"اليوم الثامن" تقدم قراءة أوّليّة في المقابلة..

"عيدروس الزبيدي" يتحدث عن الاستراتيجية المستقبلية لاستعادة دولة الجنوب السابقة

"المجلس الانتقالي الجنوبي يؤسس لقاعدة ديمقراطية وحوار لكل أبناء الجنوب، ولفت إلى أن الديمقراطية والحوار هما الطريق الحقيقي والأمثل للخروج من أي أزمة سياسية"

رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي - ارشيف

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
عدن

في مقابلة هي الأولى مع قناة عدن المستقلة، والسابعة مع القنوات العربية والدولية، لقد تحدث الرئيس القائد عيدروس الزبيدي عن جوانب أساسية في رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي للمرحلة القادمة، بعد أن مضت 6 أعوام من إعلان عدن التاريخي الذي على إثره تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي. 

وفي هذه القراءة الأولية نقدم تحليلاً «خفيفاً» لبعض الأبعاد الرئيسة. قبل البدء بمثل هذا التحليل، أشير إلى جملة حقيقة وجدتها في معظم خطاباته وهي" أنه يدرك تماما ما يقول ويفهم بعمق ما يتكلم عنه، وكأنه يحيط بكل شيء يخص قضية شعبه في الجنوب" 

وإليكم ما جاء في المقابلة، أولا تعد المقابلة في قناة عدن المستقلة هي الأولى من نوعها بهذه الدقة والفنية وبالفعل كانت نقلة نوعية غير مسبوقة في الخطاب الإعلامي الجنوبي، إذ ركز المحاور على محاور رئيسة مع قدرة كبيرة على استيعاب متطلبات المرحلة وتوصيلها والتعريف بأجزائها التفصيلية ( لقاء خاص) وفق ما يتلاءم مع سياق المناسبتين (إعلان تأسيس المجلس وكذلك اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي). ولكي تسهل متابعة هذا التحليل سيكون على شكل محاور مختصرة، مع وضع عناوين فرعية، وإثبات نصوص مقتبسة من المقابلة كما وردت في موقع قناة عدن المستقلة البث المباشر. وهذه المحاور هي:

المحور الأول: الحوار والمشاركة:

يعد هذا المحور مرتكزا رئيسا في بنية الخطاب السياسي للرئيس القائد عيدروس الزبيدي لكونه المنطلق لبناء مستقبل ثورة الجنوب المباركة، ولذلك فقد حرص الرئيس القائد على أن يجعل من هذا القيمة الحضارية مفتاحا لبناء وفاق وطني جنوبي عريض في سبيل الوصول إلى الأهداف التي رسمها المشروع الوطني الجنوبي التحرري والمتمثل في استعادة دولة الجنوب وبنائها بناء فيدراليا حديثا. 

وقال " إن المجلس الانتقالي الجنوبي يؤسس لقاعدة ديمقراطية وحوار لكل أبناء الجنوب، ولفت إلى أن الديمقراطية والحوار هما الطريق الحقيقي والأمثل للخروج من أي أزمة سياسية." 

هنا أراد الرئيس ان يوصل رسالة للعالم أن ما يقوم به المجلس الانتقالي هو مسار تاريخي ورسم ثقافة الديمقراطية والبناء السلام في ونحن نؤسس لمبدأ وقاعدة ديمقراطية بدلا عن العنف والاقتتال نؤسس لثقافة سلمية مبنية على المفاوضات والحوار والتبادل السلمي للسلطة ومن خلال هذا اللقاء التشاوري الأولى لبناء مشروع وطني قادم خالي من العنف والتطرف والإرهاب. 

وليست هذه المقابلة فقط من تجلت فيها تلك القيمة بل أن خطابه السياسي منذ تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 4 مايو 2017م حد اللحظة يتمحور حول مفاهيم الحوار والمشاركة حيث كشف دراسة أجرتها مؤسسة اليوم الثامن حول تحليل الخطاب السياسي للرئيس القائد عيدروس الزبيدي بينت أن محور الحوار والمشاركة جاء في مرتبة متقدمة بعد محوري الهوية والأرض والدفاع والمواجهة حيث احتلت تلك المحاور الثلاثة نسبة ((60% مما يعبر عن أهمية هذا المحور؛ لكونه القاعدة الصلبة لانطلاق الثورة واستمراريتها حتى تحقيق أهدافها المنشودة. 

والمتتبع لمجريات الواقع السياسي يرى أن تلك الخطابات قد ترجمت ترجمة حقيقة وصارت نتائجها ملموسة داخل بنية النسيج الاجتماعي والسياسي الجنوبي، حيث أن الرئيس أصدر قرارين بهذا الخصوص، ففي عام 2021م أصدر القرار رقم "33"، بشأن تشكيل فريق حوار جنوبي خارجي. وفي عام 2022م أصدر القرار رقم 8 لعام 2022، بشأن تشكيل فريقي الحوار الوطني الجنوبي في الداخل. 

وقد تابع كل مجريات عمل اللجنتين في الداخل والخارج، وها هو اليوم يكشف للرأي العام في الداخل والخارج عن مسارات الحوار الوطني فقد كشف في مقابلته التي تواكب اهم حدثين تاريخيين لشعب الجنوب هما تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن عن تشكيله في 4 مايو 2017م وكذلك اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي الذي سيدشن أولى فعاليته يوم غد الخميس الموافق 4 مايو 2023م. 

وقد جاءت مقابلته لتحتفي بتلك المناسبتين التي من خلالها أراد الرئيس القائد ارسال عدد من الرسائل السياسية للداخل والخارج، وأبرز تلك الرسائل هي: 

  • ان فريق الحوار الخارجي الذي كلفناه بالعمل والتواصل مع مختلف القوى والمكونات والنخب والشخصيات الاعتبارية والمتخصصة، قد بذل جهوداً مشكورة.
  • اليوم حان الوقت لحوار موازٍ من الداخل، لترجمة اتصالاتنا الجنوبية المشتركة الى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع كافة القوى والمكونات الجنوبية في العاصمة عدن، لضمان تحقيق اهدافنا الوطنية المشتركة، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب.
  • أشار الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى إجماع المكونات الجنوبية على أن استعادة الدولة شرط أساسي لأي حوار مستقبلي. وأكد في لقاء على قناة عدن المستقلة، أن الجنوب سيحرص على تكوين علاقات متميزة مع دول الجوار، وتعهد بعودة عضوية الجنوب السابقة في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية.
  •  أن الجنوب يؤمن الجبهة الداخلية، بينما يحاول أعداء الجنوب إفشال توحيد الصف. وكشف وجود مشروع ميثاق وطني قابل للتعديل بالزيادة والنقصان ويتحول لميثاق نهائي بتوافق المكونات السياسية الجنوبية عليه.
  • مؤكدا على ان قيادة شعب الجنوب ستذهب الى كل بقاع ارض الجنوب وتلك هي وظيفتها ان تصل حيث يتطلب أن نكون.
  • وأكد أن الجميع مجمع على استعادة الدولة.

المحور الثاني: هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي

لقد سارت عملية الحوار الوطني الجنوبي في خط متوازي مع قرار الهيكلة حيث شكلا كلا القرارين لحظة تاريخية فارقة في مسيرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وتلك العملية الثنائية رسمت بخطى ثابتة وبعد دراسة تقييمية لسبع سنوات من العمل السياسي والدبلوماسي والأمني والعسكري، مما جعل التحديث والتطوير في بنية المجلس الانتقالي الداخلية في سبيل الاستفادة من كافة القوى الوطنية وكذلك تعزيز الفرص ومواجهة التحديات التي تواجه مسيرة ثورة شعب الجنوب التحررية. 

لقد تطرق الرئيس الى عملية هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي في الذكرى الخامسة لتأسيس الجمعية الوطنية حين القاء خطابا قال فيه أن جهودنا الحثيثة لن تقتصر على عملية الحوار فقط، بل الى تمثيل أوسع لشعبنا الجنوبي وقواه ومكوناته من خلال الإصلاح المؤسسـي، من خلال إعادة هيكلة مؤسساتنا وهيئاتنا الوطنية وتوسعتها والتغيير المناسب في قوامها والاستحداث الذي يتواكب مع المتطلبات القائمة، بعد تقييم واسع للأداء على مستوى المؤسسات والأفراد.

شدد الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، على أن هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي في حالة بناء مستمر منذ تأسيسه قبل 6 أعوام، مشيرا إلى ضرورة تحديث وثائق المجلس للنهوض بفعالية النشاط السياسي.

وأشار في تصريحات مساء الأربعاء إلى أن عملية إعادة الهيكلة تشمل المؤسسات العسكرية والأمنية عقب انتهاء أعمال هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي. ومن نتائج هذا النشاط السياسي المتسارع للمجلس الانتقالي الجنوبي وقع الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مساء اليوم الأربعاء، قرارا حمل رقم (1) لسنة 2023 لتعديل النظام الأساسي للمجلس، باستحداث هيئات مركزية ومساعدة لهيئة الرئاسة. 

ونص القرار على دمج لجان الجمعية الوطنية ودوائر الأمانة العامة والإدارات التنفيذية في القيادات المحلية بالمحافظات والمديريات، وأقر ضوابط ومعايير تنظيمية للعضوية ولوائح الانضباط الوظيفي. 

جاء القرار عقب إنجاز لجنة هيكلة المجلس الانتقالي الجنوبي، المُشكلة بقرار من الرئيس الزُبيدي مهامها، تأكيدا لتوجه القيادة نحو تطوير المجلس وآلياته وهيئاته. 

ودفع الرئيس الزُبيدي نحو تفعيل أدوات التخطيط والتنظيم والرقابة على الأداء، والاعتماد على الشباب والكفاءات. وضمان الفاعلية في أداء قيادات المجلس والمحاسبة على التقصير. 

ويعكس القرار إرادة قيادة المجلس على تعزيز وحدة الصف الجنوبي واستيعاب نتائجه في إطار هيئاته، وإنجاز تطلعات شعب الجنوب لاستعادة دولته. 

المحور الثالث: مكافحة الإرهاب الدولي.

يعد ملف مكافحة الإرهاب من اهم الملفات التي اولاها القائد عيدروس الزبيدي اهتمامه منذ فترة مبكرة وكان شعاره دائما في معظم خطاباته السياسية حماية ارض الجنوب وتأمينها من الإرهاب مبينا ان حماية منطقتنا الاستراتيجية، وتأمين خطوط الملاحة البحرية في باب المندب وخليج عدن يتأتى من خلال استقرار حقيقي في الجنوب العزيز، وهذا ما نعمل عليه مع شركائنا في المنطقة.

واعتبر أن ملف الإرهاب شائك ودخيل على الجنوب، مشيرا إلى ضرورة عملية سهام الشرق كضرورة لدحر القوى الإرهابية وداعميها مطالبا المجتمع الدولي بدعم القوات المسلحة الجنوبية في حربها على الإرهاب.

والإرهاب آفة عالمية عانى منها الجنوب ومن هنا نطلب الدعم الكامل من قبل الدول، لذلك، فإن محاولة أعدائنا الآن إعادة إحياء وتصدير الإرهاب لن يغير من حقيقة أننا ذاهبون إلى تحقيق هدفنا الوطني وثابتون عليه، وندعو دول التحالف والمجتمع الدولي إلى الإسهام الفاعل معنا في جهود مكافحة الإرهاب، وصون وتعزيز الأمن والسلم الدوليين في المنطقة.

وأكد أن المجلس في تواصل مستمر مع المجتمع الدولي لدعم جهود مكافحة الإرهاب في الجنوب، وفي الوقت نفسه شاكرا التخالف العربي في دعمه المتواصل للجنوب خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وكذلك مشيدا بالجهود الأمنية والمجتمعية لأبناء ابين ووقوفهم ضد الخلايا الإرهابية. 

المحور الرابع: المجال الدبلوماسي:

وأكد ان الجنوب سيعمل على استعادة عضويته السابقة في منظمات الأمم والمحافل الدولية.، ومؤكدا أن الجنوب لم يعتد على أحد وشعب الجنوب مستعد للدفاع عن وطنه من أي خطر يهدده. أشار الرئيس القائد أن شعب الجنوب حريصا على تكوين علاقته مع كافة الدولة المجاورة والإقليمية.

وفيما يخص العلاقات مع الجوار أكد أننا اخوة مع اشقاؤنا في اليمن وعمان والسعودية ودول القرن الافريقي سنكون أخوان وأشقاء. 

هذه وقفات تحليلية سريعة لبعض مضامين تلك المقابلة المهمة التي تُشكّل « التحول الاستراتيجي في رؤية المجلس الانتقالي للمرحلة القادمة» ومن المؤكد أيضاً أن ثمة جوانب أخرى من المتطلبات التي تتطلبها هذه المحطة المفصلية من تاريخ نضالات شعبنا في الجنوب التي لم يتم التطرق لها في خضم هذه المقابلة المختصرة، على أنه من الضروري استمرار الحوار الوطني الجنوبي السياسي والمجتمعي والثقافي والاكاديمي والديني بنفس علمي هادئ وأسلوب نقدي إيجابي، لإنضاج الرؤى والفهم حيال كافة المتطلبات التي نحتاجها لإحداث ثقافة الحوار والتفاوض وبناء السلام في سبيل بناء نهضة لشعبنا في الجنوب العربي.