وسط مخاوف رسمية من امتداد الاحتجاجات إلى سجونها..
إيران.. أحداث سجن اوين ناجمة عن نزاع بين السجناء في قسم البلطجية
منظمات حقوقية تعبر عن مخاوفها على حياة سجناء سياسيين بينهم محتجزون أجانب من مزدوجي الجنسية وآخرون ممن أُعتقلوا خلال الاحتجاجات المستمرة منذ 16 سبتمبر.

مقتل 4 من السجناء في أحداث سجن اوين
تحيط السلطات الإيرانية ما يحدث من اضطرابات في سجونها وأحدثها مواجهات وحريق هائل في سجن اوين اندلعت مع استمرار انتفاضة شعبية واسعة منذ 16سبتمبر/أيلول، بكتمان شديد وسط مخاوف رسمية من امتداد الاحتجاجات إلى سجونها التي تضم عشرات آلاف النزلاء بينهم معارضون سياسيون ومعتقلون أجانب من مزدزجي الجنسية.
والأحد قالت السلطات الإيرانية التي أغلقت الطرقات المؤيدة لسجن اوين ونشرت تعزيزات أمنية حوله، إنها استعادت السيطرة على الوضع داخل السجن وهو أحد أكبر السجون فيها بعد حريق اندلع في قسم منه وسط مواجهات دامية بين السجناء وقوات الأمن التي تدخلت لإعادة ضبط الأمور، وسط مخاوف على مصير مئات السجناء السياسيين بينهم أجانب من مزدوجي الجنسية.
وتأتي هذه الاضطرابات في خضم أسوأ احتجاجات تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر/ايلول الماضي على خلفية وفاة الفتاة الإيرانية الكردية مهسا أميني وهي الثانية التي يشهدها سجن غيراني في أسابيع قليلة.
وحذرت منظمات حقوقية الأحد من أن حياة سجناء في خطر في سجن إوين في طهران بعدما اندلع حريق فيه على خلفية حركة الاحتجاج التي أشعلتها وفاة أميني مع دخولها أسبوعها الخامس.
وسمعت طلقات نارية ودوي انفجارات خلال حريق السبت من داخل المجمع الكبير في شمال طهران الذي تصاعد منه الدخان بحسب مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويأتي الحريق الذي لم تعرف أسبابه مع مرور شهر على حركة الاحتجاج في طهران التي أثارتها وفاة الشابة الإيرانية الكردية (22 عاما).
وهذا السجن الواقع في شمال طهران معروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما أنه يضم سجناء أجانب، وقد أفادت تقارير بأن المئات ممن اعتقلوا خلال التظاهرات أودعوا فيه، ما يثير مخاوف جدية من تعرضهم للتصفية خلال الأحداث الجارية في السجن أو تحميلهم المسؤولية عن الاضطرابات داخله.
وقالت مجموعة "حقوق الإنسان في إيران" التي يوجد مقرها في أوسلو إن "سجن إوين في طهران يشتعل ويمكن سماع طلقات نارية بوضوح. حياة كل سجين سياسي أو سجين عادي في خطر شديد"، مضيفة أن السلطات أغلقت الطرقات المؤدية إلى السجن في محاولة واضحة لوقف الاحتجاجات أمامه.
وتوجه البعض إلى هناك سيرا فيما سمعت هتافات "الموت للديكتاتور" - أحد الشعارات الرئيسية للحركة الاحتجاجية - في مقاطع فيديو نشرتها قناة التواصل الاجتماعي 1500تصوير.
وقال هادي قائمي مدير مركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ من نيويورك مقرا، "السجناء وبينهم السجناء السياسيون لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل ذلك السجن"، معبرا عن قلقه من تعرضهم للقتل.
وقالت مجموعة "حرية التعبير المادة 19" إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن وأنها "قلقة جدا على سلامة سجناء إوين".
أفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية الأحد بأن الحريق اندلع خلال "اضطرابات" في السجن تم إخمادها، بينما أعلنت السلطة القضائية مقتل 4 سجناء في أحداث سجن اوين وإصابة 61.
وقال مسؤول أمني كبير كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "شهد القسم المخصص للبلطجية اضطرابات ونزاعا بينهم أدى إلى اشتباك مع حراس السجن"، مضيفا أن "الوضع الآن تحت السيطرة تماما والهدوء مستتب في السجن ورجال الإطفاء يعملون على إطفاء النيران" مشيرا إلى أنه "تم فصل السجناء الذين تسببوا بالحادث عن السجناء الآخرين".
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن مدعي طهران أن هذه الاضطرابات "ليس لها علاقة مع أعمال الشغب الأخيرة في البلاد"، وسط أنباء عن وفاة أربع سجناء في هذه الاضطرابات.
وقال أحد رجال الإنقاذ الموجودين في الموقع في تصريح ادلى به لوكالة "ارنا" إنه "تم احتواء الحريق الآن وفرق الإطفاء تؤمن محيط الحادث"، مضيفا "أصيب ثمانية أشخاص لغاية الآن جراء الحادث ولم تكن هناك أي حالة وفاة".
يضم سجن إوين سجناء أجانب بينهم الأكاديمية الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه والمواطن الأميركي سياماك نمازي الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إوين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج مؤقت.
وفي رد فعل على الحريق، أعربت عائلة نمازي في بيان عن "قلقها العميق"، خاصة وأنه لم يحصل أي اتصال معه. وحضت العائلة السلطات الإيرانية على منحه وسائل "فورية" للاتصال بأسرته وإطلاق سراحه "لأنه من الواضح أنه ليس آمنا في سجن إوين".
وقالت شقيقة عماد شرقي، وهو مواطن أميركي آخر مسجون في إوين، إن عائلته "متشنجة وينتابها الخوف"، وذلك في تغريدة على تويتر.
وقالت الأكاديمية الأسترالية كايلي مور غيلبرت التي احتُجزت في إوين لأكثر من 800 يوم سجنت فيها في إيران، إن أقارب سجينات سياسيات معتقلات هناك أكدوا لها أن "كل النساء في جناح السجينات السياسيات في إوين سالمات وبأمان".
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب، محملا "إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين بدون وجه حق والذين يجب إطلاق سراحهم فورا".
وأفادت تقارير بأن المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي صاحب الجوائز السينمائية الدولية والسياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده محتجزان أيضا في إوين.
وأفادت مجموعات حقوقية عن تظاهرات تضامنا مع سجناء إوين في طهران ليلا بعدما نزل متظاهرون غاضبون إلى الشوارع السبت رغم انقطاع الانترنت.
وتتقدم الشابات الإيرانيات الموجة الحالية من احتجاجات الشوارع، وهي الأضخم من نوعها التي تشهدها البلاد منذ سنوات.
وصرخت نساء غير محجبات السبت "على الملالي الرحيل" في كلية شريعتي التقنية والمهنية في طهران، وفق ما أظهر مقطع فيديو تم تداوله عبر الانترنت على نطاق واسع.
وغرب طهران، ألقى محتجون مقذوفات على قوات الأمن بالقرب من دوار رئيسي في مدينة همدان، وفق صور ومقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من تعطيل شبكة الإنترنت على نطاق واسع وحجب السلطات تطبيقات مثل انستغرام وواتسآب، تجمّع إيرانيون السبت في شوارع مدينة أردابيل في شمال غرب البلاد، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على تويتر.
ونفّذ التجار إضرابا في مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في محافظة كردستان (شمال غرب) ومهاباد (شمال) وفق موقع 1500تصوير. وكان هناك نداء من أجل المشاركة في الاحتجاجات السبت تحت شعار "بداية النهاية!".
وقال نشطاء "علينا أن نكون حاضرين في الساحات، لأن أفضل +في بي أن+ هذه الأيام هو الشارع"، في إشارة إلى الشبكات الخاصة الافتراضية المستخدمة للالتفاف على قيود الإنترنت.
وقُتل 108 أشخاص على الأقل في الاحتجاجات منذ 16 سبتمبر/أيلول، وفقا لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو.
من جهتها، أعربت منظمة العفو الدولية عن أسفها لمقتل 23 طفلا على الأقل "بأيدي قوات الأمن الإيرانية"، موضحة أن أعمارهم تراوح بين 11 و17 عاما، بالإضافة إلى توقيف مئات الأشخاص.
ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية عن قيادي في الحرس الثوري قوله خلال التجمّع إن ثلاثة من أفراد ميليشيا الباسيج شبه العسكرية قتلوا وأصيب 850 بجروح في طهران منذ بدء "الفتنة".
وأثارت حملة القمع إدانات دولية وعقوبات على إيران من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على فرض عقوبات جديدة، ومن المقرر أن تتم المصادقة على هذه الخطوة في اجتماع وزراء خارجية التكتل الاثنين في لوكسمبورغ.
وامتدت الاضطرابات التي تشهدها إيران إلى أحد السجون، حيث أعلنت السلطات مقتل عدد من السجناء، موضحة أن الأمر يتعلق بشجار بين محكومين بالإعدام اتسع ليشمل مساجين آخرين ما استدعى تدخل قوات الأمن للتهدئة، في رواية رسمية لا يبدو أنها مطابقة فعلا للوقائع خاصة أنها تأتي بينما تشهد البلاد أسوأ احتجاجات على الإطلاق للأسبوع الثالث على التوالي، بينما ذكرت مصادر حقوقية أن السلطات قصفت مدينة كردية بالمدفعية واستخدمت اسلحة ثقيلة في واحدة من أعنف المواجهات بين المحتجين وقوات الأمن.
وذكر مصدر قضائي إيراني أن عددا من السجناء قتل وأصيب آخرون بجروح خلال اضطرابات اندلعت الأحد في سجن بشمال إيران، تدخلت خلالها قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع.
ووقعت الاضطرابات في سجن لاكان بمدينة رشت، مركز محافظة كيلان بشمال الجمهورية الإسلامية. وقال المدعي العام لرشت مهدي فلاح ميري إن شجارا اندلع الأحد في السجن بين محكومين بالإعدام "بسبب خلافات شخصية"، وفق وكالة "إرنا" الرسمية.
وأضاف أن التوتر تصاعد وامتد الشجار "إلى ردهة السجن وانضم سجناء آخرون إليه"، مضيفا أن عناصر من قوات الأمن "وصلوا إلى المكان واستخدموا الغاز المسيل للدموع لتهدئة السجناء وتفريقهم، بعدما قام عدد منهم بتدمير تجهيزات في الرواق وباحة السجن وأضرموا النيران".
وتابع فلاح ميري "نتيجة لهذا الشجار قتل عدد من الأشخاص وأصيب آخرون"، مشيرا إلى أن عددهم بالتحديد لا يزال قيد التحقيق.
وأوضح أن بعض السجناء "توفوا متأثرين بجروحهم" بعدما حال "مثيرو شغب" داخل السجن دون نقلهم، في حين تم نقل مصابين آخرين "إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج".
وشدد المسؤول القضائي على أن "الوضع هادئ الآن والنشاطات اليومية للسجناء تتواصل".
وتشهد مدن إيرانية عدة منذ 16 سبتمبر، تحركات احتجاجية يومية إثر وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما)، بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي.
وقضى العشرات على هامش الاحتجاجات، بينهم عناصر من قوات الأمن، بينما أكد مسؤولون توقيف مئات المشاركين في التحركات و"أعمال الشغب".
واتسع نطاق الاحتجاجات وامتد لعدة قطاعات حيوية من ضمنها قطاع البتروكمياويات، حيث ذكر موقع 'إيران انترناشنال' العربي اليوم الاثنين أن العمال المتعاقدون في مشروع 'بتروکیماویات بوشهر' الواقع في عسلوية جنوبي البلاد انضموا للمحتجين على مقتل مهسا أميني وأنهم دخلوا فعلا في إضراب عن العمل.
وأضاف الموقع الإخباري الإيراني أنه تلقى فيديوهات يظهر فيها العمال المتعاقدون وهم يضرمون النار في إطارات السيارات على الطرق لشل حركة السير وعرقلة تقدم قوات الأمن.
ونشر 'مركز حقوق الإنسان في إيران' ومقره نيويورك تسجيلات فيديو قال إنها لاحتجاجات نُظّمت في طهران الأحد، لا سيما في عدد من الجامعات بما فيها أمير كبير و أزاد.
وأظهرت مشاهد تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي ولا سيما موقع "إيران واير" الإخباري، طالبات في جامعة الزهراء للإناث في طهران يطلقن هتافات مناهضة للنظام في حرم الجامعة خلال زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت.
وفي جامعة أزاد في طهران طلى طلاب أيديهم باللون الأحمر تنديدا بحملة القمع التي تواجه بها السلطات الاحتجاجات، وفق مشاهد تم تداولها.
وأفادت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء "إرنا" بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع "لتفريق حشود في عشرات المواقع في طهران"، مشيرة إلى أن المتظاهرين "أطلقوا هتافات وأحرقوا ممتلكات عامة وألحقوا بها أضرارا، بما في ذلك كشك للشرطة".
وأظهرت تسجيلات فيديو تلميذات ينزعن حجابهن ويلقين بصور الخميني أرضا في قاعات الدراسة. كما وردت تقارير غير مؤكدة تفيد بتوقيف عدد منهن.
وكانت الاحتجاجات قد انطلقت بادئ الأمر في منطقة كردستان التي تتحدّر منها مهسا أميني في شمال غرب إيران. وقال نشطاء إن محتجين فرضوا في بعض الأحيان سيطرتهم على بعض الشوارع.
احتجاجات متعدّدة الأوجه
ويقول محلّلون إن الاحتجاجات التي تشهدها إيران متعدّدة الأوجه، من مسيرات في الشارع مرورا بإضرابات طلابية وصولا إلى تحركات اعتراضية فردية، وهو ما يعقّد محاولات السلطات قمع التحركات.
ومن شأن ذلك أن يجعل منها أكبر تحد تواجهه السلطات بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي (83 عاما) منذ تحرّكات نوفمبر/تشرين الثاني 2019 التي نظّمت احتجاجا على ارتفاع أسعار الطاقة وقُمعت بدموية.
وأظهر تسجيل فيديو تم تداوله على نطاق واسع امرأة تسير من دون حجاب في أحد شوارع مدينة كرمنشاه في شمال غرب البلاد احتجاجا على قواعد اللباس الصارمة، فاتحة أيديها لتقديم "عناقات مجانية" للمارة.
ووقعت ليل أمس صدامات عنيفة في بعض المدن الكردية الإيرانية واستمرت حتى فجر الاثنين، بينما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، فيما أطلقت قوات الأمن النيران بكثافة في مواجهة المحتجين من أهالي سنندج.
وذكرت منظمة "هنكاو" الكردية التي تعنى بحقوق الإنسان أن مدينة سنندج تحولت إلى 'ساحة حرب' وسط وابل كثيف من النيران.
وتابعت في تغريدة على تويتر أنه مع استمرار إطلاق النار في مناطق مثل 'بهاران' و'الطريق السريع 25'، أن النظام الإيراني يريد ارتكاب مجزرة أخرى في هذه المدينة.
واتّهمت السلطات باستخدام أسلحة ثقيلة بما في ذلك قصف أحياء في سنندج بالمدفعية والأسلحة الرشاشة.
وانضمت بريطانيا إلى قائمة دول غربية فرضت عقوبات على مسؤولين أمنيين إيرانيين كبار وما تسمى بشرطة الأخلاق الإيرانية. وأوضحت لندن أن شرطة الأخلاق لجأت للتهديد بالاحتجاز والعنف للتحكم في ما ترتديه الإيرانيات وفرض الرقابة على سلوكهن في الأماكن العامة.
وبسبب وفاتها، قالت بريطانيا إنها فرضت عقوبات على شرطة الأخلاق بالكامل ورئيسها محمد رستمي تشيشمة ورئيس إدارة شرطة الأخلاق بطهران حاج أحمد ميرزايي.
وقال وزير الخارجية جيمس كليفرلي في بيان "هذه العقوبات تبعث برسالة واضحة إلى السلطات الإيرانية، وهي أننا سنحاسبكم على قمعكم للنساء والفتيات وأعمال العنف المروعة التي مارستموها ضد شعبكم".
ووصفت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بأنها مؤامرة دبرها أعداء البلاد ومن بينهم الولايات المتحدة.