السيطرة على الجانب التكتيكي والخططي في أي معركة..

تحليل: سيناريوهات معركة الفجر الجديد بين الانتقالي وحكومة هادي؟

من سيخسر المعركة بالترتيب؟ وماذا سيفعل الحوثي إذا حدثت كما يتمنّى

ياسين الرضوان

بعيدًا عن الولاءات التي تعبنا منها سواء للشرعية أو الانتقالي، المهم دعونا اليوم نتحدّث عن معركة #الفجر_الكاذب، التي أعلن عنها عبدالله الصبيحي المسكين، بالطبع المسكين لأنه كان مثل الأطرش في الزفّة، فقط هو كان مجرّد جندي أُعطيت له الأوامر، فصدّق وهم أنه قائد المعركة، وهو لا يعلم ما وراء الليل أو الفجر اللي ما جاش، ولا يعلم ما الذي سيؤول إليه الأمر بعد ذلك كله، لأنه مسكين ومغفّل ومضحوك عليه هو والشلة التي معه التي ستحافظ على الدولة، ولأنهم فقط مجرد أدوات فقد صدّقوا أنهم على مقربة من معركة "الحنش المشلول" على قولة زمبقة، وبأن الأمور أوكلت إليهم والاعتماد كلي عليهم في حين لا يوجد شيء من هذا وسيفهمونها اليوم أو غدا..

منذ الوهلة الأولى ونحن نُدرك، ألا مؤشرات حقيقية على الأرض، توجد لخوض أيّ معركة، ولأسباب بسيطة جدا، أولها أن أي معركة في هذا التوقيت لن ينتصر فيها أحد، ولو ستكون لمصلحة أحد فستكون لصالح الانتقالي، لكن بعد جهود مظنية وعناء طبعا، ولن يكون انتصارا سهلا ولا سلسًا، إنما سينتصر نتيجة الإلتفاف الشعبي والحاضنة التي ستزيد من حوله، مع احتدام المعركة وما ستجلبه من تداعيات، لأن الخدمات ستنتهي، وكل ما سيحدث سيكون لصالح الانتقالي، وسيستاء الناس كثيرا من الشرعية وقيادتها، لدرجة لا أحد يتخيلها، لأنها سمحت بمعركة في هذا الوقت وفي قلب العاصمة عدن، ودون أن تهتم لظروفهم وأوضاعهم والخطر الكوروني المحدق بهم، وأنه كان بمقدورهم تجنب المعركة ولم يفعلوا، وبالطبع لن يسلم التحالف من تبعاتها، إذ سيكون الخاسر الأول والأخير في معركة كهذه..

إذن ما الذي يحدث بالضبط؟! إنّ كلّ ما يحدث ما هو إلا ترتيب وضع ومحاولة ترويض للانتقالي على وجه أخص، لتنفيذ "اتفاق الرياض"، بتنازلات من نوع ما....، فيما يجب أن نقولها التزاما بمصداقية الطرح أن جماعة في الشرعية تدفع بكل السبل لخوض معركة حقيقية وكانت حقا متحفّزة لذلك جدّا، بالطبع ليست متحفّزة للانتصار الشرعية، بل كان هدفها كسب جائزة إفشال التحالف العربي في اليمن، لصالح المحور التركي، وانتصار الشرعية لديهم ماهو الا زيادة خير وتحصيل حصل، المهم أنه ليس هدفهم الرئيس ولا بأس من تحقيق الهدفين، أي "حسبة تاجر"، إذ أن قيام معركة مع الانتقالي، معناه فشل التحالف وانتهاء الحرب في اليمن بعد خمس سنين مؤلمة، وبما معناه أيضا أن الحوثي انتصر، وهذا يخدم أطرافا تعادي المملكة والإمارات، وبالطبع الانتقالي والكثرة الجنوبية في الأخير ستنتصر ولو بعد معاناة شديدة ومؤلمة، إذ أن الشدة التي ستواجه الانتقالي ستكون لصالحه وسترممه أكثر مما قد يظن البعض أنها ستهدمه..

لعدة أسباب سينتصر الانتقالي والمقاومة الجنوبية؟ لأنهم يشعرون أن الأرض استحقاق لهم، ولأن خسارة عدن معناه للتحالف خسارة شريك قوي وإن حاولت أطراف التحالف إضعافه بتعمّد، وجعل قوته تحت السيطرة، وهذا الأمر سيكون بمثابة انتصار لصالح المحور التركي الطامح بالسيطرة على بلاد العرب الحمقة، وبعد معاناة المواطنين في عدن والجنوب، فإنهم سيلعنون الشرعية والتحالف معها، وصحيح أنهم سيكونون مستاؤون جدا من الانتقالي، لكنهم مع ذلك سيرون أنه الأقرب إليهم وأنه حقهم ولو من باب التعاطف أو حتى من باب "حتى لو كان كلبًا فهو يبقى كلبُنا"، ولو شعر الانتقالي أنّ التحالف تخلّى عنه فإنه سيتخلى عن كل القيود التي كان يظنها أنها تربطه بالتحالف، وسيتحرر منها تلقائيًا، وبهذه اللحظة ستستغلُّ مليشيات الحوثي الفرصة الذهبية التي لن تتكرر بالنسبة لها، لتأخذ بيد الانتقالي وتقدّم له كل التنازلات التي يُريدها، وأبدًا لن يكون ذلك حبًّا بالانتقالي ولا لسواد عيونه، إنما لاستكمال انتصار المليشيات في معركة اليمن، وستكسب بعدها حليفا تضمن أنه أضعف منها لوجستيا، وتكسب بالمقابل حليفا هو الأقوى جنوبا، وستصبح بعدها بقايا الشرعية، في الوسط داخل كماشة حقيقية، وتنتهي المعركة بسرعة كبيرة ودراماتيكية، وأوّل الخاسرين فيها هو التحالف العربي، وبعده الشرعية نفسها، وحتى معاناة المواطنين ستكون تاريخيا على حساب التحالف والشرعية.. إذن لا فائدة من المعركة كلها، وما هي الا أشبه بالحمل الكاذب..

أما خطأ الانتقالي فكان بعدم تحفّزه لخوض المعركة - ولو إعلاميا - التي أعلن عنها جيش الشرعية المخترق لعدة أجندة، وهذا ما توضحه انقسامات معسكر الشرعية وظهورها للعلن، مشكلة الانتقالي أنه يتعامل مع الأمر بشكل متأخر واستجابته بطيئة، رغم أنه الطرف الأقوى، فقط لو نظّم قوّته ووزعها بشكل صحيح، دون أن ينسى هذه المرة الجانب الإعلامي الرخو لدرجة أنه سيخسر معركة هو المنتصر الأوحد فيها ميدانيًّا، ودومًا ما يكتفي بردّاة الفعل، ولا يبدو أبدا أن لديه قائدا سياسيًّا محنّكا، يُدير الألعاب بخِفّة ويُمارس الخدع الحربية ويخطّط ليس فقط للخطط القتال والالتحام المباشر مع أعدائه، مع العلم أن 70 % من المعركة سبب الانتصار فيها هو السيطرة على الجانب التكتيكي والخططي في أي معركة، وليس فقط على العضلات واستعراضها، بينما الشرعية قوّتها القتالية أقل كفاءة من قوة الانتقالي، لكن تفوّقها تكتيكيا وإعلاميّا وكلها بإدارة الخدع والتخطيط باستخدام "فن خوض الحرب"، معركة أي خوض المعركة من دون قتال حقيقي، هذه فرصتهم الوحيدة للفوز دائما، أما إذا طالت المعركة وتمترس الانتقالي وقوات المقاومة بشكل حقيقي، فلن تستطيع الشرعية حسمها ولو لمائة عام، إذ أن قناصا واحدا يمكن أن يوقف جيشا، والألغام الذكية معركة بلا قتال، فقط يحتاج الأمر لحنكة ودهاء وتوقّع استباقي للسيناريوهات والاحتمالات والعمل عليها كلها..

بكل بساطة الشرعية تركّز على إحداث صدمة، ومباغتة للانتقالي، وخلخلة صفوفه ونشر الفوضى من الداخل بمساعدة إعلام الإصلاح، فيما لو استطاع الانتقالي توجيه الصدمة قبل الشرعية، وبدأ بعمليات مباغتة وأدارها إعلاميا بذكاء، سينتصر مؤكدا، إضافة لتفوقه ميدانيا، وميزة مقاتلي الانتقالي والمقاومة، إذا ما قرّروا أن يخوضوا معركة فلن يتراجعوا للخلف، وليس في قاموسهم ذلك، فقط وهي حالة وحيدة سيتراجعون في حالة إرباكهم وإشاعة أن المعركة انتهت وانتصرت الشرعية، وهكذا يغتالون دائما معنويا وإعلاميا، لكن بالمقابل لديهم غباء عظيم، إذ أنهم وقت السلم لا يقوّون نقاط ضعفهم الأساسية أبدا ولا يستفيدون من أخطائهم التي كادت أن تتسبب بإنهاء وجودهم كليًا، فمن يتوقع أن ينتصر الانتقالي في معاركه رغم كل هيلمانه وقواته ورجالاته، وهو لا يمتلك حتى قناة محترمة توازي على أقل تقدير "عدن لايف"، التي كان يدعمها حيّى الله مجرد حزب في جنوب لبنان، وهنا نقولها لهم بصراحة تامة، راجعوا حساباتكم واطلبوا من داعميكم تأسيس قناة يتم تجهيزها وتأثيثها في الخارج دون الاستغناء عن استوديوهات الداخل، ولو على طريقة جماعة الرئيس علي سالم البيض، الذين مثلوا أفضل نموذج إعلامي حتى الآن جنوبا رغم أنهم لا يمتلكون شيئا منها، وحذاري من طلب أموال لأيدي بعض قياداتكم، ومن يعطيكم المال بهذه الطريقة يدرك أنها ستنتهي بلمح البصر، لأنه يدرك مدى الجشع الذي داخلهم، وهذا بالطبع يخدمهم بأن تبقوا مجرّد أراجوزات تنفّذوا الأوامر ومصدقين أنفسكم أنكم كل شيء، مثل جماعة "شُقرة"، نصارحكم لأننا شبعنا مجاملات وتمليس على ظهوركم، لكن إفهموها هذه المرّة هكذا، فقد تعب الجميع من أدائكم ومحاولة بعض قياداتكم على السيطرة والتكويش قبل حتى أن تبدأ المعركة، نتيجة الغباء والجهل والاستهبال السياسي الفظيع في بعضكم..وبالله الحول والطول..