الاحتجاجات العربية..
تقرير: كيف حضرتْ إيران واليمن في ملتقى أبوظبي الإستراتيجي؟
قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إنّ ثمة إمكانية لوجود مسار سياسي للتعامل مع إيران، قد يكون بمقدور جميع أطراف الصراع الاستعداد لإطلاقه قريباً، من دون أن يعني ذلك القبول بالطبيعة العدوانية للسياسة الخارجية الإيرانية. ولفت قرقاش إلى أنّ النزاعات والتحديات الكبرى التي تعصف بالمنطقة وصلت إلى مرحلة حاسمة، الأمر الذي يستوجب ضرورة اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية، وعدم التصعيد في ما يتعلق بإيران.
جاء كلام الوزير الإماراتي خلال ملتقى أبوظبي الإستراتيجي السادس، الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات، واختتم أعماله أمس في أبوظبي.
وحذر قرقاش من أنّه لا ينبغي أن يكون الخيار مع إيران بين الحرب من جهة أو القبول باتفاق (5+1) المليء بالعيوب والثغرات من جهة أخرى؛ في إشارة إلى الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول الكبرى في تموز (يوليو) 2015. ووصف المسؤول الإماراتي هذا الخيار بـ"الخاطئ"، مؤكداً رفضه لثنائية الصراع والاستسلام. وأضاف أنّ "سلوك إيران يبقى مصدر قلق حقيقي للدول الأخرى في المنطقة، لكننا لا نسعى إلى المواجهة، والمزيد من التصعيد في هذا الوقت لا يخدم أحداً، ونعتقد بقوة أنّ ثمة متسعاً لنجاح الدبلوماسية الجماعية".
وأشار وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في كلمته أمام ملتقى أبوظبي الإستراتيجي السادس إلى أن هذا النجاح يرتبط بجملة من الشروط والمحددات من أبرزها ما يلي:
1. يتوجب، استناداً إلى هذه العملية، التعاطي مع القضايا الأمنية الرئيسية التي تشكّل مصدر قلق للدول الأخرى في المنطقة، مثل التدخل الإيراني المباشر، ومن خلال الوكلاء، في الدول الأخرى في المنطقة، إضافة إلى برامجها النووية والصاروخية.
سلوك إيران يبقى مصدر قلق حقيقي للدول الأخرى في المنطقة
2. أن تكون دول الخليج العربية حاضرة على طاولة أي محادثات حول تلك القضايا المذكورة.
3. وجود توافق في صفوف المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، إلى جانب دول الخليج العربية.
4. إنهاء الهجمات الفظيعة التي تعرضت لها منشآت أرامكو السعودية، وأي هجمات على شاكلتها، بوصفها غير مقبولة وتقوّض أي عملية سياسية أو دبلوماسية محتملة. وإذا أثبتت إيران التزامها الجدي تجاه هذه العملية، فإنّ مساراً سياسياً قد يتكلل بالنجاح. واستدرك الوزير بأنّ هذا المسار سيكون طويلاً ويتطلب الصبر والشجاعة.
وقال قرقاش إن مثل الاتفاق، إن تمّ، سيعمل على تنشيط الاقتصاد الإيراني، وتشكيل خريطة طريق لنظام إقليمي جديد أكثر استقراراً يمكن لجميع الدول أن تحقق الازدهار من خلاله.
الخيار في اليمن
وفي إطار ربط الوزير الإماراتي هذه المسألة بالواقع القائم في اليمن، أوضح بأنّ الخيار في هذا البلد ليس بين صراع دائم أو التخلي عن الشعب اليمني لصالح ميليشيا الحوثيين، أو لمصلحة تنظيم "القاعدة" الإرهابي. وقال قرقاش إنّ الواقع الحالي في اليمن يحثّ على الدفع بدبلوماسية قوية يمكن لها المضي قُدُماً نحو حل سياسي، من أهم خصائصه البراغماتية والسلمية والاستدامة. وتابع قرقاش بأنّ أي اتفاق على الحل في اليمن يتعين عليه أن يأخذ بالاعتبار ما يلي:
1. الطموحات المشروعة لجميع أطراف المجتمع اليمني، وهذا يشمل الحوثيين؛ فبالرغم من أن ميليشيا الحوثيين ألحقت دماراً واسعاً في اليمن؛ فإنهم جزء من المجتمع اليمني ولهم دور في مستقبله، على حدّ قوله.
2. يتوجب أن يسعى أي حل سياسي مستدام في اليمن للسماح كذلك بتقديم ضمانات أمنية مناسبة للدول المجاورة، وهذا يشتمل على احتواء التهديدات الإرهابية، وضمان الأمن البحري، ومنع أي هجمات ضد الدول المجاورة انطلاقاً من الأراضي اليمنية.
3. يمكن للمجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن الدولي، أن يقوم بدور فاعل في إخراج هذا الاتفاق إلى النور.
وقال قرقاش إنّ الأزمة اليمنية تشكّل فرصة لجميع الأطراف للبدء في بناء نظام إقليمي جديد، يكون احترام السيادة الوطنية جزءاً أساسياً في صميم هذا النظام، ما يعني إنهاء التدخلات أو التهديد بالتدخل في شؤون الدول الأخرى.
وذكر المسؤول الإماراتي أنّ بلاده ستواصل العمل في هذا الاتجاه، مؤكداً أنّ أولويات بلاده في "التحالف العربي" في أعقاب إعادة انتشار قواتها من عدن هي الاستمرار في مواجهة التهديدات الإرهابية، وحماية الأمن البحري، ومواصلة تقديم المساعدات الإنسانية.
تطرقت النقاشات إلى موجة الاحتجاجات الأخيرة في كل من لبنان والعراق
نقاشات نوعية
وكان ملتقى أبوظبي الإستراتيجي السادس شهد نقاشاً ثرياً حول توزّع القوة في النظامين الدولي والإقليمي، فاتحاً الجدل العلمي والمنهجي حول عناوين جديدة في المنطقة العربية؛ مثل؛ محور القوة الجيو-مالية، وخريطة العالم الجيو-تقنية، وعسكرة التكنولوجيا، والتنافس حول اقتصادات الذكاء الاصطناعي.
وتطرقت النقاشات إلى موجة الاحتجاجات الأخيرة في كل من لبنان والعراق. وأكّد رئيس الوزراء الليبي السابق، محمود جبريل، أنّ الخلل الهيكلي العميق في الدولة العربية يُعدّ سبباً أساسياً في اندلاع الهبّات الشعبية في العالم العربي. من جانبه، قال الإعلامي العراقي، مشرق عباس، إنّ الاحتجاجات الجارية في العراق تعكس رغبة شعبية قوية بضرورة التغيير، والردّ على محاولة السلطات العراقية تفتيت الهوية الوطنية العراقية الجامعة.
ولفت عباس إلى أنّ الداعين إلى وجود قيادة موحدة لهذه الاحتجاجات يغفلون عن أنّه من المهم في هذه المرحلة استمرار هذه الاحتجاجات بشكلها الحالي: السلمي والعابر للمناطقية والطائفية والقومية، فضلاً عن أنّ خروج قيادات في هذه المرحلة-التي تشهد استخدام القوة المفرطة بحق المحتجين- سيعني تصفيتهم، كما أنّ أهداف الاحتجاج لم تتحقق ليتم الانتقال إلى مرحلة المفاوضات، والتي تتطلب وقتها وجود وجوه قيادية للتفاوض مع الحكومة، على حد قوله.