأمن في المحافظات المحررة بخلايا القاعدة والإخوان، وتنفيذ اغتيالات سياسية، وعلى مستوى زعماء شيوخ القبائل المناهضين والثائرين على الميليشيا، فيما تتركز الخطة طويلة المدى على وجود إحداث ثغرات في جبهات القتال لصالح الميليشيا، وتصورها على نصر عسكري للميليشيات، مقابل شراكة قوية بين الحوثي والإخوان في حكم اليمن.
ومن جهتها، أشارت المتحدثة باسم مفوضّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شمداساني، إلى أن الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش كثفت من أنشطتها الإرهابية في المدن الكبرى من البلاد.
ولعل المقاطع المصورة التي تداولتها منصات التواصل تؤكد تواطؤ العناصر التكفيرية من داعش والقاعدة مع حزب الإصلاح عبر التخفي خلف عباءة قوات الجيش على جبهات عدة في الجنوب.
إذ تبنى تنظيم "انصار الشريعة" الكمين الذي استهدف قوات "الحزام الأمني" مساء السبت الماضي في محافظة أبين، كاشفاً أكثر عن العلاقة بين "القاعدة" و"الإخوان".
ولاحقاً أظهرت المقاطع المصورة المتداولة ظهور زعيم داعش في اليمن أبو البراء البيضاني، يقاتل بجانب مجموعات إخوانية متغلغلة في صفوف الجيش اليمني.
ومن بين الدلالات الأخرى على العلاقات المستجدة بين تنظيم "الإخوان" و"القاعدة" في محاربة استقرار اليمن، هو دفع الذراع الإعلامية لتنظيم الإخوان، قناة الجزيرة، يوم أمس الخميس بالقيادي في تنظيم القاعدة عادل الحسني، الذي أفرجت عنه الحكومة اليمنية عقب ضغوط مارسها مسؤولو إخوان في الحكومة.
وحاولت قناة الجزيرة التي تستمر بدفع بالحسني إلى المشهد السياسي في اليمن أن تستغله للهجوم على دولة والإمارات والتقليل من أهمية القضاء على "القاعدة".
وتأتي التطورات الأخيرة بعدما شهدت جبهات ميليشيات الإصلاح، انهياراً كبيراً في عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، إثر نجاح قوات الحزام الأمني في الانتشار في هذه المحافظات لتأمين الشوارع وحركة المواطنين والمرافق والمؤسسات الخدمية في المدينة.
وبدا أن نشاط الجماعات الإرهابية عاد سريعاً إلى عدن، في خطوة تأتي ضمن مخططات حزب الإصلاح الإخواني، الرامي إلى زرع الفوضى وتقويض جهود التهدئة، التي يرعاها التحالف العربي.
-24