تحليل
كيف سينعكس عزل قطر على خارطة التحالفات في اليمن
ألقت قرارات المقاطعة العربية لقطر وطرد بعثاتها الدبلوماسية في السعودية والإمارات ومصر والبحرين وليبيا بظلالها على المشهد اليمني، حيث تباينت مواقف الأطراف اليمنية في جبهتي الشرعية والانقلاب الأمر الذي ينذر بتحول عاصف في التحالفات اليمنية الداخلية.
وكشفت مواقف دول التحالف العربي عن علاقة عميقة بين الموقف من قطر وتورط الأخيرة بأعمال معادية لأجندة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن على الرغم من مشاركتها الرمزية في هذا التحالف وحالة عدم الحماس الظاهرة التي تبديها الحكومة القطرية تجاه محاربة المشروع الإيراني في المنطقة عموما واليمن على وجه التحديد، وهو التوجه الذي طفا للسطح سريعا بعد ساعات من الخلاف الخليجي –القطري وما رافق ذلك من تحول في الخطاب الإعلامي لوسائل الاعلام المدعومة من الدوحة وفي مقدمتها قناة “الجزيرة” التي وصفت ما يقوم به التحالف العربي بقيادة السعودية بأنه “حرب على اليمن” .
وكانت قيادة التحالف العربي قد أعلنت عن إنهاء مشاركة قطر مبررة ذلك الموقف بأنه جاء بسبب “ممارساتها التي تعزز الإرهاب ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش وتعاملها مع المليشيات الانقلابية في اليمن مما يتناقض مع أهداف التحالف التي من أهمها محاربة الإرهاب”.
كما ذكر بيان وزارة الخارجية السعودية الذي أعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في سياق سرد مبررات اقدام الرياض على هذه الخطوة:” اتضح لنا دعم ومساندة السلطات في الدوحة لميليشيا الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن” وفقا لما جاء في نص البيان.
وبدروها لحقت الحكومة الشرعية في اليمن بالمواقف الخليجية بالرغم من انحياز مكونات فاعلة في جبهة الشرعية للموقف القطري في بادئ الامر وهو ما افصحت عنه مواقف قيادات وناشطون في حزب الإصلاح والأحزاب السلفية المنضوية تحت راية الاخوان مثل حزب الرشاد.
وأعلنت الحكومة اليمنية-في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية-عن تأييدها للخطوات التي اتخذتها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن بإنهاء مشاركة القوات القطرية وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر.
ولفت البيان إلى ان هذا القرار جاء “بعد اتضاح ممارسات قطر وتعاملها مع المليشيات الانقلابية ودعمها للجماعات المتطرفة في اليمن مما يتناقض مع الأهداف التي اتفقت عليها الدول الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية”.
وفيما اكتفى حزب الإصلاح بالصمت إزاء موقف الحكومة اليمنية المؤيد للقرارات الخليجية، شن العديد من ناشطيه وخصوصا المحسوبين على الفرع التركي هجوما غير مسبوق على الشرعية اليمنية والتحالف العربي وصل إلى حد التلويح بذهاب قطر إلى تحالف مضاد يضم إيران وتركيا، وهو الخطاب الذي عكس وفقا لمراقبين الانتهازية السياسية لبعض الأطراف والمكونات الإخوانية في اليمن والمنطقة.
وتطابقت مواقف الحوثيين مع مواقف القطاع المؤثر في جماعة الاخوان حيث أعلن رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي عن انحياز الجماعة الحوثية للخيارات القطرية، وهو ما يؤكد حقيقة العلاقة بين قطر والانقلابيين.
وقال الحوثي في تغريدة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي توتير:” ندين الاعمال التي تستهدف قطر ومستعدين للتعاون معها كونهم كما عرفناهم خلال الوساطة القطرية رجال صدق ووفاء وننصح بإعادة النظر في التوجه لعزل قطر”.
ومن الجهة الأخرى أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي تأييده للقرار الذي اتخذته عدد من الدول العربية والخليجية والقاضي بقطع العلاقات مع قطر.
وجاء في البيان الذي أصدره المجلس ” ان هذه الخطوة من شأنها أن تعزز من اجراءات الحرب ضد الجماعات المتطرفة بما يضمن امن وسلامة دول الخليج العربي والدول العربية كافة”.
وفي تعليقه على موقف الحكومة اليمنية قال المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل في تصريح صحفي:”اليمن لا يمكن الا ان تكون في صف التحالف العربي والدول العربية التي انه لم يعد لديها شكوك في دور قطر في اللعب على المتناقضات سواء كان في اليمن او خارجها وبالتالي يأتي موقف الحكومة الشرعية في هذا السياق، كما سلط هذا الموقف الضوء مجددا على ما كان يدور همسا حول دور قطر في دعم الحوثيين في الحروب الست والعمل على خروجهم من العزلة وتقويتهم امام الدولة اليمنية وهو الدعم الذي استمر حتى بعد عاصفة الحزم وهو يعتبر خيانة للتحالف الذي زعمت قطر انها عضو فيه”
ولا يستبعد مراقبون ان تقدم قطر على استخدام نفوذها في حزب الإصلاح وعلاقاتها القديمة مع الحوثيين للدفع باتجاه بناء تحالف جديد للإضرار بدول الخليج، واستباق أي محاولات قد يقدم عليها الرئيس السابق علي عبدالله صالح للإنقاض على الحوثيين وتقويض نفوذهم في مناطق شمال اليمن في ظل الخلاف المتصاعد الذي يلوح في الأفق بين صالح والحوثيين.
وكشفت التطورات الأخيرة التي أعقبت التصريحات القطرية المثيرة للجدل عن خارطة اصطفافات جديدة في المشهد اليمني، حيث لم يخف الاخوان انحيازهم لقطر التي لوحت بالتقارب مع إيران لضرب التحالف العربي، فيما بدا حزب الرئيس السابق أكثر ميلا للانخراط في أي تحالف تكون قطر في الجهة المقابلة له على خلفية الخلافات العميقة بين صالح والقطريين الذين يتهمهم بتأجيج الاحتجاجات التي أطاحت به في العام 2011، وفي المقابل كشفت الخلافات القطرية الخليجية عن استمرار علاقة من نوع ما بين الجماعة الحوثية وقطر ، حيث انحاز اعلام الحوثيين لقطر في مواجهة بقية دول التحالف العربي، وربط محللون سياسيون بين الأدوار التي لعبتها قطر في انقاذ الحوثيين خلال الحروب الست واعاقتها لحسم الحرب ضد المتمردين الحوثيين من خلال الوساطات المتكررة، إضافة إلى ما تبين أنه خطوط ساخنة تربط الدوحة بطهران والضاحية الجنوبية وهي قواسم مشتركة يمكن أن تقذف بالحوثيين في أي تحولات قادمة في التحالفات إلى صفوف الجبهة التي يعتقد أنها ستضم قطر وايران والاخوان والحوثيين وحزب الله.