رؤية موحدة لتأمين ممرات الملاحة الدولية..
القوات المصرية تتولي قيادة قوة المهام المشتركة (153) والانتقالي الجنوبي يرحب
انخراط الجيش المصري في مهام أمنية جديدة في البحر الأحمر يعيد صياغة المنظومة الأمنية بين مصر ودول الخليج.
في خطوة تبشر بالعمل على فرض الاستقرار بالمنطقة، أعلنت القوات المسلحة المصرية تولي قيادة قوة المهام المشتركة (153) والتي تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة.
نطاق عمل القوة 153 يتركز في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ما يسد أي ثغرات أمنية كانت تتسلل منها مراكب التهريب منها الإيرانية.
وتضم قوة المهام المشتركة 153: السعودية ومصر والإمارات والأردن مع الولايات المتحدة الأمريكية.
الجيش المصري أصدر بيانا يوم الثلاثاء، أعلن فيه أن هذه المهام تأتي خاصة بسبب الأنشطة الإرهابية في مناطق (البحر الأحمر – باب المندب – خليج عدن).
وذكر البيان: "تتولى مصر قيادة القوة انطلاقا من دورها المحوري وتعاونها الوثيق مع القوات البحرية للدول المشاركة لتحمل مسئولياتنا المشتركة نحو تحسين البيئة الأمنية بكافة المناطق والممرات البحرية وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية والتصدي لكافة أشكال وصور الجريمة المنظمة التي تؤثر بالسلب على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة".
وبحسب البيان، أكّدت القوات المسلحة المصرية أن قوة المهام المشتركة (153) أحد أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بكافة أنماطها.
الانتقالي يرحب بهذه الخطوة
بدورها، عبرت القيادة السياسية الجنوبية المتمثلة في المجلس الانتقالي، عن ترحيب الجنوب بهذه الخطوة.
وقال المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، عضو هيئة الرئاسة علي عبدالله الكثيري، في بيان، إن المجلس الانتقالي يرحب بتولي القوات البحرية المصرية قيادة قوة المهام المشتركة (153) لمواجهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة واستكمالاً للمشاركة المصرية الفاعلة في القوة البحرية المشتركة (CMF).
وأشار إلى مهام هذه القوة في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، خاصة الأنشطة الإرهابية في مناطق (البحر الأحمر - باب المندب - خليج عدن).
وأكَّد المجلس الانتقالي، أن تولي مصر قيادة القوة يأتي انطلاقاً من دورها المحوري في تأمين المنطقة والممرات البحرية ومكافحة الإرهاب والقرصنة بما يعزز الأمن والسلام الإقليمي والدولي.
خطوة كبيرة لفرض الأمن والاستقرار
واعتبر سياسيون جنوبيون اتخاذ هذه الخطوات بأنه أمرٌ يحمل أهمية كبيرة لفرض الأمن والاستقرار، وهو أمرٌ يُشكل أولوية قصوى لدى القيادة الجنوبية، بالنظر لحجم المخاطر التي تشكلها المليشيات الحوثية تنفيذًا للمخططات الإيرانية في تهديد الملاحة البحرية.
وأشاروا إلى أن ما يُوطّد من أهمية هذه التحركات أن موانئ الجنوب وسواحله عرضة لإرهاب غاشم تشنه قوى صنعاء الإرهابية، وهو ما يهدد بتقويض منظومة الأمن والاستقرار بشكل كامل.
قائد مصري يكشف تفاصيل عن مهام القوات المصرية
أكد مستشار أكاديمية ناصر العسكرية بمصر، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، أن تولي مصر قيادة مهام القوة المشتركة 153 يؤكد أنها القوة الأكبر، بعد أمريكا، في البحر الأحمر.
وقال المستشار اللواء نصر سالم في تصريحات لـRT إن تولي واختيار مصر والقوات البحرية المصرية لقيادة قوة المهام المشتركة (153) والتي تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، خاصة الأنشطة الإرهابية، في مناطق البحر الأحمر، وباب المندب وخليج عدن، يؤكد أن مصر الشريك الأكبر في البحر الأحمر، والقوة الأكبر، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، في قوة المهام المشتركة التي تضم أكثر من 30 دولة أخرى.
وأشار اللواء نصر سالم إلى أن المهمة تشترك بها أكثر من 30 دولة وتهدف إلى التصدي لأعمال التهريب والأنشطة غير المشروعة ومكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أنه مع تأسيس تلك القوة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستتولى رئاستها ثم ستقوم بنقلها إلى أحد الدول الأعضاء، ليقع الاختيار على مصر، مشيرا إلى أن هذا الاختيار يعطي المزيد من الثقة في القيادة السياسية والقوات المسلحة والقوات البحرية المصرية وقدراتها.
وأضاف المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية المصرية، أن الاختيار يصب في مصلحة السلم والأمن الدوليين، خاصة في منطقة باب المندب وخليج عدن التي تعرضت للعديد من أعمال القرصنة والترهيب والإرهاب في الفترة الماضية، مشيرا إلى أن القوات المصرية لديها القدرة الكبيرة في إرساء الأمن، ومنع حدوث أي مشكلات تهدد أي من الدول الأعضاء.
وأكد اللواء نصر سالم أن اختيار مصر ليس بكونها أحد أعضاء المجموعة فقط، ولكن طبقا لقدرتها على قيادة هذه المهمة بعد الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، مما يثبت الثقة الكبيرة في القيادة السياسية والقوات المسلحة المصرية، مشددا على أن القوات البحرية المصرية قادرة على مواجهة أي أعمال إرهابية أو أي أعمال غير مشروعة في تلك المنطقة.
وكان المتحدث العسكري المصري قد أوضح أن ذلك يأتي فى إطار جهود القوات المسلحة وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الشقيقة والصديقة لمواجهة التهديدات والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة واستكمالاً للمشاركة المصرية الفاعلة في القوة البحرية المشتركة (CMF)، مشيرا إلى أن مصر تتولى قيادة القوة انطلاقاً من دورها المحوري وتعاونها الوثيق مع القوات البحرية للدول المشاركة لتحمل مسؤولياتنا المشتركة نحو تحسين البيئة الأمنية بكافة المناطق والممرات البحرية وتوفير العبور الآمن لحركة تدفق السفن عبر الممرات الدولية البحرية والتصدي لكافة أشكال وصور الجريمة المنظمة التي تؤثر بالسلب على حركة التجارة العالمية ومصالح الدول الشريكة.
الحوثيون يرفضون ويهددون
هددت جماعة الحوثي، الموالية لإيران، باتخاذ إجراءات عسكرية حال الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، عقب إعلان الجيش المصري توليه مهاما دولية جديدة في البحر الأحمر تشمل مضيق باب المندب وخليج عدن.
ووفقا لوكالة (سبأ) بنسختها الحوثية، قال وزير الدفاع بحكومة الحوثيين (غير معترف بها) محمد ناصر العاطفي إن “مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية هي أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة”.
وقال العاطفي، إن “قوات جماعته اتخذت كافة الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديدًا أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية”.
وتابع: “هناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب.. لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أعذر من أنذر”.
مصر تعزز مصالحها مع الخليج وأميركا بقوة مهام في البحر الأحمر
وأوضح رئيس جهاز الاستطلاعات الأسبق في الجيش المصري اللواء نصر سالم لصحيفة العرب أن “الكلفة العسكرية والاقتصادية لتولي مهام قيادة القوة المشتركة مرتفعة، ما يجعل مسألة تغيير القيادة تتم بشكل دوري بين الدول. ومهمة البحرية المصرية تتمثل في التنسيق بين القوى الموجودة في مساحات جغرافية متباعدة”.
وتقود مشاركة القاهرة إلى انخراطها مباشرة في مجابهة جماعية للتهديدات المتصاعدة في البحر الأحمر، وترفع الحرج عنها بعد أن ظلت محل شكوك من جانب دول خليجية بسبب عدم مشاركتها بالدرجة الكافية في محاربة الميليشيات الحوثية وصدّ خطر إيران.
وتعيد تلك الخطوة صياغة المنظومة الأمنية بين مصر ودول الخليج، بعد أن اهتزت هذه المنظومة نسبيا نتيجة طموحات خليجية عوّلت على مشاركة واسعة للجيش المصري الذي بدا حذرا.
وقال المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء عادل العمدة إن “مشاركة القاهرة على رأس قوة المهام الدولية لها ركائز اقتصادية عربية لكل من مصر والسعودية والإمارات في تلك المنطقة، وتهدف إلى مواجهة التهديدات التي تحول دون تحقيق الأمن والاستقرار”، لافتا إلى أن الوجود المصري يخدم تأمين حركة الملاحة في قناة السويس.
وأضاف: أن “منطقة البحر الأحمر تتعرض لتحديات من اتجاهات مختلفة، من بينها الأنشطة الحوثية التي تشكل تهديدا غير مباشر للأمن القومي المصري، حيث تخلق حالة عدم استقرار مستمرة في المنطقة وتعمل على تحقيق أهداف سياسية لإيران والدول المتحالفة معها، وهو ما يقوّض تنامي حركة التجارة”.
واعتبر العمدة المهام الجديدة الموكلة للبحرية المصرية “بداية لأدوار عسكرية في المنطقة، ونجاحها في مهامها يجعلها رقمًا إقليميا يصعب تجاوزه، بما يبرهن على أن القاهرة قادرة على تأمين الأمن القومي العربي والخليجي بالتعاون مع الدول الصديقة”.
وقال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبدالحافظ الثلاثاء إن “القوات البحرية المصرية تولت قيادة إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات المختلفة في إطار التعاون مع الولايات المتحدة والدول الشقيقة والصديقة للتعامل مع التحديات التي تستهدف أمن المنطقة”.
وشكلت الولايات المتحدة “قوة المهام المشتركة 153” في أبريل الماضي، وهي رابعة القوى التي انضمت إلى تحالف القوات البحرية المشتركة (سي أم أف) لتلحق بقوة المهام المشتركة 150 ونظيرتيها 151 و152، وجميعها معنية بحماية الأمن البحري.
ومنذ تشكيل تلك القوات تولت الولايات المتحدة قيادتها، قبل تسليم المهمة إلى القاهرة دون التقيد بوقت يحدد استمرار القوات البحرية المصرية في مهامها، ما يعني إمكانية أن يظل الأسطول المصري قائمًا بمهمة التنسيق لتأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وتبلورت مجموعة من المواقف الإقليمية والدولية أدت إلى رؤية موحدة بشأن تشديد آلية الرقابة الصارمة لتأمين ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، والتي يستخدمها الحوثيون وإيران في تهريب الأسلحة والمخدرات إلى اليمن، ما يجعل مهمة تأمينها ومراقبتها تصب في صالح التوجه الدولي للضغط على الحوثيين.
وتزامن توقيت الخطوة مع صدور تقارير تحدثت عن تسليم إيران كميات من اليورانيوم المخصب إلى الحوثيين، ما يسهم في تنامي الخطر الذي تمثله هذه الجماعة، ويعزز مستوى الجدية الدولية في التعامل معها.
وقال رئيس مركز فنار لبحوث السياسات عزت مصطفى إن “تولي البحرية المصرية قيادة قوات المهام المشتركة 153 يؤكد أن الدول المعنية بأمن الملاحة في هذه الممرات ترى أن التهديدات في مستوى يحتم عليها أن تكون المهام في صورة ترتيبات عسكرية دولية في المنطقة لضمان تحييد أو ردع أو منع أي عملية إرهابية”.
وأكد أن “التهديدات المحتملة قد تنفذها جماعات مدججة بالسلاح المهرب إلى المنطقة، وتحديدا ميليشيا الحوثي في اليمن، وهي تفصح عن تصعيد باتجاه البحر الأحمر منذ سبتمبر الماضي خلال استعراضها ألغاما بحرية وزوارق تستخدمها في هجمات عن بعد ونفذت بعدها هجمات بطائرات مسيرة ضد موانئ يمنية في بحر العرب”.
وتابع “يبدو أن تصعيد واشنطن محاصرتها للسلاح الإيراني المهرب إلى المنطقة يرتبط برغبة طهران في استهداف الملاحة الدولية بعيدا عن مضيق هرمز، ما يعني أن خطورة الدوافع الإيرانية تتجه نحو البحر الأحمر باستخدام ميليشياتها الحوثية أو حركة الشباب الصومالية التي تزايد نشاطها الإرهابي في الآونة الأخيرة”.
كما يرتبط بنشاط تهريب السلاح الإيراني إلى ميليشيا الحوثي منذ سنوات باستخدام الأراضي الصومالية نقطة ترانزيت لإنزال هذا السلاح وإعادة نقله إلى اليمن عبر شحنات أصغر، وذلك هربا من المراقبة والضبط من قبل قطع البحرية النشطة في البحر الأحمر، ما يستوجب أن يرتفع نشاط رصد السلاح الإيراني المهرب إلى بحر العرب في المياه الدولية المؤدية إلى البحر الأحمر أو الساحل الصومالي على حد السواء.
ويأتي التحرك الأميركي لتضييق الخناق على شحنات الأسلحة القادمة من إيران على وقع التهديدات الحوثية المتزايدة التي عبرت عنها تصريحات أدلت بها قيادات سياسية وعسكرية في الجماعة هددت باستهداف ممرات الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة العالمية.