"الأذرع الإيرانية في اليمن تجدد تهديدها لأمريكا"..

الأمم المتحدة تشعر بالقلق والسعودية تخشى تصنيف الحوثيين كـ"جماعة إرهابية"

تعنت الأذرع الإيرانية في اليمن قد يدفع التحالف الأمريكي – البريطاني الى القيام بالمزيد من الضربات ووضع الجماعة اليمنية المسلحة على قوائم الإرهاب، وهو ما قد يعيد جهود السلام التي تقوم بها السعودية الى ما قبل مارس 2013"

الرئيسان الأمريكيان الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب

جدد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، ضربات جوية على قواعد عسكرية للأذرع الإيرانية في العاصمة اليمنية صنعاء، السبت، غداة أول ضربة توج ضد الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران، ردا على هجمات شنتها على سفن الشحن في باب المندب والبحر الأحمر.

وصباح الجمعة، أطلقت التحالف الدولي بقيادة واشنطن ولندن، مائة صاروخ على قواعد عسكرية تابعة للحوثيين في صنعاء ومدن يمنية أخرى، زعم الحوثيون لاحقاً ان الضربات لم تخلف أي خسائر.

والسبت جدد التحالف غارات الجوية على قاعدة الديلمي الجوية في صنعاء، التي تعتقد مصادر يمنية أنها تمثل مركزا متقدما لإيران، لإعادة تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة التي يجري تهريبها من عدة موانئ برية مرتبطة مع سلطنة عمان الجارة.

ونقلت وسائل إعلام قطرية بينها قناة الجزيرة عن مسؤول حوثي القول "إنه لم تقع إصابات في أحدث ضربة أمريكية على قوات الحوثي في صنعاء، وتعهد برد "حاسم وقوي".

واستغل الموالون لإيران في اليمن، احداث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، وشنوا هجمات ضد سفن شحن، زعموا انها كانت في طريقها إلى إسرائيل.

وامام هجمات الحوثيين، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية عملية "حارس الازدهار" التي تجمع أكثر من 20 دولة من أجل المساعدة على حماية التجارة الدولية والبِحارة في البحر الأحمر، ونفذ التحالف الجمعة الماضية ضربات بمشاركة بريطانيا ضد مواقع للحوثيين في اليمن.

وترى تقارير صحفية أمريكية أن الهجمات شنت ضد الأذرع الإيرانية في صنعاء، قد تكون لها مخاطر مستقبلية، فيما أكد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ان بلاده تعيش في حالة ضعف، بسبب إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

قال ترامب إن الولايات المتحدة في ظل إدارة خليفته جو بايدن، أصبحت "دولة ضعيفة وغير فاعلة" ولا يؤخذ رأيها بعين الاعتبار على الساحة العالمية. 

ونقل موقع روسيا اليوم على الانترنت، عن ترامب الذي كان يتحدث أمام مناصريه في ولاية أيوا، القول "إن العالم لم يكن في السابق قريباً من شفير حرب عالمية ثالثة كما هو الحال عليه الآن، معرباً عن ثقته في قدرته على منع حدوث هذه الصراعات. 

وأضاف ترامب "بايدن غير كفء للغاية. الشيء الوحيد الذي يعرف صنعه هو الغش في الانتخابات، والديمقراطيون بارعون في تزوير نتائج الانتخابات، كما أنهم بارعون في اضطهاد خصومهم السياسيين. لا يمكنهم فعل أي شيء آخر".

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه من غير الواضح ما إذا كانت الاستراتيجية ستنجح، بالنظر إلى تعنت الحوثيين وكونهم سيحققون مكاسب من القتال مع الولايات المتحدة الذي يعزز أوراق اعتمادهم لدى أعداء الولايات المتحدة في المنطقة ويصرف الانتباه عن حكمهم الفظيع في شمال غرب اليمن وصنعاء.

 وترى الصحيفة أن بسبب التهديد المتفاقم الذي تشكله المجموعة على حرية التجارة والملاحة في البحر الأحمر - وهو طريق شحن عالمي رئيسي ومصالح أمريكية أساسية في المنطقة - كان على الولايات المتحدة أن تتحرك. وأبدى الرئيس بايدن استعداده "لتوجيه المزيد من الإجراءات لحماية شعبنا والتدفق الحر للتجارة الدولية حسب الضرورة". 

وأضافت الصحيفة "إذا التزم بهذا النهج الحازم الجديد، وزود القوات الأمريكية في المنطقة بالسلطة والموارد التي تحتاجها، وربط أي استخدام آخر للقوة مع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب الكارثية بين إسرائيل وحماس، فإن فرصه في كبح جماح الحوثيين سوف تتحسن.

تمتلك القوى اليمنية المناهضة للمشروع الإيراني في صنعاء، قدرة كبيرة على هزيمة الحوثيين، لكن تقاطع المصالح الإقليمية والدور الإيراني الفاعل في المنطقة، عرقل جهود الحرب واوقف العمليات العسكرية في تخوم مدينة مأرب، بل ان القوات المدعومة من السعودية، خسرت مناطق شاسعة بفعل هجمات حوثية سابقة في العام 2020م.

وتسعى السعودية الى الانسحاب من اليمن، وترى في سلطنة عمان الوسيط الأفضل لإنهاء الحرب، وخروجها من الملف، لكن الحوثيين يرون في الرياض، الطرف الرئيس في الحرب، ولذلك هم يرفضون ان تكون السعودية وسيطا بينهم وبين مجلس القيادة الرئاسي المشكل في الرياض منتصف العام 2022م.

وتحاول السعودية بذل جهود مضنية للحيلولة دون وقوع أي تصعيد عسكري، فقد سبق لها وبعثت برسالة الى الولايات المتحدة الأمريكية، طالبتها بعدم التصعيد تجاه الحوثيين، الا ان الجماعة الأخيرة استمرت في هجماتها ضد سفن الشحن، الأمر الذي استدعاء الولايات المتحدة الأمريكية توجيه ضربة أولى ضد زوارق بحرية حوثية، وهو ما أسفر عن مقتل عشر عناصر وغرق ثلاثة زوارق.

ويعتقد السعوديون ان أي تصعيد في مواجهة الحوثيين في اليمن، يكسبهم المزيد من الحلفاء المحليين، وهو ما ظهرت عليه بعض المواقف المحسوبة على مجلس القيادة الرئاسي، التي أعلنت رفضها للعمليات الأمريكية البريطانية على اهداف حوثية في صنعاء ومناطق يمنية أخرى.

واعتبر مسؤولون حكوميون يمنيون، الضربات الأمريكية – البريطانية، بانها تنتهك السيادة اليمنية، لكن الموقف الرسمي اليمني، فقد حمل الحوثيين مسؤولية تلك الهجمات.

وخشى المملكة العربية السعودية من ان تقدم الولايات المتحدة الأمريكية، على إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وهو الأمر الذي عبر عنه المبعوث الأممي الى اليمن، من خلال الإعلان عن شعور الأمم المتحدة بالقلق حيال مستقبل السلام في ظل التصعيد في المنطقة.

وترى واشنطن أن تصعيد الحوثيين وتعنتهم في عدم التراجع عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، عقب الضربات المحدودة، قد يدفعها الى وضعهم على قوائم الإرهاب.

وتستغل الولايات المتحدة الأمريكية الاجماع الدولي على مواجهة الاذرع الإيرانية في اليمن، وسط ضغوط دبلوماسية على الرئيس جو بايدن بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

وفي حال وتم إعادة وضعهم على قوائم الإرهاب، فان ذلك قد يطع الطريق امام الجهود التي تقوم بها السعودية وسلطنة عمان، والأمم المتحدة، لتوقيع اتفاقية كان متوقع ان يتم التوقع عليه في بداية يناير الجاري، لولا التطورات الأخيرة والضربات الأمريكية التي دفعت السعودية الى الخروج ببيان تعلن من خلاله عن قلقها حيال تلك الضربات والتصعيد الأمريكي البريطاني.

وقالت وسائل إعلام سعودية إن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج حذر جميع الأطراف المعنية بالتطورات في اليمن على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، محذرا من تزايد عدم اليقين إزاء الوضع في المنطقة. 

وأضاف جروندبرج "ألاحظ بقلق بالغ السياق غير المستقر بشكل متزايد في المنطقة وتأثيره السلبي على جهود إحلال السلام في اليمن والاستقرار والأمن في المنطقة".

وتخوض السعودية منذ نحو عامين، مفاوضات مع الحوثيين بوجود سلطنة عمان طرف وسيط، بغية التوصل الى تسوية سياسية تنهي التدخل العسكري السعودي في البلاد، وتفتح المجال امام تنفيذ خطط اقتصادية سعودية عملاقة، لكن التصعيد الأمريكي في مواجهة الأذرع الإيرانية قد يعطل كل تلك الجهود، ويعد الأوضاع الى ما قبل الاتفاق الإيراني السعودي في مارس 2023م.