خاطرة..

فرح ما كأنه حزن العيد

كي تنتهي إلى بدايتك وتؤول إلى سرادب الأبدية المهملة

قلت للغفران ذات سِنة سأمضي في احتراقي النبيل أكاد ألامس سلافة الأشياء وأزيح شأفة فائضة عن هلام الروح
- هل بقي شيء من بياضك لتصهرنا به؟
قال: ليس بعد..
لست كاملا في التجلي ولاناقصا في الوضوح أنا وهج يتكامل في احتراقك ،
أنت من تمنح نفسك الوصول ،
فقط جدف، وحلق، تماهى
كي تنتهي إلى بدايتك وتؤول إلى سرادب الأبدية المهملة ،
كنها كي تكتنز السريرة بياضها

قلت: ولكن السبيل يستدرج العابر ،والوصول يستحثه ومابينهما تستثار الرؤيا في غبارها الشفاف
، فلا تكتمل فتسطع، ولا تتجلى فتتلاشى !
قال : كن خاطرا يهجس بالسكون أو امتدادا ينبر بالهمس وتملى بالأشياء، احترف الخفة لتكمن في أعالي المطالع ،ولا تشابه خاطرا مخضته اللحظة سهوا
فتتعثر بثنائيات الجسد ، كن شبيها لسطوة وامضة في نسيج الحضور لتتوهج فوق اكتمالك

قلت له: لا أملك زمامي حتى أغامر فهل ستمنحني بياضا يبرئ هشاشتي ؟

فأجابني لست الموكل بهذا البياض، أنه انت.. أنت" الكائن "
فليست البديهة نقية كما تجملها لنا نشوة التجلي في صورة فرح مبطن
نحن أستارها التي حاكتها المواربات من نسيج الكينونة، ونحن مايظهر من تشكلها،
هكذا هي تخاتلنا وتترك الباب أمامنا مشرعا/ مقفلا ، فيستهوينا الضوء النافذ من شقها العدمي، ونزداد إيغالا في التجلي، وليس لنا يد في كنهها حتى يباغتنا الظهور
لكنها ماتلبث أن تعرينا فنحس بثقلها
كما أنها تتلبسنا هابطة بنا إلى تخومها المخملية ،فنظل أسرى تجلينا لا حيلة لنا من الفكاك من عدمها لنتماهى في شرك الحدس،
ولاتهدينا لسبيل الخلاص فننجو من عدمية الحياة

والبديهة ليست نقية تماما،
عليك التلاشي في غمار الخطيئة لالتكتشف بشريتك، ولكن لتكتشف طهرك وتغربل الخيط الفضي الرابط بين الضوء والروح ،
بين الجمود والجموح ، فيشع معدن ما كان يترصدك ليبين عن سريرتك ويكاشف الخواطر الخاملة فتتضح لك سوءة المعتقد ويجليك لنسيجك فتزداد ضياعا في تقية الإبانة ثم مايلبث أن يكلك بالصفاء وينتقيك عدما خالدا يصفو كلما تسامى عن عوادمه وهكذا تناور البديهة

ثم قال : وماذا عن التقمص؟
فأجبته : كان أبي يوهمنا أنه يفرح ،وربما كنت ألمح ذلك
وها أنا اليوم أكونه أشعر بما لا يُشعر ،وأستشعر حلولي بالمكنونات فتزاد المسافة غموضا ،ويتلبسني حينذاك
فرح ما كأنه حزن العيد..

فباغتني ضاحكا : أرأيت هذه هي البديهة في وجهها الآخر..

بسام الحروري