بعد اقترابها من مركز حساس تابع للحرس الثوري الإيراني..

إيران تعترف بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية «بالخطأ»

الحرس الثوري الإيراني أعلن تحمله المسؤولية الكاملة عن كارثة الطائرة الأوكرانية. أ.ب

طهران

اعترفت إيران أمس، بأنها أسقطت طائرة الركاب الأوكرانية عن غير قصد، حيث أفاد بيان عسكري إيراني بأن الطائرة أسقطت نتيجة خطأ بشري بعد اقترابها من مركز حساس تابع للحرس الثوري الإيراني، وأن جندياً أطلق صاروخاً عليها ظناً منه أنها «صاروخ كروز». من جهته أعلن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، أن بلاده تنتظر اعتذاراً رسمياً من إيران وعبر قنوات رسمية وتعويضات عن إسقاط الطائرة التي راح ضحيتها 167 شخصاً، بعد اعتراف طهران بإسقاطها نتيجة خطأ بشري عن غير قصد.

وفي تبدل كبير بعد ثلاثة أيام على تحطم «الأوكرانية»، قدمت إيران أمس، اعتذاراتها لإسقاطها طائرة البوينغ 737 «بالخطأ»، لكنها أشارت إلى مسؤولية «نزعة المغامرة الأميركية» في هذه المأساة.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن بلاده تشعر بأسف «عميق» لإسقاط طائرة مدنية أوكرانية، معتبراً ذلك «مأساة كبرى وخطأ لا يغتفر». وكتب روحاني في تغريدة على «تويتر»: «التحقيق الداخلي للقوات المسلحة خلص إلى أن صواريخ أطلقت للأسف عن طريق الخطأ أدت إلى تحطم الطائرة الأوكرانية»، موضحاً أن «التحقيقات مستمرة لتحديد» المسؤولين «وإحالتهم إلى القضاء».

وأمر المرشد الإيراني علي خامنئي القوات المسلحة الإيرانية بمعالجة «التقصير»، وفق ما أعلن مكتبه. وقال خامنئي «أناشد هيئة الأركان العامّة للقوّات المسلّحة أن تتم متابعة موارد التقصير المحتملة في هذا الحادث الأليم» لضمان عدم تكراره، وفق بيان نشر على موقعه الرسمي وحسابه على «تويتر».

قبل ذلك، قدّم وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف السبت «اعتذارات» بلاده عن كارثة طائرة البوينغ الأوكرانية من دون أن يعفي واشنطن من المسؤولية.

وكتب ظريف في تغريدة على «تويتر»: «يوم حزين». وأضاف أن «خطأ بشريّاً في فترة الأزمة التي تسببت بها نزعة المغامرة الأميركية أدّيا إلى الكارثة». وصدر الاعتراف الأول عن القوات المسلحة الإيرانية التي أوضحت أنها كانت «في حالة تأهب قصوى للرد على تهديدات» أميركية «محتملة». وتحدثت قبل ذلك عن «خطأ بشري» تسبّب بكارثة الطائرة، مؤكدةً أن «المسؤول» عن هذا الخطأ سوف يحاسب «فوراً» أمام القضاء.

وأعلن قائد قوات الجو-فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة تحمل المسؤولية عن الكارثة في كلمة للتلفزيون الإيراني. وقال «تمنيت الموت، ليتني متّ ولم أسمع بمثل هذا النبأ»، مشيراً إلى أن الصاروخ انفجر «قرب الطائرة». وقال العميد أمير حاجي إن جندياً أطلق الصاروخ الذي أسقط الطائرة الأوكرانية، من دون حصوله على تأكيد لأمر الإطلاق بسبب «تشويش» في الاتصالات. وصرّح بأن الجندي اعتقد أن الطائرة «صاروخ كروز» وكان لديه «10 ثوانٍ» لاتخاذ القرار. وأضاف «كان يمكن أن يقرر إطلاق (الصاروخ) أو عدم الإطلاق (لكنه) اتخذ القرار الخاطئ».

وأوضح في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي، أنه «كان صاروخاً قصير المدى انفجر قرب الطائرة. لذلك تمكنت الطائرة» من مواصلة التحليق لمدة قصيرة، موضحاً أنها «انفجرت عندما اصطدمت بالأرض».

وأكد الحرس الثوري من جهته في بيان «في ظل هذه الظروف الحساسة، أقلعت الرحلة 752 للخطوط الجوية الأوكرانية من مطار الخميني (في طهران)، وخلال استدارة الطائرة، اقتربت من أحد المراكز العسكرية الحساسة لحرس الثورة، وكانت على ارتفاع يعطيها شكل طيران مشابه تماماً لطائرة معادية». وأضاف «وفي مثل هذه الظروف، وقع خطأ بشري غير متعمد، وأصيبت الطائرة وهو ما أدى للأسف إلى مقتل جميع ركابها».

وفي كييف أعلن الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، أن بلاده تنتظر اعتذاراً رسمياً من إيران وعبر قنوات رسمية وتعويضات عن إسقاط الطائرة. وقال زيلينسكي «اليوم لم يكن جيداً، لكن ظهرت الحقيقة. إيران اعترفت بذنبها، بأنها أسقطت الطائرة الأوكرانية، حتى قبل انتهاء أعمال اللجنة الدولية للتحقيق».

وقال زيلينسكي على صفحته على «فيس بوك»: «ننتظر من إيران.. إحالة المذنبين إلى القضاء.. ودفع تعويضات وإعادة جثامين الضحايا». وعبر عن أمله في «استمرار التحقيق بلا تأخير متعمد وبلا عراقيل»، مضيفاً «خبراءنا الـ45 يجب أن يتمكنوا من الحصول على كل عناصر التحقيق». وأوقفت الخطوط الجوية الأوكرانية أمس رحلاتها فوق إيران، حسبما ذكرت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء. من جهته طالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ«الشفافية» لإجراء «تحقيق تام ومعمق» حتى يتم تحديد المسؤوليات، بينما دعا الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى معاقبة المذنبين ودفع تعويضات.

وفي لندن اعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إقرار إيران بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية عن طريق الخطأ «خطوة مهمة أولى».

وقال في بيان صدر عن مكتبه «سنبذل كل ما بوسعنا لدعم عائلات أربع ضحايا بريطانيين وضمان حصولهم على الأجوبة وطي الصفحة بالشكل الذي يستحقونه».

من جهتها، رحبت الحكومة الألمانية باعتراف إيران بمسؤوليتها عن حادثة سقوط طائرة الركاب الأوكرانية.

10

ثوانٍ فقط كانت لدى الجندي لاتخاذ القرار.. «كان يمكن أن يقرر إطلاق (الصاروخ) أو عدم الإطلاق، (لكنه) اتخذ القرار الخاطئ، حسب الحرس الثوري».

في ما يلي تذكير بأبرز حوادث إسقاط طائرات مدنية بصواريخ حول العالم خلال نحو 40 عاماً، بعد اعتراف إيران بمسؤوليتها عن تحطم طائرة بوينغ 737 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية قبل ثلاثة أيام فوق طهران:

■17 يوليو 2014: سقوط طائرة بوينغ 777 التابعة للخطوط الماليزية في رحلة بين أمستردام وكوالالمبور وعلى متنها 298 شخصاً بينهم 196 هولندياً، قرب منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا.

توصل المحققون الدوليون في مايو 2018 إلى أن الطائرة أسقطت بصاروخ بوك السوفييتي انطلق من اللواء 53 الروسي للدفاع الجوي في كورسك، في جنوب غرب روسيا.

■23 مارس 2007: سقوط طائرة من نوع إليوشين تابعة للخطوط البيلاروسية بصاروخ بعيد إقلاعها فوق العاصمة الصومالية مقديشو التي كانت تشهد حرباً أهلية، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً.

■04 أكتوبر 2004: انفجار طائرة توبوليف تو 154 تابعة لشركة سيبير الروسية التي تربط بين تل أبيب ونوفوسبيرسك في سبيريا الغربية، في السماء أثناء طيرانها فوق البحر الأسود، على بعد 300 كلم عن سواحل شبه جزيرة القرم. قتل 78 شخصاً، معظمهم من الإسرائيليين، في الكارثة.

■03 يوليو 1988: تحطم طائرة ايرباص ايه-300 تابعة للخطوط الجوية الإيرانية، متوجهة من بندر عباس إلى دبي، بعيد إقلاعها، إثر إصابتها بصاروخين أطلقا من فرقاطة أميركية في مضيق هرمز. قتل 290 شخصاً في الكارثة.

وأكد فريق الفرقاطة «يو اس اس فينسين» أنه اعتقد أن الطائرة كانت مقاتلة إيرانية تحلق لأهداف عدائية. وتلقت إيران من الولايات تعويضاً بقيمة 101.8 مليون دولار.

■ليل 31 أغسطس إلى الأول من سبتمبر 1983: مقاتلة سوفييتية تسقط طائرة بوينغ 747 كورية جنوبية تابعة للخطوط الجوية الكورية فوق جزيرة سخالين، بعدما انحرفت عن مسارها. قتل 269 شخصاً من ركاب وطاقم كانوا على متنها.

■21 فبراير 1973: الطيران الحربي الإسرائيلي يسقط طائرة بوينغ 727 تابعة للخطوط الجوية العربية الليبية، في رحلة بين طرابلس والقاهرة فوق صحراء سيناء. قتل 108 من بين 112 شخصاً كانوا على متنها. وتم اعتراض الطائرة التي ضلت طريقها فوق شبه جزيرة سيناء التي كانت تحتلها إسرائيل.