"اليوم الثامن" تبحث في تحركات حلفاء قطر وتركيا سياسيا وعسكريا..

تحليل: تدخل تركي في الجنوب.. محاصرة السعودية بـ"شرعية هادي"

الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في أنقرة - ارشيف

القسم السياسي

احتفت وسائل إعلام إيرانية وقطرية وإخوانية بزيارة قام بها مسؤول في حكومة اليمن المؤقتة الى تركيا، تركزت وفق تصريحاته حول "تشكيل لجنة مشتركة من الوزارتين لوضع مسودة اتفاقية تنظم التعاون والدعم والاستثمار التركي في قطاع النقل في اليمن".
زيارة المسؤول اليمني إلى تركيا جاءت على الرغم من توتر العلاقة بين الأخيرة والمملكة العربية السعودية التي تحتضن الرئيس اليمني وتقود حربا منذ خمس سنوات لانتزاع شمال اليمن وصنعاء العاصمة من قبضة الحوثيين حلفاء ايران.


وسائل إعلام محسوبة على تحالف "قطر وإيران وتركيا"، نقلت عن وزير النقل اليمني صالح الجبواني الذي يزور أنقرة قولها إنها "التقى فيها مسؤولين اتراكا، وبحث معهم قضايا ذات صلة بالنقل البحري والجوي"؛ لكن لا يمكن وصفها على انها ردة فعل من قبل صقور حكومة هادي تجاه الرياض التي رعت اتفاقا، بعد أن اصبح من الواضح انهم يبحثون عن تدخل تركي في الجنوب، نكاية بالرياض التي يرون انها تعرقل سيطرتهم على عدن واخضاعها مرة أخرى لمصلحة النفوذ القطري والتركي.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تقرير سري: "أنقرة والدوحة".. ثنائي في شن حروب إلكترونية مشتركة


الجبواني الذي نجحت قطر في الدفع بهم إلى حكومة اليمن، قدم شكره الجزيل لمن وصفه بـ"الصديق الكبير ياسين أقطاي".. لكن لم يكتف بذلك بل ذهب الى تلميع الدور التركي في المنطقة قائلا "إن تركيا عادت بقوة للساحة العالمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان".
تصريحات الجبواني توحي بان دورا تركيا بات مرتقبا وانه لم يتبق الا شرعنة وجود ممرات برية وجوية، يسيطر عليها حلفاء قطر، تتمثل في موانئ ومطار شبوة ومطار سيئون وكذا ساحل شقرة وغيرها من الممرات الخاضعة لسلطة مليشيات الإخوان، وهو ما بحثه المسؤول اليمني مع نظيره التركي.


على الرغم من أن العلاقة السعودية التركية تشهد توترا منذ سنوات، الا ان الحكومة اليمنية التي تحظى برعاية الرياض، لم تمانع في فتح قنوات تواصل مع انقرة، كانت البداية منذ ان تم الدفع بمسؤولين يمنيين بعضهم على علاقة بإيران، الى الحكومة اليمنية ابرزهم وزير النقل صالح الجبواني الذي عرف بموقفه المؤيد للحوثيين والمناهض لحكومة هادي، بالإضافة الى اخرين يعدون اذرع الدوحة في قصر الحكومة اليمنية بالرياض التي أعلنت قبل أكثر من عامين ومع ثلاث دول أخرى مقاطعتها، نتيجة على علاقتها الدوحة بطهران.
ظهر الجبواني قبل ان يكون وزيرا مناهضا لحكومة هادي ومناصرا للحوثيين الذين قال انهم اتوا لنصرة الشعب اليمني، وشن هجوما عنيفا على السعودية والإمارات، وقال ان الدولتين تحتلان بلاده اليمن.
أحمد الميسري الذي كان وزيرا للزراعة في السابق، تم تعيينه وزيرا للداخلية خلفا للوزير السابق اللواء حسين بن عرب في أواخر العام 2017م، كأول وزير داخلية مدني، كان قرار التعيين مثيرا للجدل، ليس لأنه أول مسؤول مدني يقود وزارة الداخلية، ولكن لأنه المسؤول المثير بتناقضاته وانتقاله من معسكر إلى أخر.


كان قرار تعيين الميسري وزيرا للداخلية صادرا من نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، الذي ازاح اللواء حسين بن عرب، واستبدله بالميسري الذي يتهمه الرئيس هادي بخيانته على اثر احداث اجتياح مليشيات الحوثي وعلي عبدالله صالح الجنوب في مارس (آذار).
يتهم هادي الميسري بخيانته وتسليمه للحوثيين على ضوء مؤامرة يشترك فيها عبدالعزيز بن حبتور محافظ عدن حينها ورئيس اللجنة الأمنية، فيما كان الميسري حينها لا يمثل أي منصب حكومي، بإستثناء انه نصب نفسه رئيسا للجان الشعبية التي استدعاها هادي للدفاع عن القصر الجمهوري، خشية من خيانة عسكرية متوقعة، وهو ما حصل بالفعل.


فقد نفذت القوات العسكرية اليمنية في عدن انقلابا احبطته اللجان الشعبية القادمة من لودر، بإشراف وزير الدفاع عبدالله الصبيحي، وهي الاحداث التي سبقت الاجتياح العسكري الحوثي لعدن، يومها فر الميسري مع مجموعة من اتباعه من عدن صوب بلدة مودية – مسقط رأسه – الأمر الذي اثار غضب هادي.
حظي الميسري بدعم من نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر ورجل الاعمال الإخواني أحمد صالح العيسي، وقد تكفل الأخير بتمويله مادياً لتحقيق رغبات تاجر النفط الشهير.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن> صحيفة دولية: تنسيق تركي إيراني في اليمن بمشاركة قطرية


بدأ الميسري على أثر ذلك أولى مهامه بإرسال مجموعة من ضباط وزارة الداخلية إلى تركيا لأخذ دورة تدريبية، نسق لها المحلق العسكري ومدير مكتب علي محسن الأحمر، العميد عسكر زعيل.
لم تكن هذه البعثة الأولى فقد تلتها بعثات أخرى، وصولا إلى زيارة مسؤولين اتراك عدن، سواء بصفة رسمية او بصفة منظمات اغاثية تركية، كان وزير الداخلية أبرز المستقبلين لهم.
الحراك التركي في عدن، ماثله في الأشهر القليلة الماضية حراكا في شبوة النفطية، خاصة بعد تعيين القيادي الإخواني محمد صالح بن عديو محافظا للمحافظة.


في الـ7 من يوليو الماضي، وقبيل احداث اغسطس، ظهر بن عديو برفقة ضباط في جهاز المخابرات التركي، دخلوا المحافظة تحت غطاء منظمات اغاثية، كانت ثمرة ذلك، سيطرة الإخوان على المحافظة النفطية.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن> زيارة الجبواني إلى تركيا.. هل تشكل تكتلا سياسيا مناهضا للتحالف؟

لم تكتف أنقرة بهذا التحرك، بل عملت مع حليفتيها "طهران والدوحة" على زيادة الدعم المالي لما بات يطلق عليهم صقور الحكومة اليمنية بقيادة صالح الجبواني وأحمد الميسري، حيث تفيد تقارير محلية أن المسؤولين اليمنيين تحصلا على دعم مالي قدر بـ20 مليون يورو تسلمها المسؤول اليمني الأخير في مدينة صلالة بسلطنة عمان.


الدعم المالي الذي جاء قدمته قطر بواسطة ضباط مخابرات قطريين زاروا السلطنة، مؤخرا عزز من رفض بعض الاطراف في الحكومة اليمنية لاتفاق الرياض الذي ارادت السعودية من خلاله قطع الطريق على التحالف الثلاثي المكون من "إيران وقطر وتركيا"، واحباط كل مساعي التمدد للسيطرة على الجنوب.
اتفاق الرياض الموقع في الخامسة من نوفمبر الماضي في العاصمة السعودية حظي باعتراف ودعم اقليمي ودولي واممي، لكنه قوبل برفض "قطري وتركي وإيران وكذا من تيار الإخوان المسلمين.

اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تحليل: لماذا منع الكونغرس الأميركي تركيا من اقتناء طائرة إف-35؟


قضى اتفاق الرياض بأن يتم تسليم مدن جنوبية احتلها الإخوان، للقوات الجنوبية، بالانسحاب صوب مأرب، وتوجيه كل الجهود صوب معركة الانقلاب الحوثي في صنعاء، لكن حلفاء الدوحة وانقرة ردوا على ذلك بتحريك قوات عسكرية ومليشيات طائفية صوب الجنوب وسحب مقاتلين يمنيين كانوا يقاتلون في الحدود مع السعودية وافتتاح معسكر في تعز لمواجهة التحالف العربي.


وتطور الأمر الى اغتيال ابرز قادة الجيش اليمني وهو العميد عدنان الحمادي الذي كان يشكل عقبة صد امام مطامع إيران وتركيا وقطر في التقدم صوب عدن والسيطرة عليها.


ويعتزم الإخوان بدعم اقليمي واضح للسيطرة على الجنوب، بالحشد في تخوم أبين الشرقية وغرب عدن لمعركة اسموها بالفاصلة مع من اسموها بالانفصاليين، وهي معركة ترفع فيها هذه القوى معركة الدفاع عن شرعية الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي، في حين انها في الاساس تحقق الطموح التركي في السيطرة على اهم الممرات الدولية.
ودفعت مأرب تعزيزات عسكرية من بينها اللواء 161 مدرع الذي كان يرابط في محافظة الجوف، أقصى الشمال اليمني في الحدود مع السعودية، صوب محافظة شبوة، بالتزامن مع ارسال مليشيات مسلحة إلى جزيرة سقطرى الجنوبية.


هذه التحركات العسكرية والسياسية، تأتي تحت غطاء ومظلة الدفاع عن الحكومة الشرعية اليمنية التي يتزعمها هادي، لكن المثير ربما هو انضمام الحوثيين الموالين لإيران والمنقلبين على الشرعية إلى صف هذه القوى السياسية والعسكرية.
فقد شهدت أبين تنسيقا مشتركا بين الحوثيين الذين يحتلون مكيراس والمليشيات الإخوانية في شقرة، حيث كانت الهجمات متزامنة مع هجمات أخرى شنها الحوثيون في جبهة الفاخر بالضالع.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن > تحليل: قطر مجددا بصف إيران وتركيا.. هل نُسفت المصالحة الخليجية؟


ليس الجنوب المتضرر الوحيد من هذه التحركات التركية المدعومة من قطر وإيران، بل ربما تخسر السعودية جل الانتصارات التي تحققت في الجنوب، بعد ان اصبح الإخوان يهددون بالسيطرة عليه.


تزايد التمدد التركي والنفوذ الذي أصبح واقعا في شبوة ووادي حضرموت واجزاء من أبين، لا يعني نسف اتفاق الرياض، بل يمكن الحوثيين في اليمن الشمالية ومحاصرة السعودية وعرقلة جهودها في ايجاد منفذ عبر البحر العربي.
فحلفاء انقرة الجدد بدأوا منذ نحو عامين حراكا سياسيا وعسكريا في المهرة ضد السعودية، بل ان وزير الداخلية أحمد الميسري اتهم الرياض علانية من عدن باحتلال المهرة، ودعاها الى التوجه شمالا لمحاربة الحوثيين وعدم احتلال المهرة المحافظة الجنوبية التي تتنازعها العديد من الاطراف الاقليمية من بينها سلطنة عمان المجاورة.


اقرأ المزيد من اليوم الثامن> اغتيال الحمادي وعلاقته بأطماع تركيا في عدن وباب المندب


تمتلك الرياض اوراق ردع لهذا التحرك التركي، أبرزها تنفيذ بنود اتفاق الرياض، واجبار القوات والمليشيات الإخوانية العودة إلى مأرب، وتعزيز الجبهة الجنوبية في مواجهة اطماع القوى الاقليمية المعادية لها.


تنفيذ اتفاق الرياض، يعني ايقاف سياسة الابتزاز التي تمارسها بعض الاطراف اليمنية للسعودية، لأنه من غير المعقول ان يكون التمدد التركي واسقاط الجنوب لمصلحة النفوذ "الإيراني القطري التركي"، دون أي ردة فعل من السعودية التي ترى ان هذا الحلف قد اقترب من محاصرة نفوذها بمظلمة شرعية الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي الذي تحتضنه الرياض وتقدم له دعما عسكريا وماليا وسياسيا.
بعد ان أصبحت شرعيته "ذريعة ومبرر للتنظيم الإخوان لاجتياح الجنوب واسقاطها لمصلحة نفوذ خصوم الرياض".