اعدام شاب جنوبي يفتح الباب أمام قضية مثيرة للجدل..

مواطنون عمانيون في محافظة المهرة بحثاً عن زواج مؤقت من فتيات دون العشرين (نظرة فاحصة)

"يستغل عمانيون الأوضاع الإنسانية والمعيشية التي يعاني منها اليمنيون والجنوبيون، بالتقدم للزواج مؤقت، من فتيات صغيرات في السن، الامر الذي أعاد الى الاذهان قضية الزواج السياحي الذي اشتهرت به محافظة إب اليمنية خلال العقدين الماضيين"

لا يمكن عزل الجانب السياسي حول أسباب تفشي زواج السياحي او المؤقت في اليمن - اليوم الثامن

ماريا هشام
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -
عدن

مدخل: أعدم في مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة شاب في منتصف العشرينات، عقب ادانته بتهمة القتل العمد، بحق مواطن "عماني الجنسية"، قبل نحو خمس سنوات، قال ناشطون ومقربون منه إن لم يكن هو المتهم بارتكاب "واقعة القتل بحق المواطن العماني".

وأظهرت تسجيلات مرئية الشاب "هيثم العدني"، وهو يتحدث إلى اقرباءه، عن أمله في أن يتم العفو عنه، لكن عملية الإعدام تمت يوم الاثنين، ومن المتوقع ان ينقل الى العاصمة عدن جواً يوم الخميس القادم لكي يواري الثرى.

وقال ناشطون من بينهم "أحمد الرقب[1]" على فيس بوك :"ان القضية التي ادين هيثم العدني بارتكابها، تعود الى قبل خمس سنوات، حين كان لهيثم "شقيقان "فتى وفتاة، من والده، وان مواطنا عمانيا كان يتحرش بالفتاة، قبل ان يعرض على شقيقه الزواج منها، ولكن دون أي وثائق من الخارجية العمانية او أي جهة رسمية في السلطنة، ونتيجة لذلك استدرج المواطن العماني إلى مكان في محافظة المهرة، وهناك وجه له عدة طعنات بألة حادة، توفي على الفور، قبل يتمكن من الهرب، وحين علم هيثم بالواقعة ذهب الى مكان الحادث، وقام بنزع الألة الحادة من ظهر المواطن العماني الذي فارق الحياة، واراد اسعافه، الا ان الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليه، ووجهت له تهم القتل العمد".

وقال مقربون من هيثم إن دوافع القتل كانت "دفاعاً عن العرض"، لكن لم يتم معرفة تفاصيل كيف جرت محاكمة الشاب هيثم الذي حكم عليه بالاعدام، وتم تنفيذ القصاص، على الرغم من محاولات عديدة لدى "ذوي المجني عليه"، للعفو عنه.

وهيثم هو شاب في منتصف العشرينات متزوج واب لفتاة في الخامسة من عمرها، ولم يمض على زواجه سوى بضعة شهور، أعدم الاثنين الماضي، عقب ادانته بتهمة القتل العمد بحق مواطن عماني.

المقدمة 

خلال سنوات الحرب الثمان، تزوج المئات من المواطنيين العمانيين من فتيات جنوبيات ويمنيات بصورة اعادت إلى الاذهان قضية الزواج السياحي لمواطنيين سعوديين قبل نحو عقدين، من فتيات محافظة إب اليمنية، الواقعة حاليا تحت سيطرة الحوثيين الموالين لإيران.

ويستغل عمانيون الأوضاع الإنسانية والمعيشية التي يعاني منها اليمنيون والجنوبيون، بالتقدم للزواج مؤقت، من فتيات صغيرات في السن، الامر الذي أعاد الى الاذهان قضية الزواج السياحي الذي اشتهرت به محافظة إب اليمنية خلال العقدين الماضيين[2].

منذ بداية العام 2000م، وحتى العام 2014م، اشتهرت محافظة إب اليمنية بالزواج السياحي او الصيفي من قبل مواطنيين ينتمون الى سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية 

وكشف استطلاع رأي اجري في العام 2011م حول ظاهرة الزواج السياحي باليمن عن أكثر من عشرة أسباب لقبول الفتيات هذا النوع من الزواج معظمها يرجع للظروف الاقتصادية القاسية التي تحيط بالمجتمع اليمني[3] حيث ان احصاءات البنك الدولي تشير الي ان أكثر من 42 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم نحو 20 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر كما تقدر نسبة الامية بحوالي 50 في المئة والبطالة بنحو 20 في المئة.

زواج لأسابيع قليلة

 

تقول ناشطة مجتمعية من أبين، ان يمنية في العقد الرابع من عمرها، تعمل "خطابة زواج"، تتصل على ارقام عشوائية، بحثا عن فتيات دون العشرينات كعرائس لمواطنيين عمانيين تتراوح أعمارهم بين الـ40 والـ70.

وذكرت الناشطة (طلبت عدم الإشارة الى اسمها) في إفادة خاصة بصحيفة اليوم الثامن[4] إن "الخطابة اليمنية أرسلت لها مجموعة من الصور لمواطنيين عمانيين، وسألتها عما اذا كان لديها فتيات للزواج مقابل مبلغ مالي بين ألفين إلى ثلاثة ألف ريال عماني، يقابل (20 ألف إلى 30 ألف ريال سعودي)، والخطبة تتم عن طريق "تطبيق واتس آب"، ثم على من يرغب في تزويج ابنته الذهاب الى المهرة، وهناك تجري مراسيم عقد الزواج ومراسيم الزفاف تقتصر على عزومة في أحد الفنادق، ثم يذهب بها العماني صوب مسقط او صلالة.

ولفتت الى ان الكثير من الفتيات اللواتي تزوجن من مواطنيين عمانيين تطلقن، وتم اعادتهن إلى المهرة فقط، ثم عليهن العودة على حسابهن الخاص الى مناطق كأبين وعدن.

وقالت ان فتيات نازحات من مناطق سيطرة الحوثيين، هن أكثر من تزوجن، نتيجة الظروف التي تعانيها المرأة اليمنية جراء الحرب، مشيرة الى انها تمتلك معلومات بنحو سبع فتيات أنجبن اطفالاً عقب زواج لم يدم سوى ثلاثة أشهر.

 

نظرة فاحصة 

 

لا يمكن عزل الجانب السياسي حول أسباب تفشي زواج السياحي او المؤقت في اليمن، فالنظام الذي ترسخ بعد حرب صيف العام 1994م، على الجنوب، سهل إجراءات الزواج المؤقت في بعض المحافظات اليمنية من بينها محافظة إب، بدعوى دعم الجانب السياحي في اليمن، خاصة وان النظام كان للتو قد وقع اتفاقية ترسيم حدود مع المملكة العربية السعودية، تنازل بوجبها عن أراض جنوبية، في حين يقول يمنيون ان نظام علي عبدالله صالح، تنازل عن أراض يمنية[5] تحتلها السعودية.

إن فشل النظام اليمني في إدارة الموارد ساهم بشكل رئيس في تفشي ظاهرة الزواج السياحي منذ أواخر تسعينيات من القرن الماضي، وأصبح أكثر شيوعًا في العقدين الماضيين.

لم يسن النظام أي قوانين تحفظ للمرأة اليمنية المتزوجة من أجنبي، الأمر الذي أدى الى انتهاكات كبيرة بحق فتيات في العشرينات، تزوجن من أجانب اغلبهم سعوديون.

والأسباب الفقر وحاجة الأب الى الأموال، ناهيك عن عدم مقدرة الشباب اليمني على الزواج، وتزايد حالات العنوسة بين أوساط الفتيات.

لا توجد اي إجراءات قانونية محددة للزواج السياحي في اليمن. وعادةً ما يتم الزواج عن طريق عقد عرفي بين الزوجين، ويتم تسجيل العقد في مكتب عدلي أو لدى شيخ قبيلة.

وتراوحت مدة الزواج السياحي من أسبوع إلى شهر واحد، وخلال هذه الفترة، يقيم الزوجان في اليمن ويقضيان وقتًا معًا.

وللزواج السياحي آثار اجتماعية واقتصادية عديدة، حيث أدى الزواج السياحي إلى انتشار الأمراض الجنسية، مثل الإيدز والالتهابات المنقولة جنسيًا، وتزايد النزاعات بين الأزواج، حيث لا يزال الكثير من الأبناء، دون "أب"، ناهيك عن ان الزواج المؤقت تسبب بتشويه كبير لصورة المرأة اليمنية.

لكن النظام اليمني ظل غض الطرف عن كل هذه المشاكل واعتقد ان الزواج السياحي قد حقق الكثير من المكاسب الاقتصادية بتدفق السواح على اليمن خاصة محافظة إب التي تتمتع بمناظر وجو خلاب، خاصة في فصل الصيف.

اليوم باتت القضية منظورة أكثر من أي وقت مضى خاصة في الجنوب المحرر والبعيد عن نفوذ الحوثيين الذين تربطهم علاقة سياسية بسلطنة عمان، ولا يمكن ان يقدموا على أي خطوة من شأنها حماية المرأة اليمنية من الامتهان جراء الزواج السياحي او المؤقت، لذلك المسألة تطرح على طاولة مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يفترض عليه ان يسارع إلى سن قوانين تحمي او تنظم زواج "الجنوبية من الأجنبي".


مصادر

[1] الناشط أحمد الرقب يروي نقلا عن مقربين تفاصيل القضية التي كانت السبب وراء اتهام وإدانة هيثم العدني بالقتل العمد بحق مواطن من الجنسية العمانية – فيس بوك

[2] محافظة إب تحظى بأغلبية حالات الزواج من أجل الجنسية الأمريكية وحجم المهر تفرضه سياسة العرض والطلب – صحيفة القدس العربي القطرية 2010م

[3] الزواج السياحي يغزو المدن اليمنية – صحيفة الغد الأردنية

[4] مصادر تحدث إليها محرر المادة في محافظة أبين شمال شرق عدن العاصمة

[5] حركة حقوقية يمنية تطالب باستعادة أراض احتلتها السعودية – موقع قناة روسيا اليوم