الإنسان وقبضة يديه..
قراءة: أوجد الله فينا قوة العقل والتفكر لكن كيف نجود بالحب
لنقف الآن في زاوية محايدة لننظر إلى سجايانا وأفعالنا السابق - ارشيف
يولد الإنسان وقبضة يديه مغلقة بإحكام، وبكل عفوية يأخذ من والديه أولاً ثم كل من حوله كل شيء، مادياً وروحانياً، وهاجسه امتلاك الغالي والنفيس، أي قد تعود منذ نشأته على الأخذ، وهذه طبيعة من طبائع النفس البشرية. فعلى سبيل المثال: إن أردت أن تستدرج طفلاً لتداعبه، فقط لَوّح له بقطعة حلوى، من غير أي إدراك سوف يخطو خطوات صغيرة اتجاهك حتى يلتقطها، أو امنحه الحب والاهتمام، فإنه سيتوجه إليك دون سواك. فهذه هي الغريزة والطبيعة البشرية التي أوجدها الله في الطفل.
ولكن لنقف الآن في زاوية محايدة. لننظر إلى سجايانا وأفعالنا السابقة منذ أن كنا أطفالاً نحكم قبضة أيدينا على ما أخذناه من الغير لنهرول بعيداً، وبعد أن كبرنا صارت قبضة أيدينا مفتوحة للعطاء غير المشروط الذي حصلنا عليه منذ طفولتنا.
لقد أوجد الله فينا قوة العقل والتفكر، التخيل والإدراك، التعبير والبيان، الإبداع والاختراع، وهذا ما يُمَيِّزنا أنا وأنت لكي نفكر ونتدبر في الجود والعطاء الذي غمرونا به دون أن يسبقه تفكير ولا يلحقه مِنَّة أو مصلحة، كيف لنا اليوم أن نرده ونجود به دون أدنى قيد أو شرط؟.
كيف نجود بالحب؟ فالأثير يحمل كل ابتسامة وكل تنهيدة تصعد من قلوبنا، ويحفظ صدى كل كلمة مصدرها قلب حنون لا تعتمد على استجابة الآخرين، بل تعتمد على الحب العميق وغير المحدود والأبدي تجاه الخالق عز وجل.
فعندما ننهض عند الفجر بقلب ذي أجنحة تخفق حباً ومودة، لنقوم بواجب الشكر تجاه حضرة المحبوب ونحن نلتمس منه العون والتأييد كي يوفقنا في إصلاح العالم وخدمة البشرية والمشاركة بروح التعايش والتعاون بالحب والسعادة، فبهذه الرؤية يمكننا مشاهدة الإنسان ككيان وليس كتكوين، وهذا الكيان قد تجلى فيه روح أبدية ممتلئة بطاقة الحب العظيمة التي بإمكانها أن تنير هذا العالم وتدفئ القلوب وتقرب المسافات، كي لا تنقبض قلوبنا بسبب ظروف الحياة وتنكمش بالتعصب والأنانية لتصبح كقبضة أيدينا المحكمة حين كنا صغاراً، تود فقط الأخذ دون مقابل.
بل بالعطاء.. سنتجاوز كل الأسوار والحدود، وطاقة الحب الهائلة لن تسمح لتلك الخطوط الحمراء أن تفكك أواصر قرابتنا الإنسانية، وأفكارنا الثاقبة ستُشعِل في نفوسنا حرارة الشوق تجاه الخدمة والعمل معاً يداً بيد لجلب الرخاء وخلق السلام في المجتمع. فتبقى أيدينا ممدودة نحو بعضنا البعض لبناء السلام، فالشعور بالرضا يزداد كلما زادت تلك العطايا وكانت بلا قيد أو شرط.


