"شبكة معقدة"..

صحيفة بريطانية: مخابرات طهران استخدمت "لويدز وسانتاندر" للتهرب من العقوبات الأميركية

تُظهر الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني وسجلات الحسابات أن فرع المملكة المتحدة التابع للشركة الإيرانية واصل العمل منذ عام 2018 من مكتب في جروسفينور جاردنز في بلجرافيا باستخدام شبكة معقدة من شركات الواجهة في بريطانيا ودول أخرى.

فرضت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأسبوع الماضي عقوبات على ما أسمته بـ "شبكة الاغتيالات الإيرانية العابرة للحدود"

واشنطن

قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إن إيران استخدمت اثنين من أكبر البنوك في المملكة المتحدة، وهما "لويدز" و"سانتاندر"، لنقل الأموال سراً حول العالم كجزء من مخطط أوسع للتهرب من العقوبات الأميركية تدعمه أجهزة المخابرات في طهران. وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته الاثنين، إنه وفقاً لوثائق إن هذه البنوك قدمت حسابات لشركات واجهة بريطانية، يقع مقرها قرب قصر باكنجهام، مملوكة سراً لشركة بتروكيماويات إيرانية خاضعة للعقوبات. 

وأشارت إلى أن الشركة التجارية للبتروكيماويات "PCC" التي تديرها طهران، تعد جزءاً من شبكة تتهمها واشنطن بجمع مئات الملايين من الدولارات لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، والعمل مع وكالات الاستخبارات الروسية لجمع الأموال لأذرع إيران المسلحة. وتخضع الشركة الإيرانية وفرعها البريطاني "PCC UK" لعقوبات من قبل حكومة الولايات المتحدة منذ نوفمبر 2018. 

وتُظهر الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني وسجلات الحسابات أن فرع المملكة المتحدة التابع للشركة الإيرانية واصل العمل منذ عام 2018 من مكتب في جروسفينور جاردنز في بلجرافيا باستخدام شبكة معقدة من شركات الواجهة في بريطانيا ودول أخرى.

 ويأتي الكشف عن عملية التهرب الإيرانية من العقوبات، بعد انضمام سلاح الجو الملكي البريطاني مؤخراً إلى الضربات الجوية الأميركية ضد "الحوثيين" المدعومين من طهران في اليمن. كما فرضت المملكة المتحدة والولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، عقوبات على ما أسمته بـ "شبكة الاغتيالات الإيرانية العابرة للحدود" التي تزعم أن المخابرات الإيرانية تشرف عليها، والتي استهدفت النشطاء والمعارضين، بما في ذلك المقيمين في بريطانيا.

 وتشير الوثائق التي اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز" إلى أن شركة "PCC" تقوم، منذ خضوعها للعقوبات الأميركية، باستخدام شركات في المملكة المتحدة لـ"تلقي أموال من كيانات واجهة إيرانية في الصين مع إخفاء ملكيتها الحقيقية". 

وأوردت الصحيفة أن إحدى هذه الشركات تسمى "Pisco UK"، وهي مسجلة في مقر منفصل في مقاطعة سوري القريبة من لندن، وتستخدم حساباً تجارياً لدى بنك "سانتاندر". ووفقاً لسجلات الشركات في المملكة المتحدة، فإن "Pisco UK" مملوكة بالكامل لمواطن بريطاني يُدعى عبد الله سيواش فهيمي، ومع ذلك، تظهر وثائق الشركة الداخلية، التي تم تسريب بعضها عبر الإنترنت من قبل موقع المعارضة الإيراني "WikiIran" أن الشركة تخضع بالكامل لإدارة شركة "PCC"، وأن فهيمي وقَع عقد ملكية الشركة نيابةً عنها. 

وأضافت الصحيفة أن فهيمي استخدم عنوان البريد الإلكتروني الخاص بشركة "PCC" لتبادل المراسلات مع مسؤولي الشركة في طهران، وكان مديراً لفرع الشركة الإيرانية في بريطانيا في الفترة بين أبريل 2021 وفبراير 2022، وفقاً لسجلات الشركات في المملكة المتحدة. 

وفي عام 2021، تلقى حساب شركة "Pisco" في بنك "سانتاندر" تحويلاً من شركة صينية تدعى "بلاك تيوليب"، والتي تُظهر سجلات "PCC" الداخلية أنها شركة واجهة أخرى يديرها أحد موظفي الشركة الإيرانية. 

وكانت وزارة الخزانة الأميركية، اتهمت شركات البتروكيماويات الإيرانية، العام الماضي، باستخدام كيانات واجهة متعددة للتهرب من العقوبات عن طريق توجيه المبيعات عبر آسيا. وقال بنك "سانتاندر" للصحيفة إنه "لا يستطيع التعليق على علاقات محددة خاصة بالعملاء، مشدداً على أنه "يركز بشكل كبير على الامتثال للعقوبات"، فيما أكد مصدر مطلع أن البنك أغلق حساب شركة "Pisco". 

وهناك شركة واجهة أخرى لـ "PCC" في المملكة المتحدة، وهي "Aria Associates"، والتي تملك حساباً لدى بنك "لويدز"، وهي مملوكة رسمياً لمحمد علي ريجال، الذي وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية، هو نائب الرئيس التنفيذي لفرع الشركة الإيرانية في المملكة المتحدة، ويتواصل بانتظام مع مسؤولي الشركة في طهران. 

وتُظهر رسائل البريد الإلكتروني أنه في يوليو 2021، أرسل أحد مسؤولي الحسابات في "PCC" بطهران رسالة إلى ريجال بشأن دفعة مخططة من الصين، وقال له: "من فضلك أرسل لنا رقم الحساب الآمن حتى يتم الدفع"، وأصدر ريجال تعليماته إلى مسؤول الحسابات لتحويل الأموال إلى حساب "لويدز" الخاص بشركة "Aria Associates"، وكتب: "يرجى التأكد من عدم وجود أي إشارة إلى (PCC) أو لفرعها في بريطانيا".

 وقالت مجموعة "لويدز" المصرفية إنها لا تستطيع التعليق على شؤون العملاء، لكنها أكدت امتثالها لقوانين العقوبات، مضيفة: "بسبب القيود القانونية، لا يمكننا التعليق على مسألة تقديم تقارير الأنشطة المشبوهة إلى السُلطات المختصة في حال حدوثها".

 وتقول أليشيا كيرنز، وهي رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني من حزب المحافظين: "لقد أعربت عن مخاوفي مراراً وتكراراً على مدى سنوات بشأن حاجتنا إلى إغلاق الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني العاملة في المملكة المتحدة". 

وكانت البنوك الأوروبية التي تبين أنها انتهكت العقوبات الأميركية على إيران قد تعرضت لغرامات كبيرة، حيث دفع "ستاندرد تشارترد" أكثر من مليار دولار و"يوني كريديت" 1.3 مليار دولار في عام 2019. 

وتُظهر وثائق أخرى اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز" أنه مع استمرار شركة "PCC" الإيرانية في العمل في المملكة المتحدة، فقد أبرمت أيضاً عقوداً لشراء معدات من شركة تركية تُسمى "ASB" والتي فُرضت عليها عقوبات من قبل الحكومة الأميركية العام الماضي، بسبب عملها مع كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني. 

وأشارت التقارير المحاسبية الخاصة بشركة "PCC UK"، والتي اطلعت عليها الصحيفة أيضاً، إلى أن فرع الشركة الإيرانية في لندن يحافظ على أرصدة تجارية كبيرة مع الشركة الأم في طهران منذ أن فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات، مما سمح لها بمواصلة العمل، على الرغم من منع البنوك الغربية من التعامل معها. 

وقالت "فاينانشيال تايمز" إن مكتب فرع الشركة الإيرانية في بريطانيا، والذي يقع في بلجرافيا، هو أيضاً العنوان المُسجَل لشركة "NIOC International Affairs (London) Ltd وهي فرع تابع لشركة النفط الوطنية الإيرانية الخاضعة للعقوبات الأميركية، والتي تزعم واشنطن لسنوات أنها تمول الحرس الثوري الإيراني والنشاط العسكري لطهران بشكل مباشر. 

ونزل سهما بنكي سانتاندر ولويدز بعد أن ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن إيران استخدمت حسابات بالبنكين في بريطانيا لنقل الأموال سرا حول العالم في تحايل على العقوبات بدعم من أجهزة المخابرات الإيرانية. 

وذكرت الصحيفة نقلا عن وثائق حصلت عليها أن بنكي لويدز وسانتاندر في بريطانيا قدما حسابات لشركات واجهة بريطانية يُزعم أنها مملوكة سرا لشركة بتروكيماويات إيرانية خاضعة للعقوبات ومقرها لندن. وهبط سهم الشركة الأم لسانتاندر ومقرها مدريد بنحو 6.1 بالمئة وبلغ التراجع 4.9 بالمئة بحلول الساعة 1503 بتوقيت جرينتش، مما أدى بحسب مجموعة بورصات لندن إلى خسارة نحو ثلاثة مليارات يورو من قيمة ثاني أكبر بنك في منطقة اليورو من حيث القيمة السوقية. كما انخفض سهم لويدز 0.5 بالمئة.

 وقال البنكان في بيانين منفصلين إنهما يعتقدان أنهما لم ينتهكا العقوبات، بناء على تحقيقاتهما الخاصة. وقال متحدث باسم سانتاندر "لدينا سياسات وإجراءات معمول بها لضمان امتثالنا لمتطلبات العقوبات وسنواصل العمل بشكل استباقي مع السلطات البريطانية والأمريكية ذات الصلة". وقال متحدث باسم لويدز إن المجموعة ملتزمة بالامتثال لقوانين ولوائح الجرائم الاقتصادية، مضيفا أنها لا تستطيع التعليق بشأن أي عميل.