"تحولات خطاب الرئيس والروسي"..

فلاديمير بوتين يتحدث عن "أصدقاء وأعداء موسكو" ويؤكد :"نظام العالم متعدد الأقطاب يتعزز"

رأى بوتين الذي عادة ما يستغل فرصة هذا المنتدى السنوي لعرض حصيلة بالسنة المنصرمة ورسم التوجهات المستقبلية، أن الاقتصاد الروسي صمد في وجه العقوبات الغربية الهائلة المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا

بوتين يؤكد أم مؤشرات الصناعات التحويلية بلغ 2.9% على الرغم من تعرض هذا القطاع للضربة الأكبر من الحصار - وسائل إعلام روسية

د. صبري عفيف
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والأمنية، نائب رئيس التحرير ورئيس قسم البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات،
موسكو

ألقى الرئيس فلاديمير بوتين كلمة هامة في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الذي يحضره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وتناول بوتين فيه عدد من التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية في روسيا والعالم، حيث أن هذا المنتدى الذي يعقد سنويا لمناقشة الاقتصادي الروسي في ظل العقوبات الغربية على روسيا بسبب الحرب الاكورانية.

وقد تطرق بوتين في خطابة إلى عدد من المحاور كاشفا عن توجهات سياسية إقليمية ودولية وصرح  فلاديمير بوتين بأن التغيرات التي يشهدها كل أنحاء العالم وكافة القطاعات الأساسية، عميقة وجذرية ولا رجعة فيها.

وشدد بوتين على أن "النظام القبيح للاستعمار الجديد في جوهره قد زال وجوده، ونظام العالم متعدد الأقطاب يتعزز"، معتبرا ذلك "عملية حتمية".

وقال: "لدى روسيا بعض الأعداء إلى جانب الأصدقاء. وهؤلاء تعودوا على الهيمنة والاستغلال، ولا يرغبون في أن تكون لدى الدول الأخرى أنظمة بنكية ولا يرغبون بأي منافسة، ويكبحون مراكز التنمية والتطور".

وأكد بوتين أن روسيا "كانت وستبقى لاعبا على الساحة الدولية"، وأشار إلى أن موسكو ستساعد في البرامج الغذائية للدول الإفريقية التي تعاني من الفقر..

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة أن "النظام الدولي الاستعماري الجديد" قد ولى وحل مكانه "عالم متعدد الأقطاب" يزداد قوة، في هجوم استهدف الدول الغربية في خضم النزاع في أوكرانيا .

وأتى كلام بوتين خلال كلمة ألقاها في المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ في شمال غربي روسيا.

ويهدف هذا الحدث السنوي عادة إلى استقطاب مسؤولين ومستثمرين من العالم بأسره، إلا أن ممثلي الدول الغربية وحلفاء كييف الآخرين يغيبون عنه منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا.

وقال بوتين في افتتاح الجلسة العامة للمنتدى في كلمة نقلها التلفزيون مباشرة، إن "النظام الدولي الاستعماري البشع لم يعد موجوداً فيما يتعزز عالم متعدد الأقطاب".

ورحب بتعزيز العلاقات بين موسكو ودول في قارات أخرى غير أوروبا أو أميركا الشمالية، معتبراً أن "القادة الاقتصاديين في العالم يتغيرون".

ومضى الرئيس الروسي يقول "نقيم علاقات جيدة مع الصين والهند ودول أخرى. ماليزيا تتطور وأميركا اللاتينية وكذلك أفريقيا. ثمة مشكلات كثيرة فيها لكنها كلها تشهد منحى تصاعدياً".

ورأى بوتين الذي عادة ما يستغل فرصة هذا المنتدى السنوي لعرض حصيلة بالسنة المنصرمة ورسم التوجهات المستقبلية، أن الاقتصاد الروسي صمد في وجه العقوبات الغربية الهائلة المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا. وتابع "يمكننا القول بثقة إن الاستراتيجية التي اختارتها الحكومة والشركات في روسيا نجحت". وأكد أيضاً أن نمو إجمالي الناتج المحلي سيراوح في 2023 بين 1.5 في المئة و2 في المئة بعدما تقلص 2.1 في المئة في 2022 وفق الأرقام الرسمية.

وقال بوتين "بابنا ليس مغلقاً أمام أحد"، متوجهاً بذلك إلى الشركات الأجنبية التي غادرت روسيا بأعداد كبيرة منذ بدء النزاع..

وتحدث بوتين عن الفترة الماضية من الصراع الروسي الغربي قائلا : أن  الربع الثاني في العام الماضي كان الأصعب بالنسبة لروسيا، حينها تطورت الأمور بسرعة واليوم يمكنني القول بكل تأكيد أن استراتيجية روسيا نجحت ففيما يتعلق بالنتائج المحلي زاد بنسبة 3.3% في أبريل الماضي.

واضاف قائلا : ما تحدثنا عنه في العام الماضي نتيجة للعمل المشترك للحكومة ورجال الأعمال، وهو ما أعددناه ونفذناه على أرض الواقع وأتى بثماره الآن.. مشيرا إلى أن التضخم في روسيا الآن أقل بكثير من دول عديدة في الغرب ودول الاتحاد الأوروبي و التضخم في روسيا عند 2.2% في سابقة تاريخية

وفيما يتعلق بالمنظومة المالية في روسيا بشكل عام مستقرة ، وان قطاعنا الخاص وشركاتنا تمكنت من شغل الفراغ الذي تركته الشركات الغربية المنسحبة من روسيا.

وأشار أن روسيا لم تطرد أي أحد من أسواقها، كنا نعتمد دائما على إتاحة الفرصة في الاختيار ودراسة الأسواق، لكن كل العلامات التجارية التي تبيع بضائعها هنا، هي بضائع روسية بعلامة تجارية أجنبية. لهذا لم يتوقف الإنتاج، ولكن تغيرت العلامة التجارية فحسب.

وفيما يتعلق بالحلول الداخلية فقد تقدمت 90 ألف مبادرة للحصول على علامات تجارية. الطلب الآن هو عدم السماح بعودة الشركات الغربية.

وان الخدمات في تزايد ففي مجال الطرقات والسكك الحديدية فقد سهلت الوصول إلى الشرق الأقصى، وقللت من أزمة السير، وسهلت الوصول إلى دول آسيا، وغيرت الحكومة من برنامج بناء السفن، حيث ضمن إطار هذا البرنامج في عام 2023-2027 يخطط بناء أكثر من 2600 سفينة جديدة، إضافة إلى بناء سفن للأسطول البحري الشمالي، حوالي 34 مليون طن زادت في هذا العام، وسوف تزيد أضعافا في العام القادم، ما يدل على أهمية تطوير هذه الطرق من المواصلات.

وفي مجال الاتصالات تحدث قائلا نحن نقوم بتطوير شبكات الاتصال، تم مد حوالي 300 ألف كيلومتر من خطوط الاتصالات العام الماضي وتم توصيل الإنترنت لخمسة ملايين مستخدم إضافي العام الماضي.

وفي المجال السياحي الذي يعد أحد مصادر الدخل الأمة الروسية تحدث قائلا إن السياحة الداخلية زادت بشكل ملحوظ، والتي زادت في 2022 إلى 16.7%، ما يمثل 10 ملايين شخص كانوا يقومون برحلات داخل البلاد ما يطور قطاع السياحة.. متطرقا إلى أن العقبات في العام الماضي، تم تجاوز الكثير منها فروسيا لم تمش على درب العزلة، بل تعاملت مع الشركاء الذين يلعبون دور القاطرة في تطوير اقتصادنا.

وفي مجال العلاقات مع  الدول الرائدة التي لا تخضع للضغوطات الغربية، أشار أن العلاقات السياسية زادت وان  حجم التعاملات معها، والآن أصبحت الأسواق الاقتصادية تعمل بشكل أكبر مقارنة بالتغيرات السياسية. النظام الاستعماري القديم بدأ يزول لصالح عالم متعدد القطبية.

وتحدث أن روسيا ستساعد في البرامج الغذائية للدول الإفريقية التي تعاني من الفقر. ومنوه بأن  لدى روسيا بعض الأعداء إلى جانب الأصدقاء. وهؤلاء تعودوا على الهيمنة والاستغلال، ولا يرغبون في أن تكون لدى الدول الأخرى أنظمة بنكية ولا يرغبون بأي منافسة، ويكبحون مراكز التنمية والتطور.

وفيما يخص مستقبل روسيا تحدث قائلا إن  روسيا كانت وستبقى لاعبا على الساحة الدولية، فما زالنا نحدد آلية  لعمل الحسابات العابرة للحدود، وفتح حسابات للشركات الأجنبية.

وصرح أن معظم تجارة الاتحاد الأوراسي تتم بالروبل الروسي وعلينا أن نطور ونحدث آليات التصدير لتكون أكثر مرونة وسهولة لقطاع الأعمال، ونحن اليوم نخرج إلى أسواق صديقة، نحتاج أن نتكيف معها من خلال ضمان وتأمين البضائع، ودعم المنتجين والمصدرين، وإعطائهم مزيدا من الضمانات.

وتحدث عن طرق جديدة لتطوير الاقتصاد الروسي يتوجب أن نروج لبضائعنا عبر الإنترنت، ويمكن لأي أعمال صغيرة أن تجد سوقا لها عبر الإنترنت. لدينا آفاقا جيدة في هذا المجال ونقترح عفوا عن الانتهاكات القسرية للعملة، والتي ارتكبت خلال فترة التجميد.

حافظنا على نمو اقتصادنا وهو ما أصبح جليا للجميع، المشاركة في الأسواق العالمية لا زالت موجودة، ونحن نشارك مع كثير من الشركات ودعمنا مستوى المعيشة الجيدة للأسر الروسية. وقمنا بتعويض أضرار الحصار الاقتصادي وخروج الشركات الأجنبية.

بوتين: إن اقتصاد المبادرات يتطلب زيادة القدرات الصناعية وتعزيز البنى التحتية واستخدام التقنيات الحديثة وبناء مجالات صناعية جديدة وحتى تلك القطاعات التي لم تظهر سابقا فلديها الآن فرصة، وهو ما يتطلبه اقتصاد المبادرات.

بوتين: التغيرات الجارية في العالم عميقة وجذرية ولا رجعة فيها ولا بد من زيادة العمل عن بعد، لا سيما في الأقاليم التي يصعب الوصول إليها.

وأشار أن رفع مؤشر القيمة المتوسطة للدخل ليصل إلى 6.3% ليصل إلى 18.5% في العام 2024 ليكون أعلى من نسبة التضخم في البلاد. ولم يكن أحد يفكر في أن انتهاكات قوانين الملكية في الغرب ستصل إلى هذا الحد. يعيدنا ذلك إلى القرون الوسطى. تلك سرقة ربما تجدون في تجربتنا ما يفيد اقتصاد بلادكم و لم يكن أحد يفكر في أن انتهاكات قوانين الملكية في الغرب ستصل إلى هذا الحد. يعيدنا ذلك إلى القرون الوسطى. تلك سرقة.

جني الأموال في روسيا وإيداعها في حسابات أجنبية أمر غير مقبول. وأطلب من مجلس الوزراء الإسراع بإعادة الأصول الروسية في الصناعات الرئيسية إلى الولاية القضائية المحلية.

وفي إشارة إلى الحرب في أوكرانيا قال ان الحرب  بدأها النظام الأوكراني بدعم من الدول الغربية عام 2014. الكل في الغرب يفضل ألا يتحدث عن ذلك، لكني مضطر للتذكير بأن الطيران والدبابات والمدفعية استخدمت في 2014. وقد  تخلى شركاؤنا بشكل رسمي عن التسوية السلمية. ولم يكن أمامنا إلا استخدمنا القوات المسلحة لوقف هذه الحرب، أخذ البريء بجريرة المذنب فهذه محاولات محكوم عليها بالفشل. هم من وقعوا الاتفاقيات وصرحوا علنا بأنهم كانوا يخادعون.

نحن علم تم الغرب يبذل قصارى جهده لـ "إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة". لكننا وضعنا صوب أعيننا تدمير الآلة العسكرية الأوكرانية والقضاء على النازية.

كل الأسلحة في أوكرانيا من الخارج، لن يستمر هذا الأمر للأبد. مصانعنا تعمل ليل نهار، ولدينا احتياطي كبير من الأسلحة والذخيرة. البعض في القطاعات من الجبهة يشهدون وصول الوحدات الأوكرانية إلى خط الدفاع الأول، لكنهم يستخدمون الاحتياطي الاستراتيجي لاختراق الدفاعات. لكن ليس هناك قطاع حققوا فيه أي نجاح.

أن خسائر الجانب الأوكراني للجانب الروسي تبلغ 1 إلى 10 وزارة الدفاع الروسية ستكشف عن الأرقام، لكن الأكيد أنه لا يوجد أي نجاح للجانب الأوكراني. هناك محاولة الآن على بعض قطاعات من الجبهة بوحدات على محور زابوروجيه، ووصلوا إلى الخط الأول من الدفاع. لكن ليس هناك أي فرص أمام القوات المسلحة الأوكرانية لإحراز أي تقدم.

وتحدث في نهاية الخطاب ان أصدقائي اليهود يقولون إن زيلينسكي عار على اليهود وستيبان بانديرا نازي ومعاد للسامية، إلا أن أحدا لا يريد في الغرب سماع ذلك استنادا لمزاعم أن زيلينسكي يهودي، إذن فلا يمكن أن يدعم "النازية".

مما سبق تبين أن الخطاب السياسي لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أظهر عدد من التحولات السياسية والاقتصادية والعسكرية حيث كان أكثر قوة وثقة في السير نحو تحقيق أستراتيجية روسيا اليوم وان بداية انطلاق القطب الأوحد قد أوشك على الافول وان الصمود الروسي أمام الحرب العسكرية والاقتصادية بدأ يظهر نتائجه..