وجود تحالفات ضمنية محتملة..
تقرير: التنظيمات الإرهابية في اليمن تعيد رص الصفوف
بات من الواضح للعيان أن تنظيمي داعش والقاعدة عادا لمواصلة تنفيذ أعمالهما الإرهابية حيث عمدا لتطوير مجموعة من الآليات لإعادة تثبيت الجذور في اليمن من جديد وسط صمت مخيف من قبل قوات الشرعية (قوات الحكومة اليمنية).
إحداث نوع من التكامل مع المجتمعات المحلية، وتطوير البنية التحتية في الأماكن التي تسيطر عليها، وبالإضافة إلى تنسيق التواصل مع فئة الشباب لتوفير أرضية خصبة لعمليات التجنيد، محاور يتفق عليها التنظيمان مع اعتماد داعش على أساليب تحمل وحشية مفرطة في التعامل مع تلك المجتمعات، ما أدى إلى صعوبات مختلفة أثرت على عملية اندماجه في المجتمع اليمني.
ردة فعل
الغياب الذي دام لأشهر عاد لظهور من جديد مستهدفاً تشكيلات عسكرية محسوبة على التحالف العربي لدعم الشرعية، في محافظتي أبين وعدن، جنوب اليمن، وأعلن تنظيم داعش عن تبنيه هجوماً انتحارياً على قوات الحزام الأمني التي تفرض الأمن في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.
في السياق، تعتقد مصادر مقربة من قيادات في تنظيم داعش، أن هذه العودة طبيعية، بالنسبة لتنظيم مطارد، لكنها لا تعني الكثير، ولا تعكس تنامياً في القوة الهجومية للتنظيم.
ويضيف المصدر، في حديث "للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية" أن عمليات القاعدة وداعش الأخيرة، تأتي في إطار رد الفعل على التحركات العسكرية والأمنية ضدها، وليس في سياق العمل لمشروع معين، كما كان عليه الحال في السابـق.
وبحسب المصدر، فإن عمليات القاعدة، باتت تتسم بعدم الاستمرارية، كما أنها تفتقد إلى تغيير الخطط وسرعة المباغتة.
وحول غياب أو تراجع كل ذلك، يذهب المصدر إلى إن "هناك عدة أسباب، أهمها ضعف الجانب الشرعي لدى القاعدة، وحرصها على تحسين سمعتها أمام الناس، وأنها تختلف عن داعش، إضافة إلى أن أغلب عناصرها جديدة وحديثة العهد بالجهاد، عدا عن التراجع في ربط الفرد بالقضية".
ضربة استباقية
وأكدت دولة الإمارات العربية في بيان صادر عن وزارة الخارجية أنها نفذت ضربات جوية محددة في اليمن بهدف حماية قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، بعد معلومات مؤكدة عن استهداف ميليشيات إرهابية (تنظيم داعش والقاعدة) لقوات من التحالف.
وجاء الرد الإماراتي تعقيباً على بيان للخارجية اليمنية الذي أكدت من خلاله احتفاظها بحق الدفاع عن النفس والرد على التهديدات الموجهة لقوات التحالف العربي حيث بدأت التنظيمات الإرهابية بزيادة وتيرة هجماتها ضد قوات التحالف والمدنيين الأمر الذي أدى إلى تهديد مباشر لأمن هذه القوات ما استدعى استهداف الميليشيات الإرهابية بضربات جوية محددة، ووفقاً لقواعد الاشتباك المبنية على اتفاقية جنيف والقانون الدولي الإنساني.
الوعي العسكري الإماراتي باستهداف قواتها التابعة للتحالف لمجاميع مسلحة تقودها عناصر تابعة للتنظيمات الإرهابية شكل "خطوة استباقية" باستخدام حق الدفاع عن النفس لحماية القوات وضمان أمنها موضحة في ذلك الوقت أن أجهزتها الاستخباراتية رصدت ووثقت خلال الأسابيع الماضية نشاط خلايا إرهابية في المناطق اليمنية وهو ما يهدد بشكل فعلي الجهود الكبيرة التي قام بها التحالف للقضاء على خطر الإرهاب في اليمن ويهدد جهود التصدي لميليشيات الحوثي التي تُعد المستفيد الأكبر من انتشار الفوضى والتنظيمات الإرهابية في المناطق المحررة.
تخاذل الشرعية
ويرى متابعون للشأن اليمني أن عودة التنظيمات الإرهابية بعدد من العمليات في مدد زمنية متقاربة، قد تكون للتغطية على حديث تنظيم داعش وعن علاقته التي أصبحت وطيدة بجهات في قوات الشرعية اليمنية (حزب الإصلاح الإخواني) بعد المواجهات التي دارت بين الطرفين في القريشية في البيضاء، منتصف يونيو (حزيران) الماضي.
ويشير متابعون للشأن اليمني إلى أن هنالك أحاديث من مصادر محسوبة على تنظيمات إرهابية تحدث عن أبواب وقنوات اتصال خلفية تتم بين تنظيم داعش الإرهابي واعضاء من حزب الإصلاح الأمر الذي يعزز المعلومات التي تشير إلى وجود تعاون مشترك بين الحزب والتنظيم، وهو الأمر الذي يمثل حرجاً للشرعية (قوات الحكومة اليمنية) ولعل من أبرز الأدلة على ذلك حديث قيادات في تنظيم القاعدة عن وجودها في 11 جبهة قتال للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، وعن قتالها إلى جانب السلفيين والإخوان المسلمين.
وترى دراسة قامت بها الباحثة في "معهد الشرق الأوسط" إليزابيث كيندال، أنه من غير المستبعد أن يكون استهداف القاعدة للتشكيلات العسكرية والأمنية المحسوبة على التحالف العربي تأتي رداً على استهداف الأخير لمن هم محسوبون على قوات الشرعية من مسلحي حزب الإصلاح في مدينة عدن خلال الفترة الأخيرة.
وتحاول الباحثة من خلال الدراسة التي قامت بها وتحمل عنوان المعنونة: "التشدد الجهادي المعاصر في اليمن: كيف يتطور التهديد؟"، إلى إلقاء الضوء على نشأة ودورة العمل الإرهابي المسلح في اليمن، من خلال تعقب مراحله المختلفة، والتركيز على أهدافه وآليات تحقيقها، بالإضافة إلى الضغوط والصعوبات التي يواجهها.
تحالفات ضمنية
وتشير المؤلفة إلى أن جذور التطرف في اليمن ترجع إلى حقبة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي جند الإسلاميين المتطرفين للعمل ضد خصومه في الثمانينيات والتسعينيات لتعزيز سيطرته على السلطة.
وبحلول منتصف التسعينيات تكونت أول مجموعة منظمة للإرهابيين في اليمن أطلقت على نفسها "جيش عدن أبين الإسلامي" على يد الإرهابي "زين العابدين المحضار"، وكانت هذه الجماعة تعمل بدعم من القائد العسكري الحالي ونائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي "علي محسن الأحمر" الذي أصبح قائداً للقوات المسلحة.
ويشير ذلك إلى وجود تحالفات ضمنية محتملة بين تنظيم القاعدة وداعش من جهة وقوات وأعضاء في القوات المسلحة اليمنية (قوات الشرعية) من جهة أخرى.
وأوضحت الدراسة أن تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" قد واجه العديد من الضغوط والتحديات في اليمن التي أثرت على نشاطه، والتي تمثلت بتزايد عمليات مكافحة الإرهاب من قبل التحالف العربي وقيامه بشن مئات الغارات الجوية على معسكرات الجماعات المتطرفة في اليمن، من بينها تنظيما القاعدة وداعش.
وساهمت قوات التحالف العربي من خلال عملياتها البرية، إلى إلحاق خسائر فادحة بهذه الجماعات الإرهابية، فضلاً عن قيام هذه التنظيم بإعدامات كبير بين أعضائها نتيجة إفشاء الأسرار والتعاون مع الاستخبارات الأجنبية.
ودشن التنظيم الإرهابي بطريقة مقصودة وممنهجة عودته باغتيالات لأفراد وقيادات منها قائد قوات التدخل السريع التابعة للحزام الأمني في مديرية المحفد في أبين جمال لكمح، قبل أن ينفذ عمليات أخرى في مديرية مودية في ذات المحافظة، وفي منطقة المنصورة في عدن.
قبل ذلك، كان نشاط التنظيمات الإرهابية (داعش والقاعدة) توقف بشكل شبه كامل منذ منتصف مارس (آذار) باستثناء مواجهات محدودة، مع قوات "النخبة الشبوانية" في منطقة كور العوالق التابعة لمديرية الصعيد، في محافظة شبوة، جنوب شرق اليمن هذا وأثارت عودة التنظيمات وقيامها بعمليات متتالية تساؤلات عدة، عن توقيتها، وماذا تعني هذه العودة في الوقت الحالي؟.
-24