حرب إيرانية حتى آخر قطرة دم..

اليمن: الضغوط الإيرانية توقف مسار التهدئة بين السعودية والحوثيين

تصعيد عسكري بعد لقاء مسؤولين حوثيين وزير إيراني

عدن

لجوء الحوثيين مجدّدا إلى التصعيد العسكري ضدّ المملكة العربية السعودية بعد فترة تهدئة شهدت محاولات للتواصل بشأن بدء مسار سلام في اليمن، يؤكّد من جديد ارتباطهم الشديد بإيران وارتهان قرارهم لحساباتها التي يبدو أنّها مازالت تقتضي استمرار الحرب في اليمن واستدامة التوتّر في المنطقة ككل

عاد التوتر بين السعودية والمتمرّدين الحوثيين بعد فترة قصيرة من الهدوء تخلّلتها لقاءات مباشرة وغير مباشرة بوساطة أميركية واستضافة عمانية وأردنية هدفت لإعادة إحياء مسار التفاوض في الملف اليمني وتقريب وجهات النظر بين التحالف العسكري الذي تقوده المملكة والحوثيين بمعزل عن التأثير الإيراني.

وأعلن الحوثيون عن إطلاق صاروخ باليستي على ما قالوا إنه أحد المواقع السعودية في نجران على الحدود مع اليمن، في أعقاب تهديدات أطلقها، ناطقهم العسكري يحيى سريع، وتوعد فيها بالرد على ما وصفه بالقصف الجوي على منطقة منبه شمال صعدة.

وقال سريع في تصريح صحافي، الجمعة، إن القوة الصاروخية التابعة للحوثيين أطلقت صاروخا من نوع بدر1 على معسكر قيادة اللواء 19 حرس حدود وطني في بئر عسكر بنجران.

ويعد التصعيد الحوثي باستخدام صاروخ باليستي هو الأول من نوعه منذ إعلان المتمرّدين المدعومين من إيران في أواخر سبتمبر الماضي عن وقف استهداف السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية.

وبحسب مصادر مطلعة فقد جاء انهيار الهدنة غير المعلنة نتيجة تصاعد الضغوط الإيرانية على الحوثيين وهيمنة الجناحين العسكري والأيديولوجي الرافضين لأيّ تقارب مع التحالف العربي من دون أن يكون ذلك في إطار تسوية شاملة مع النظام الإيراني.

وجاء التصعيد الحوثي بعد أيام قليلة من لقاءات ضمت قيادات حوثية ومسؤولين إيرانيين من ضمنها لقاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بناطق الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط، ولقاء آخر جمع السفير الحوثي في طهران بوزير الدفاع الإيراني.

واعتبرت المصادر أن الحوثيين لم يكونوا جادين منذ اللحظة الأولى في إنضاج أيّ حوار ثنائي مع الرياض، حيث أرادوا استغلال حالة الهدوء النسبي لتكثيف الضغط العسكري على العديد من الجبهات الاستراتيجية مثل الحديدة وجبهات صعدة، وهو الأمر الذي استدعى تدخل طيران التحالف في اللحظات الحاسمة لمنع الميليشيات الحوثية من إحراز أيّ مكاسب على الأرض، تحت ذريعة التهدئة السياسية والعسكرية.

ويرى مراقبون أن معاودة الميليشيات الحوثية استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ الباليستية إيرانية الصنع يأتي متزامنا مع تصاعد المؤشرات على نشوء تحالف إيراني تركي قطري في اليمن لمواجهة التحالف العربي، وهو ما يشير إلى وجود إيعاز من طهران للحوثيين باستئناف عملياتهم المعادية للرياض، على وقع الرسائل السلبية التي تبعثها أنقرة، عبر سعيها للتدخل في اليمن من خلال جماعة الإخوان المسلمين أو القيادات اليمنية المحسوبة على قطر.

وربط مراقبون بين انحناء الحوثيين في الفترة الماضية لعاصفة الضغوط الدولية وانخراطهم في مشاورات غير معلنة برعاية أميركية وأممية، وبين الاحتجاجات التي ضربت عواصم عربية تهمين طهران على قرارها السياسي مثل بغداد وبيروت، إضافة إلى انشغال طهران باحتجاجات داخلية مشابهة، حيث سعى الحوثيون لكسب عامل الوقت، وإعادة ترتيب صفوفهم ومحاولة إحداث اختراقات سياسية وعسكرية في بعض الجبهات الحاسمة.


ولا يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن يكون التغير اللافت الذي أحدثه التقارب التركي الإيراني ونجاح الدوحة في جرّ مسقط إلى مربع الحرب اليمنية، إضافة إلى تراجع حدة الاحتجاجات أو محاصرتها وخصوصا في لبنان والداخل الإيراني، كلها عوامل أعادت فتح شهية طهران لتحريك أذرعها العسكرية في اليمن التي ظلت تخشى من انتقال عدوى الثورة الشعبية إلى صنعاء، مع بروز موجه من الاحتجاجات المدنية التي عبرت عنها بعض النقابات والجمعيات الرافضة لإجراءات التجويع التي مارستها الميليشيات الحوثية في الآونة الأخيرة.

واستفاد الحوثيون من حالة الارتباك التي تسود صفوف الشرعية اليمنية والتي تفاقمت بعد مواجهات عدن في أغسطس الماضي، لتعزيز موقفهم كطرف مهيمن من خلال فتح جبهة حرب اقتصادية مفتوحة مع الحكومة اليمنية تمثلت في إصدار قرارات بمنع تداول العملات التي يطبعها البنك المركزي اليمني في عدن داخل مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، إضافة إلى اتخاذ إجراءات أخرى لمحاصرة قطاع الاتصالات وشبكة الإنترنت.

وترافق التصعيد الحوثي في الجانب الاقتصادي والمالي مع تصعيد عسكري لافت في الحديدة يشير إلى فشل كل المحاولات الأممية التي يبذلها المبعوث الأممي مارتن غريفيث ورئيس بعثة المراقبين الأمميين في الحديدة الجنرال الهندي أباهيجيت جوها في تثبيت وقف إطلاق النار الهش والمضي قدما لتنفيذ اتفاق ستوكهولم.

وفي هذا السياق طالت القذائف الحوثية في الحديدة مطاحن البحر الأحمر داخل مدينة الحديدة والتي تحتوي على آلاف الأطنان من القمح التابع لبرنامج الأغذية العالمي.

ووفقا لبيان إعلامي صادر عن قوات المقاومة المشتركة فقد أقدمت الميليشيات الحوثية على إطلاق قذيفة مدفعية هاون على مطاحن البحر الأحمر.

من جهة أخرى شهدت جبهة البرح غرب تعز مواجهات عنيفة بين القوات المشتركة والميليشيات الحوثية، وبحسب مصادر ميدانية فقد خاضت قوات اللواء 20 مشاة مواجهات عنيفة مع ميليشيات الحوثي بالقرب من مثلث البرح.

وفي مؤشر على تصاعد التنسيق والتخادم بين الحوثيين وجماعة الإخوان لاستهداف القوات العسكرية غير الموالية لأيّ من الطرفين، كشفت مصادر مطلعة لـ“العرب” عن ضبط 15 سيارة كانت محملة بسجائر مهربة في جبهة الأشروح بمديرية جبل حبشي بتعز، ليتبين أنها تخفي كميات كبيرة من المواد المتفجرة تي أن تي.

ووفقا لمصادر “العرب” فقد صدرت توجيهات لأفراد النقطة العسكرية من قبل قيادة اللواء 17 مشاة الذي يديره الإخوان للسماح للمركبات بالمرور، وتم إرسال طقمين عسكريين بعد ذلك احتجزوا أفراد النقطة، وسمحوا بمرور الشحنة التي تؤكد المصادر أنها في طريقها إلى منطقة البرح لصالح ميليشيات الحوثي التي تخوض مواجهات مع قوات المقاومة المشتركة