الحرب المالية..

صحيفة: الأوراق النقدية ساحة المواجهة بين الحوثيين وحكومة اليمن

جماعة الحوثي تحظر استخدام وحيازة الريال اليمني الجديد الذي أصدره منافسوها في الحكومة المعترف بها دول

اليمن

فتحت الأطراف المتحاربة في اليمن السبت جبهة جديدة في صراعها الدائر منذ خمس سنوات؛ إنها معركة بين أوراق نقدية قديمة وأخرى جديدة، مما ينذر بوجود اقتصادين في نفس الدولة.

وحظرت جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء استخدام وحيازة الريال اليمني الجديد الذي أصدره منافسوها في الحكومة المعترف بها دوليا والتي تتخذ من مدينة عدن الساحلية الجنوبية مقرا لها، على أن يبدأ سريان القرار اعتبارا من منتصف الليل.

ويقول الحوثيون المتحالفون مع إيران إنه ينبغي على اليمنيين استخدام العملة القديمة فحسب ويدفعون بأن الحظر خطوة لمواجهة التضخم وإفراط الحكومة في إصدار “عملات بنكنوت”. أما الحكومة فوصفت الحظر بأنه تخريب اقتصادي. وكالعادة وجد اليمنيون أنفسهم ممزقين بين الجانبين.

وقال يمنيون من الجانبين إن الحظر تسبب فعليا في وجود عملتين بقيمتين مختلفتين مما يزيد الاضطراب في بلد تحكمه قوتان ويعاني من ويلات الحرب.

وفي الشهر الذي سبق الحظر، كان الناس يصطفون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين سعيا لإبدال ما بحوزتهم من ريالات جديدة بعملات قديمة، مما حوّل الأوراق المهترئة البالية إلى سلعة ذات قيمة ونادرة نسبيا.

التجارة بين الشمال والجنوب أصبحت أكثر تكلفة بكثير إذ يضطر التجار إلى شراء وبيع نوعين من الريال

وكانت قيمة العملة المحلية مستقرة عند حوالي 560 ريالا للدولار في ربوع اليمن قبل إعلان الحظر في منتصف ديسمبر.

وانخفضت قيمتها قليلا في المناطق الخاضعة للحوثيين وبلغت حوالي 582 ريالا للدولار لكنها تراجعت أكثر بكثير ووصلت إلى 642 في الجنوب الذي يزخر الآن بالعملات الجديدة.

وقد تبدو هذه القوة النسبية في صالح الشماليين فقط إذا استطاعوا الحصول على ما يكفي من العملات القديمة.

وقال عبدالله صالح الدحمسي (27 عاما)، من شارع في صنعاء قبل دخول الحظر حيز التنفيذ، “نذهب إلى الصرافة ولا يأخذون منا العملات الجديدة، أو يقولون إنهم بحاجة إلى ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام”. وأضاف “الجديدة غير مقبولة والقديمة مهترئة، عليهم أن يجدوا حلا”.

وقبل أيام من بدء الحظر، رفض مكتب صرافة تحويل أموال لنحو 20 رجلا وامرأة وقال إنه استكمل الحصة المخصصة له يوميّا. وظل كثيرون يتوافدون على المكتب لثلاثة أيام أملا في استبدال نقودهم.

وأصبحت التجارة بين الشمال والجنوب أكثر تكلفة بكثير إذ يضطر التجار إلى شراء وبيع نوعين من الريال يمكن التمييز بينهما وفقا لحالة الورق المستخدم واختلاف التصميم والحجم.

وعبر كثيرون في صنعاء عن اعتقادهم في أهمية هذا الحظر من أجل الحد من التضخم، لكنهم قالوا إنهم يواجهون صعوبات منذ بدء تطبيقه. وقال عبدالله البشيري (28 عاما)، الذي يعمل بالقطاع الخاص في صنعاء، “عندما رأى الناس بدء تداول العملة الجديدة تمسكوا بها لأن شكلها نظيف وبراق. لكن حيازتها حاليا تمثل لهم مشكلة”.

ويمكن في المدينة استبدال 100 ألف ريال يمني (نحو 172 دولارا) من الأوراق النقدية الجديدة بعملة إلكترونية تُستخدم في سداد مدفوعات مثل تعبئة رصيد الهاتف أو دفع فواتير الكهرباء مقابل رسم يبلغ حوالي 1.5 دولار. لكن الأمور تزداد صعوبة عندما يتعلق الأمر باستخدام الورقة النقدية في أسواق المواد الغذائية. وقال سكان في صنعاء إنه في السوق غير الرسمي لتغيير العملات يتم عرض استبدال 100 ألف ريال يمني من الأوراق النقدية الجديدة بما يتراوح بين 90 و96 ألف ريال من الأوراق القديمة التي باتت أقل توافرا.

وبعدما اقتحم الحوثيون العاصمة صنعاء في عام 2014 وأخرجوا منها حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، انقسم البنك المركزي اليمني إلى فرعين، أحدهما في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين والآخر معترف به دوليا في عدن حيث تجري طباعة الأوراق النقدية.

ودافعت سلطات عدن عن قرارها زيادة طباعة الأوراق النقدية الجديدة اعتبارا من عام 2017، قائلة إنها محاولة للتعامل مع تفاقم الأزمة النقدية ودفع رواتب العاملين في القطاع العام.

وقال يوسف سعيد أحمد مستشار محافظ البنك المركزي في عدن، قبل أيام، إن “الحوثيين اتخذوا القرار ولم يحسبوا تكلفته الاقتصادية على المجتمع”.

وأضاف “نأمل أن تكون الإجراءات التي اتُّخذت قصيرة الأجل، ولا يمكن استدامتها في ما يتعلق بالحوثيين، لأن الاقتصاد واحد وعوامل الإنتاج مشتركة والسلع تتدفق من عدن إلى صنعاء والعكس. وبالتالي فإن أي إجراء سيؤثر على النشاط الاقتصادي بشكل عام ولا يمكن حصره إيجابيا أو سلبيا في منطقة دون أخرى”.

ودافع الحوثيون عن حظرهم قائلين إنه وسيلة للدفاع عن قيمة العملة.

وقال سامي السياغي، المسؤول عن العمليات المصرفية الخارجية في البنك المركزي بصنعاء، “كان لا بد من اتخاذ هذه الإجراءات” لوقف الممارسات التي ينفذها بنك عدن المركزي من خلال السياسة النقدية التي وصفها بـ”الخطيرة”.