"المجاعة تجعل العيد حزيناً في صنعاء"..

الأذرع الإيرانية في اليمن تهدد "المجلس الانتقالي الجنوبي" والأخير يرفض المساومة على الموارد

السلطة السياسية المفوضة شعبيا في الجنوب ترفض بشكل واضح الموافقة على دفع مرتبات الأذرع الإيرانية في اليمن، من موارد النفط، رغم تهديدات الحوثيين بالحرب"

نصف دولار أمريكي كان سبب في مقتل واصابة نحو 400 مدنيا في صنعاء - وكالات أنباء ووسائل إعلام محلية في اليمن

ماريا هاشم
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -
المكلا

أطلقت قيادات في جماعة الحوثيين (الذراع الإيرانية في اليمن)، تهديدات واضحة للمجلس الانتقالي الجنوبي – السلطة السياسية المفوضة شعبياً لتحقيق استعادة الدولة-، فيما الأخير يرفض المساومة بشأن موارد النفط في البلاد، والتي طرحت كحل لمعالجة مشكلة مستقبلية تواجه اذرع طهران في صنعاء، حيث المجاعة التي جعلت عيد الفطر حزينا على اثر مقتل واصابة نحو 500 يمني في عملية تدافع بحثا عن نصف دولار أمريكي تقدمه احدى الشركات التجارية للمحتاجين في صنعاء.

وقال القيادي في الأذرع الإيرانية – حاكم مدينة ذمار الخزان البشري للحوثيين – محمد ناصر البخيتي في تدوينة على تويتر :" إن الحق بين والباطل بين ومن تبع الحق فقد نجا ومن تبع الباطل هلك".. متسائلا "هل الحق مع من يدعو إلى وحدة الأمة وإلى وحدة الصف الوطني ام ان الحق مع من يدعو للاقتتال المذهبي وإلى تمزيق الصف الوطني؟"؛ في إشارة الى انه يريدون توصيف الحرب على أساس مذهبي، في محاولة لفرض سلطتهم على مدن الجنوب.

وتوعد البخيتي الجنوبيين بشعار كان قد اطلقه الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله "الوحدة اليمنية أو الموت"، قبل ان يقتله حلفائه في صنعاء أواخر العام 2017م، عقب اختلافه معهم في أخر أيام تحالفه الهش الذي كان يخطط انه سيعود من خلاله إلى السلطة مجددا.

واستبدل البخيتي اية من القرآن الحكيم كان يطلقه إعلام نظام صالح عقب احتلال الجنوب عسكريا في صيف العام 1994م، " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"؛ والتي زعم النظام اليمني في حينها إنها هذه الآية تؤكد على الوحدة اليمنية الهشة التي تمت بين عدن وصنعاء، والتي أدت إلى الحرب التي شنها النظام اليمني بالتحالف مع تنظيم قاعدة الجهاد العالمي بقيادة أسامة بن لادن.

وقال البخيتي مكرر ذات الشعار مخاطبا الجنوبيين "لا تستعجلوا في الإجابة، قوموا لله مخلصين على اتباع الحق اينما كان ثم فكروا في الأمر فيما بينكم وبين انفسكم مثنى وفرادى".

وزعم البخيتي ان الدفاع عن الوحدة اليمنية استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى تهتدوا إليه لا محالة (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)".

وتعليقاً على تصريحات الحوثيين، أكد مصدر مسؤول في المجلس الانتقالي الجنوبي عن رفضهم المساومة على ثروات الجنوب النفطية.

وقال المصدر – طلب عدم نشر اسمه لكونه غير مخول بالتصريح – "إن المجلس الانتقالي الجنوبي كان موقفه واضحا منذ البداية، لا يمكن ان يدفع الجنوب ثمن السلام مثل ما دفع ثمن الحرب العدوانية التي شنها اليمنيون (حوثيون واخوان) على الجنوب طيلة السنوات القليلة الماضية.. مشيرا الى ان موقف المجلس الانتقالي الجنوبي هو عدم المساومة على موارد الجنوب النفطية، مؤكدا ان صنعاء تدار بنظام مصرفي خاص بها، ومثلها مأرب الإخوانية التي تدار بسلطة حكم ذاتي بعيدا عن سلطة البنك المركزي في العاصمة عدن".

وقال المصدر لصحيفة اليوم الثامن إن المجلس الانتقالي الجنوبي قبل الدخول في شراكة سياسية وحكومية على أساس توحيد الجهود في مواجهة المشروع الإيراني، لكن طالما وان هناك من يريد الذهاب الى تسوية مع الحوثيين من أي طرف سياسي يمني، فالجنوب سيكون غير ملزما بهذه الشراكة، وخيارات الجنوب المستقبلية هي رفع حالة الحصار المفروضة على مدن الجنوب".

وقالت تقارير صحافية إن المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا لمحاربة التواجد الإيراني، قد وافقت بشكل مبدئي على ان تدفع مرتبات الحوثيين من موارد نفط الجنوب بواقع 80 % من تلك الموارد وفق ما كان تأخذه صنعاء قبل الحرب، على اعتبار ان اليمن الشمالي أكثر كثافة سكانية من الجنوب الذي كان يحصل على 20 % من الموارد.

وهاجمت نخب سعودية الجنوبيين طوال الأشهر الماضية، على خلفية رفض تلك المقترحات، الأمر الذي دفع تلك النخب السياسية والصحافية إلى اتهام الجنوبيين بان لهم علاقة وثيقة بإيران "بقايا الضاحية الجنوبية".

واستبعد المصدر في المجلس الانتقالي الجنوبي أن تكون السعودية ترغب في فرض أي املاءات او ضغوط على الجنوب للقبول بمقترح دفع مرتبات الحوثيين من موارد الجنوب، على اعتبار ان مدن يمنية شمالية محررة مثل مأرب وتعز، لا تورد مواردها الى البنك المركزي في عدن، فهي عملية قد انفصلت تماماً عن البنك المركزي في العاصمة الجنوبية".

ومنذ يناير/ كانون الثاني الماضي، أجرى وفد سعودي برئاسة السفير محمد آل جابر محادثات نادرة مع الحوثيين في صنعاء، كانت أخرها قبل أسبوع، ولكن الزيارة الثالثة المعلنة غادر فيها ال جابر والوفد السعودي صنعاء، من دون التوصّل إلى اتّفاق نهائي إنّما بتفاهم "مبدئي" حول هدنة وعقد جولة من المحادثات، التي جاءت كنتيجة متوقعة لاتفاق سعودي إيراني وقع في الصين في مطلع مارس اذار الماضي.

ورحّب المبعوث الأممي إلى اليمن بهذا "الحوار البنّاء بين السعودية والحوثيين"، مشيرا إلى أنّ "البيئة الإقليميّة المشجّعة ستعزّز جهود السلام".

ويشترط الحوثيون قبل الموافقة على هدنة طويلة الأمد، صرف مرتباتهم من موارد الجنوب، وهو ما اكدت عليه قناة العربية السعودية التي قالت على لسان احد المسؤولين السعوديين إنه مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين ستدفع من موارد النفط (...)؛ في إشارة الى موارد النفط في حضرموت وشبوة.

واعتبر مبعوث الأمم المتّحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين أنّ البلد الغارق في الحرب لم يشهد منذ ثماني سنوات "فرصة جادّة" كهذه لإحلال السلام، مؤكداً في الوقت نفسه أنّه ما زال هناك عمل كثير يجب فعله على هذا الصعيد.

على صعيد أخر، قُتل 85 مدنيا على الأقل وأصيب 322 بجروح الخميس في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الاذرع الإيرانية، في أحد أكبر حوادث التدافع في العالم في السنوات العشر الأخيرة، وذلك خلال توزيع مساعدات مالية تصل إلى نصف دولار أمريكي، الأمر الذي يؤكد حالة المجاعة التي وصل إليها اليمنيون جراء الحرب التي افتعلها الحوثيون قبل تسع سنوات..

وقالت تقارير صحافية وحقوقية إن المأساة التي وقعت في صنعاء قبل أيّام من حلول عيد الفطر، كانت بسبب تُوزّيع مبالغ ماليّة ومساعدات على الفقراء".

وقال مسؤول أمني حوثي في تصريحات لوكالات أنباء عالمية"قُتل 85 شخصا وأصيب أكثر من 322 بجروح بينهم 50 في حالة حرجة" في حادثة التدافع. وأكّد مسؤول طبّي حصيلة الحادثة التي وقعت في منطقة باب اليمن في وسط صنعاء، من بين الضحايا نساء وأطفال".

وقال صحفيون إنّ الحادثة وقعت داخل مدرسة معين حيث تجمّع المئات لتلقّي مساعدات، بحسب روايات شهود عيان. وقال بعضهم إنّ إطلاق نار أدى إلى التدافع.

وأظهر تسجيل مصوّر نشرته قناة "المسيرة" التابعة للحوثيّين عشرات الأشخاص يتدافعون في مكان ضيّق، فيما يتعالى صراخ بعضهم وسط صيحات "عودوا للوراء، عودوا للوراء".

ولم يكشف الحوثيّون سبب التدافع. لكنّ وكالة أنباء الحوثيّين "سبأ" نقلت عن المتحدّث باسم "وزارة" الداخليّة في الحكومة غير المعترف بها دوليا العميد عبدالخالق العجري أنّ الحادثة وقعت "بسبب تدافع مواطنين أثناء التوزيع العشوائي لمبالغ ماليّة من قبل بعض التجّار".

وأضاف "الحادث المأساوي المؤلم راح ضحيّته العشرات"، مشيرا إلى أنه "تمّ نقل الوفيات والمصابين إلى المستشفيات وضبط اثنين من التجّار القائمين على الموضوع".

من جهته كتب عضو "المجلس السياسي الأعلى" محمد علي الحوثي على تويتر أنّ التدافع حصل بسبب الاكتظاظ وضيق الشارع الذي تجمّعت فيه الحشود.

وأمام مستشفى الثورة، تجمّع عدد كبير من أهالي الضحايا محاولين الدخول، لكنّ رجال الأمن كانوا يمنعونهم من ذلك، في وقتٍ زار مسؤولون المستشفى.

وفرضت قوّات الأمن التابعة للحوثيّين طوقيا أمنيا حول مدرسة معين عند باب اليمن في صنعاء القديمة حين وقعت الحادثة، ومنعت الدخول إلى المكان وتصويره.

في السياق، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى لدى الحوثيين مهدي المشاط "تشكيل لجنة من الداخليّة والأمن والمخابرات والقضاء والنيابة للتحقيق في حادثة التدافع"، حسبما نقلت "سبأ". فيما قال مسؤول أمني في صنعاء إنّ السلطات "اعتقلت ثلاثة تجّار على خلفيّة الحادثة".

وهذه واحدة من أكبر حوادث التدافع في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، حسب حصيلة لهذا النوع من الحوادث.وأظهرت تسجيلات مصوّرة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي جثثا ملقاة أرضا داخل مجمّع كبير. 

وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من 21.7 مليون شخص (ثلثا السكان) يحتاجون إلى مساعدات إنسانيّة هذا العام. ويعاني كثير من الموظّفين الحكوميّين اليمنيّين في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيّين جرّاء عدم تلقّيهم رواتب منذ سنوات.

وانتهت أوائل تشرين الأوّل/أكتوبر هدنة توسّطت فيها الأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2022، دون أن يتوصّل أطراف النزاع إلى اتّفاق لتمديدها. لكنّ الوضع ظلّ هادئا نسبيا على الأرض.