يلوحون بالقوة في مواجهته..

إخوان السودان.. هل ينجح في العودة إلى المشهد السياسي عبر معارضة الدستور الانتقالي؟

حالة من الجدل تسبب فيها مشروع الدستور السوداني الجديد، يصفها الباحث المصري في العلوم السياسية عبد السلام القصاص، بـ”الطبيعية”؛ نتيجة غياب طويل شهده المشهد السوداني، لمثل هذه الحوارات الوطنية، بعد عقود طويلة من حكم الإخوان.

مظاهرات سابقة في الخرطوم - أرشيف

الخرطوم

لا تملّ فلول الإخوان في السودان من العمل على إرباك المرحلة الانتقالية، ومحاولة العودة إلى المشهد السياسي بشتّى السُّبل؛ حيث حاولت الجماعة من خلال أذرعها المختلفة إثارة النعرات العرقية، وضم أصحاب المصالح سواء من البجا أو غيرهم، الأمر الذي دفع إلى الضغط على لجنة تفكيك نظام الإخوان البائد، وإيقاف عملها غير مرّة، كما تحاول الجماعة التواجد بقوة في المشهد السياسي، خاصّة بعد أن أصبح سيف الدين أرباب مراقباً عاماً للذراع الفاعلة في التنظيم، كما أصبح المراقب العام للذراع الأخرى، عادل علي الله إبراهيم، رئيساً لما يُسمّى بـ”التيار الإسلامي العريض” الذي يضم أحزاباً وتيارات إسلامية.

حالة من الجدل تسبب فيها مشروع الدستور السوداني الجديد، يصفها الباحث المصري في العلوم السياسية عبد السلام القصاص، بـ”الطبيعية”؛ نتيجة غياب طويل شهده المشهد السوداني، لمثل هذه الحوارات الوطنية، بعد عقود طويلة من حكم الإخوان؛ حيث لاقت مسودة المشروع تأييداً محسوساً في الشارع السوداني، لكنّ القوى السياسية المحسوبة على الإخوان، ما زالت تعارض بشدة مشروع الدستور الجديد.

جدير بالذكر أنّ لجنة تيسير الأعمال بنقابة المحامين في السودان، كشفت قبل عدة أيام عن مشروع الدستور الانتقالي، الذي ينص على تكوين مجلس سيادة مدني، بالإضافة إلى مجلس أعلى للجيش برئاسة رئيس الوزراء، كما يعطي مشروع الدستور، سائر القوى الموقعة عليه سلطة اختيار مؤسسات الحكم الانتقالي؛ من أجل العبور بالبلاد من النفق السياسي الضيق، الذي تسببت فيه القوى المحسوبة على النظام السابق، والتي تهدف إلى خلق حالة من الانسداد السياسي.

وكان نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد رحب بمسودّة الدستور الانتقالي، لافتاً إلى أنّ “اجتماعاً عقده مع رئيس مجلس السيادة، عبدالفتاح البرهان، أقرّ بشكلٍ قاطع أن يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنيين”. كما أعلن حميدتي أنّ الجيش يصر على أن يفي بكل تعهداته السابقة، التي أعلن فيها مراراً عن عزمه إخراج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، “والانصراف إلى مهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون، وترك أمر الحكم للمدنيين”. مؤكداً في الوقت نفسه على “أهمية التنسيق والتعاون بين جميع السودانيين؛ لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال، وخلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام، تحقيقا لتطلعات السودانيين”.

محمد علي الجزولي، القيادي المتشدد في “التيار الإسلامي العريض”، وصف مسودة الدستور بـ”المشروع العلماني العنصري المتطرف، الذي يمثل وجهة نظر قوى الحرية والتغيير وحدها”، زاعماً أنّه سوف يسبب فتنة ومواجهة بين المدنيين والعسكريين، قبل أن يهدد باستخدام القوة قائلاً: “لن يتم في أرض السودان طالما نحن أحياء”. مضيفاً أنّ المواجهة “آتية سواء عن طريق التظاهرات، أو على ظهر دبابة”.

ووجَّه عضو المجلس المركزي لتحالف «الحرية والتغيير» في السودان، ياسر عرمان، عدة تحذيرات للمجتمعَين الإقليمي والدولي، من مخاطر وشيكة تتهدد البلاد، بسبب اقتراب أنصار النظام السابق الإسلاميين من استعادة السلطة التي فقدوها مع سقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019 بفعل ثورة شعبية. كما حذر عرمان من محاولات يبذلها الإسلاميون لخلق فتنة بين القوات المسلحة وقوات «الدعم السريع»، على أمل إضعافهما والتسلل إلى داخلهما للسيطرة على الدولة؛ مشيراً إلى أن حدوث ذلك قد يهدد الأمن الإقليمي.


وبشأن العملية السياسية ومصير القيادة العسكرية الحالية، أوضح عرمان الأوسط الذي يترأس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» –التيار الثوري الديمقراطي– أن لدى العسكر مخاوف ومطالب ومطامع، وأن معالجة «المصالح والمخاوف» ضرورية من أجل انتقال ديمقراطي مدني: «أما المطامع فلا سبيل لمعالجتها، والشعب حر في اختيار نظام حكمه».

وقال عرمان، إن الثورة حررت القوات المسلحة مثلما حررت المدنيين من قبضة تنظيم «الإخوان المسلمين» ونظام البشير المتسلط؛ مشيراً إلى أن «السودان الآن أصبح شبه دولة، مؤسساتها منهارة، وتعاني اختلالات اجتماعية وسياسية، وتواجه صراعات عابرة للحدود».

توافقت مصر والسودان على «استمرار التشاور المُكثف، والتنسيق المتبادل خلال الفترة المقبلة» في ملف «سد النهضة»، سعياً «لتحقيق المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين»، بحسب بيان صحافي، أمس، عقب قمة جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق عبد الفتاح البرهان، في القاهرة.


وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن اللقاء بين السيسي والبرهان «استعرض آخر مستجدات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما فيها تطورات ملف سد النهضة».


وبين مصر والسودان وإثيوبيا نزاع مائي مستمر منذ نحو 11 عاماً حول «سد النهضة»، الذي تشيده أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يقلص حصتها من المياه. وتطالب القاهرة والخرطوم بوقف «إجراءات إثيوبيا الأحادية» المتعلقة بملء السد، حتى يتم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة حول آليات تشغيل «السد».

وقد تجمدت المفاوضات بهذا الشأن منذ أبريل (نيسان) 2021، الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين لقبول «اتفاق يرضي جميع الأطراف».