بعد تحوّله إلى طرف رئيسي في الحكومة "الشرعية"..
مراقبون: زيارة الانتقالي جزء من نشاط الانفتاح على المجتمع الدولي
وصف مراقبون سياسيون يمنيون زيارة وفد المجلس الانتقالي الجنوبي إلى العاصمة الروسية موسكو بأنها جزء من نشاط الانفتاح على المجتمع الدولي الذي يقوم به المجلس بعد تحوّله إلى طرف رئيسي في الحكومة “الشرعية”، وهو ما يكسب هذه الزيارة أهمية خاصة بالنظر إلى تصريحات رئيس المجلس التي أكد فيها على النهج السياسي التقليدي للمجلس في المطالبة بحق تقرير المصير.
وقال عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، سالم بن ثابت العولقي، إن الزيارة تأتي تلبية لدعوة الحكومة الروسية، مشيرا إلى أنّ برنامجها يتضمن إجراء عدة لقاءات مع الحكومة الروسية وفي مقدمة ذلك وزارة الخارجية ومجلس الشعب وجهات حكومية أخرى.
وعن أهداف الزيارة أشار العولقي إلى أنها جاءت ضمن سلسلة تحركات خارجية للمجلس “تتركز على بحث قضية الجنوب وتطلعات شعبه وجهود تحقيق السلام”، مضيفا “لا يغيب عن أنشطة المجلس التأكيد على حرصنا بعد اتفاق الرياض على إنجاح جهود الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة المدنية ومكافحة التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابعها ومصادر تمويلها، كما نشدد في هذا السياق على سرعة استكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض إداريا وسياسيا وأمنيا، كون ذلك مطلبا عاجلا لمعالجة المشكلات العامة ودعم حكومة المناصفة لتنفيذ مهامها ونزع فتيل التوتر ومحاولات إفشال الاتفاق من قبل الإخوان المسلمين”.
واستطاع المجلس الانتقالي خلال الفترة الماضية تكثيف حضوره في المحافل الإقليمية والدولية، وفتح قنوات تواصل مع المؤسسات الرسمية المهتمة بالشأن اليمني في أوروبا وأميركا، إضافة إلى النشاط الخارجي الملموس في روسيا الاتحادية الذي يكتسب أهميته من خبرة روسيا بصفتها وريثة السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي السابق في جنوب اليمن، وعلاقتها مع النخب السياسية الجنوبية، وهو ما يفسر اهتمام المكونات الجنوبية بإعادة تجسير العلاقات مع موسكو واستثمارها في دعم أي تحولات قادمة في الملف اليمني توضع أمام مجلس الأمن، وخصوصا ما يتعلق بالقضية الجنوبية.
ووفقا لتصريح صحافي أدلى به الناطق الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري، فقد غادر صباح الأحد وفد رفيع من المجلس الانتقالي برئاسة عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس إلى موسكو تلبية لدعوة رسمية تتضمن لقاء عدد من المسؤولين الروس في الحكومة ومجلسي الشيوخ والنواب (الدوما)، بالإضافة إلى المراكز المتخصصة والمؤسسات العلمية “لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك وسبل تحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار في الجنوب واليمن والمنطقة”.
وبحسب الكثيري، يتكون الوفد من اللواء أحمد بن بريك رئيس الجمعية الوطنية وأحمد لملس أمين عام هيئة الرئاسة محافظ العاصمة عدن، وناصر الخبجي رئيس وحدة شؤون المفاوضات وعلي الكثيري نائب رئيس وحدة شؤون المفاوضات المتحدث الرسمي للمجلس وعمرو البيض عضو هيئة الرئاسة ومحمد الغيثي نائب رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية وأنيس الشرفي عضو وحدة شؤون المفاوضات.
وأثارت الزيارة ردود فعل غاضبة من قبل ناشطين إخوان وبعض المحسوبين على تيار الدوحة في الحكومة اليمنية، اعتبروا أن وجود بعض أعضاء الانتقالي المشاركين في الحكومة ضمن الوفد الزائر لروسيا، خرق لاتفاق الرياض.
وعلّق وكيل وزارة الإعلام اليمنية محمد قيزان من مقر إقامته في إسطنبول على زيارة وفد المجلس الانتقالي إلى روسيا في تغريدة على تويتر قال فيها “أحمد لملس محافظ العاصمة المؤقتة عدن سافر قبل شهر إلى الإمارات واليوم يغادر أبوظبي ضمن وفد الانتقالي لزيارة موسكو، فكيف غادر عدن وهي في أشد الحاجة لتواجده فيها، وهل سمحت له الحكومة بزيارة الإمارات أو موسكو، خصوصا وأنّ إعلام الانتقالي يروج أن الزيارة تأتي دعما لسعي المجلس للانفصال”.
وحول تفسير ردود الفعل المتشنجة من قبل الإخوان على الزيارة، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح في تصريح لصحيفة العرب الدولية إن الإخوان يدركون جيدا أن تحركات المجلس الخارجية ستنعكس تأثيراتها على الداخل وعلى مستقبل قضية الجنوب.
ولفت صالح إلى أن “فك الحصار الدبلوماسي الذي فرض على الجنوب سابقا من شأنه جعل العالم مدركا لحقيقة ما تعرض له الجنوبيون من مسلسلات طويلة من المعاناة ومن الانتهاكات والجرائم التي كان الإخوان من أبطالها، كما أن الحضور الدولي للمجلس الانتقالي يعزز مخاوف الإخوان لأنه يعني أنّه لن يكون بمقدورهم بعد اليوم عزله ومحاصرته وشن الحروب التي لا تتوقف ضده”.
وأضاف نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي قوله “سياسيو ونشطاء الإصلاح يشعرون بالقلق تجاه نجاحات وتحركات المجلس كونها تتعارض مع أجنداتهم وأمانيهم في تقييد المجلس وتضييق مجال حركته، والمثير للسخرية في خطاب وحملات نشطاء الإخوان أنهم يتناقضون مع أنفسهم، فحين ينظّمون الحملات التي تسعى لتأكيد مزاعمهم بأن المجلس ولد ميتا، ثم بأنه قد تخلى عن القضية الجنوبية، وأنه قد تنازل عن مطالب استعادة الدولة بمجرد تحقيق مصالح خاصة في إشراكه في الحكومة، ثم يأتون في حين آخر صارخين متباكين من أن المجلس يعمل على تفكيك الدولة وبأنه لم يتخل عن مشروعه. كما أن النجاحات الخارجية للمجلس وتنامي مكانته واحترام القوى الدولية وحرصها على التعاطي معه، وثبات قواته على الأرض، كل هذه الأمور تثير حفيظة الإخوان وتخرجهم عن حصافتهم وتدفعهم للتعبير عن غضبهم وقلقهم تجاه ذلك بطريقة تثير الشفقة”.