قنبلة استقصائية..
"حزب الله والتحقيق الممنوع".. وثائقي يكشف علاقة حزب الله المباشرة بنترات الأمونيوم
"فرانس 5" تكشف أساليب التمويل السرية لحزب الله وتورطه في تجارة المخدرات وتثير جدلا واسعا.
أثار فيلم وثائقي بثته قناة فرنسية عن حزب الله ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، لتعمقه في تاريخ الحزب وكشْفه عن شبكة علاقاته وتمويله وتجارة المخدرات الضالع فيها، وتجاوزه القضاء، وفق تقرير رصده موقع العرب.
و ترددت على مواقع التواصل الاجتماعي أصداء الفيلم الوثائقي "حزب الله والتحقيق الممنوع.. منظمة إجرامية بلا حدود” الذي بثّته قناة "فرانس 5" الفرنسية ليلة الأحد – الاثنين، وتضمن معلومات مثيرة تنشر للمرة الأولى عن تورط حزب الله مع عصابات المخدرات.
وطرح الوثائقي المتكون من ثلاث حلقات، كل حلقة مدتها ساعة، أسئلة على غرار "كيف أصبح حزب سياسي إسلامي ولد من فوضى الحرب الأهلية اللبنانية منظمة شبه عسكرية ومافيا تتصرف بحصانة كاملة في جميع أنحاء العالم؟ وكيف تسلل جواسيس أميركيون إليه؟".
وتعمق هذا الوثائقي في تاريخ الحزب المسلح على مدى السنوات الأربعين الماضية، للتذكير بسياق ظهوره. والفيلم من إعداد المخرج جيروم فريتيل، والصحافية صوفيا عمارة.
ومنذ الإعلان عن الوثائقي قبل عرضه على الشاشة، اعتبر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي أن الفيلم يعدّ "قنبلة استقصائية" و"فضيحة"، لأنه يكشف ما يحاول الحزب وإيران إنكاره طيلة سنوات، وتجنيد الحزب للآلة الإعلامية التابعة له بهدف مهاجمة كل من يتحدث عن هذه الحقائق.
وفي المقابل، يعتقد أنصار التشكيل الموالي لإيران أن الفيلم مبني على "التفكير الصهيوني". ويروي العمل كيف أن حزب الله بنى بصبر دولة داخل دولة في لبنان، من خلال اللعب بوجوهه المتعددة. فهو يتشكل كـ”حزب سياسي محترم، يرسل نوابه إلى البرلمان ويشارك وزراؤه في الحكومة”، وفي الوقت نفسه يعد منظمة إرهابية هائلة شنت هجمات على جميع القارات.
ولأول مرة يخبر ضابطا الشرطة الأميركيان جيروم فريتيل وصوفيا عمارة عن تسللهما إلى قلب حزب الله وكشفهما خلال تحقيق دام عقدا من الزمن عن تورط الحزب في تهريب المخدرات وتبييض الأموال. ويقولان إن كل شيء وضع في الدرج حين قرر الرئيس الأسبق باراك أوباما توقيع اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني عام 2015، وهو ما منع استكمال التحقيقات لمحاسبة حزب الله.
ومن خلال سلسلة من شهادات مسؤولين رفيعي المستوى سلّط الوثائقي الضوء على تحدي الحزب للعدالة، في ظل احتمائه بالنظام الإيراني. وكشف الفيلم عن أساليب التمويل السرية لحزب الله وفشل المجتمع الدولي في كبح جماح أنشطته.
واستند إلى تحقيقات وكالة مكافحة المخدرات الأميركية ولوائح الاتهام، وتضمن مقابلات مع قادة حزب الله، بمن فيهم المسؤول الثاني في الحزب نعيم قاسم.
وأوضح فريتيل وعمارة في مقابلة أن العمل على هذا الوثائقي استغرق أكثر من عامين من التحقيقات في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، مع القيام بالعشرات من المقابلات.
كما كشفا عن الغموض الذي يحيط بأموال حزب الله، وتورطه في تهريب الكوكايين في أميركا اللاتينية. وأثار الوثائقي، المتوفر حاليًا على منصة القناة الفرنسية، على الفور ردود فعل من اللبنانيين والمجتمع الدولي، حيث رحب البعض بالفيلم الوثائقي قائلا "رغم أن حقائق حزب الله معروفة لدى اللبنانيين، إلا أن التقرير يساعد على تعريض الحزب للتدقيق الدولي".
وقد أسهب الوثائقي في عرض ما يسمّى "دويلة حزب الله". فحملت الحلقة الأولى عنوان "كساندرا أو نبوءة الفوضى"، وستبث الثانية بعنوان "المطاردة الطويلة"، والحلقة الثالثة ستكون بعنوان "باسم الدولة".
ويتناول العمل في معظم أجزائه خصوصية قيام حزب الله وتاريخه ونشأته، ودوره خلال الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1982، حتى الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت في عام 2020، بالإضافة إلى دوره في المتاجرة بالأسلحة والمخدرات، وتورطه في تهريب الكوكايين في أميركا اللاتينية.
كما عرّج على اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتورط عناصر من الحزب في هذا الاغتيال. وذلك بالتناوب بين الصور الأرشيفية والشهادات الحصرية.
وأشارت عمارة في أكثر من حديث إعلامي إلى أنه "كلما تعلق الأمر بحزب الله أصبح التحقيق مستحيلاً، وهذا ما يثبته الوثائقي". وقالت في حديث آخر "ليست لدينا أجندة. لسنا طرفاً سياسياً، وقد أعطينا الطرف الآخر حق الرد، كما أن الفيلم ليس ضربة لأحد وغير مسيّس".
واعتبر ناشطون أن عمارة في هذه التصريحات تريد توضيح أنه لا يجب أن يتم تحميل الفيلم أكثر من حجمه!
وفي أعقاب عرض الوثائقي حث بعض المستخدمين الجهات الأجنبية على اتخاذ إجراءات ضد حزب الله، بينما اعتبر آخرون أن لبنان لم يعد من ضمن اهتمامات المجتمع الدولي.
ومع ذلك، اتهم بعض المستخدمين الموالين لحزب الله قناة "فرانس 5" بالدعاية ضد حزب الله، وجادلوا بأن التقرير ما هو إلا تكتيك لردع الناس و”تخويفهم” و”تنفيرهم”.
وتأسس حزب الله في مطلع الثمانينات من القرن العشرين، وتصنفه الولايات المتحدة وإسرائيل واليابان وبعض الدول الغربية ودول خليجية منظمةً إرهابية. كما أُدرج اسم زعيم الحزب، حسن نصرالله، و عدد من المسؤولين البارزين في الحزب على لائحة الإرهاب الأميركية.