بايدن يواجه ضغوطا متزايدة بشأن المفاوضات النووية..
تقرير: السعودية تستغل حرب أوكرانيا والحوثي يرضخ لمطالب أمريكية

الإبقاء على قوات حرس نظام الملالي على قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية

قالت وكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس"، ان المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا لقتال الحوثيين (أذرع إيران في اليمن)، تستغل حرب أوكرانيا لتدعيم موقفها في اليمن بعد سبع سنوات على تدخلها العسكري، فيما يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن ضغوطا متزايدة بشأن المفاوضات النووية، لكن الإدارة الأمريكية فرضت مطالب على الحوثيين لوقف التصعيد ضد شركات النفط السعودية، رضخوا لها بإعلان هدنة من طرفهم لمدة ثلاثة أيام.
وقالت وسائل إعلام محلية يمنية موالية لأذرع إيران "ان القيادي عبدالقادر المرتضى كشف عن وساطة برعاية الامم المتحدة تقضي بالتوافق على صفقة للإفراج عدد كبير من الأسرى من ميليشياتهم مقابل الافراج عن أسرى لديهم من قوات حكومة هادي بينهم شقيق الرئيس المؤقت واللواء محمود الصبيحي بالإضافة الى جنود سعوديين وسودانيين.
وزعم القيادي الحوثي انه تم الاتفاق على إطلاق سراح "1400 من عناصر الميليشيات.. مقابل 823 من الاطراف المناهضة للأذرع الإيرانية بينهم 16 اسيرا سعوديا. و3 سودانيين. بالإضافة لناصر منصور هادي.. ومحمود الصبيحي".
وفسرت مصادر دبلوماسية يمنية الإعلان الحوثي، بانه يؤكد على رضوخ الاذرع الإيرانية لمطالب أمريكية بوقف التصعيد ضد السعودية، حتى لا تستغل الأخيرة سلاح النفط في حشد الدعم الدولي لصالحها.
وبعد سبع سنوات على تدخلها العسكري في اليمن، تنكب السعودية على حشد الدعم الدولي لصالحها في الحرب ضد الحوثيين، في وقت يطالبها الغرب بالمساعدة على تهدئة سوق النفط المتقلّبة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
والسبت دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الهجمات المتبادلة بين المتمردين الحوثيين في اليمن والتحالف الذي تقوده السعودية، داعيا إلى "ضبط النفس" في النزاع المستمر منذ سبع سنوات.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان إن "الأمين العام يدين بشدة التصعيد الأخير للنزاع في اليمن".
تضمنت اعتداءات الاذرع الإيرانية هجوما على مؤسسة نفطية أدى إلى اندلاع حريق هائل قرب حلبة سباقات فورمولا واحد في جدة الجمعة.
ردا على ذلك، شنّ التحالف الذي تقوده السعودية في ساعة مبكرة من صباح السبت ضربات جوية على العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة الساحلية التي تمثل نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية. وقال بيان الأمم المتحدة إن الضربات على صنعاء قتلت ثمانية مدنيين.
وتتعرّض الرياض التي تقود منظّمة البلدان المصدّرة للنفط "أوبك" وتحالف "اوبك بلاس" مع موسكو، حاليا لضغوط من القوى الغربية لزيادة إنتاجها لتهدئة الأسعار المرتفعة منذ بداية الحرب الروسية على جارتها الشهر الماضي.
وتقول نجاح العتيبي، الباحثة السعودية في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لوكالة فرانس برس: "الأزمة الأوكرانية تمنح السعودية إمكانية استخدام أداة تأثير مهمة، وهي النفط، للضغط على دول كبرى مثل الولايات المتحدة".
ونأت إدارة جو بايدن، الرئيس الأمريكي بنفسها تدريجياً عن الصراع في اليمن، وذهبت إلى حد شطب الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية بهدف تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها غالبية السكان وعددهم 30 مليونا، إلى اليمن.
وترى العتيبي أنّ السعودية لن تزيد من إنتاج النفط لخفض الأسعار حتى تحصل على موقف حازم ضد الحوثيين الذين غالبا ما يشنون هجمات ضد أراضيها بالطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية، قائلة "هذه أولوية للمملكة".
وكثّفت السعودية الضغوط الاثنين من خلال التلويح باحتمال حدوث نقص في كميات النفط بسبب الاعتداءات الحوثية، وذلك غداة سلسلة هجمات شنها المتمردون واستهدفت على وجه الخصوص مصفاة تكرير تابعة لشركة النفط العملاقة أرامكو ما أدى إلى نسف جزء من انتاجها.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إنّ الرياض "لن تتحمّل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها".
وبحسب إليزابيث كيندال، الباحثة في جامعة أكسفورد ، يمكن أن يُنظر الى هذا التحذير على أنه رسالة للغرب مفادها "نريد دعمكم لكي تأتي أي تسوية محتملة مع الحوثيين وفقا لشروطنا".
في بداية التدخل العسكري في عام 2015، جمع التحالف بقيادة السعودية تحت جناحه تسع دول، لكنّه بات يعتمد بشكل أساسي على الرياض، وبدرجة أقل، على حليفتها الإمارات التي سحبت قواتها من اليمن، لكنّها لا تزال تشن ضربات ضد الحوثيين وتملك نفوذا في البلاد.
ونجح التحالف في وقف زحف الحوثيين جنوبا وشرقا، لكنّه فشل في طردهم من شمال البلاد خصوصا، لا سيما من العاصمة صنعاء التي دخلوها في عام 2014.
وتقول كيندال إنّ الصراع "وصل الآن إلى طريق مسدود".
وتضيف "يستمر الحوثيون في ممارسة سلطتهم القمعية والتمييزية في حق ما يقرب من ثلثي السكان"، فيما تتحمل السعودية نفقات باهظة وصلت إلى "ما يقرب من مليار دولار أسبوعيا" في وقت من الأوقات.
وتشير كيندال إلى تأثير الهجمات المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة على صورة السعودية، ومؤخراً الإمارات، في وقت تطمح الدولتان لأن تكونا محطّتين مهمتين للشركات العالمية والاستثمارات في خضم حملات تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وترى أنّ السعودية "قد تميل للانسحاب من اليمن، لكن يجب أن تكون قادرة على تقديم هذه الخطوة على أنها انتصار، وألا ينتهي الأمر بدولة يسيطر فيها الحوثيون قرب حدودها الجنوبية".
لكن لا يبدو أنّ الحوثين على استعداد لتقاسم السلطة بعدما وضعوا شروطا للدخول في أي مفاوضات، في موقف يرى خبراء أنّه نابع من قوّتهم العسكرية على الأرض، بينما يعزوه آخرون إلى قلة الضغوط الغربية عليهم.
في هذا الوقت، يدفع المدنيون اليمنيون الثمن الأكبر، في السنة الثامنة للحرب.
من ناحية أخرى وتزامنًا مع انعقاد مؤتمر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في واشنطن وضرورة الإبقاء على قوات حرس نظام الملالي على قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية.
كتبت صحيفة “واشنطن تايمز” في مقالها في عددها الصادر في 25 مارس 2022: يواجه بايدن ضغوطا متزايدة بشأن المفاوضات النووية، وشائعة شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية.
وكتبت صحيفة “واشنطن تايمز” في هذا المقال، بقلم بن ولفغانغ: “قال مسؤولون أمريكيون سابقون وباحثون في مجال الأمن القومي، يوم الجمعة، إن إدارة بايدن تلعب بالنار، حيث أنها تفكر في شطب قوات حرس نظام الملالي رسميًا من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وحذروا من تعرُّض حياة الأمريكيين للمزيد من الخطر إذا قدَّمت إدارة بايدن مثل هذا التنازل من أجل إحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015.وأصبح الجدل حول شطب قوات حرس نظام الملالي من القائمة الرسمية لوزارة الخارجية لـ “التنظيمات الإرهابية الأجنبية” نقطة ضعف في مفاوضات فيينا، حيث يسعى المفاوضون من إيران والولايات المتحدة وروسيا وحفنة من الدول الأخرى إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم في حقبة أوباما لتحجيم برنامج طهران النووي الذي انسحب منه الرئيس ترامب في عام 2018.
والجدير بالذكر أنه تم في الفترة التي قامت فيها إدارة ترامب بإعادة فرض العقوبات وتكثيف حملة “الضغط الأقصى” على إيران؛ إدراج قوات حرس نظام الملالي التي تدعم المیلیشیات التی تستهدف بشكل دوري القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وأعلنت قبل بضعة أسابيع عن مسؤوليتها عن الهجوم بالصواريخ الباليستية على شمال العراق؛ في قائمة التنظيمات الإرهابية في عام 2019.
وما هو أبعد من الإعلان الرمزي عن أن قوات حرس نظام الملالي لم تعد تمثل تهديدًا إرهابيًا، يرى النقاد إن التسوية القائمة على شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، وفي الوقت نفسه تقديم اقتراح بإعفاء إيران من العقوبات الاقتصادية يُعتبران دعمًا ماليًا لهذه القوات، وهي القوة الأقوى في جيش النظام الإيراني ومهمتها الخاصة تتجسد في الحفاظ على بقاء هذا النظام الفاشي. ويرى المعارضون لشطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية أن هذه القوات سوف تستخدم الوصول إلى مواردها مرة أخرى في تأمين دعمها للحلفاء من الميليشيات الإقليمية، من قبيل حماس وحزب الله، والمتمردين الحوثيين في اليمن، والميليشيات المناهضة للولايات المتحدة في العراق، وغيرهم من الجماعات المتطرفة.
وقال ديفيد شيد، الرئيس السابق لوكالة مخابرات الدفاع الأمريكية، يوم الجمعة، في اجتماع برعاية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو مجموعة قيادية من المنفيين الإيرانيين الذين يعارضون النظام في طهران بشدة: “إن قوات حرس نظام الملالي هي محور استراتيجية استخدام الإرهاب كأداة للسلطة الوطنية”.
وقال السيد شيد، وهو الآن أحد الأعضاء الضيوف في مؤسسة هيرتيدج المحافظة: “إن الاستنباط الوهمي بأن شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية سوف يغير من سلوك هذه القوات الوحشية مثل الفكرة الوهمية بأن شخصًا يمكنه تغيير حمضه النووي (DNA). والجدير بالذكر أن الحمض النووي لقوات حرس نظام الملالي هو الإرهاب كأداة للسلطة الوطنية ضد الشعب الإيراني داخل إيران وخارجها وفي جميع أنحاء العالم”.
ويقول الخبراء بضرورة الإبقاء على قوات حرس نظام الملالي مدرجةً في قائمة الولايات المتحدة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية الأجنبية لأسباب متعددة، من بينها أن هذا الأمر يحافظ على القيود المفروضة على قدرة هذه القوات في تحويل الأموال والأصول بحرية خارج إيران.
حيث أن شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية من شأنه أن يومئ للمنطقة بأن واشنطن تعتقد الآن أن التجارة المباشرة مع هذه القوات الوحشية مقبولة.
وقال المدعي العام السابق للولايات المتحدة الأمريكية، مايكل موكيزي، يوم الجمعة، في احتفال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: “إن إدراج قوات حرس نظام الملالي في قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية يجعل بعض المؤسسات وبعض الأفراد لا يرغبون في التعامل علانيةً مع هذه القوات الوحشية. وعليكم أن تفكروا في عواقب شطب قوات حرس نظام الملالي من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، حيث أن شطبها من هذه القائمة يعني في الواقع أن الولايات المتحدة لا تعتبرها تنظيمًا إرهابيًا. وهذا يعني أن قوات حرس نظام الملالي قد حصلت من حيث المبدأ على ختم الموافقة على حسن السلوك من الإدارة الأمريكية”.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية تعتمد على تأكيدات النظام الإيراني بأن قوات حرس نظام الملالي سوف تكف عن شن جميع الهجمات على الأمريكيين في حالة شطبها من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية. ويقول بعض خبراء السياسة الخارجية إن تصديق هذا الأمر سذاجة، كما أن تصرفات إيران حتى عندما كان الاتفاق النووي ساريًا المفعول تشهد على هذه الحقيقة.
وقال جوزيف ديتراني، المسؤول السابق بوكالة المخابرات المركزية والمستشار الدبلوماسي الأمريكي السابق، يوم الجمعة، في اجتماع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: “أعتقد أنه يجب علينا جميعًا أن نتذكر أنه عندما تحدثنا عن الاتفاق النووي وتنفيذه؛ كان هناك أمل في أن تعدِّل إيران من سلوكها بموجب هذا الاتفاق”. وعلى حد قوله، كان هناك أمل في أن تكف طهران عن أنشطتها الإرهابية وسلوكياتها التهديدية سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو لبنان … إلخ”. وأضاف قائلًا: “إلا أن هذا الم يحدث”.