أهم كتاب العالم في المنزل ذو الطابق الأوسط

من يعمل اليوم في مجال الكتب والمكتبات يلاحظ اهتمام فئة كبيرة من القراء بكتب المجموعات القصصية ، فالعديد من الزبائن يفضلون القصة القصيرة على الرواية .

وتعتبر القصة القصيرة نوعاً أدبياً حديثاً لا يتجاوز عمره الأدبي المئتي عام ، تأتي على شكل نثر، أو شعر، يُعبّر عنها بأسلوب السرد، أو الحكاية،حيث يمكن أن تحتوي على أحداث وهمية، أو حقيقية تحمل هدفاً، أو مصلحة معينة، و تكون غايتها الترفيه عن القارئ، أو السامع، أو تقديم الإرشاد، والنصح، والموعظة.

وفي المجموعة القصصية ( المنزل ذو الطابق الأوسط) الصادرة حديثاً عن ( دار وتر ) بترجمة ( وداد عبد الحليم ) 
جمعت المترجمة في هذا الكتاب مجموعة من القصص القصيرة لأهم كتاب العالم مثل تولستوي ، وماركيز ، وتشيخوف ، وفيرجيينيا وولف ، وآرسنت همنغوي ، وكيت شوبان ،  وإدغار آلان بو ، وكاثرين مانسفيلد ،  وناثانيال هورثون وغيرهم . 
والصفة المشتركة في هذه القصص ان اغلبها ينتمي الى المدرسة الرمزية وهي المدرسة التي ظهرت في فرنسا في أواخر القرن التاسع عشر، مُتخذةً التعبير عن الإنطباعات النفسية عن سبيل الإيعاز أو التلميح، بدلاً من الأسلوب التقريري المباشر .

تكتب المترجمة في مقدمة الكتاب : ( هذه المجموعة هي أشبه بتذكرة للدخول إلى عالم الأدب الحقيقي والذي يعتبر النموذج الذي يقارن به في عالم الكتابة . فهو عالم تولستوي وفيرجيينيا وولف وتشيخوف وغيرهم . فهم من امتهن الكتابة ، واعطاها أكثر من حقها ، ليصبحوا مجددين وراسخين على مر الزمان ، هذه المجموعة درس للكتاب ومتعة لجميع القُراء) .

وتم تسمية هذه المجموعة بـ اسم قصة كتبها افضل كُتاب القصص القصيرة على مر التاريخ  وهو الكاتب الروسي (انطون تشيخوف) وهي قصة ( المنزل ذو الطابق الاوسط) التي تكشف عن الفرق بين مساعدة العبيد وانقاذهم من المرض والجهل  وبين منحهم الحرية ومعاملة العبد كإنسان له كل الحقوق التي منحها الأحرار لأنفسهم .

( من الضروري تحرير الناس من العمل البدني الشاق، من الضروري إعفائهم من ذلك، وإعطائهم مساحة للتنفس، وإنقاذهم من قضاء حياتهم كلها في المطبخ او في العراء ، او في الحقول ، يجب ان يكون لديهم الوقت للتفكير في ارواحهم ، او بالله ، وتنمية قدراتهم الروحية ، يكمن خلاص كل إنسان في النشاط الروحي في بحثه المستمر عن الحقيقة ومعنى الحياة ، امنحيهم بعض الراحة من العمل الشاق والحيواني، دعيهم يشعرون بالحرية ، ثم سترين مدى سخافة كتيباتك وصيدلياتك بمجرد ان يدرك الإنسان رسالته في الحياة ، عندها لايمكن إلا ان يحب ويرضى بالدين ، والخدمة ، والفن ، وليس مع تفاهات من هذا القبيل ، وتحررهم من العمل).

وفي قصة ( ابن ديزريه) تطرح الكاتبة الأمريكية ( كيت شوبان)  قضية ( تمازج الأجناس)  التي ظهرت في الولايات الأمريكية في القرن التاسع عشر خلال فترة ماقبل الحرب حيث يحتقر ارماند زوجته ديزريه لإنها ولدت طفلاً ينتمي الى العرق الملون ولان ديزريه مجهولة النسب يعتقد إنها هي من ورثت إبنهم هذا العرق ليكتشف اخيراً بعد طردها من المنزل من خلال احد الرسالة المكتوبة من والدته إلى والده ، أن أرماند هو الحامل للعرق الأسود وأن هذا السر قد تم إخفاؤه عنه.

ويتجلى بوضوح  هوس الكمال البشري في قصة ( الوحمة) للكاتب الأمريكي ( ناثانيال هورثون) 
و بطله (آيلمر) وهو عالم وفيلسوف لامع ومعترف به يسقط تركيزه من حياته المهنية وتجاربه للزواج من الجميلة جورجينا  (الزوجة المثالية جسديًا باستثناء وحمة حمراء صغيرة على شكل يد على خدها) ويبدأ بتحضير جرعات لها في مختبره لتشربها وتنام على اثرها تساعد على اخفاء الوحمة وفعلاً تختفي الوحمة ولكن جورجينا تموت مع اختفائها
بينما هناك ثلاث اسئلة أقلقت ملك تولستوي في قصته التي حملت نفس العنوان  (الأسئلة الثلاثة) و هي قصة قصيرة ورمزية  تدور أحداثها حول ملك يبحث عن إجابات لثلاثة أسئلة يعتبرها الملك أكثر الأسئلة أهميةً في الحياة وبعد عجز الجميع عن الإجابة على اسئلته يجد ظالته بعد مغامرة يقضيها في بيت احد النُساك في الجبال ليكتشف أن أهم شيء ينبغي على الإنسان معرفته ليشتغل به هو فعل الخير لمن هو معه كائناً من كان.

وتعجز العقول عن التصديق بسلامة عقل  بطل قصة (العقل الواشي) للكاتب والناقد الأمريكي (إدغار آلان بو ) الذي يصف جريمة قتل ارتكبها وكان الضحية رجلا عجوزا له "عين نسر" ثاقبة، كما يصفها الراوي. وهي الجريمة الكاملة التي يستطيع الراوي فيها اخفاء كل آثارها بتقطيع الجثة واخفاؤها تحت الأرضية لكن شعور القاتل بالذنب يتجلى على شكل هلوسة تكشف عن جريمته .

كل قصة في هذا الكتاب تم اختيارها بعناية فائقة وكل كاتب في هذه المجموعة القصصية كان له الأثر في التطور الأدبي والفكري والإنساني على مر العصور .