اغتيال ثلاثة من القادة البارزين في "سرايا القدس"..

إسرائيل تواصل تهديد الفصائل الفلسطينية والبيت الأبيض يحضّ على احتواء التصعيد.. الرسائل الخفية

تواصل طائرات استطلاع إسرائيلية تحليقها بشكل منخفض ومكثف في مناطق مختلفة من قطاع غزة، وأعلنت المؤسسات الحكومية حالة طوارئ لمواجهة أية تطورات ميدانية قد تحدث.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (أرشيف)

غزة

واصلت إسرائيل تهديداتها للفصائل الفلسطينية، برد قوي في حال زيادة وتيرة التصعيد، في الوقت الذي تترقب فيه إسرائيل حجم الرد الذي ستنفذه الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة على اغتيال ثلاثة من القادة البارزين في "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.

وبخلاف التهديدات التي أطلقها مسؤولون سياسيون وأمنيون في الحكومة الإسرائيلية، لحركة الجهاد الإسلامي التي تقول إسرائيل إن عمليتها في قطاع غزة تستهدفها فقط، وجه وزير إسرائيل تهديدات باغتيال مسؤولين في حماس إذا شاركت الحركة في عمليات إطلاق صواريخ من غزة على إسرائيل.


رد "ساحق"


وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في مؤتمر مشترك مع وزير دفاعه يؤاف غالانت، ورئيس الأركان هيرسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، عقب اجتماع لتقييم الأوضاع " إن "أي تصعيد من جانب الفصائل المسلحة بغزة سيقابل برد ساحق".
وأضاف نتانياهو "قد تستمر العملية عدة أيام، ولا يوجد إرهابي محصن"، متابعاً: "منذ أسبوع وعلى خلفية هجوم الجهاد الإسلامي الصاروخي على مستوطنات غلاف غزة، أمرت قواتنا باستهداف المسؤولين عن إطلاق النار".
وقال: "نحن متصرف بحزم وهدوء مع محاولة التحديد الدقيق للاستفادة من اللحظة المناسبة لنجاح المهمة".


تهديد باغتيالات لحماس


وفي رفع لمستوى التهديدات الإسرائيلية، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن "يحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة، والقائد العام للجناح العسكري لحماس محمد الضيف سيكونان على قائمة الاغتيال، إذا شاركت حماس في عمليات إطلاق صواريخ من غزة.
وأضاف وفق هيئة البث الإسرائيلية (كان) أن إسرائيل ستستهدف مقار الحركة وقياداتها بمن فيهم السنوار والضيف، إذا أقدمت الحركة على إطلاق صواريخ تجاه البلدات والمدن الإسرائيلية.
ومنذ إعلان الجيش الإسرائيلي بدء تنفيذه عمليات اغتيال لثلاثة من قادة حركة الجهاد الإسلامي العسكريين، أكد أن هذه العملية تستهدف حركة الجهاد الإسلامي، كما أن الجيش الإسرائيلي لم يستهدف مواقع عسكرية لحماس خلال غارات مكثفة طالت أهدافاً لحركة الجهاد الإسلامي، فجر الثلاثاء.


صواريخ من الضفة
 

وقال رئيس "الشاباك" الإسرائيلي رونين بار، إن جهاز الشاباك أحبط في الأسابيع الأخيرة، خلية في منطقة مخيم جنين، شمال الضفة الغربية كان أعضاؤها يعملون على تصنيع صواريخ وقاذفة لإطلاق الصواريخ.
وأضاف "ساعد طارق عزالدين، الذي اغتالته إسرائيل فجر الثلاثاء، في دعم هذه الخلية من خلال المعلومات والتمويل"، مشيراً إلى أنه تم القبض على عناصر البنية التحتية واعترفوا بأنهم تصرفوا بناء على تعليمات منه.

وتابع "قام طارق عزالدين بتجنيد عدد من النشطاء في منطقة رام الله وتحويل الأموال إليهم لشراء أسلحة، وطائرة بدون طيار لاستخدامها لتنفيذ هجوم ضد الإسرائيليين في المنطقة".


ترقب للتصعيد


وفي قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة قتلى الغارات الإسرائيلية على القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية إلى 15 فلسطينياً، وإصابة العشرات، في الوقت الذي يترقب فيه الفلسطينيون ما ستؤول إليه جولة التصعيد هذه.
وتواصل طائرات استطلاع إسرائيلية تحليقها بشكل منخفض ومكثف في مناطق مختلفة من قطاع غزة، وأعلنت المؤسسات الحكومية حالة طوارئ لمواجهة أية تطورات ميدانية قد تحدث.


وفي إسرائيل، التي فوجئت بتأخر رد حركة الجهاد الإسلامي حتى اللحظة على اغتيال قادتها، قررت بلدية تل أبيب فتح الملاجئ، في إجراء مماثل لما أعلنته سلطات محلية في المناطق التي تقع في نطاق 40 كيلومتراً من حدود قطاع غزة، في حين تواصلت عمليات إجلاء آلاف الإسرائيليين من المناطق المتاخمة للقطاع إلى وسط إسرائيل.

دعوات للهدوء
 

ودعت دول مجلس التعاون الخليجي الثلاثاء، المجتمعَ الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.
وأدان الأمينُ العام للمجلس ، جاسم محمد البديوي، في بيان له الثلاثاء، "التصعيدَ الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة و في قطاع غزة، واقتحام مدينة نابلس".
وعبّر البديوي "عن استنكاره الشديد لأعمال العنف التي تعدّ انتهاكاً صارخاً تقوم به سلطات الاحتلال"، داعياً "المجتمعَ الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ووقف ممارساته العدوانية التي من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية القائمة على مبادرة السلام العربية وتقويض جهود السلام الدولية".
وحضّ البيت الأبيض الثلاثاء، على احتواء التصعيد في غزة، مدافعاً في الوقت نفسه عن حق حليفته إسرائيل باستهداف نشطاء في القطاع.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي ضد حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، والتي بدأت باغتيال ثلاثة من القادة العسكريين للحركة، فجر الثلاثاء، تتضمن "رسائل خفية" من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لأطراف عدة .

وأعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، اغتيال، جهاد الغنام، وخليل البهتيني، وطارق عزالدين، وجميعهم من القيادة العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، في حين يترقب الفلسطينيون تصعيداً قد يندلع على إثر هذه الحادثة، وسط تحذيرات من تداعيات الإجراءات الإسرائيلية ضد القطاع.


رسالة للفلسطينيين

وقالت صحيفة "جيروزالم بوست" العبرية، إن "عملية السهم الواقي التي تم التخطيط لها وتنفيذها بدقة رداً على إطلاق الجهاد الإسلامي صواريخ تجاه إسرائيل تمثل رسالة للفصائل الفلسطينية لعودة ظهور نتانياهو القديم".
وأوضحت أن "هذه العملية تأتي بعد ثلاثة أشهر من الاضطرابات والتساؤلات الإسرائيلية حول السياسات الداخلية والخارجية والأمنية لنتانياهو وائتلافه الحكومي، سواء من عامة الناس أو القادة السياسيين".
وأشارت إلى أن "نتانياهو لم يصادق على إطلاق العملية العسكرية باندفاع أو تحت ضغط من الخصوم السياسيين داخل التحالف وخارجه، وأن العملية بمثابة رسالة قوية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي".
وأضافت "رسالة نتانياهو تتمثل في أن الأزمة الداخلية الحالية في إسرائيل لم تجعل البلاد ضعيفة، وأنه على الرغم من مظاهرات المعارضة الإسرائيلية؛ إلا أنه يمتلك القدرة على التصرف في الملف الأمني"..


رسالة للداخل

وبينت الصحيفة، أن "نتانياهو وجه رسالة أخرى للإسرائيليين ولشركائه بالائتلاف الحكومي، أكد خلالها أنه المسؤول عن الحكومة وأنه من يقود سياسات ائتلافه"، وذلك رداً على اتهامات سابقة طالته بعدم قدرته على السيطرة على شركائه اليمينيين.
ولفتت إلى أنه "وعقب إطلاق الجهاد الإسلامي 100 صاروخ على إسرائيل بعد وفاة الأسير المضرب عن الطعام خضر عدنان الأسبوع الماضي، قاد وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير حملة داخل الائتلاف الحكومي لانتقاد نتانياهو بسبب ما اعتبره الرد الفاتر على التصعيد الأمني مع غزة".
وأشارت إلى أن "بن غفير قرن انتقادات لنتانياهو بقرار يتمثل في أن حزبه (القوة اليهودية) سيقاطع التصويت لصالح الائتلاف بالكنيست واجتماعات مجلس الوزراء حتى تتبنى الحكومة سياسة يمينية بالكامل".
وحسب الصحيفة، فإنه "كان بإمكان نتانياهو التصعيد عسكرياً لإرضاء شركائه اليمينيين؛ لكنه اختار الصبر وتجاهل الانتقادات الموجهة له سواء من ائتلافه أو قادة المعارضة، وقرر توجيه الضربة العسكرية للجهاد الإسلامي في الوقت الذي اختاره".
وقالت: "كانت رسالة نتانياهو لقادة الائتلاف والمعارضة على حد سواء بأنه سيتعامل مع مختلف الملفات السياسية والأمنية بطريقته"، مبيناً أن نتانياهو استبعد بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن دائرة القرار بشأن العملية العسكرية.
وأكت الصحيفة، أن "نتانياهو لم يعقد اجتماعاً للمجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر (كابينت) قبل العملية العسكرية، خوفاً من تسريب أحد وزراء المجلس لمعلومات حول العملية العسكرية مما يؤدي إلى عدم نجاحها".

أهداف سياسية

وقالت الصحيفة، إنه "منذ أن دخلت إسرائيل دورة من انتخابات الكنيست التي لا تتوقف منذ عام 2019، كان كل قرار أمني مهم للحكومة تصاحبه الشكوك بالأغراض السياسية للقرار"، في إشارة إلى أن العملية العسكرية الجديدة لها أهداف سياسية أيضاً.
ووفق الصحيفة، فإن "تحرك الحكومة الإسرائيلية بالملف الأمني يأتي في إطار كسب نقاط سياسية أو ضمن مخاوف الفشل وإمكانية الخسارة السياسية"، متابعة: "هذه المرة أيضاً سعى نتانياهو لدعم ائتلافه الحكومي باستطلاعات الرأي".
وأشارت إلى أن "نتانياهو قرر في نهاية الأمر التعامل مع الأمور بطريقته الخاصة، والعملية العسكرية الحالية يمكن اعتبارهاً انذاراً لشركائه التمردين في الائتلاف الحكومي، وتأكيداً على أنه صاحب القرار بالحكومة".